الفصل الأوّل: دور ومكانة المديح والإنشاد وذكر أهل البيت عليهم السلام

الإمام القائد: "إنّ المدح والثناء على أهل بيت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم - وكذلك ذكر مصائبهم - هو عمل مهمّ وعظيم, طبعاً تحدّثنا مراراً في السنوات الماضية بمناسبة تشكيل هكذا جلسات حول هذا الموضوع، وأوضحنا بعبارات متعدّدة مدى إهتمامنا وتقديرنا لفنّ المديح"1.

الإمام القائد: "إنّ الساحة التي تعملون فيها، هي ساحة واسعة للعمل والتأثير, اليوم- وبحمد الله- هناك الكثير من المدّاحين الشباب، يضاف إلى أنّ إقبال الشباب كبير جدّاً, وهذا المكان الخصب يحمل الكثير من الإستعدادات, لا بل هو مؤهّل لزرع البذور, فإذا أحسن الزرع، فستكون نتائجه وثماره ذات قيمة عالية, استفيدوا من هذه المناسبة، ولنستفد منها نحن أيضاً، وليستفد نظام الجمهوريّة الإسلاميّة منها- أي الشعر الحسن، اللحن الحسن، المضمون الحسن والأداء الحسن- فهذا أمر مميّز وغير عاديّ"2.


163


الإمام القائد: "إنّ دور الفنّ، ودور الشعر، ودور الأدب ودور الحضور في الساحات العمليّة، هو دور كبير الأهميّة والفعاليّة والتأثير على مستوى تنمية الروح الإيمانيّة. عليكم أن تنظروا إلى دور المدّاح وذاكر أهل البيت عليهم السلام هنا في هذه الأمور، مثل دوره في إيجاد الإيمان، وتأثيره في نشر الثقافة، وأثره في إحكام العلاقة والرابطة القلبيّة بين الموالين وأهل البيت عليهم السلام، هذا هو دوره, وهو دور مهمّ جدّاً"3.

الأمر الأوّل - مكانة المديح ودوره في جبهة التبليغ الدّينيّ

الإمام القائد: "إنّ جبهة التبليغ جبهة واسعة تشمل الفنّ والتعليم والعلم والدّين والجامعة والحوزة ووزارة الإرشاد والإذاعة والتلفزيون, بالإضافة إلى فريق المدّاحين الذين أوكل إليهم جزء من تلك الجبهة, وهذا يشبه تماماً ما كنّا نعيشه في جبهات الحرب المفروضة, ولذا فإنّ هؤلاء الأخوة الذين حضروا مرحلة الحرب والدفاع المقدّس في الجبهة سيدركون كلامي بشكل جيّد, فنحن كأنّنا أمام جبهةٍ عظيمةٍ يديرها جيش عظيم, وقد أوكل إلينا مهمّة جزءٍ منها, فينبغي أن نكون قادرين على إدارته، ليتمكّن الآخرون من القيام بمهامِّهم أيضاً، ويكون النصر عبارة عن ثمرة الجهود مجتمعةً، فعلى الأخوة المدّاحين الإلتفات إلى هذه المسألة، فإذا تمكّنا في النواح وقراءة المصائب والمراثي من إظهار شيء من الهمّة والفنّ، عندها يمكن أن نضمّن عملنا المفاهيم العالية مع العلم أنّه يمكن أن تكون تلك الأعمال خالية من تلك المفاهيم, وخاوية أيضاً, وتتناول الظاهر فقط, هذا الأمر ممكن في العزاء والنواح واللطم والمدح والمصيبة، بحيث نجعل القلب يتفطّر والأعين تدمع من دون أن يكون هناك أدنى فائدة, وهذا بعينه يمكن أن يحصل


164


أيضاً في مناسبات الولادات وأفراح أهل البيت عليهم السلام"4.

الإمام القائد: "تحدّثت في وقت من الأوقات وقلت: لعلّ أبياتاً شعريّة يتلوها مدّاح تكون أكثر تأثيراً من خطابة لساعة, طبعاً هذا الأمر ليس دائماً، بل قد يحصل أحياناً, فإذا أحسنّا اختياره سيكون على هذا النحو"5.

الأمر الثاني - الانتساب إلى أهل البيت عليهم السلام

الإمام القائد:
﴿يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ6, الخطاب موجّه إلى نساء النبيّ, من تأت منهنَّ بفاحشة يضاعفْ لها العذاب, لماذا؟ لأنّ زوجة النبيّ لها نسبة الزوجيّة إليه صلى الله عليه وآله وسلم فإذا أتت بفاحشة، كان عذابها ضعفين, ﴿وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا7, ﴿وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ8, وهكذا يكون الجانب الآخر للقضيّة: إذا كنتنَّ عابدات، محسنات، صالحات, سيكون لكنّ من الأجر ضعف ما للناس، أي أنّ صلاة زوجة النبيّ بشكل عادي تعادل ضعف صلاة الآخرين, من حيث الأجر، وأجر عبادتها ضعف عبادة الآخرين, وإذا اغتابت أحداً لا سمح الله، فيكون جزاء غيبتها ضعف غيبة الآخرين, ثمّ تتابع الآيات القرآنيّة الشريفة: ﴿يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ9, ثمّ تتابع: ﴿فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا10. هذا الخطاب موجّه لنساء النبيّ, أمّا نساء النبيّ أنفسهنَّ فلا خصوصيّة لهنّ سوى انتسابهنّ


165


 إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, وهذا الإنتساب إذا كان موجوداً عندي وعندك أكثر ممّا هو موجود عند زوجات النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لما نملكه من مسؤوليّة خطيرة ومميّزة في المجتمع، فسوف تكون هذه الخصوصيّة موجودة فينا أيضاً, لا أقول نمتلك الضعفين - وهذا لا أدّعيه - ولكنّنا نختلف عن الناس، وأنا أكثر منكم, إذا أخطأنا نحن، فإنّ خطأنا ليس كخطأ الناس العاديّين، بل هو أصعب وأثقل, إذا أوصلنا شخصاً إلى وادي الضلال, لا سمح الله، فإنّ هذا العمل يختلف عمّا يفعله الآخرون في ما يشابهه من أعمال, لذا فعلى المدّاحين أن يدركوا ما يقرأون وما يقولون"11.

الأمر الثالث - الإقبال العامّ على المدّاحين
الإمام القائد:
"اليوم ولحسن الحظّ, ازداد إقبال الناس على هذه الحرفة وهذا الفنّ, والشباب في طهران والقرى يظهرون علاقة واهتماماً بجلسات المديح, وهذا، أيّها السادة المدّاحون, يضاعف من مسؤوليّتكم"12.

الإمام القائد: "إنّ ما تمتلكونه من صوت جميل ولحن عذب وموقعيّة مميّزة ومنبر مهمّ وإقبال واسع، كلّ ذلك جعل الشباب الذين أضافوا- بحمد الله- صفاء القلب إلى مجتمعنا وبلدنا، يتوجّهون إليكم, ماذا تريدون أن تقدّموا للناس, إنّ حساسيّة هذا الأمر وأهميّته هما السبب في التأكيد الدائم والمستمرّ على ما تقرأون وكيفيّة قراءته والمتابعة من خلال حضوري جلسات المديح ولقائي بالمدّاحين ومختلف الشخصيّات"13.


166



167


هوامش

1- من كلام له في لقاء جمع من المدّاحين بمناسبة ولادة السيّدة الزهراء عليها السلام 19/7/77 هـ. ش.
2- من كلام له بمناسبة ولادة السيّدة الزهراء عليها السلام 5/5/84 هـ. ش.
3- من كلام له في لقاء جمع من المدّاحين بمناسبة ولادة السيّدة الزهراء عليها السلام 14/4/86 هـ. ش.
4- من كلام له بمناسبة ولادة السيّدة الزهراء عليها السلام 17/5/83 هـ. ش.
5- من كلام له بمناسبة ولادة السيّدة الزهراء عليها السلام 5/5/84 هـ. ش.
6- سورة الأحزاب الآية 30.
7- المصدر نفسه.
8- سورة الأحزاب الآية 31.
9- سورة الأحزاب الآية 32.
10- المصدر نفسه.
11- من كلام له بمناسبة ولادة السيّدة الزهراء عليها السلام 5/5/84 هـ. ش.
12- من كلام له في لقاء جمع من مدّاحي أهل البيت بمناسبة ولادة السيّدة الزهراء عليها السلام 18/6/80 هـ. ش.
13- من كلام له بمناسبة ولادة السيّدة الزهراء عليها السلام 5/5/84 هـ. ش.