مخطط المجلس الثامن

المناسبة:

     مصرع علي الأكبر عليه السلام

عنوان الموضوع المناسب:

     حب الحسين عليه السلام لعلي الأكبر عليه السلام

المشكلات المطلوب علاجها والتركيز عليها:

     الحب في الله

النقاط الرئيسية للموضوع:


1. ما هو الحب؟

2. من نحب؟

3. لماذا نحب؟

4. من يستحق منا الحب الحقيقي؟

5. النبي الأعظم صلى الله عليه وآله كان مثالاً رائعاً لتجسيد محبة الله.

6. علاقة أهل البيت عليهم السلام بالله علاقة حب.

7. كيف يعبر الإنسان عن حبه لله.

8. الإمام الحسين عليه السلام قدم أروع صور الحب حيث ضحى بكل شيء في سبيل الله.

9. محبة الحسين عليه السلام لعلي الأكبر كانت لأجل شبه أخلاقه بأخلاق النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم.


85


المجلس الثامن

مصرع علي الأكبر عليه السلام


صلى الله عليك يا سيدي ويا مولاي يا أبا عبد الله، يا مظلوم كربلا ومسلوب العمامة والردا، لعن الله الظالمين لكم، يا ليتني كنت معكم فأفوز فوزاً عظيماً..

القصيدة:

والى الحسين أتى علـــــــيٌّ        يسلم طالباً إذن القتــــــــــالِ
فلم يلقَ جواباً غير دمــــــعٍ        على الخدين يجر بانهمــــــالِ
و نادى يا الهي كن عليهــــم       شهيداً قائماً يا ذا الجـــــــلالِ
سَميُّ المرتضى أهوى إليهــم       شبيه المصطفى في كل حــــالِ
يقاتلهم وقد أفنى عديـــــداً          يجدل في اليمين وفي الشمـالِ
و أقبل مسرعاً عطشاً جهيــداً      ينادي يا أبه ضاق احتمالـــــي
فديتك يا عزيز قلبي صبـــراً       على خطب جليل لا تبالــــــي
ستلقى جدك المختار أحمــد        وتغدو عنده في خير حـــــالِ


87


الموضوع

أيها الأعزاء

الحب عاطفة قلبية تشد الإنسان نحو الأشياء، وتارة يكون محبوب الإنسان محبوباً مادياً كالبيت والسيارة والثياب وغير ذلك وتارة يكون محبوب الإنسان إنسانا مثله تربطه به علاقة عاطفية خاصة كحب الولد لأبويه وحب الزوجة لزوجها وحب الأم لأطفالها وغير ذلك أو يكون إنسانا عظيماً له مكانة خاصة في الحياة كالأنبياء العظام والأولياء وغير ذلك.

وتارة أخرى يكون محبوب الإنسان وجوداً معنوياً عظيما كالله تعالى، فالإنسان بفطرته مجبول على حب الله عز وجل، لأن الحب بالنهاية هو عرفان بالجميل أو انجذابٌ نحو صفة جميلة في المحبوب والله تعالى هو أحق من يجب علينا أن نعبر له عن عرفاننا لجميله بواسطة حبنا له، فهو الذي خلقنا وهو الذي ربانا وهو الذي أطعمنا وهو الذي سقانا وهو الذي وهبنا الصحة والعافية والأمن والراحة وسائر النعم التي لا تعد ولا تحصى.

أما صفاته الجميل سبحانه وتعالى فان كل صفة جميلة في هذا الوجود إنما هي شعاع من نور جماله. وعليه فان الحب الحقيقي والفعلي يجب أن يكون منحصراً ومتعلقاً به تعالى دون غيره ولذلك نجد في أدعية ألائمة المعصومين عليهم السلام هذا الوله والتعلق بالله تعالى:

"اللهم هب لي حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربني إلى حبك واجعل حبك أحب الأشياء إلي".

وفي موضع آخر:

"الهي أنا من حبك جائع لا أشبع، أنا من معينك ظمآن لا أروى، آهٍ واشوقاه إلى من يراني ولا أراه".

وقد كانت علاقة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله بالله تعالى على درجة عالية من الحب والتعلق حتى لقب صلى الله عليه وآله من بين جميع الأنبياء بأنه (حبيب الله).

وهكذا كانت علاقة الأئمة المعصومين بالله تعالى لا سيما علاقة الإمام الحسين عليه السلام. فقد كانت علاقة تنم عن العشق والوله بالله جل وعلا.

وأكبر تعبير عن عاطفة الحب اتجاه المحبوب أن تكون مستعداً لتقديم كل ما تملك في سبيل تحصيل رضا المحبوب ولذا كان أنبياء الله تعالى مستعدين لتقديم كل ما يملكون في سبيل رضاه، فعندما أمر الله تعالى نبي الله إبراهيم عليه السلام بتقديم ولده إسماعيل عليه السلام عربون تضحية في رضاه تعالى تدليلاً على الحب الصادق والاستعداد لتقديم كل شيء في سبيله تعالى، لم يتردد إبراهيم لحظة في التعبير عن استعداده وهم بذبح ولده تعبيراً عن صدق محبته لله تعالى ولكن الله عز وجل كان عالماً بصدق عاطفة نبيه فأمره بعدم الذبح.

أما الإمام الحسين عليه السلام فقد قدم أروع صور التعبير عن عاطفة الحب اتجاه الله تعالى فقدم كل ما يملك في سبيله من أهل وولد ومال ونفس فاستحق لقب حبيب الله وابن حبيبه.

ولا زالت كلماته في كربلاء تترد في أسماع التاريخ تعبيراً عن هذا الحب:

الهي تركت الخلق طراً في هواك     وأيتمت العيال لكي أراك
فلو قطعتني في الحب ارباً             لما مال الفؤاد الى سواك

المجلس

وهذا الحب الصادق لله تعالى هو الذي جعل الإمام الحسين عليه السلام ينظر إلى علي الأكبر عليه السلام نظرة الآيس منه فيرخي عينيه بالدموع، لا لأنه ولده بل لأنه أشبه الناس خلقاً وخلقاً برسول الله صلى الله عليه وآله، فهذا هو منشأ محبة الحسين عليه السلام لولده علي الأكبر إنها الأخلاق المحمدية التي كانت متجسدة في علي الأكبر.

عندما برز علي الأكبر الى الميدان نظر اليه الحسين عليه السلام نظر آيسٍ منه وأرخى عينيه بالدموع وقد رفع شيبته نحو السماء وهو يقول:

"اللهم اشهد على هؤلاء القوم، فقد برز اليهم أشبه الناس برسولك".

وما زال يقاتل قتال الأبطال وبينما هو منشغل بمطاردة كتيبة من الجيش ضربه لعين على رأسه الشريف فأرداه فنادى الأكبر:

"عليك مني السلام أبا عبد الله".

فأخذ الحسين عليه السلام يقوم ويقع من شدة المصيبة عليه، ثم اتجه نحو مصرع ولده الأكبر وهو ينادي:

"واولداه، واعلياه. على الدنيا بعدك العفا، أما أنت فقد استرحت من هم الدنيا وغمها وأبقيت أباك لهمها وغمها".

ففتح الأكبر عينيه قائلاً:

"يا أبتاه، هذا جدي رسول الله قد سقاني بكأسه الأوفى شربة لا أظمأ بعدها أبداً".

قصة وعبرة

حب النبي الأعظم صلى الله عليه وآله

نقل الطبرسي في تفسير قوله تعالى:

﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً.

قيل نزلت في ثوبان خادم رسول الله صلى الله عليه وآله وكان شديد الحب لرسول الله صلى الله عليه وآله قليل الصبر عنه، فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه ونحل جسمه فقال النبي الأعظم صلى الله عليه وآله يا ثوبان ما غير لونك؟

فقال يا رسول الله ما بي من مرض ولا وجع غير أني إذا لم أرك اشتقت إليك حتى ألقاك، ثم ذكرت الآخرة، فأخاف أن لا أراك هناك، لأني عرفت أنك ترفع مع النبيين وأني إن أدخلت الجنة كنت في منزلة أدنى من منزلتك وإن لم أدخل الجنة فلا أحسب أن أراك أبدا. فنزلت الآية الكريمة، ثم قال صلى الله عليه وآله:

"والذي نفسي بيده لا يؤمنن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه وأبويه وأهله وولده والناس أجمعين".