الخاتمة

إن مواجهة الحق والتصدي له كانا قائمين على مر التاريخ وطوال دعوات الأنبياء وبنفس الطرق والأساليب الموجودة هذا اليوم إلا أن الوسائل والأدوات المستخدمة في مواجهة دعوة الحق هذا اليوم أصبحت في مستوى من القوة والهيمنة على حياة الناس بحيث إنّ الوسائل والأساليب التي كانت تؤثر على الإنسان في ذلك الحين. بشكل محدود وفي منطقة محدودة أصبحت اليوم تملأ كافة أنحاء الحياة البشرية وفي كل مجالاتها وتغطيها إذ أننا نجد اليوم أن نفس الأساليب التي استخدمت في التاريخ لمواجهة دعوات الأنبياء عليهم السلام وفي مواجهة نبي الإسلام المكرم صلى الله عليه وآله وسلم كل تلك الأساليب تشاهد هذا اليوم كذلك. في ذلك الحين كان الكفار كما ينقل القرآن الكريم يطلقون الأصوات العالية ويحدثون الضجيج ليحولوا دون وصول آيات القرآن وهي رسالة الحق، إلى أسماع الناس المتعطشين لها وتُمثل صيحاتهم المرتفعة وصرخاتهم العالية وأصواتهم المتصاعدة ضجة إعلامية هدفها التغطية على صوت الحق والحيلولة دون وصوله إلى أسماع الناس، يقول الله عزَّ وجلَّ ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا


145

الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ1 صدق الله العظيم.

من أجل التغطية والتمويه على كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والحيلولة دون سماعه، كان بعض الأشخاص يُحدثون ضجة غوغائية مفتعلة، واليوم يتكرر الأمر ويحصل نفس ذلك الشي الذي حصل آنذاك ففي تلك الأيام كانوا يتّهمون الدعاة إلى الحق وينسبون إليهم أهدافاً وغايات باطلة وزائفة وهم منها براء... كانوا يتهمونهم بالكذب والسحر وبالخداع والمكر وما شاكل ذلك.

واليوم أيضاً يحدث ما يشبه ذلك في العالم... كانوا يحرّضون الناس ضد الدعاة إلى الحق آنذاك ويجعلونهما وجهاً لوجه، ويتظاهرون بالدفاع عن الناس وحمايتهم.

وفي هذا اليوم يقوم الاستكبار العالمي بالعمل نفسه، وأنتم تشهدون هذه الأساليب الاستكبارية المعاصرة. في ذلك الزمن، كان فرعون يقول لشعبه كما جاء في القرآن الكريم:
﴿قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ2 يقصد بذلك موسىعليه السلام فيتظاهر بالاحتماء بموقع الدفاع عن حقوق الشعب ويحارب داعية الحق ويزعم كذباً إنه ليس لديه من هدف أو غاية سوى خدمة ذلك الشعب.
وهكذا الأمر، في هذا الزمن، يحدث الأمر ذاته، وتُمارس


146

مؤسسات الاعلام الاستكبارية التصرفات الخبيثة والأعمال المؤذية نفسها، وبشكل واسع النطاق، في مواجهة الإسلام.

ومن أجل أن تدركوا ضخامة الدعاية والاعلام المعادي الذي يمارسه عدو الإسلام يعني الاستكبار العالمي بنوعيه الشرقي والغربي فسوف أشير إشارة عابرة فقط، إلى مسألة أن الفكر الإسلامي يواجه اليوم باعتباره الايدلوجية الثالثة.
هذه الحملة الاعلامية الدعائية تنبعث عبر شتى الوسائل والقنوات من قبيل محطّات الاذاعة وشبكات التلفزة، ووكالات الأنباء المختلفة صباحاً ومساءاً وفي كل أسبوع، تُنشر بشكل شامل وواسع النطاق في كل أنحاء العالم... الإسلام يواجه مثل هذا الكم العظيم من الدعاية المعادية.

من المناسب حقاً أن ينتبه علماء العالم الإسلامي ومفكروه لهذا الأمر ويهتموا بهذا المجال وينهمكوا في العمل فيه والتفكير معاً للإرتقاء به وحشد كل ما لديهم من الامكانيات والطاقات وتسخيرها في هذا الصدد.


147
هوامش
1- سورة فصلت، الآية: 26.
2- سورة الشعراء، الآيتان: 34 35.