مجلس استقبال محمّد بن الحنفيّة لموكب السبايا

إِنْ كُنْتَ مَحْزُوْناً فَمَا لَكَ تَرْقُدُ
وَلَقَدْ بَكَتْهُ فِي السَّمَاءِ مَلَائِكٌ
أَنَسِيْتَ آلَ المُصْطَفَى فِي كَرْبَلَا
كَيْفَ السُّلُوُّ وَفِي السَّبَايَا زَيْنَبٌ
يَا جَدُّ حَوْلِيْ مِنْ يَتَامَى إِخْوَتِيْ
يَا جَدُّ قَدْ مُنِعُوا الفُرَاتَ وَقُتِّلُوا
يَا جَدُّ مِنْ ثُكْلِي وَطُولِ مُصِيْبَتِيْ
يَا جَدُّ ذا نَحْرُ الحُسَيْنِ مُضَرَّجٌ
يا جَدُّ ذَا صَدْرُ الحُسَيْنِ مُرَضَّضٌ
يَا جَدُّ ذَا إِبْنُ الحُسَيْنِ مُعَلَّلٌ
يَا أُمِّيَ الزَهْرَاءَ قُومِيْ جَدِّدِيْ
هَذَا حَبِيْبُكِ بِالحَدِيْدِ مُقَطَّعٌ
هَلَّا بَكَيْتَ لِمَنْ بَكَاهُ مُحَمَّدُ؟
زُهْرٌ كِرَامٌ رَاكِعُونَ وَسُجَّدُ
حَوْلَ الحُسَيْنِ ذَبَائِحٌ لَمْ يُلْحَدُوا؟
تَدْعُوْ بِحُرْقَةِ قَلْبِهَا يَا أَحْمَدُ؟
فِي الذُّلِّ قَدْ سُلِبُوا القِنَاعَ وَجُرِّدُوا
عَطَشاً فَلَيْسَ لَهُمْ هُنالِكَ مَوْرِدُ
وَلِمَا أُعَانِيْهِ أَقُوْمُ وَأَقْعُدُ
بِالدَّمِ وَالجِسْمُ الشَّريفُ مُجَرَّدُ
وَالخَيْلُ تَنْزِلُ مِنْ عَلاءَ وَتَصْعَدُ
وَمُغَلَّلٌ فِي قَيْدِهِ وَمُصَفَّدُ
وَجَمِيْعُ أَمْلَاكِ السَّمَا لَكِ يَنْجُدُ
وَمُخَضَّبٌ بِدِمَائِهِ مُسْتَشْهِدُ

161


شعبي:

أنا بيا وجه أطب المدينه
شگولن لليناشدني من الناس
أگول احسين ظل جثه بلا راس
ويلي أنا لگعد على درب الظعون
كلمن إله غيّاب يلفون
يحسين منته نور العيون
شگولن لليگول احسين وينه
أخوك احسين وينه ووين عباس
وعباس البطل گطعوا يمينه
وسايل اليرحون واليجون
وأنا غايبي باللحد مدفون


أبوذيّة:

صدعني الدهر يمحمد ولا خواي
جيتك لا ولد عندي ولا خواي
وجمر يسعر بدلالي ولا خواي
عفتهم جثث بارض الغاضرية

في بعض المقاتل أنّه لمّا دخل بشر بن حذلم المدينة وأخبر النّاس بقتل الحسين عليه السلام وضجّ النّاس بالبكاء والنحيب


162


كان محمّد بن الحنفيّة مريضاً, ولم يكن له علم بذلك الخبر الفظيع, ينظر إلى عياله وبني هاشم وقوفاً بين يديه وكلّ واحد منهم قد تغرغرت الدموع من عينيه, قال: ما جرى؟ المدينة ترتجّ وهو رجل مريض ماذا يقولون له؟..فهم أنّ أخاه الحسين عليه السلام قد أقبل, فنهض لاستقباله فوقع وجعل تارة يقوم وتارة يسقط وهو يقول: لاحول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم, فكأنّ قلبه أحسّ بالشرّ, فقال: إنّ فيها والله مصائب آل يعقوب, ثمّ قال: أين أخي أين ثمرة فؤادي أين الحسين؟ ولم يعلم بقتله...قدّموا لي جوادي, فقدّموا له الجواد وأركبوه على جواده وحوله خدّامه. لمّا علم الإمام زين العابدين عليه السلام بخروج عمّه محمّد جمع اليتامى الذين كانوا معه في الأسر, وأعطى كلّ طفلٍ لواءً أسود وأمرهم أن يستقبلوا بتلك الألوية السوداء عمّه.

حتّى إذا خرج من المدينة لم يجد إلّا أعلاماً سوداً وأحسّ قلبه بالشرّ, فقال: ما هذه الأعلام السود؟ وصاح: قتل سيّدنا, قتل عزّنا, قتل أبو عبد الله, فعلتها بنو أميّة, وخرّ عن جواده إلى الأرض مغشيّاً عليه, فركض الخادم إلى زين العابدين عليه السلام, وقال له: يا مولاي أدرك عمّك قبل أن تفارق روحه الدنيا, فخرج وبيده منديل يمسح به دموعه إلى أن أتى عمّه فأخذ


163


رأسه ووضعه في حجره, فلمّا أفاق قال: يا بن أخي, أين أخي؟ أين قرّة عيني؟ أين نور بصري؟ أين أبوك؟ أين خليفة أبي؟ أين أخي الحسين عليه السلام؟ فقال زين العابدين عليه السلام: يا عمّاه أتيتك ليس معي إلّا نساءٌ حاسرات, في الذيول عاثرات ناعيات نادبات, وللمحامي فاقدات.

يا عمّاه لو تنظر إلى أخيك الحسين يستغيث فلا يُغاث, ويستجير فلا يُجار, قُتل وهو عطشان..
وأخذ السجّاد يقصّ على عمّه ما جرى عليهم من مصائب..

جيتك يعمي يمحمد
عفت والدي ابكربلا امدد
وآنه ويّه عمّاتي مگيد
وحيد وشمل عزي تبدد
ويعمي ابرمح راسه تصعّد
أخذونه من مشهد المشهد

بينما هم في الكلام إذ وصلت الحوراء زينب عليها السلام أمّ المصائب, لمّا نظر إليها محمّد بن الحنفيّة ما كاد يعرفها لأنّ الدهر والمصائب غيَّرتها, لمّا نظر إليها قال: من هذه؟ زينب الهاشميّة؟ وإذا بها تقول: لا يا أخي أنا زينب المسبيّة!

أنا زينب اليحكون عني


164



مصايب احسين الدوهنني
سليت المصايب ما سلني
نزلن على اعيوني وعمنّي

لمّا نظرت إلى أخيها محمّد, صاحت: أخي محمّد سلبونا, أخي محمّد أسرونا, ساروا بنا من بلدٍ إلى بلد..

إن صحت خويه يشتموني
خويه ومن الضرب ورمن متوني
وإن صحت أهلي يضربوني
ومن البكا عمين اعيوني

وأمّا عبد الله بن جعفر فقام ينادي: واحسيناه, فعلها بنو أميّة, حتّى أقبلت بنات الرسالة وإذا امرأة تسلّم عليه فعرف نبرات صوتها قال: وعليكِ السلام, أزينب هذه؟ قالت: أنا زينب, قال: زينب قصّي عليَّ ما جرى عليكم..

قالت: يا بن العمّ نزلنا كربلاء, منعنا القوم شرب الماء المباح, وقتلوا أخي وإخوته وأبناءه وأطفاله, يا بن العمّ قتلوا أخي الحسين, هجموا علينا, نهبوا ما في خيامنا, ضربونا أسرونا..قال: أكملي, فقالت: أخشى عليك من الموت, فألحّ عليها, فقالت: دخلنا مجلس يزيد, فرأينا رأس الحسين عليه السلام بين يديه يضربه بالخيزران وشتمنا ووضعونا بخرابةٍ لا ظلّ فيها..

فأخذ عبد الله يلطم رأسه وينادي: وا حسيناه, وا سيّداه وا


165


ابن عمّاه..

شحكي او عليّ مرّت مصايب
طبينه ديوان الأجانب
واتشمّتت بينه النّواصب
أو لا غربتي او هاي النّوايب
منها القلب والكبد ذايب
لا ساتر اليمنع او حاجب
ميته ريت بين الغوالب

وعن حالة آل بيت رسول الله بعد كربلاء يقول الإمام الصادق عليه السلام: ما اختضبت منّا امرأة ولا ادهنت ولا اكتحلت ولا رجلت حتّى أتانا رأس عبيد الله بن زياد وما زلنا في عبرة بعده وكان جدّي يعني عليّ بن الحسين إذا ذكره بكى حتّى تملأ عيناه لحيته وحتّى يبكي لبكائه رحمة له من رآه..

جَوْرُ الزَّمَانِ رَمَانِيْ مِنْهُ بِالعَجَبِ
لَمْ يُبقِ ذَا حَسَبٍ مِنِّي وَلَا نَسَبِ
ضَاقَ الفَسِيْحُ وَأَطْفَالِي بِغَيْرِ حَمِي
وَحُكْمُهُ جَارِ فِي السَّادَاتِ بِالعَطَبِ
أَخِيْ ذَبِيْحٌ وَرَحْلِيْ قَدْ أُبِيْحَ وَبِي

166