مخطط المجلس التاسع

المناسبة:

     مصرع عبد الله الرضيع عليه السلام

عنوان الموضوع المناسب:

     الإنفاق في سبيل الله (تضحيات الحسين عليه السلام)

المشكلات المطلوب علاجها والتركيز عليها:

     التضحية والبذل في الإسلام

النقاط الرئيسية للموضوع:


1. الإسلام يمدح صفة التضحية ويرغب بها.

2. صفة التضحية متجسدة بكثرة في حياة الأئمة عليهم السلام.

3. أهل البيت عليهم السلام يضحون بطعامهم مؤثرين الفقراء على أنفسهم.

4. علينا الإقتداء بأخلاق الأئمة عليهم السلام في التضحية والعطاء.

5. أعظم صور التضحية، التضحية بالأهل والأولاد والنفس.

6. الإمام الحسين عليه السلام جسد أروع صور التضحية.


95


المجلس التاسع

مصرع الرضيع عليه السلام

صلى الله عليك يا سيدي ويا مولاي يا أبا عبد الله، يا مظلوم كربلا ومسلوب العمامة والردا، لعن الله الظالمين لكم، يا ليتني كنت معكم فأفوز فوزاً عظيماً..

القصيدة:

نظر الحسين وحوله الأصحـابُ       قد صرعوا والأهل والأحبـــابُ
رب البرايا والهي وسيـــــدي        هل نال مثلي في الأنام مصـــابُ
إني لأجلك قد بذلت أحبتــــي         ليعود دينك سنةٌ وكتـــــــــابُ
أنزل علي يا الهي سكينـــــــة        عظم البلاء وجارت الأسبــــابُ
و أتى الخيام منادياً في أهلــــه       أين الرضيع لأسقهِ فأجابـــــــوا
اسقوه ماءً يا بغاةُ فانــــــــــه         لم يأتِ ذنباً ما عليه عقـــــــابُ
فسقوه من كأسِ المنية جرعـــةً       هذا لكم يا مصطفين جــــــوابُ
فغدا الرضيع مضرجاً بدمائــــه      يا ويلكم هل أنتم أعــــــــرابُ
والله لن أعطي الدنية صاغـــراً      ولكل عبدٍ موقفٌ وحســـــابُ


97


الموضوع

أيها الأعزاء

التضحية صفة إنسانية رائعة، تنم عن روح كبيرة يتمتع بها الإنسان وأخلاق عالية وشعور نبيل بالواجب اتجاه الآخرين، وقد مدح الإسلام هذه الصفة ورغب بها، فها هو القرآن الكريم يحث عليها وينادي للالتزام بها:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ.

وقال أيضاً:

﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلاَ أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ.

وقال أيضاً
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأرْضِ.

وفي حياة الأئمة عليهم السلام نجد صفة التضحية والإنفاق متجسدة بشكل رائع لا سيما في حياة الإمام الحسين عليه السلام الذي تنقل عنه الكثير من روايات وقصص الإنفاق والجود في سبيل الله تعالى.

ذات يوم مرض الإمامان الحسن والحسين عليهما السلام، فنذر أبوهما الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وأمهما السيدة الزهراء عليها السلام صوم ثلاثة أيام اذا شفيا من المرض.

في اليوم الأول طحنت السيدة الزهراء عليها السلام الشعير وعجنته وحضرت طعام الإفطار، وبعد صلاة المغرب، استعد الجميع لتناول الطعام. وفجأة طرق الباب فقير مسكين، وطلب منهم طعاماً يسد به جوعه، فقدموا له طعامهم وبقوا دون طعام.

في اليوم الثاني صام الإمام علي عليه السلام وزوجته وعندما حان وقت الإفطار، دق بابهم يتيم محتاج، وطلب منهم طعاماً يتغذى به، فقدموا له إفطارهم أيضاً.

وفي اليوم الثالث جاءهم أسير جائع أثناء التهيؤ للإفطار، فطلب منهم طعاماً ليتقوى به، فرق قلبهم له، وقدموا له كل ما عندهم من طعام، وهم يقولون لهؤلاء جميعاً:

﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُوراً.

ودخل عليهم الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله فوجدهم في حالة شديدة من الضعف والتعب، فسألهم عن حالخم، فقصوا عليه ما حصل لهم مع الفقير واليتيم والأسير. ففرح النبي الأعظم صلى الله عليه وآله بأخلاقهم العالية، فدعا الله تعالى أن يوفقهم في دنياهم ويحقق لهم السعادة في آخرتهم، ثم جاء لهم بالطعام.

هذه القصة أيها الأعزاء تصور سيرة أهل البيت عليهم السلام في عطفهم على الفقراء واحسانهم الى المحتاجين حباً وطلباً لرضا الله، فعلينا أن نأخذ منهم الدروس في الاحسان والبذل والعطاء.

فاذا شاهدت في طريقك فقيراً جائعاً، أو طرق بابك يتيم بائس، فعليك أن تساعده بالمال والطعام واللباس، لأن القرش الذي تدفعه الى المحتاجين، سوف يعوضه الله عليك أضعافاً كثيرة، وسوف يبارك الله لك حياتك ويوفر كل ما ترغبه من فرص الرزق الحلال الطيب.

والمؤمن الحقيقي هو الذي يشعر بجوع الفقراء ويشعر بآلام البائسين، فيسعى لسد جوعهم، والتخفيف من آلامهم. والرسول الاعظم صلى الله عليه وآله يقول:

"ليس مؤمناً من بات شبعاناً وجاره جائع".

وأروع لوحات التضحية التي يمكن أن يقدمها الإنسان هي التضحية التي تتجاوز الأمور المادية إلى التضحية بالإنسان، وأرفع أنواع التضحية بالإنسان أن نضحي بإنسان له مكانة وموقع خاص في قلوبنا، ومن هنا جعل الله تعالى التضحية بالأولاد من أسمى التضحيات التي يمكن للإنسان أن يقدمها في سبيل هدف سامٍ والهي.

والإمام الحسين عليه السلام جسد كل مظاهر ومعاني التضحية في سبيل الله والعقيدة والإنسانية جمعاء، فقد قدم عائلته وأولاده وهجر موطنه وأهله وفي النهاية قدم نفسه على مذبح التضحية في سبيل الله.

ومن أعظم التضحيات التي قدمها الإمام الحسين عليه السلام في سبيل الله تعالى (شهادة ولده الرضيع عبد الله).

المجلس

ففي يوم العاشر من المحرم ولما لم يبق إلى جانب أبي عبد الله الحسين عليه السلام أحد من أصحابه وأهل بيته تقدم ناحية الخيام يريد وداع نساءه وأطفاله، فقدم اليه ولده عبد الله الذي كان لا يزال طفلاً رضيعاً، وكان مغمىً عليه من شدة العطش، لما نظر اليه الإمام على هذه الحال حمله وتقدم به ناحية معسكر الأعداء، فناداهم طالباً منهم أن يسقوا رضيعه ماءً لكون الصغار لا يؤاخذون بذنوب الكبار إن كان للكبار ذنوب.

اختلف القوم فيما بينهم، فمنهم من قال اسقوه ومنهم من قال لا تبقوا لهذا البيت باقية – أي لا ترحموا صغارهم ولا كبارهم - عند ذلك عمد حرملة وكان رامياً ماهراً إلى قوسه فثبت فيه سهماً ورمى به نحر الرضيع فذبحه وفاض الدم من عنقه الشريف فأخذ الحسين عليه السلام الدم بيده ورمى به نحو السماء قائلاً:

"أحكم بيننا وبين قومٍ دعونا لينصرونا فقتلونا".

ثم حمل عليه السلام رضيعه مذبوحاً وعاد به إلى المخيم، تلقته والدته الرباب ظناً منها أنه قد ارتوى من الماء، لما تناولته هالها رؤية رضيعها مذبوحاً من الوريد إلى الوريد، مروياً من دم نحره الشريف.

قصة وعبرة

رمَّان الجنّة

يروى ان أمير المؤمنين دخل يوما فاطمة وهي ليست على ما يرام وقد لازمت الفراش، فأحذ رأسها في حجره وقال: يا فاطمة قولي ما تريدين؟

أجابت وهي جوهر الحياء والعفة: لا أريد شيئاً يا ابن العم، فألح عليها الامام عندها قالت: لقد أوصاني أبي ألا اطلب منك شيئاً فربما لم تتمكن من الآتيان به وتخجل، أقسم عليها الامام بحقه أن تطلب منه ما تشتهي فقتالت بما أنك أقسمت عليّ فسأقول، إن أمكن الحصول على رمان فهو ينفعني.

نهض الإمام وغادر الدار ليجلب الرمان وحين سأل اصحابه قالوا ان فصله قد انقضى ولا يوجد الآن الا عند شمعون اليهودي فقد جاؤوا له بعدة رمانات من الطائف قبل أيام.

ذهب الامام الى بيت اليهودي ودقّ الباب ففتحه شمعون وحين رأى الامام قال: يا علي ما الذي دعاك الى ان تشرّفنا بمجئيك الى الدار؟

أجاب الامام: سمعت ان عندك رمانا فجئت اشتري منك واحدة لمريض عندي، قال اليهودي: لقد بعتها جميعا وليس عندي الآن منها شيء، وبما ان الامام كان يعلم بعلم الامامة ان واحدة منها قد بقيت لذا قال له: اذهب وتفحص فربما بقيت واحدة وانت لا تعلم، قال اليهودي انا أعرف ما في داري ولا يوجد رمان، كانت زوجة شمعون تقف خلف الباب وسمعت الحوار فقالت له: لقد احتفظت بواحدة واخفيتها تحت الأوراق دون علمك ثم جاءت بها واعطتها للامام فأعطاها أربعة دراهم ثمنا لها، قال شمعون ان قيمتها نصف درهم، ردّ الامام: لقد احتفظت بها المرأة ذخراً وربما نفعتها يوما فلتكن الدراهم الثلاثة والنصف المتبقية لزوجتك، ثم عاد الامام الى المنزل.

وفي الطريق سمع صوتاً ضعيفاً وأنّة من غريب، تتبع الصوت حتى وصل الى أرض خربة وجد فيها رجلاً اعمى مريضاً قد وضع رأسه على التراب وهو يئن، جلس ذلك الامام الرحيم والرؤوف عنده ورفع رأسه وسأله: يا رجل من أنت ومن أي قبيلة ومنذ متى وانت مريض؟

اجاب: أيها الشاب الصالح أنا رجل من أهل المدائن ثقلت ديوني ولم أجد بداً من ان أركب السفينة وآتي الى المدينة وأنا أقول لنفسي لأذهب الى مولاي أمير المؤمنين علّه يحل مشكلتي ويؤدي عني ديني.

قال: الامام وبم ترغب الآن؟

اجاب لو امكنني الحصول على رمانة فأنا أرغب في ذلك.

قال الامام: لقد جئت برمانة الى مريضي العزيز ولكني لن أحرمك وسأعطيك نصفها، وشرع يضع حب الرمان في فم المريض حتى نفد النصف.

فقال المريض: لو تكرمت عليّ بالنصف الثاني فربما تحسن حالي.

خجل الامام وقال لنفسه: يا علي ان مريضاً فقيراً سقط في هذه الأرض الخربة منقطعاً عن الآخرين أحوج الى الرعاية وربما يسر الله لفاطمة وسيلة أخرى، اعطى الرجل النصف الآخر وعندما انتهى من اطعامه نهض وغادر الخربة الى داره وهو يفكر حتى وصل الدار فخجل من الدخول ويده فارغة، نظر من شق الباب ليرى ان كانت فاطمة نائمة أم مستيقظة، فوجدها تجلس متكئة وأمامها طبق من الرمان وهي تأكل، سرّ الامام غاية السرور ودخل المنزل حين نظر الى الطبق وجد أن رمانه ليس من رمان هذا العالم، وعندما سأل فاطمة عن حالها أجابت عليها السلام: يا ابن العم ما أن غادرت المنزل حتى تعرقت عرق الصحة وفجأة سمعت صوت الباب فذهبت فضة لتفحته ووجدت هناك رجلاً يحمل بيده طبق الرمان هذا وهو يقول ان أمير المؤمنين أرسله لفاطمة.