مخطط المجلس الرابع

المناسبة:

      مصرع مسلم بن عقيل سفير الإمام الحسين عليه السلام في الكوفة

عنوان الموضوع المناسب:

      معاني الصدق والأمانة في أنصار الإمام الحسين عليه السلام

المشكلات المطلوب علاجها والتركيز عليها:

      الغش، الكذب والخيانة

النقاط الرئيسية للموضوع:


1. الإسلام يأمرنا بالأخلاق الحسنة وينهانا عن السيئ منها.

2. الصفات الحسنة تجسدت في الحسين عليه السلام وأصحابه والسيئة في يزيد وأعوانه.

3. الإمام الحسين عليه السلام لم يتعمد كذبة قط.

4. الإمام الحسين عليه السلام أصر على عدم خداع الناس أو التغرير بهم.

5. مسلم بن عقيل جسد الأمانة في تأديته لمهمته في الكوفة.

6. أهل الكوفة جسدوا أخلاق الكذب والخداع والغش والخيانة مع الإمام الحسين عليه السلام.

7. علينا أن نكون حسينيين وليس كوفييين في أخلاقنا.


41


المجلس الرابع

سفير الإمام الحسين عليه السلام يؤدي الأمانة

صلى الله عليك يا سيدي ويا مولاي يا أبا عبد الله، يا مظلوم كربلا ومسلوب العمامة والردا، لعن الله الظالمين لكم، يا ليتني كنت معكم فأفوز فوزاً عظيماً..

القصيدة:

ومسلمٌ يشتكي أمسى غريبــــاً       طريداً بين أنصار الفســــــــادِ
أقاموا حوله سداً منيعـــــــــاً        وأهوت نحوه كل الأيـــــادي
فنادى بينهم إني مـــــــــوالٍ        لأهل البيت أسياد العبــــــــادِ
أجاهدكم وحيداً لست أخـشى        من الأعداء في ساح الجهــــادِ
و قاتلهم ولم يلقى معينــــــاً         يردُ الضيمَ عن أهل البــــــلادِ
عم المظلوم والمقتول غـــدراً       بلا ذنب ولا بغي ولا عـــــادِ
فحزوا رأسه حقداً وبغيــــــاً        على قومِ هم أصل الرشــــــادِ


42


الموضوع

أيها الأعزاء

لقد أمرنا الله تعالى بأن نتخلق بالأخلاق الحسنة والصفات الحميدة ومن أهم هذه الخلاق والصفات صفتي الصدق والأمانة قال تعالى:

﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً سورة النساء الآية 58.

وقال أيضاً حول الصدق:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ سورة التوبة الآية 119.

والنبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله كان مثالاً حياً تجسدت فيه هذه الصفات الفاضلة والتي ساهمت مساهمة كبيرة في ثقة الناس بدعوته ودخولهم في الإسلام حيث كان يعرف بينهم بالصادق الأمين.

ويقف في مقابل هذه الصفات الخيرة صفات قبيحة ومذمومة كصفات الكذب والخيانة والغش وإذا أردنا أن نبحث في قضية عاشوراء عن أمثلة عملية حول هذه الصفات فسنجد أن صفات الصدق والأمانة متجسدةٌ في الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه وسنجد أن صفة الكذب والخيانة والغش متجسدة في يزيد وعبيد الله بن زياد وأعوانه.

فها هو الإمام الحسين عليه السلام يقف في ساحة المعركة واعظاً للقوم وناصحاً لهم مذكراً لهم بأحاديث النبي الأعظم صلى الله عليه وآله بحقه وحق أخيه الإمام الحسن عليه السلام مؤكداً على صدق كلامه وحديثه:

"فوالله ما تعمدت كذباً مذ علمت أن الله يمقت أهله".

وها هو أيضاً عندما بلغه خبر مقتل مسلم بن عقيل من الكوفة وهو في طرقه إليها، لم يشأ أن يغش أحداً ممن يتبعه، فلعل الكثيرين سيقررون تركه لو علموا الحقيقة لذلك جمع الناس الذين الحقوا بقافلته وأخبرهم بحقيقة الموقف وخبر مقتل مسلم بن عقيل فتفرق عنه عددٌ كبير من الناس ولم يبق إلى جانبه إلا خلص الأصحاب.

وها هي الأمانة تتجسد في سفير الحسين عليه السلام وابن عمه مسلم ين عقيل حيث أرسله الحسين عليه السلام إلى أهل الكوفة ليستكشف موقفهم الحقيقي من الثورة وقد أدى دوره على أكمل وجه وكان أميناً على المهمة التي انتدب لها، ولذلك عندما بايعه الناس وفاق عددهم الثمانية عشر ألفاً بعث إلى الحسين عليه السلام برسالته يخبره فيها ببيعة الناس له ولكنه لم يكن يعلم بما يخفيه أهل الكوفة من الكذب والخيانة والغش وأنهم بمجرد أن يدخل عبيد الله بن زياد إلى الكوفة سينسون كل وعودهم وعهودهم السابقة وسيخونون ابن بنت رسول الله لأجل المال والجاه والخوف على المصالح الشخصية وسيغشون إمام زمانهم وسيغررون به ويدفعونه إلى الموت بأيديهم.

ولذلك عندما قبض على مسلم بن عقيل بعد أن تركه أهل الكوفة وحيداً، فان أكثر ما كان يؤلم مسلماً الرسالة التي بعث بها إلى الحسين عليه السلام والتي تتحدث عن بيعة أهل الكوفة، فقد كان مسلم يبكي وهم يقتادونه إلى قصر ابن زياد، قال له أحدهم: إن الذي يطلب ما تطلب لا يبكي إذا نزل به ما نزل بك. قال له مسلم رضوان الله عليه:

"لست لنفسي أبكي، إنما أبكي لأهلي المقبلين، أبكي لحسين وآل حسين".

أيها الأعزاء

علينا أن نكون حسينيين في أخلاقنا وأن نتخلص من الأخلاق اليزيدية في كل جوانب حياتنا علينا أن نكون أمناء وصادقين في أقوالنا وأفعالنا وان نبتعد عن الغش والخيانة والكذب في كل شؤون حياتنا كي لا يكون مصيرنا وحالنا كمصير يزيد وأعوانه، يجب أن تكون أخلاقنا محمدية علوية حسينية مشبعة بالصدق والأمانة وأن لا تكون يزيدية مشبعة بالكذب والغش والخيانة في البيت والمدرسة ومختلف زوايا حياتنا.

المجلس

ولما أدخل مسلم بن عقيل بعد أن قبض عليه إلى مجلس بن زياد أمر بأن يحمل إلى أعلى القصر فيقطع رأسه ويرمى به من أعلى القصر ففعلوا به ذلك ولم يكتفوا فقد ربطوا جسده الشريف بحبل وجروه في شوارع الكوفة والناس تتفرج على ذلك ولا ترحك ساكناً.

وعندما وصل خبره إلى الحسين عليه السلام، وكان لمسلم بنت صغيرة تسمى حميدة ذهب الإمام الحسين عليه السلام إلى خيم النساء وطلب من أخته زينب أن تأتيه بحميدة، حيث وضعه في حضنه الشريف وراح يمسح على رأسها، أدركت حميدة عند ذلك ما يريد الإمام عليه السلام أن يخبرها به لأن مسح الرأس مستحب لليتيم فقالت له:

"وهل قتل أبي".

ولم يتمالك الإمام الحسين عليه السلام عند ذلك نفسه فجرت دموعه على خديه فعلا بكاء ونحيب النساء فقال لها:

"بني إن قتل أبوك فأنا أبوك".

ولكن المأساة كانت يوم العاشر عندما قتل الإمام الحسين عليه السلام فلم تجد حميدة أبنا حنوناً يحتضنها ويمسح على رأسها.

قصة وعبرة

قيس بن مسهر يحفظ أمانة الإمام الحسين عليه السلام

وصلت رسالة من مسلم بن عقيل إلى الإمام الحسين عليه السلام قبل أن يقتل بسبعةٍ وعشرين يوماً، وفيها الرد الذي انتظره الإمام الحسين قبل التوجه إلى الكوفة مع قيس بن المسهر، وفيها:

"أما بعد، فإن الرائد لا يُكذّب أهله إن جمع أهل الكوفة معك، فأقبل حين تقرأ كتابي، والسلام..".

وعلى ضوء رسالة مسلم عقد الإمام عليه السلام عزمه على التوجه إلى الكوفة، وقد كتب إليهم رسالته الثانية يقول فيها:

"بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن عليّ إلى إخوانه من المؤمنين والمسلمين، سلام عليكم فإنّي أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو (أمّا بعد) فإنّ كتاب مسلم بن عقيل جاءني يخبرني فيه بحسن رأيكم واجتماع ملئكم على نصرنا والطلب بحقّنا سألت الله أن يحسن لنا الصنيع وأن يثيبكم على ذلك أعظم الأجر، وقد شخصت إليكم من مكة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة يوم التروية فإذا قدم عليكم رسولي فانكمشوا في أمركم وجدّوا فإنّي قادمٌ عليكم في أيّامي هذه إن شاء الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

أقبل قيس بكتاب الحسين عليه السلام، وكان ابن زياد لما بلغه مسير الحسين عليه السلام من مكة إلى الكوفة بعث الحصين بن تميم صاحب شرطته حتّى نزل القادسيّة ونظّم الخيل ما بين القادسيّة إلى خفان وما بين القادسيّة إلى القطقطانة وإلى جبل لعلع، قال الناس: هذا الحسين يريد العراق فلما أنهى قيس إلى القادسيّة اعترضه الحصين ابن تميم ليفتّشه فأخرج قيس الكتاب وخرقه فحمله الحصين إلى ابن زياد فلما مثل بين يديه قال له: من أنت؟

قال أنا رجل من شيعة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وابنه.

قال: فلماذا خرقت الكتاب؟

قال لئلا تعلم ما فيه.

قال: وممّن الكتاب وإلى من؟

قال: من الحسين إلى جماعة من أهل الكوفة لا أعرف أسماءهم.

فغضب ابن زياد وقال: والله لا تفارقني حتّى تخبرني بأسماء هؤلاء القوم أو تصعد المنبر فتسبّ الحسين بن علي وأباه وأخاه وإلا قطعتك إرباً إرباً.

فقال قيس: أمّا القوم فلا أخبرك بأسمائهم وأمّا سبّ الحسين وأبيه وأخيه فأفعل (وكان قصده أن يبلّغ رسالة الحسين عليه السلام إلى أهل الكوفة).

فصعد قيس فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وأكثر من الترحّم على عليّ والحسن والحسين ولعن عبيد الله بن زياد وأباه ولعن عتاة بني أميّة ثمّ قال: أيّها الناس إن هذا الحسين بن عليّ خير خَلق الله ابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا رسوله إليكم وقد خلّفته بالحاجز فأجيبوه.

فأمر به ابن زياد فرمي من أعلى القصر فتقطّع فمات، فبلغ الحسين عليه السلام قتله فاسترجع واستعبر بالبكاء ولم يملك دمعته، ثم قرأ:
﴿فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلاً.

ثم قال عليه السلام:

"جعل الله له الجنّة ثواباً اللهم اجعل لنا ولشيعتنا منزلاً كريماً واجمع بيننا وبينهم في مستقرّ من رحمتك ورغائب مذخور ثوابك إنّك على كلّ شيءٍ قدير".