الليلة الأولى

في أهمية إقامة مجالس العزاء الحسيني‏

لا بد لكل أمر من تمهيد وإعداد، والأمر نفسه يجري مع إقامة مجالس الإمام الحسين عليه السلام، إذ لا بد أن تكون أولى المجالس متمحورة حول أهمية هذه المجالس ومبررات وجودها، وكيف عمل أهل البيت عليهم السلام من أجل تأسيسها وتعميقها في وجدان الأمة وكيانها، ورغم أن أذهان المؤمنين وعموم شيعة أهل البيت عليهم السلام مهيأة ومقبلة على هذه المجالس، ولكن مع ذلك فإن إيراد الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة، وتأكيدات الائمة الطاهرين عليهم السلام على هذا الموضوع، يأخذ أهمية كبيرة خاصة مع توسع مجالسنا وحضور طبقات اجتماعية، ومستويات ثقافية، وانتماءات دينية ومذهبية مختلفة إلى هذه المجالس.

أولاً: قصائد الليلة الأولى

تختار القصائد الرثائية التي تهتم بمسألة بداية المحرم، وبزوغ هلاله، وما يتركه من ألم وحزن في قلوب المؤمنين، عبر استعادتهم لذكريات كربلاء وأيام الحسين عليه السلام، ومن أبرز هذه القصائد الحسينية التي يمكن قراءتها في الليلة الأولى وكذلك في مجالس اليوم الأول (نهاراً) ما يلي:

قصيدة الشيخ هاشم الكعبي والتي مطلعها2:

ما انتظار الدمع أن لا يستهلا    أو ما تنظر عاشوراء هلا
 


11


ملاحظة: سنشير اختصاراً إلى هذين المصدرين بالرياض والدر فقط.

يمكن مراجعة ديوان الشاعر، ومصادر أخرى.


ثانياً: العنوان المناسب لهذه الليلة

جرت عادة أهل المنبر الحسيني على تقسيم الليالي العشر الأوائل من شهر محرم الحرام، على عدة عناوين، إشباعا لأبعاد وجوانب ثورة الإمام الحسين‏ عليه السلام ووقوفاً على ابرز شهداء الطف، وإلا فإن كل الشهداء قد لاقوا ربهم يوم العاشر من المحرم كما هو معلوم. ويمكن إيراد الآيات القرآنية التي تتناول بكاء النبي يعقوب عليه السلام على ولده النبي يوسف عليه السلام أو بعض الآيات التي تتحدث عن استحباب البكاء على الحسين عليه السلام ووجوب حبه وحب أهل بيت النبي عليهم السلام عموماً.


ثالثاً: البحث

الموضوع الأول الذي يمكن طرحه في الليلة الأولى من محرم:


القرآن الكريم والنبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم والإعداد لنهضة الإمام الحسين عليه السلام:

يمكن أن يختار لهذا المجلس، آية قرآنية مناسبة أو حديثاً شريفاً ملائماً، كعنوان يتصدر الموضوع، مثل قول تعالى:

﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا.

أو حديث النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم:

"حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً".

لقد كان الإمام الحسين عليه السلام يمتلك رصيداَ دينياَ ضخماً، وتراثاً قرآنياً كبيراً، وإرثاً نبوياً متميزاً، لم يكن لأحد من المسلمين آنذاك، فقد كان عليه السلام أعظم شخصية دينية، وأكبر كيان اجتماعي، وأبرز وجه إسلامي، في مرحلته


12


على الإطلاق، وهذا يفسر لنا سبب إصرار الأمويين على بيعته عليه السلام ليزيد، أو تعريضه للقتل، ويوضّح لنا جسامة المسؤولية التي لاقت سيد الشهداء عليه السلام لينهض بحملها، لأنه كان سيد المسلمين ووارث النبيين، فموقفه سوف ينعكس على كل الأمة التي كانت تنظر إليه، وتتطلع إلى موقفه، وتراقب تحركه.

نعم، فلو رجعنا إلى القرآن الكريم، لوجدنا أن آيات كريمة منه، قد نزلت في حق أهل البيت عليهم السلام، حفظتها الأمة، وعرفت تفسيرها وتأويلها، وفيمن نزلت، وخاصة بالنسبة لأهل مكة والمدينة.

ولم يبق في عصر الإمام الحسين عليه السلام أحد من العترة الطاهرة التي نزلت فيها تلكم الآيات القرآنية المباركة سوى الحسين عليه السلام، فصار الحسين عليه السلام والحال هذه هو الوريث الوحيد، والمصداق الأخير، والمجسد الحي الباقي لتلك الآيات الكريمة...

فإذا رأى الناس الإمام الحسين عليه السلام رأوا فيه تجسيدا لآيات القرآن ولمن نزلت فيهم، وبالتالي تذكروا مواقفهم عليهم السلام وتضحياتهم وجهودهم لهذا الدين، وشدة عناية السماء بهم عليهم السلام ... هؤلاء الطاهرون قد مضوا ولم يبق منهم إلا الحسين عليه السلام، فلا النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم كان حيا آنذاك، ولا علي ولا فاطمة ولا الحسن عليهم السلام كانوا أحياء... نعم لم يبق إلا الحسين عليه السلام فكان الناس وهم يرون الحسين عليه السلام بينهم، في المسجد، أو الشارع، أو في موسم الحج، إنما يرون فيه قرآنا متجسدا، وآيات متحركة...

أ- ومن هذه الآيات القرآنية في حق أهل البيت عليهم السلام:


﴿إنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً 3.


13


فحينما كان يقرأ المسلمون هذه الآية، يتساءلون فيمن نزلت، فيأتي الجواب، أنها نزلت في حق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين، ثم يسأل ثانية، "فمن بقي منهم: فيأتي جوابه لم يبق إلا الحسين‏ عليه السلام".

ب- قوله تعالى:

﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمّ‏َ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ 4.

حيث يذكر المسلمون يوم المباهلة ومجي‏ء نصارى نجران إلى المدينة، وجدالهم مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى طلبوا منه المباهلة، ثم جاءهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأقرب الناس إليه، بعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، فأذعن كبار القوم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ونزلوا على حكمه...

ثم يسأل الناس من بقي من هؤلاء العظماء، فيأتي الجواب لم يبق منهم إلا شخص الحسين عليه السلام فقط.

ج- قوله تعالى:

﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُوراً 5.

والتي نزلت ضمن سورة كاملة هي سورة الإنسان
﴿هَلْ أَتَى في حق أهل البيت عليهم السلام في القضية المشهورة حينما مرض الحسنان فنذر علي وفاطمة عليهما السلام إن يصوما إذا شفي الحسنان، وفعلاً فقد شفي الحسنان عليهما السلام وصام أهل البيت ثلاثة أيام وقد آثروا المسكين واليتيم والأسير بإفطارهم


14


وافطروا على الماء، حتى انزل فيهم القرآن آيات خالدة تتلى آناء الليل وأطراف النهار،...

وأيضاً يأتي التساؤل: يا ترى من بقي من أولئك المقدسين الذين نزلت فيهم هذه السورة الكريمة... ويكون الجواب كسابقيه: انه لم يبق منهم إلا الحسين‏ عليه السلام.

وهو عين النتيجة التي تقف أمامنا مع بقية الآيات التي نزلت في حق أهل البيت عليهم السلام مثل قوله تعالى:

د-
﴿قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى 6.

ه-
﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ 7.

(يمكن مراجعة كتب التفسير لمزيد من الأدلة والتوضيح مثل تفسير الطبري والزمخشري والسيوطي والفخر الرازي إضافة إلى تفاسير الشيعة)8.

وهكذا فإن الحسين عليه السلام كان وريث كل تلك الآيات الكريمة التي نزلت في حق الطاهرين من أهل بيت النبوة عليهم السلام.

ويعتبر ذلك إعداداً لنهضة الحسين عليه السلام وتحضيراً لثورته، لأنه عليه السلام لم ينطلق في نهضته كأي مسلم من بقية المسلمين، وإنما نهض كإمام لهم وسيد أهل البيت عليهم السلام في عصره ووارث الأنبياء والأوصياء عليهم السلام.

هذا من جهة القرآن الكريم، ومن جهة أخرى مكملة لدور القرآن ومؤيدة له جاءت أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لتركز على الدور الأبرز للحسين عليه السلام ولتؤكد على ما سبق أن أكد عليه الكتاب العزيز.


15


فقد كان المسلمون يسمعون من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي مناسبات عدة، وظروف مختلفة أحاديثاً وتأكيداتٍ على فضل أهل بيته عليهم السلام ومنزلتهم ومنها أحاديث في عموم أهل البيت عليهم السلام وأخرى في الحسنين عليهما السلام، وثالثة في خصوص الإمام الحسين عليه السلام.

فكان صلى الله عليه وآله وسلم يقول:

"من صلى صلاة لم يصل فيها علي ولا على أهل بيتي لم تقبل منه"9.

وقد سمى صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة التي لا يصلي فيها على أهل بيته بأنها بتراء.

وكان صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام:

"أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم"10.

وهناك أحاديث أخرى في هذا الباب.

ثم هناك أحاديث خاصة في الإمامين الحسنين عليهما السلام، مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم:

"الحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا"11.

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم:

"من أحب الحسن والحسين فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد ابغضني"12.

كما شهد المسلمون كيف وثب الحسنان على ظهر جدهما صلى الله عليه وآله وسلم وهو ينزلهما برفق فإذا سجد عادا إلى الوثوب وكيف كان صلى الله عليه وآله وسلم يعاملهما بلطف...


16


وشهدوا كذلك حينما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخطب على منبر المسجد الشريف، وقد دخل الحسنان، وهما يمشيان ويعثران، فنزل صلى الله عليه وآله وسلم فحملهما ووضعهما بين يديه...

وأما ما جاء في حق الإمام الحسين عليه السلام بالخصوص، فمنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم:

"حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً".

إن كل تلك الآيات القرآنية الكريمة وتلك الأحاديث الشريفة المتواترة، إضافة إلى كيفية معاملة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم لسبطيه عليهما السلام أو للحسين عليه السلام بالخصوص، أعدت للإمام الحسين عليه السلام موقعاً، وهيأت له منزلة ليست لغيره من المسلمين.


بداية التخلص:

ولهذا فقد حاول الإمام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء أن يعيد ذاكرة الأمة إلى موقعه الشرعي ومنزلته الدينية، ويذكرهم بتلك الحقائق الكبرى فقد خطب‏ عليه السلام قائلاً:

"انسبوني من أنا، ثم ارجعوا إلى أنفسكم وحاسبوها، وانظروا هل يحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي... ألم يبلغكم قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لي ولأخي: هذان سيدا شباب أهل الجنة".

ورحم الله الشاعر:

لم أنسهُ إذ قام فيهم خاطباً فإذا هم لا يملكون خطابا

الموضوع الثاني الذي يمكن طرحه في الليلة الأولى من المحرم:


بكاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام على الحسين عليه السلام والإخبار بشهادته:

يمكن أن يختار لهذا المجلس عنوان مقتبس من أحد الأحاديث الواردة فيه كقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:

"إن لقتل ولدي الحسين حرقة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً".


17


إن واقعة كربلاء تتجاوز في امتدادها وتأثيرها الظرف الذي احتضن أحداثها أو المكان الذي أحاط بتطوراتها... فقد امتدت مع كر الليالي والأيام، كواقعة أسطورية لوت عنق التاريخ، واستحال على الأحداث أن تغطي عليها أو تخفف من وهجها وعطائها...

إنها واقعة كان قد انزل الله تعالى العلم بها إلى أنبيائه السابقين عليهم السلام ومن باب أولى أن يعلم بأحداثها جد الحسين عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والذي بدوره يخبر وصيه وباب علمه أمير المؤمنين عليه السلام بذلك.

فقد ذكر الشيخ ابن قولويه القمي في سفره القيم13(كامل الزيارات) باباً خاصاً وهو الباب (91) تحت عنوان (علم الأنبياء بقتل الحسين بن علي عليهما السلام) أورد فيه أربعة أحاديث حول ما جرى على أحد الأنبياء عليهم السلام وانه قال:

"لي أسوة بالحسين بن علي عليهما السلام"14.

كما ويمكن مراجعة خبر رأس الجالوت وخبر كعب.

وأما ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذه المسألة، فقد طفحت أمهات المصادر بما صنعه صلى الله عليه وآله وسلم مع سبطه الحسين عليه السلام من بكاء وحزن وإشارة إلى قتله من بعده ففي يوم ولادة الحسين عليه السلام تروي لنا أسماء بنت عميس التي حضرت ولادة السيدة الزهراء عليها السلام للحسين عليه السلام.

"... فلما ولد الحسين عليه السلام، جاءني النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: "يا أسماء هاتي ابني فدفعته إليه في خرقة بيضاء، فأذن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، ثم وضعه في حجره وبكى، قالت، أسماء: فقلت فداك أبي وأمي مما بكاؤك. قال: على ابني هذا قلت: انه ولد


18


الساعة. قال: يا أسماء تقتله الفئة الباغية لا أنالهم الله شفاعتي، ثم قال: يا أسماء لا تخبري فاطمة بهذا، فإنها قريبة عهد بولادته"15.

"ولعل هذا أول مجلس عزاء أقيم للحسين عليه السلام الطهر الشهيد في الإسلام المقدس، بدار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم تسمع أذن الدنيا قبل هذا، ينعقد لمولود غير وليد الزهراء الصديقة عليها السلام في بسيط الأرض مأتم بدلاً من حفل السرور والحبور والتباشير"16.

وأخرج الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين (176/3)، عن أم الفضل بن الحارث:

"أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسول الله إني رأيت حلما منكرا الليلة، قال: وما هو؟ قالت: انه شديد. قال: وما هو؟ قالت: رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت ووضعت في حجري. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: رأيت خيراً. تلد فاطمة إنشاء الله غلاما فيكون في حجرك، فولدت فاطمة الحسين عليه السلام فكان في حجري كما قال رسول الله، فدخلت يوما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فوضعته في حجره، ثم حانت مني التفاتة فإذا عينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تهريقان من الدموع. قالت: فقلت يا نبي الله بأبي أنت وأمي ما بك؟ قال: أتاني جبرائيل عليه الصلاة والسلام فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا، فقلت: هذا؟ فقال: نعم، واتاني بتربة من تربته حمراء".

ثم علق الحاكم بقوله: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين (البخاري ومسلم) ولم يخرجاه.


19


وقد اخرج هذا الحديث أيضاً، البيهقي في دلائل النبوة، وابن عساكر في تاريخه، وهناك حديث آخر عن أم سلمة رضوان الله عليها أخبرت فيه ببكاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حينما دخل عليه الحسين عليه السلام وهو صبي صغير، وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حاملاً له، وهو كاسف البال وبيده قبضة من تراب كربلاء جاء بها جبرائيل إليه‏ صلى الله عليه وآله وسلم17.

وكذلك فقد أقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم مأتما على الحسين عليه السلام بعد سنة من ولادته ونزول الملائكة تعزي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذلك وهو يقول:

"اللهم اخذل من خذله، واقتل من قتله ولا تمتعه بما طلبه"18.

وحديث آخر حول القارورة التي أعطاها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأم سلمة وهو يقول لها:

"يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة فاعلمي إن ابني قد قتل، فجعلتها أم سلمة في قارورة، ثم جعلت تنظر إليها كل يوم وتقول: إن يوما تحولين دما ليوم عظيم"19.

وتكررت المآتم التي أقامها النبي صلى الله عليه وآله وسلم على سبطه الحسين عليه السلام مرات ومرات وفيها مآتم حضرها بعض الصحابة وقد بكوا لبكاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

(لمزيد من التوسع في هذا الباب، يمكن مراجعة السفر المهم للعلامة ألاميني (سيرتنا وسنتنا)، كما يمكن مراجعة كتاب السيد محسن الأمين العاملي (إقناع اللائم على إقامة المآتم) فيرجى ملاحظة ذلك، وكذلك كتاب (معالم المدرستين للسيد مرتضى العسكري 30/2).

ملاحظة: يمكن لخطيب المنبر الحسيني أن ينهي مجلسه هنا بالتعريج على


20


كربلاء، إذا اطمئن إلى أن ما ذكره من أحاديث قد وفت المطلوب... كأن يقول:

(يا رسول الله، بكيت على حبيبك الحسين وهو أمامك حي يرزق، فكيف يكون حالك يا سيدي لو نظرت إلى عزيزك الحسين مذبوحا وقد ترك ثلاثة أيام في أرض كربلاء جثة بلا رأس).

ثم يختار الشعر المناسب هنا مثل قول الشاعر:

يا ليت عين رسول الله ناظر       رأس الحسين على العسال مشهورا
وجسمه نسجت هو الرياح له‏      ثوبا بقاني دم الأوداج مزرورا


أو قول الشريف الرضي:

يا رسول الله لو عاينتهم‏ ‏         وهم ما بين قتل وسبا
من رميض يمنع الظل ومن       عاطش يسقى أنابيب القنا


أو أي شعر آخر مناسب.

هذا، ما كان من إخبار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقتل الحسين عليه السلام وإقامة المأتم عليه وأما ما اخبر به أمير المؤمنين عليه السلام فهو كثير كذلك، نذكر منه بعض النماذج.

عن أبي حبرة قال: صحبت علياً عليه السلام حتى أتى الكوفة فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال عليه السلام:

"كيف انتم إذا نزل بذرية نبيكم بين ظهرانيكم؟ قالوا: إذن نبلي الله فيهم بلاء حسنا، فقال: والذي نفسي بيده لينزلن بين ظهرانيكم ولتخرجن إليهم فلتقتلنهم، ثم اقبل يقول:

هم أوردوهم بالغرور وغردوا    أجيبوا نجاة لا نجاة ولا غدرا"
20.


21


ولما وصل أمير المؤمنين عليه السلام إلى كربلاء وهو في طريقه إلى صفين، قال لأبن عباس:

"أتدري ما هذه البقعة؟ قال: لا، قال: لو عرفتها لبكيت لبكائي، ثم بكى بكاءاً شديداً، ثم قال: مالي ولآل أبي سفيان: ثم التفت إلى الحسين، وقال صبرا يا بني فقد لقي أبوك منهم مثل الذي تلقى بعده"21.

وعن الأصبغ بن نباتة، قال:

"أتينا مع علي، فمررنا بموضع قبر الحسين عليه السلام، فقال علي عليه السلام ها هنا مناخ ركابهم، وها هنا موضع رحالهم، ها هنا مهراق دمائهم، فتية من آل محمد يقتلون بهذه العرصة تبكي عليهم السماء والأرض"22.

وكان علي عليه السلام يصرح لمن حوله أن هذا الإخبار مما قد اخبره به رسول الله‏ صلى الله عليه وآله وسلم.

فعن عامر الشعبي قال:

"إن علياً عليه السلام قال وهو بشط الفرات: صبراً أبا عبد الله، ثم قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعيناه تفيضان، فقلت: أحدث حدث، قال: اخبرني جبرائيل أن حسينا يقتل بشط الفرات، ثم قال: أتحب اريك من تربته؟ قلت: نعم، فقبض قبضة من تربتها فوضعتها في كفي فما ملكت عينيّ‏َ أن أفاضتا"23.


22


وكان علي عليه السلام يقول لأبي سعيد الخدري:

"أيقتل ولدي الحسين ولا تنصره.. فكان يقول: لا يكون ذلك أبداً... فلما قتل الحسين كان أبو سعيد يبكي وهو يقول: لقد صدق أمير المؤمنين عليه السلام لقد قتل الحسين ولم انصره"24.
 

التخلص:

بعد أن اكتملت مادة موضوع هذا المجلس، فلا بد من الانتقال إلى أجواء المصيبة، وعلى الخطيب أن يختار أفضل الأساليب لذلك، وعلى سبيل المثال نذكر ما يلي:

أ- أن يقول الخطيب بعد ذكر الروايات عن أمير المؤمنين عليه السلام:

ولهذا فقد كان الحسين عليه السلام يستشهد بما حفظه المسلمون عن رسول الله‏ صلى الله عليه وآله وسلم .. حيث راح يذكر لذلك الجيش الذي خرج لحربه موقعه في الدين ومنزلته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام ثم أخذ ينادي:

"فإن كذبتموني فإن فيكم من إذا سألتموه عن ذلك أخبركم... سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري وأبا سعيد الخدري، وسهل بن سعد الساعدي، وزيد ابن أرقم، وانس بن مالك، والبراء بن عازب يخبرونكم انهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم".

ثم يختار الشعر الرثائي المناسب.

ب- أو يقول الخطيب، مخاطباً أمير المؤمنين عليه السلام:

سيدي يا أمير المؤمنين عظم الله لك الأجر، هكذا كان بكاؤك وهكذا كان


23


حزنك على ولدك الحسين وهو لا زال على قيد الحياة، فما ظنك يا سيدي لو رأيته يوم عاشوراء وحيداً فريداً، أين أنت عن ولدك يا أمير المؤمنين؟؟

قم يا علي فما هذا القعود              ظني تغض على الأقذاء أجفانا
هذا حسين بلا غسل ولا كفن وما      عار عليه تجول الخيل ميدانا

ج- أو يقول الخطيب:

فأين كنت يا أمير المؤمنين عن بناتك وأطفالك يوم عاشوراء، لا بل أين أنت عنهم يا سيدي ليلة الحادي عشر، حيث بقيت بنات الزهراء عليها السلام بلا حامٍ ولا معين...

لم أنس زينب بعد الخدر ثاكلة       تبدي النياحة ألحاناً فألحاناً
تدعوا أباها أمير المؤمنين ألا       يا والدي حكّمت فينا رعاياناً


الموضوع الثالث الذي يمكن طرحه في الليلة الأولى من المحرم:


حث الأمة على إقامة المآتم على الحسين عليه السلام وما يعين على ذلك من البكاء عليه عليه السلام وقول الشعر فيه عليه السلام:

يختار الخطيب لهذا المجلس عنواناً يقتبس من أحاديث ألائمة عليهم السلام في هذا المعنى.

مثل قول الإمام الصادق عليه السلام:

"أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا".

أو قول الإمام الرضا عليه السلام:

"فعلى الحسين فليبك الباكون".

وقوله أيضا عليه السلام:

"من تذكر مصابنا وبكى لما ارتكب منا، كان معنا في درجتنا يوم القيامة".


24


إن من يدرس ما تركه ألائمة الطاهرون عليهم السلام من أهل البيت عليهم السلام، من تراث سيجد الكثير مما يتعلق بواقعة كربلاء، وسعيهم عليهم السلام الدؤوب على إبقاء جذوتها حية متقدة في النفوس، تتفاعل معها الأرواح وتنجذب لها القلوب وتتفاعل معها العواطف، بما يجعلها واقعة خالدة تعيش معها الأمة فتستلهم منها معاني العزة والإباء وصدق الولاء.

ويمكن أن نجد هذه المسألة وهي تقع ضمن عدة عناوين؟ منها الحث على قول الشعر في الإمام الحسين عليه السلام وعظيم الثواب في ذلك، ومنها ثواب البكاء على الحسين عليه السلام وآثاره، ومنها في إقامة المآتم والجلوس لإحياء ذكراه‏ عليه السلام ورابعة فيما ينبغي عمله يوم عاشوراء من مظاهر الحزن والولاء للنبي وآله سلام الله عليهم أجمعين، وخاصة في زيارته عليه السلام والشهداء والحث عليها.

إن كل عنوان من العناوين أعلاه، يمكن أن يشكل موضوعا رائعاً يمكن الاستفادة منه في مجالس عاشوراء الحسين عليه السلام.

إن من الضروري جدا توعية المؤمنين على أن ألائمة عليهم السلام هم من أسس هذه المجالس ودعا إليها وأنهم بذلك يسيرون على سنّة جدهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبيهم أمير المؤمنين عليه السلام اللذين ندبا الحسين عليه السلام وبكياه قبل استشهاده، (كما مر في مجلس سابق).

وأفضل مصدر في ذلك هو كتاب (كامل الزيارات) لابن قولويه القمي فهو من أوثق المصادر في هذا الباب. كما يمكن مراجعة (ثواب الأعمال) للشيخ ابن بابويه، وكتاب (عيون أخبار الرضا عليه السلام) للشيخ الصدوق، وما أورده صاحب البحار العلامة المجلسي، والحر العاملي في الوسائل، ويمكن مراجعة بعض الكتب المعاصرة التي تفيد كثيرا في هذا الباب، من أبرزها (اقناع اللائم) للسيد محسن الأمين العاملي، والمجالس الفاخرة للسيد عبد الحسين شرف


25


الدين، ومعالم المدرستين للسيد مرتضى العسكري،(وثورة الحسين في الوجدان الشعبي) للشيخ محمد مهدي شمس الدين.

كما يمكن لثورة الإمام الحسين عليه السلام أن تنسى، أو يضعف تأثيرها، ويخف الانفعال مع أحداثها المؤلمة مع تقادم العصور وابتعاد الأمة زمنيا عن وقائعها.

ولكن عمل ألائمة عليهم السلام من بعد الحسين عليه السلام حال دون ذلك، حيث أسسواعليهم السلام لإقامة هذه المجالس الحسينية والتي انطلقت من بيوتهم عليهم السلام، حيث كانوا يدعون أصحابهم وأبناءهم، في أيام عاشوراء ليذكروهم بواقعة الطف ويثيرون عواطف الولاء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وآله عليهم السلام وآلامهم وهم عليهم السلام يؤكدون للأئمة ثواب البكاء على الإمام الحسين عليه السلام وآثار ذلك من البكاء على روحية الإنسان المؤمن وصدق مشاعره وتنقية عواطفه، وصدق ولائه.

فقد كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول:

"أيما مؤمن ذرفت عيناه لقتل الحسين بن علي، دمعةً حتى تسيل على خده، بوّأه الله بها في الجنة غرفاً يسكنها أحقاباً".

وعن الإمام الباقر عليه السلام:

"رحم الله عبداً اجتمع مع آخر فتذاكروا في أمرنا فإن ثالثهما ملك يستغفر لهما"25.

ويدخل الفضيل بن يسار على الإمام الصادق عليه السلام فبادره:

"تجلسون وتحدثون قال نعم جعلت فداك. قال: إن تلك المجالس أحبها فأحيوا أمرنا يا فضيل فرحم الله من أحيا أمرنا يا فضيل من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب غفر الله له ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر..."26.


26


ويروي الإمام الصادق عليه السلام انه قال:

"كان أبي (أي الإمام محمد الباقر عليه السلام) إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا، وكانت الكآبة تغلب عليه، حتى يمضي منه عشرة أيام، فإذا كان اليوم العاشر، كان ذلك يوم مصيبته وحزنه وبكائه، ويقول: هو اليوم الذي قتل فيه الحسين"27.

وعنه (أي الرضا) عليه السلام:

"من تذكر مصابنا وبكى لما ارتكب منا، كان معنا في درجتنا يوم القيامة، ومن ذكّر بمصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون، ومن جلس مجلساً يحيا فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب"28.

(وبمعنى إيراد الحوار الذي جرى بين الإمام الرضا عليه السلام واحد أصحابه وهو الريان بن شبيب الذي دخل على الإمام في اليوم الأول من المحرم، 29 ففي هذا الحوار معان كثيرة رائعة وعلى الخطيب الحسيني إيراد ما يراه مناسبا ومجلسه والوقت المتاح له).

ولهذا فقد كان الائمة عليهم السلام يحثون شيعتهم على قول الشعر وإنشاده في الإمام الحسين عليه السلام، لأن الشعر كان آنذاك من أقوى الأجهزة الإعلامية المتاحة، وكان بيت الشعر يمثل منشوراً سياسياً مؤثراً.

وكان قول الشعر ونقد قتلة الحسين عليه السلام يعتبر مخاطرة كبيرة، وعلى ذلك فقد برزت ظاهرة عرفت بظاهرة شعر الجن على الإمام الحسين عليه السلام ، وأغلب


27


الظن انه شعر لبعض الشعراء الذين كانوا يخشون من معرفة أسمائهم وتعرضهم لمضايقات الأمويين أولا ثم العباسيين بعدهم.

وقد أثمرت جهود الائمة عليهم السلام فقد كانت أبواب بيوتهم تفتح أيام عاشوراء، وهم يستقبلون الشعراء المنشدين، وانعكس ذلك على كتابة الأدب وتراجم الشعراء، حيث نجد ان الشاعر الكميت بن زيد الاسدي يغدو على الإمام الباقر عليه السلام وينشده قصائده الرائعة في رثاء الحسين عليه السلام وإحدى هذه المرات التي يعقد فيها مجلس في يوم عرفة وفي ساحته وحول الإمام وأهله وشيعته.

دخل الكميت أيام المحرم على الإمام الباقر عليه السلام وبدأ بإنشاد قصيدته:

من لقلب متيم مستهام‏         من غير ما صبوة ولا أحلام‏

إلى أن بلغ قوله:

وقتيل بالطف غودر منهم‏      بين غوغاء أمة وطغام‏

فبكى الإمام الباقر عليه السلام بكاءً شديداً ثم دعا للكميت:

"لا زلت مؤيداً بروح القدس ما ذببت عنا أهل البيت عليهم السلام، ثم رفع يديه بالدعاء وقال: اللهم اغفر للكميت، اللهم اغفر للكميت"30.

وكذلك كان الإمام الصادق عليه السلام يستقبل الشعراء أيام الحسين عليه السلام، ومنهم الشاعر السيد الحميري فاستنشده فأنشده:

امرر على جدث الحسين‏     وقل لأعظمه الزكية
يا أعظماً لا زلت في‏         وطفاء ساكبة روية
ما ألذ عيش بعد رض       ك بالجياد الاعوجية
فإذا مررت بقبره‏            فاطل به وقف المطية
وابك المطهر للمطهر       والمطهرة النقية
كبكاء معولة أتت‏            يوما لواحدها المنية


28


فانحدرت دموع الإمام الصادق عليه السلام على خديه، وارتفع الصراخ والبكاء من داره، حتى أمره بالإمساك فأمسك31.

ويدخل ذات يوم أبو عمارة المنشد على الإمام الصادق عليه السلام فقال له:

"يا أبا عمارة، أنشدني للعبدي في الحسين، قال: فأنشدت فبكى، قال: فوالله ما زلت انشده ويبكي حتى سمعت البكاء من الدار"32.

ومن هذين النصين وغيرهما يتوكد حضور النساء ومشاركتهن لمجالس العزاء الحسينية مع مراعاة الموازين الشرعية الإسلامية.

إن بروز أشخاص بصفة (منشد) فيه دلالة على تخصص البعض بإنشاد القصائد الرثائية للإمام الحسين عليه السلام، ويمكن أن يكون هؤلاء المنشدون هم بدايات نشوء خطباء المنبر الحسيني.

التخلص:

وقد سجل التاريخ وفود الشاعر دعبل بن علي الخزاعي على الإمام الرضا عليه السلام أيام المحرم، وقد قصده عن مسافة بعيدة من الكوفة إلى خراسان فيقول دعبل: دخلت على سيدي ومولاي علي بن موسى الرضا عليه السلام في أيام المحرم، فرأيته جالسا جلسة الحزين الكئيب وأصحابه من حوله فلما رآني مقبلاً، قال لي:

"مرحباً بك يا دعبل، مرحباً بناصرنا بيده ولسانه، ثم انه وسع لي في مجلسه، وأجلسني إلى جانبه ثم قال لي: يا دعبل أحب أن تنشدني شعراً، فإن هذه أيام حزن كانت علينا أهل البيت وأيام سرور كانت على أعدائنا، خصوصا بني أمية...


29


يا دعبل من بكى وأبكى على مصابنا، ولو واحداً، فإن أجره على الله..

يا دعبل من ذرفت عينه على مصابنا، وبكى لما أصابنا من أعدائنا حشره الله معنا في زمرتنا. يا دعبل، من بكى على مصاب جدي الحسين عليه السلام غفر الله له ذنوبه"
.

ثم انه عليه السلام نهض وضرب سترا بيننا وبين حرمه، واجلس أهل بيته من وراء الستر، ليبكوا على مصاب جدهم الحسين عليه السلام، ثم التفت إلي وقال:

"يا دعبل، ارث الحسين فأنت ناصرنا ومعاوننا، وما دمت حيا فلا تقصر عن نصرنا ما استطعت".

قال دعبل:

بكيت لرسم الدار من عرفات‏            وأجريت دمع العين بالعبرات
وفك عرى صبري وهاجت صبابتي     ‏رسوم ديار أقفرت وعرات
‏مدارس آيات: خلت من تلاوة           ‏ومنزل وحيٍ‏ّ مقفر العرصات
ديار علي والحسين وجعفر             وحمزة والسجاد ذي الثفنات‏
منازل جبريل الأمين يحلها             من الله بالتسليم والرحمات‏


فلما أفاض دعبل في آياته والإمام عليه السلام يتفاعل معه التفت إليه وهو يقول: دعبل عرج بنا إلى كربلاء، فجعل دعبل يقول:

أفاطم لو خلت الحسين مجدلا          وقد مات عطشانا بشط فرات‏
إذا للطمت الخد فاطم عنده             وأجريت دمع العين في الوجنات
‏أفاطم قومي يا ابنة الخير واندبي‏     ‏نجوم سماوات بأرض فلاة


30


هوامش
1- من كلمة للقائد الخامنئي حفظه الله بمناسبة حلول ذكرى عاشوراء، 29 ذي الحجة 1414ه.
2- راجع: رياض المدح والرثاء، للشيخ حسين البلادي البحراني، ص‏458 -والدر النضيد في مراثي السبط الشهيد، للسيد محسن الأمين العاملي، ص‏232.
3- الأحزاب.
4- آل عمران: 61.
5- الإنسان.
6- الشورى: 23.
7- الإسراء: 26.
8- يمكن أن يكون ما سبق كافيا لموضوع يطرح في الليلة الأولى، لا سيما إذا أفاض الخطيب الحسيني ببيان سبب النزول وبعض الشروح حول الآيات الكريمة السابقة... ويمكن التخلص هنا بطرق عديدة منها على سبيل المثال أن يقول الخطيب، لهذا كان الإمام الحسين عليه السلام لهذا البعد القرآني، فخرج يوم عاشوراء وقد اخذ مصحفا ونشره على راسه وهو يقول: يا قوم ان بيني وبينكم كتاب الله وسنّة جدي رسول الله....
9- سنن البيهقي، 379/2 - سنن الدارنقطي، ص‏136. كما وبرامج صحيح البخاري في كتاب الدعوات في باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم صحيح مسلم في كتاب الصلاة باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
10- سنن الترمذي (كتاب المناقب) مستدرك الصحيحين 149/3 - ومسند احمد 442/2 - اسد الغاية 523/6 - 11/13 ومصادر اخرى.
11- مناقب الحسن والحسين في صحيح البخاري مسند احمد 2/153 74 93 85 المستدرك للحاكم النيسابوري 165/3 - فضائل الخمسة من الستة للقيروزابادي.
12- من ما سبق اضافة الى دعائا العتبى، ط12 كنز العمال للصفدي 220/66/6.
13- ابن قولويه القمي، كامل الزيارات باب 19، ص‏137.
14- راجع تاريخ الطبري 287/2 - تاريخ ابن عساكر(ترجمة الامام الحسين عليه السلام) - سير اعلام النبلاء 195/3 ومقتل الخوارزمي وغيرهما.
15- مقتل الخوارزمي 87/1 - ذخائر العتبى، ص‏119.
16- العلامة الأمين، سيرتنا وسنّتنا، ص‏50.
17- الطبراني، المعجم الحافظ الهيثمي، المجمع 189/9.
18- مقتل الخوارزمي، 163/1.
19- الطبراني في معجم (ترجمة للامام الحسين عليه السلام) ابن عساكر في تاريخه الحافظ الكنجي في الكفايات ص‏179، راجع أحاديث أخرى في العقد الفريد لأبن عبد ربه الاندلسي، ص‏440.
20- معجم الطبراني، 168/57 - مجمع الزوائد، 191/9 - انساب الاشراف للبلاذري ص‏38.
21- مقتل الخوارزمي.
22- البيهقي، زخاء العقبى ص‏97 - ابو نعيم، دلائل النبوة، 221/3 - تذكر الخواص لسبط بن الجوزي، ص‏142.
23- طبقات ابن سعد، ج‏33 - تاريخ ابن عساكر، ترجمة الامام الحسين عليه السلام، تاريخ الاسلام الذهبي، 10/3 - تذكرة الخواص، لسبط بن الجوزي، ص‏142.
24- لمزيد من التوسع فالامثلة التي يمكن الاستفادة منها في مجالس اخرى، راجع: الباب 23 - كامل الزيارات معالم المدرستين، للسيد العسكري، 44/2.
25- ابن قولويه، الكامل في الزيارات، ص‏201.
26- راجع البحار، ج‏44.
27- الآمالي، للصدوق.
28- البحار، المجلسي، ج‏47.
29- كما أورده الشيخ الصدوق في الآمالي المجلس 27، والبحار للمجلسي ج‏44، ص‏28.
30- راجع الاغاني، الاصفهاني، 123/15 مروج الذهب، المسعودي، 2433/3 - أعلام الدرس، ص‏158.
31- الاغاني، الاصفهاني.
32- الامالي، للصدوق المجلسي 29 - كامل الزيارات، ابن قولويه، باب 33.