الفصل السابع: التبليغ والشرائح المستهدفة

الشباب والجامعيون نموذجاً

تمهيد
أشعر حينما أكون بين الشباب وكأني أتنشق نسيم الصباح.. يلفني نقاء وصفاء وطراوة. وأول ما يتبادر إلى ذهني - عادة عند رؤيتي لهم، وهو موضوع فكرت فيه مرات عديدة، هل الشباب يعرفون النجم الساطع المتألق على جبين كل واحد منهم.؟..
أرى ثلاث خصال بارزة من بين سائر الخصال التي يتصف بها الشباب، وإذا قدّر لها أن تُوجه نحو الصواب يبدو من الممكن عند ذلك إحراز المطلوب... وتلك الخصال البارزة هي: الطاقة، والأمل والإبداع. هذه الخصال الثلاثة موجودة لدى الشباب. وإذا استطاعت الجهات المعنية بالحالة الثقافية كالخطباء والمهتمين بالشؤون الفكرية والثقافية، والإذاعة والتلفزيون، والمدارس توجيه هذه الخصال الثلاث في الاتجاه السليم، أعتقد أن الشاب يستمسك


101


 بالنهج الإسلامي بكل بساطة ، لأن كل ما يريده منا الإسلام هو إنزال ما لدينا من طاقات كامنة إلى حيز الفعل...

وعلى هذا الأساس إذا أتيح استثمار تلك الخصائص الثلاث وسددت إلى سبيل الهداية على نحو سليم تتمخض عنها معطيات إيجابية ويعيش الشباب الحياة التي يرتضيها، لا سيما ونحن نعيش اليوم في بلد إسلامي. وهذه القضية في غاية الأهمية، فمن المهم جداً أن تكون مقاليد الأمور بيد الإسلام. فالذين يمسكون اليوم بزمام الأمور يؤمنون بالإسلام من أعماق قلوبهم. كما وأن أبناء الشعب مؤمنون... غرس الإيمان في قلوبهم، وهذا ما يعبّد الطريق إلى الاعتقاد بالإسلام، والعيش كما يريد الإسلام..1

الأولوية للشباب:
في موضوع تحديد نوعية المخاطب أود الإشارة إلى أن الغالبية العظمى ممن ينبغي أن يتوجه إليهم المنبر التبليغي بالخطاب هم شريحة الشباب ويعود سبب ذلك إلى العوامل التالية:
أولاً: لأن الشباب يشكّلون اليوم أغلبية من مجموع أبناء الشعب. هناك بعض البلدان يشكل فيها الشباب أقلية- إلا أن الشباب في بلدنا يشكل أكثرية عظمى لأسباب معروفة، وهي أن أكثر من ثلثي الشعب هم من الشباب وهذا ما يوجب طبعاً توجيه الخطاب إليهم أكثر من غيرهم.


102


ثانياً: انطلاقاً من هذه الحقيقة، دأب أعداء هذه الثورة ، وأعداء الدين منذ فترى طويلة على التخطيط لمخاطبة هؤلاء الشباب. وإذا كنا نحن غفلنا فإن العدو لم يغفل، وهو يحاول اجتذاب الشباب والسيطرة على عقولهم وأفكارهم عبر الإذاعات والكتب والوسائل والأساليب المتناسبة مع طبائعهم وشهواتهم. وهذا سبب آخر يدعوكم إلى إعطاء اهتمام أكبر للشباب.

ثالثاً: إن الشباب أكثر قبولاً وأسرع تقبلاً من غيرهم؛ لأنهم يحملون قلوباً نيّرة، لم تتلوث بعد بقدر تلوث قلوب من تصرمت من أعمارهم سنوات طويلة من أمثالي، ولم تقسُ أفئدتهم بعد، ويمكنهم بكل سهولة إدراك الحقيقة والاستجابة لها، وهذا أيضاً سبب آخر للتركيز على هذه الشريحة.

إذن يجب عليكم منذ بداية التفكير بالتليلغ، واختيار الموضوع الذي تتحدثون فيه عن الدين والأخلاق وكل ما يجب قوله، أن تجعلوا هدفكم هو مخاطبة الشباب، ومن الطبيعي أن تحديد نوعية المخاطب يؤثر على اختبار نوعية المضمون.2

حث الشباب على التفكير والتعقل والخلق القويم:
ومن جملة الأمور الأخرى التي ينبغي طرحها على الشباب، هي حثهم على التفكير والتعقل والتحلي بالخلق القويم والحلم والابتعاد عن التسرع في الأمور، واجتناب الفظاظة والعنف، فإنما يتيسر في


103


 الأجواء الإسلامية غرس الحقائق في النفوس حينما يتوفر اللسان اللين والتفكير العقلاني والحلم والتأني، بين الناس.3

تنشئة الشباب على الحلم:
الحلم يعني بالتعبير العام سعة الصدر، وعدم الوقوف في حالة الهيجان والانفعال في مختلف المواقف، وعدم الانسياق وراء الغضب إلا في المواقف التي تقتضي ذلك. ففي أوقات الحرب وحين مجابهة العدو فإن كل إنسان عاقل يغضب، وأما في الحياة اليومية فإن الأساس في طبيعة الحياة الاجتماعية يستلزم التأمل والتدبر والتفكير، والحلم وسعة الصدر، وعدم الوقوع في الشرع في إصدار الأحكام. علموا الشباب هذه الأمور وحثوهم عليها وانشئوهم نشأة إسلامية، وهذه الأمور كلها واجبة.4

بيان نعمة وجود الإمام الخميني قدس سره والثورة للشباب:
يجب أن تبينوا للشباب عظمة النعمة الإلهية التي منّ بها الله تعالى علينا بأن وهبنا مثل ذلك القائد الفذ ومثل ذلك التحرك الجماهيري للشعب الإيراني في ثورتنا العظمى. فشباب اليوم لم يدركوا مرحلة ما قبل الثورة ولا معرفة لهم بها، وما جرى في هذا البلد من إذلال للشعب. فقد حكم الأب والابن، وكلاهما جاء بهما


104


 الأجانب إلى السلطة، وطوال قرون متمادية. هذه هي المرة الأولى التي تاتي فيها وبفضل الثورة التي اندلعت في هذا البلد، حكومات يكون ملاك المسؤولين فيها العلم والتقوى والعدالة وقيمة الشعب، فهم من الشعب وللشعب وفي خدمة الشعب وليسوا من اللصوص ولا من المستغلين ولا من عملاء الأعداء.

وهذه الحقائق لم يسبق لها مثيل في تاريخ إيران على مدى قرون عديدة، وهي من عطاء الإسلام والثورة لهذا الشعب.

هذه الحقائق يجب عليكم بيانها لجيل الشباب، ليعلم ما كانت عليه إيران وكيف أصبحت، ومن أين انتقلت وإلى أين، واليوم تجلس حثالات تلك الأنظمة الفاسدة الذليلة الحقيرة المنهزمة في حجور أسيادها الذين يمدونها بالأموال ويفتحون لها أبواق دعايتهم ليبثوا أقاويلها ويضعوا تحت تصرفها الإذاعات والصحف، لتأخذ هي الأخرى بإثارة المؤاخذات ضد موضع معين أو زاوية صغيرة من هذا النظام العظيم والجهاز الواسع، وتسعى لتضخيمها. يجب أن يدرك الشباب هذه الأمور. هذه من القضايا المهمة التي يجب أن يتضمنها اليوم تبليغ الدين وتبيان الحقائق.5

أهمية التبليغ في الجامعات
إن وجود مجموعة من المبلغين في الجامعات مسألة مهمة جداً، وكغيرها من القضايا المهمة فقد اعتدنا على هذه الظاهرة بحيث لم


105


 نعد ندرك أهميتها وقيمتها جيداً. فانظروا كيف كان وضع الجامعة في البلد، أية جهة قد رُسمت للجامعة منذ البداية وكيف كانت، وكيف كانت تُعد الدروس من الناحية القيمية والتوجهات الفكرية ذات المعنى الخاص ثم قارنوا مرحلة ما قبل الثورة بالوضع الذي تحقق اليوم ببركة الثورة الإسلامية وببركة الإسلام في جامعاتنا بلحاظ حضور العلماء والفضلاء وأهل المعرفة والمعنى والإستئناس الموجود بينهم وبين أساتذة الجامعات وطلابها عندها سترون مدى أهمية تواجد المشايخ المعظمين والفضلاء المحترمين بين الجامعيين وفي حرم الجامعة إذا التفتنا إلى هذه الأهمية، فإن أول أثر ينبغي إيجاده هو أن نغتنم هذا الوضع بأنفسنا ممن له ارتباط بالجامعة وأن نعرف قدر هذا الوضع ونشكر هذه النعمة الكبرى بالمعنى الحقيقي للكلمة. الشكر هو معرفة النعمة وهذا هو المعنى العملي والكامل للشكر، أشكروا هذه النعمة ففي هذه الحالة، تلوح أمامنا لائحة من الوظائف والمسؤوليات والتذكيرات.

عليكم أن تقيموا صفوف المعارف الإسلامية، المعارف المتقنة بلغة العصر والمتناسبةمع فكر الجامعي وأدبياته فهذه أعمال ضرورية ولا بد منها، فالخطاب بلسان القوم أحد مصاديقه هنا، مخاطبة الجامعي بلغته، وبالأدبيات المفهومة عنده. فربما نجد بعض الأدبيات الفعّالة والمؤثرة في بيئة لا تكون فعّالة في بيئة أخرى. وهو كاختلاف اللغة تماماً فالاختلاف بين الأدبيات هو في الواقع


106


 كالاختلاف الموجود بين اللغات، كأن يأتي إنسان إلى بيئة ناطقة باللغة الفارسية فيحادثها بالغجرانية فلن يفهم عليه أحد، وكذلك إذا لم يكن المرء عارفاً بأدبيات البيئة الجامعية وبيئة الشباب ولم يستعملها، فسوف ينسد عليه طريق التواصل الفكري ويكون تأثيره قليلاً، فالنطق بلسان القوم ضروري جداً6.


107


هوامش

1- أسبوع الشباب في الجمهورية الإسلامية 11 محرّم 1419 هـ.
2- التبليغ في العصر الحاضر 24 دي الحجّة 1418 هـ.
3- التبليغ في العصر الحاضر 24 دي الحجّة 1418 هـ.
4- التبليغ في العصر الحاضر 24 دي الحجّة 1418 هـ.
5- التبليغ في العصر الحاضر 24 دي الحجّة 1418 هـ.
6- خطاب القائد ممثلية القيادة في الجامعات 28/رجب/1431هـ.