مخطط المجلس السادس

المناسبة:

     مصرع العباس بن علي عليه السلام

عنوان الموضوع المناسب:

     خدمة المؤمنين وإعانتهم – العباس نموذجاً

المشكلات المطلوب علاجها والتركيز عليها:

     طاعة الوالدين وخدمتهم مقابل العصيان وسوء الخلق في المنزل

النقاط الرئيسية للموضوع:


1. الإسلام يدعونا للقيام بالخدمة العائلية والاجتماعية.

2. ماذا تعني الخدمة العائلية؟

3. آداب الخدمة العائلية.

4. خدمة الأبوين وفاء لتضحياتهما.

5. ماذا نعني بالخدمة الاجتماعية؟.

6. أبو الفضل العباس مثال رائع للخدمة الاجتماعية.


65


المجلس السادس

مصرع العباس عليه السلام


صلى الله عليك يا سيدي ويا مولاي يا أبا عبد الله، يا مظلوم كربلا ومسلوب العمامة والردا، لعن الله الظالمين لكم، يا ليتني كنت معكم فأفوز فوزاً عظيماً..

القصيدة:

ومشى الحسين لمصرع العبـــاسِ       وبرى بسيفه زمرة الأرجـــــاسِ
فرآه مقطوع اليدين مجــــــــدلاً         فحنا عليه مقبلاً ومواســــــــي
ناداه يا قمر العشيرة كنت لـــــي        سيفي ورمحي مهجتي وحواسـي
إني بفقدكَ قد فقدت نواظــــري          صبت علي مصائبٌ ومآســــــي
فالآن من يحمي حريمي وفتيتـي         ويرد عني حملة الأنجـــــــاسِ
و الآن من يروي عطاشى عترتــي      يا ذروة الإقدام والإحســــــاسِ
لهفي على نفسي بعيدكَ إننـــــي         كهف السهام وموطئ الأفـــراسِ


67


الموضوع

أيها الأعزاء

يدعونا الإسلام العزيز إلى أن نقوم بواجب الخدمة على المستوى العائلي والاجتماعي، فالخدمة طريق إلى تحصيل الأجر الأخروي وتعبر عن نفس خيرة يحملها الإنسان تدفعه نحو العطاء والتضحية التي لا ينتظر مقابلاً لها.

وقد حدثنا القرآن عن نماذج من هذا العطاء الذي لا يعود على صاحبه بأي جزاء أو مقابل كما في سورة الإنسان عندما قص علينا قصة تصدق أهل الكساء بطعامهم على اليتيم والمسكين والأسير قائلين لهم:

﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُوراً" الإنسان سورة الإنسان، الآيتان 8-9.

والخدمة العائلية أيها الأعزاء تعني وجوب قيام الإنسان بخدمة والديه وأرحامه وإعانتهم ومساعدتهم في تأدية أعمالهم وقضاء حوائجهم، لا سيما إذا كانا ضعيفين أو مريضين أو كبيريين في السن حيث تكبر المسؤولية عندها.

وهذه الخدمة يجب أن يعكر صفوها شيء من التذمر والتأفف والمن والتفضل والكلام المؤذي الذي يشعر الطرف الذي نقوم بخدمته بالألم والتأذي. وعلينا أن ستشعر أيضاً وجوب شكر الخدمات التي يقدمها لنا الآخرون وتقدير تعبهم وشقائهم لأجلنا لا سيما الوالدين اللذان يبذلان الجهد والوقت والراحة في سبيل تحصيل قوتنا ورفاهيتنا ويقومان على خدمتنا دون كلل أو ملل.

ومن دلائل شكر الخدمات التي يقدمها لنا والدينا طاعتهم والإحسان اليهما فيما يرضي الله تعالى وعدم عصيان أوامر هما والإساءة اليهما في القول والفعل وأن نكون محسنين في أخلاقنا وتصرفاتنا اتجاههم.و قد حدثنا القرآن عن أخلاق وصفات الأنبياء عليه السلام التي كانت تتصف بالبر والإحسان إلى الوالدين فقد حدثنا عن النبي يحي عليه السلام وبره بوالديه:

﴿يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً * وَحَنَاناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً * وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيّاً.

وحدثنا على لسان النبي عيسى عليه السلام قائلاً:

﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً * وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً * وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً.

إذاً علينا أن نقوم بواجب الخدمة العائلية والتي من خلالها نبر والدينا ولننطلق من خلالها إلى واجب الخدمة الاجتماعية والتي تتضمن: إعانة الفقراء والمحتاجين والإحسان إلى الأيتام وضعفاء من الناس الذين لا يجدون لها معيناً أو معيلاً وذلك بكل ما أوتينا من قوة وقدرة وكذلك أنشطة خدمة المجتمع والحفاظ على البيئة والنظافة العامة وغير ذلك.

وقد قدمت لنا كربلاء نموذجاً رائعاً للخدمة والاهتمام بالآخرين ألا وهو شخصية المولى أبي الفضل العباس عليه السلام والذي لقب بساقي العطاشى وقمر العشيرة وكفيل زينب وغير ذلك من الألقاب المشرفة.

المجلس

ويوم العاشر من المحرم عندما فتك العطش بالأطفال الصغار في معسكر الحسين عليه السلام وسمع أبو الفضل صراح الأطفال (العطش العطش)، أقبل ناحية أخيه الإمام الحسين عليه السلام مستأذناً منه للخروج إلى المعركة في محاولة لإحضار الماء للأطفال الصغار الذين يتلوون من شدة العطش، وكان عسكر الأمويين قد أحاط نهر الفرات بالجنود بحيث لا يستطيع أحد الاقتراب من الماء ولكن العباس عليه كان وريث أبيه علياً عليه السلام بالشجاعة والإقدام وبمجرد أن اقترب من النهر حتى فرَّ

الأعداء مبتعدين، أقبل العباس عليه السلام إلى الماء، غرف منها غرفة بيده وكان الماء شديد البرودة وكان قلب العباس يتفطر عطشاً، رمى الماء من يده فقد أبت نفسه الكريمة أن يشرب الماء وإمامه الحسين عليه السلام عطشان، ملأ القربة من الماء وعاد نحو الخيام، في الطريق كمن له مجموعة من الأعداء فغدروا به من وراء جذوع النخل، وقت القربة من يديه المقطوعتين وتلقى ضربة على رأسه الشريف فسقط على الأرض منادياً:

" أدركني يا أخي "؟

أسرع الحسين عليه السلام إليه ملبياً ولكن كيف وجده؟ رآه مقطوع اليدين، مرضوض الجبين، السهم نابت في العين، نادى عليه السلام:

"الآن انكسر ظهري، الآن قلّت حيلتي، الآن شمت بي عدوي".

أراد أن يحمله إلى المخيم، فرفض العباس عليه السلام ذلك لأنه كان خجلاً من أن يراه الأطفال وقد عاد إليهم لا يحمل معه ماءً.

تركه الحسين عليه السلام عند شط الفرات وعاد إلى المخيم منحني الظهر فقد هدَّ مقتل العباس عليه السلام ظهره.

قصة وعبرة

ماتوا جميعاً عطشاً إيثاراً منهم على إخوانهم

في غزوة (أحد) صرع نفر من أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وكانت الحياة باقية في أبدان بعض منهم، فأُتي إلى واحد من المصروعين بما يشربه، كي لا يفارق هذه الدنيا عطشاناً فأبى أن يشرب.

وقال: ناولوا الماء لهذا المصروع بجنبي، فلعله أشد عطشاً مني!

أتوا بالماء إلى الثاني فأبى أن يشرب في حين أن بقية المصروعين عطاشى وأشار إليهم أن يعطوا الماء لمصروع آخر يعاني سكرات الموت قائلاً: لعل عطشي يكون اقل من عطشه!


جاؤا بالماء إلى الثالث، فقال: أن في رمق من الحياة؛ فقدموا لذلك الصريع بجنبي فلعله أكثر عطشاً مني.

فذهبوا بالماء إلى الرابع.

وإلى الخامس…

وإلى السادس..

وإلى السابع..

وكلهم يمتنعون عن شرب الماء قبل أخيهم المصروع بجنبهم خوفاً من أن يكون أظمأ منهم ويحولون بالماء إلى الآخر.

فلما وصل الماء إلى الصريع السابع.. حوله إلى ذلك الصريع الأول..

فجاؤا به إلى الأول فلقوه ميتاً..

ثم أتوا به إلى الثاني فإذا هو ميت..

وإلى الثالث..

وإلى الرابع..وهكذا.. إلى السابع

فما وجدوا واحداً منهم حياً!

وفارقت روحهم الدنيا عطشاً من دون أن يذوقوا الماء وإيثاراً وإشفاقاً على إخوانهم!!

هكذا كان المسلمون الأول حتى استطاعوا أن يتربعوا على الحكم العالمي في مدة قليلة.. وقليلة جداً وهم قليلون بواسطة هكذا توجيهات نبوية طبقوها على حياتهم العملية، فلم أصبحنا – نحن المسلمين اليوم – مستعمرين ضعفاء أذلاء، ورغم كثرة عددنا؟