الفصل الثالث: أهميّة التوسّل والارتباط بأهل البيت عليهم السلام

الإمام القائد: "إنّ هذا التوسّل ذو قيمة عالية, إنّ جوهر محبّة أهل البيت عليهم السلام وبالأخصّ فاطمة الزهراء عليهاالسلام، المميّزة بين أفراد هذه العائلة العظيمة، ذو قيمة عالية جدّاً"1.

الإمام القائد: "ينبغي أن نعرف قيمة هذا الارتباط والاتصال القلبيّ والمعنويّ, إنّ خلفيتنا الإيمانيّة عبارة عن جوهر قيِّم يشكّل هويّتنا الإنسانيّة والإسلاميّة, لنعمل على زيادة المحبّة يوماً بعد يوم بيننا وبين العترة الطاهرة والمعصومة لأهل بيت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وبالأخصّ فاطمة الزهراء عليهاالسلام. ولنقترب منهم من خلال طاعة الله"2.

الأمر الأوّل - العلاقة العاطفيّة بأحزان الأئمّة عليهم السلام وأفراحهم

الإمام القائد: "إنّ عاطفة شعبنا وتعلّقهم بالأئمّة عليهم السلام شيء مهمّ جدّاً إذ إنّهم


29


 في أفراحهم حقيقةً يفرحون، وفي عزائهم حقيقة يحزنون ويغتمّون3، وهذا أمر مهمّ جدّاً"4.

الأمر الثاني - أهميّة إقامة العزاء لأهل البيت عليهم السلام

الإمام الخمينيّ: "إنّ الذي يحضر إلى المسجد، ويستمع إلى المطالب التي تُلقى من على المنبر، وعندما يصل إلى العزاء، يترك ويرحل، فهذا لأنّه غير ملتفت إلى حقيقة الأمر, إن ّهذا العزاء هو الذي حفظ هذا المحراب وهذا المنبر, ليكن قصدكم عندما تخطبون وتنوحون وتدفعون الناس للبكاء، فيبكون، هو حفظ الإسلام كما وصل إلينا، فبهذا البكاء والنياحة وبهذا الشعر والنثر نريد حفظ هذا النهج، كما تمّ حفظه حتّى الآن"5.

الأمر الثالث - أهميّة البكاء على أبي عبد الله عليه السلام

عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي عبد اللهعليه السلامقال: سمعته يقول: "إنّ البكاء والجزع مكروه للعبد في كلّ ما جزع، ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن عليّ عليهما السلام، فإنّه فيه مأجور"6.

وعن جعفر بن محمّد عليهما السلام أنّه قال: "من دمعت عينه فينا دمعة لدم سُفك لنا، أو حقٍّ لنا نُقِصناه، أو عِرض انتهك لنا أو لأحد من شيعتنا بوَّأه الله تعالى بها في الجنّة حقبا"7.


30


رُوي عن الأئمّة الصادقين عليهم السلام قالوا: "من بكى أو أبكى غيره ولو واحداً ضمنّا له على الله الجنّة, ومن لم يتأتّ له البكاء فتباكى فله الجنّة"8.

عن الرضاعليه السلام أنّه قال: "يا دعبل, من بكى أو أبكى على مصابنا ولو واحداً كان أجره على الله، يا دعبل, من ذرفت عيناه على مصابنا وبكى لما أصابنا من أعدائنا حشره الله معنا في زمرتنا، يا دعبل, من بكى على مصاب جدّي الحسين عليه السلام غفر الله له ذنوبه"9.

عن الصادق عليه السلام: "يا فضيل, من ذَكرنا أو ذُكرنا عنده فخرج من عينه مثلُ جناح الذباب, غفر الله له ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر"10.

الإمام الخامنئي: "إنّ الكلام حول حادثة عاشوراء ليس مجرّد حديثٍ عن ذكرى من الذكريات, بل هو توضيح لحادثة ذات أبعاد غير محدودة. لذلك فإنّ إعادة التذكير بهذه الذكرى هي, في الحقيقة, من باب المقولة التي يمكن أن تنتهي إلى بركات كثيرة ولا متناهية, ومن هنا فإنّكم تلاحظون الاهتمام العظيم بالبكاء والإبكاء على الإمام الحسين عليه السلام في زمن الأئمّة عليهم السلام"11.


31


الإمام القائد: "إنّ دور العاطفة، عظيم جدّاً، لذلك أُمرنا بالبكاء والإبكاء وتوضيح الواقعة وشرحها, كانت زينب الكبرى عليهاالسلام تتحدّث بشكل منطقيّ في الكوفة والشام، لكنّها كانت ترثي أيضا"12، وكان الإمام السجّاد عليه السلام من على منبر الشام يوجّه الضربات بعزّة وصلابة على رأس الحكم الأمويّ، إلّا أنّه كان يرثي أيضاً, وهكذا استمرّت المراثي حتّى اليوم, ويجب أن تبقى إلى الأبد، لتتنبّه العواطف وتتيقّظ, إنّ فهم الكثير من الحقائق محال إلّا في أجواء العاطفة والعشق والمحبّة"13.


32


 


33


هوامش

1- من كلام له في لقاء المنشدين بمناسبة ولادة السيّدة الزهراء عليها السلام 17/5/83 هـ. ش.
2- من كلام له في لقاء المنشدين بمناسبة ولادة السيّدة الزهراء عليها السلام، 28/5/82 هـ. ش.
3- عن أمير المؤمنين عليه السلام: "إنّ الله تبارك وتعالى اطَّلع إلى الأرض فاختارنا واختار لنا شيعة ينصروننا ويفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا أولئك منّا وإلينا". (المجلسي, بحار الأنوار ج 44 ص 287). وعن الرضاعليه السلام: "إن سرَّك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا". (البروجردي, جامع أحاديث الشيعة ج 12 ص 549).
4- من كلام له في لقاء المنشدين بمناسبة ولادة السيّدة الزهراء عليها السلام 28/10/68 هـ. ش.
5- صحيفة نور، ج 13، ص 71.
6- ابن قولويه, كامل الزيارات.
7- المفيد، الأمالي, ص 175.
8- الحلّي ابن نما, مثير الأحزان، ص 14.
9- المحدّث النوريّ, مستدرك الوسائل، ج 10، ص 386.
10- المجلسيّ, بحار الأنوار، ج 44، ص 282.
11- من كلام له في جمع من علماء محافظة "كهگيلويه وبوير أحمد" على أعتاب شهر محرّم 17/3/73 هـ. ش.
12- ومن مرثيّة زينب بنت فاطمة أخت الحسين عليه السلام حين أُدخِلوا دمشق:
 أما شجاك يا سكن قتل الحسين والحسن    ظمآن من طول الحزن وكلّ وغد ناهل
 يقــول يـــا قــوم أبــي عـليّ البــرّ والوصيّ     وفــاطــم أمّــي التــي لــها الــتقى والــنائل
 منّوا على ابن المصطفى بشربة يحيا بها       أطفــالنا مــن الظمــأ حيــث الفرات سائل
 قالــوا لــه لا مــاء لا إلّا الــــسيوف والــقنا      فانــزل بــحكم الأدعيــا فقــال بل أنــاضل
حتّــــى أتــــاه مشقــص رمــاه وغد أبــرص     من ســقر لا يــخلص رجــس دعــي واغل
 فهــــلّلوا بــــختله واعــــصوصبــــوا لــــقتله    ومــــوته فــــي نضــــله قد أقــــحم المنــاضل
 وعفّــــــروا جبينــــــه وخــــضّبوا عــــثنونه      بالــــدم يا مــــعينة مــــا أنــــت عــــنه غــافل
 وهتــــكوا حــــريمه وذبــــــحوا فــــــطيمه      وآثــــــروا كلثومــــــه وســــــقيت الحــــلائل
 يسقــــــن بالتنــــــايف بضجّــــــة الهــواتف    وأدمــــــع ذوارف عقــــــــولهــــا زوائــــــل
 يقلــــن يا مــــــحمّد يا جــــــدّنا يا أحــــــمد   قــــد أســــــرتنا الأعبــــــد وكلّنــــــا ثــــــواكل
 تهــــدى سبايا كربلاء إلى الشئام والبلاء      قــــد انتعــــلن بالــــدماء لــــيس لهــــن نــاعل
 إلــى يــزيد الطــــاغية مــــعدن كلّ داهــية    مــن نحو بــــاب الجــــابية بــجاحد وخــالل
 حــتّى دنا بدر الدجى رأس الإمام المرتجى    بيــن يــــدي شرّ الورى ذلك اللــــعين القــاتل
 يظــلّ فــــي بنــــانه قضــــيب خيزرانه          ينــــــكت في أســــنانه قــــطعت الأنــــامل
 أنــــامل بجــــاحد وحــــاقد مــــراصــــد         مــــكابد مــــعانــــد فــــي صــــدره غــــوائل
طــــــوائل بــــــدريّة غــــــوائــــل كفــــــــريّة    شــــــوهاء جــــــاهليّة ذلـّــــت لــــها الأفاضل
فيــا عــيوني اسكــبي علــى بني بنت النبيّ  بفيــض دمــع ناضب كذاك يبــكي العــاقل
(المجلسيّ, بحار الأنوار ج 45 ص 288, البحرانيّ, العوالم ج 17, ص 584).

13- من كلام له في لقاء العلماء والمبلّغين على أعتاب شهر محرّم 5/11/84 هـ. ش.