مخطط الجلسة الخامسة

المناسبة:

      مصرع أصحاب الإمام الحسين عليه السلام

عنوان الموضوع المناسب:

      معاني الوفاء والحب والتضحية في أصحاب الحسين عليه السلام

المشكلات المطلوب علاجها والتركيز عليها:

      الصحبة السيئة (كيف نختار الأصدقاء؟)

النقاط الرئيسية للموضوع:


1. من هو الصديق الحقيقي؟

2. الأصدقاء نوعان:أصدقاء خير وأصدقاء سوء.

3. الشروط التي يجب توفرها في صديق الخير.

4. الصديق له حقوق.

5. علاقة الحسين عليه السلام بأصحابه من أروع مواقف الصداقة.

6. علينا أن نبحث دائماً عن صديق الخير ونبتعد عن صديق السوء.


53


المجلس الخامس

الأصحابُ الأوفياء رضي الله عنهم

صلى الله عليك يا سيدي ويا مولاي يا أبا عبد الله، يا مظلوم كربلا ومسلوب العمامة والردا، لعن الله الظالمين لكم، يا ليتني كنت معكم فأفوز فوزاً عظيماً..

القصيدة:
يناجيهم "حسينٌ" باحتــــــراقِ            لماذا اليومَ آثرتم فراقـــــــــي
و نادى يا حبيب لم التجافــــي           أبيننا قطعت سبل التلاقـــــــي
و أنتم يا زهير ويا بريــــــــر            ويا حر ويا كل الرفــــــــاقِ
على الرمضا غدوتم كالأضاحـي         تولَّى ذبحكم أهل النفـــــــاقِ
سلام الله مني يا كــــــــــرامُ             عليكم عند توديعِ الفـــــــراقِ
سأبقى بعدكم فرداً وحيــــــداً             أقاسي الوجد من حرِّ اشتياقــي
لألقاكم لدى الرحمن وفـــــداً             معاً نحيا بود واتفـــــــــــاقِ


55


الموضوع

أيها الأعزاء

صديق الإنسان هو الشخص الذي يمكنه الاعتماد عليه واللجوء إليه في الشدائد، كما أنه الصادق الذي يقدم له النصيحة والمشورة عندما يحتاجها والذي لا يغشه ولا يخونه ولا يخذله.

والإنسان بطبعه كائنٌ اجتماعي،أي انه لا يمكنه أن يعيش وحيداً بعيداً عن أبناء جنسه، فالعائلة هي الإطار الاجتماعي الأول الذي يحتضن الإنسان وعندما ينطلق إلى ساحة الحياة ف المدرسة والشارع والنادي تبرز الصداقة كإطار اجتماعي جديد إلى جانب العائلة في عملية احتضان الإنسان ورعايته.

ولكن الصداقة كما أن لها فوائد وبركات كثيرة تحمل مجموعة من المخاطر والمفاسد وذلك بحسب نوعية الأشخاص الذين نصادقهم ونرتبط بهم فهناك نوعين من الأصدقاء والأصحاب: أصدقاء السوء وأصدقاء الخير.

والمقصود بصديق السوء أو رفيق السوء هو الإنسان الذي نصادقه دون أن نراعي في صداقتنا معه الشروط التي يجب توفرها في الصديق وأهمها:

1. الإيمان والارتباط بالله تعالى.

2. الأخلاق الحسنة والسمعة الجيدة بين الناس.

3. أن يكون موثوقاً يعتمد عليه لا يغش ولا يخذل.

4. الصدق وعدم وجود المصلحة والمنفعة المادية من رواء مصادقته لنا.

5. أن يكون مستعداً وبشكل دائماً لتقديم النصيحة الصادقة والمخلصة لنا في كل مشاريعنا ومخططاتنا وخطواتنا، سواء كانت نصيحته موافقة لرأينا أم مخالفة له.

6. الاستعداد للتضحية في سبيل صداقته لنا بما يقدر عليه.

والصديق الذي نختاره علينا أن نقوم بحقوقه وان نؤديها له وأهمها: الحب والاحترام والمعونة والإخلاص وترك الأذية له وزيارته والنصيحة له وغير ذلك من حقوق الصديق على صديقه.

يبقى أن ننتبه إلى أمر مهم وهو أن أهم رابطة تجمعنا بالآخرين هي رابطة العلاقة بالله تعالى فكلما كانت علاقة صديقنا بالله أكبر كلما كانت محبتنا له وتقديرنا لصداقته وحرصنا عليها أكثر.

ومن الأمثلة الرائعة التي تجسد الصداقة والصحبة الحقيقية العلاقة التي كانت تربط الإمام الحسين عليه السلام بأصحابه رضوان الله عليهم.

كان هؤلاء جميعاً من أصحاب التاريخ العرق في الإيمان والتقوى والشجاعة والصدق والسمعة الطيبة بين الناس وكان بعضهم ممن صاحب النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وشارك في غزوات ومعارك الإسلام الأولى وكانوا أهل التهجد والصلاة وتلاوة القرآن والمشهورين بالزهد والورع والأخلاق الفاضلة والحميدة. وقد جسدوا في كربلاء أبرز أمثلة الوفاء والصدق نحو إمامهم الحسين عليه السلام.

فقد جمعهم ليلة العاشر من المحرم وأذن لهم بفراقه وتركه للمصير المحتوم الذي سيلاقيه فانتفضوا جميعاً كالأسود يبايعونه على الموت دفاعاً عنه وعن حرم رسول الله صلى الله عليه وآله.

جمعهم في سواد ليلة العاشر من المحرم وخطب فيهم قائلاً:

"ان هؤلاء القوم لا يريدون غيري ولو ظفروا بي لشغلوا عن طلب غيري وان هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً وليأخذ كل واحدٍ منكم بيد واحد من أهل بيتي وتفرقوا في سواد هذا الليل".

وكم كانت الصدمة كبيرة بالنسب لهم فكيف لهم للحظة أن
يفكروا بترك امامهم وحيداً غريباً لا ناصر له ولا معين ووقف كل واحدٍ منهم يعبر عما يهيج في داخله من مشاعر الصدق والوفاء: "لو أني أعلم أني اقتل ثم أحرق ثم أذرى في الهواء يفعل بي ذلك ألف مرة ما فارقتك وأسأل عنك الركبان وأخذلك معك قلة الأعوان".

نعم لقد كانوا أنصار الصدق الحقيقيين بالنسبة لإمامهم وسيدهم فلم يخذلوه في وقت الشدة والحاجة، ونحن أيها الإخوة علينا أن نبحث دائما عن الصديق الصالح والمؤمن الصدوق الوفي الذي لا يخذلنا ولا يتركنا في أوقات الشدائد والذي يقدم لنا النصيحة الصادقة والمخلصة الت ي تنفعنا في آخرنا ودنيانا على حدٍ سواء.

المجلس

وليلة العاشر من المحرم كان حبيب بن مظاهر ماراً بالقرب من خيمة السيدة زينب عليها السلام، سمعها تخاطب أاها الحسين عليه السلام قائلة: "هل استعلمت من أصحابك نياتهم؟ فأخبرها الحسين عليه السلام أنه امتحنهم واختبرهم بصنوف البلاء فم يجد فيهم الا الوفي الصادق المضحي".

عندما سمع حبيب ذلك الحديث أراد أن يبرهن على صدق الصحبة والوفاء لأهل البيت النبوي فجمع الانصار وأقبلوا في

مسيرة مبايعة الى خيمة العقيلة زينب عليها السلام ليؤكدوا لها أنهم على عهدهم سيقاتلون دون الحسين عليه السلام حتى تزهق أرواحهم.

وفي يوم العاشر جسد هؤلاء الأصحاب أروع الملاحم البطولية بين يدي الحسين عليه السلام وكان كلما سقط منهم شهيد تلا الحسين عليه السلام قوله تعالى:

"
﴿فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً عند الله أحتسب نفسي وحماة أصحابي".

و عندما سقط مسلم بن عوسجة صريعاً مشى إليه الحسين عليه السلام ومعه حبيب بن مظاهر، فقال له الحسين عليه السلام:
﴿فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً.

ودنا منه حبيب وقال: عزّ عليّ مصرعك يا مسلم أبشر بالجنّة. فقال بصوت ضعيف بشرك الله بخير . فقال حبيب: لو لم أعلم أني في الأثر لأحببت أن توصي إليّ بما أهمّك.

فقال مسلم: أوصيك بهذا - وأشار إلى الحسين عليه السلام - أن تموت دونه.

فقال: أفعل وربّ الكعبة، وفاضت روحه بينهما.

قصة وعبرة

قصة توبة الحر الرياحي

يوم جعجع الحرُّ بن يزيد الرياحي بالحسين عليه السلام في ألف فارس لحسبه عن الرجوع، فاستقبلهم الحسين عليه السلام، فحمد الله وأثنى عليه وقال:

"إنها معذرة الى الله عزّ وجلّ وإليكم، وإنّي لم آتكم حتى أتتني كتبكم، وقدمت بها على رسلكم... أن أقدم علينا فإنه ليس لنا إمام، ولعلّ الله أن يجمعنا بك على الهدى، فإن كنتم على ذلك فقد جئتكم فأعطوني ما أطمئنّ به عهودكم ومواثقكم...".

وبعد صلاة الظهر، أقبل عليهم مرّة أخرى فحمد الله واثنى عليه وصلّى على النبيّ؛ وقال:

"أيّها الناس! إنّكم إن تتقوا الله وعرفوا الحقّ لأهله يكن أرضى لله، ونحن أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم أولى بولاية هذه الأمر من هؤلاء المدّعين ما ليس لهم، والسائرين بالجور والعدوان، وإن أبيتم إلاّ الكراهية لنا، والجهل بحقّنا. وكان رأيكم الآن على غير ما أتتنى كتبكم انصرفت عنكم".

فقال الحر: ما أدري ما هذه الكتب التي تذكرها! فأمر الحسين عقبة بن سمعان، فأخرج خُرجين مملؤني كتباً.

وهي كتب أهل الكوفة تشكو للحسين ظلم يزيد، ويدعونه للقدوم عليهم ليكون إمامهم، وقد جاء الإرشاد الحسيني كاشفاً للحقيقة، وملزماً لإتباع الحق.

وفي "البيضة" قال لهم عليه السلام:

"أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "من رأى سلطاناً جائراً، مستحلاً لحرام الله، ناكثاً عهده، مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول، كان حقاً على الله أن يدخله مدخله"، ألا وإنّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلّوا حرام الله وحرّموا حلاله، وأنا أحق من غيّر. وقد أتتني كتبكم، وقدمت عليّ رسلُكم ببعتكم أنكم لا تُسلموني ولا تخذلوني، فإن أتممتم عليّ بيعتكم تُصيبوا رُشدكم، فأنا الحسين بن عليّ، وابن فاطمة بنت رسول الله، نفسي مع أنفسكم، وأهلي مع أهليكم، ولك فيّ أسوة".

ولا يردّ الوصايا الحسينيّة إلاّ معاندٌ منكرٌ للواقع، أمّا طُلاّبُ الحقيقة.. فقد استقرّت عليها ضمائرهم فبادورا إلى التوبة، ونقلوا رحالهم إلى معسكر الحسين عليه السلام يقاتلون دونه، وكان سيّدهم في هذا مالموقف: الحرّ بن يزيدٍ الرياحيّ، حيث مشى نحو الحسين. منكسراً رمحه، قالباً ترسَه، وقد طأطاً برأسه حياءً من آل الرسول، راففعاً صوته:

يا أبا عبد الله! إنّي تائبٌ، فهل لي من توبة؟

فقال الحسين عليه السلام نعم؛ يتوب الله عليك.

فسرّه قولُه وتيقّن النعيم الدائم. ولم يكتفِ بذلك حتى استأذن الحسين عليه السلام في أن يكلّم القوم، فأذِن له، فنادى بعسكر عبيد الله يعظُهم ويبيّن لهم الحق، إلاّ أنَّ القوم حملو عليه بالنبال.

ولم يكتفِ بهذا أيضاً حتّى نزل إلى ساحة المعركة يدافع عن الإمام الحقّ أبي عبد الله الحسين عليه السلام، فقتل من أعداء الله نيفاً وأربعين، ثمّ شدّت عليه الرجّالةُ غدراً فصرعته، فأبّنه الحسين عليه السلام، وقد حزن عليه؛ فقال: قتْلهٌ مثل قتلة النبيين وآل النبيين. ثم التفت إلى الحرّ – وكان به رمق – فقال عليه السلام له – وهو يمسح الدم عنه -:

"أنت الحرّ كما سمّتك أمّك، وأنت الحرّ في الدنيا والآخرة".