المقدمة

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على رسوله محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.

ما إن يهلّ هلال محرّم الحرام في كلّ عام حتّى تكتحل الدنيا بالسواد والحزن على سيّد الشهداء عليه السلام، لمصيبةٍ عظمت في السموات والأرض، وبكى لها كلّ شيء ما يُرى وما لا يُرى..

إنّها مصيبة الإمام الحسين عليه السلام سيّد شباب أهل الجنّة، مصباح الهدى وسفينة النجاة، قتيل العبرات وأسير الكربات..

مصيبة بكى لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسلم عندما أخذ الحسين عليه السلام بين يديه وكان طفلاً صغيراً حديث الولادة، وبكت لها الزهراء البتول عليها السلام عندما أخبرها والدها بمصيبته... وبكى لها أمير المؤمنين عليه السلام الذي كان ينادي ولده الحسين عليه السلام: "يا عبرة كلّ مؤمن"... وبكى لها أخوه الحسن الزكيّ عليه السلام قائلاً لأخيه الحسين عليه السلام كلمته الخالدة: "لا يوم كيومك يا أبا عبد الله...".

وبكى لها زين العابدين عليه السلام سنين طويلة يمزج طعامه وشرابه بدموع عينيه... وبكى لها باقر العلم عليه السلام الذي رأى على صغر سنّه مقتل جدّه الحسين عليه السلام وأولاده وأخوته وأنصاره... وبكى لها صادق العترة عليه السلام الذي لم يذكر الحسين عليه السلام عنده يوماً فرؤي في ذلك اليوم متبسّماً... وبكى لها موسى بن جعفر Lالذي كان إذا دخل المحرّم لم يُر ضاحكاً وكانت الكآبة تغلب عليه حتّى يمضي منه عشرة أيّام فإذا كان اليوم العاشر كان ذلك يوم مصيبته وحزنه وبكائه ويقول: هو اليوم الذي قتل فيه الحسين عليه السلام...

وبكاها مولانا الرضا عليه السلام الذي كان يقول: "فعلى مثل الحسين عليه السلام فليبك الباكون..." وهكذا حال أئمّتنا عليهم السلام ولا سيّما صاحب العصر والزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف الشريف، الذي يخاطب جدّه كما في زيارة الناحية: "فلئن أخّرتني الدهور، وعاقني عن نصرك المقدور، ولم أكن لمن حاربك محارباً، ولمن نصب لك العداوة مناصباً، فلأندبنّك صباحاً ومساءً، ولأبكينّ عليك بدل الدموع دماً، حسرة عليك وتأسّفاً على ما دهاك وتلهّفاً، حتّى أموت بلوعة المصاب وغصّة الاكتياب..".

مصيبة تهون عندها المصائب، وتسهل عندها الخطوب والنوائب، ولسان حال كلّ محبّ:

أنست رزيّتكم رزايانا التي
             سلفت وهوّنت الرزايا الآتية

يجلسون كما جلس أئمّتهم يحيون ذكر الحسين عليه السلام وأمر أهل البيت عليهم السلام الذي فيه حياة قلوبهم..

ومن هنا قمنا في معهد سيّد الشهداء عليه السلام للمنبر الحسينيّ- كعادتنا- بإعداد هذا الكتاب "مجالس السيرة الحسينيّة" ليكون عوناً للإخوة القرّاء في مجالسهم التي يقيمونها خلال الليالي العاشورائيّة، عسى أن نكون شركاء لهم في هذا الإحياء الذي أمرنا به..

وقد عملنا في هذه المجالس بما يلي:

- اقتصرنا على ذكر القصيدة والنعي والمصيبة دون المحاضرة اتّكالاً منّا على جدارة الإخوة القرّاء.

- اخترنا القصائد والأبيات الشعبيّة والمصائب المفهومة والمقروءة إلى حدٍّ ما.

وختاماً فإنّنا نسأله تعالى أن يتقبّل منّا ومن الجميع أعمالهم، وأن يرزقنا شفاعة محمّد وآله، ويحشرنا معهم وفي زمرتهم إنّه سميع مجيب.

معهد سيّد الشهداء عليه السلام للمنبر الحسينيّ