اليوم العاشر

المسجد

صلّى الله عليك يا مولاي وابن مولاي يا أبا عبد الله، يا غريب كربلاء وسليب العمامة والرداء، يا من دمه غسله والتراب كافور، يا ليتنا كنّا معكم سيّدي فنفوز فوزاً عظيماً.

القصيدة:

مَدى الأيّامِ لا أنسَ حُسيناً                وقد رَضَّت مفاصِلَهُ الخُيولُ

على الرَمضاءِ مُلقىً دونَ رَأسٍ          سَليب الثوبِ مَوتورٌ قَتيل ُ

له تَبكي مَلائكةُ السَماءِ                  ويندبُهُ عَليٌّ والبَتولُ

غَريباً ثَاوِياً في الطَفِّ ظُلمَاً              لهُ الرحمنُ يَغضَب ُ والرسولُ

يقولُ اللهُ يا شرَ البَرايا                  قتلتُم صَفوَتي فمَنِ البَديلُ

يزيدُ الفِسقِ أمْ ابنُ الدَّعِيِّ              عُبَيدُ اللهِ ذا خَطبٌ جَليلُ

بَنو الزهراءِ في قَتْلٍ وأسْرٍ              وأبناءُ البَغايا تَستَطيلُ

جَزاكَ اللهُ في الأخرى ثَواباً             جِوار اللهِ والأجرُ الجزيلُ


65


جاء في الحديث الشريف عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "من مشى إلى مسجد من مساجد الله، فله بكلّ خطوة خطاها حتى يرجع إلى منزله عشر حسنات ومحي عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات".

فالمسجد هو المكان المطهّر الذي نسبه الله إليه، فقال تعالى كما ورد عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ بيوتي في الأرض المساجد، فطوبى لعبد تطهّر في بيته، ثمّ زارني في بيتي، ألا إنّ على المزور كرامة الزائر".

كما أنّ الله سبحانه وتعالى يحبّ من عبده أن يجلس في المسجد، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم يخبر أبا ذرّ الغفاري(رضوان الله عليه) قائلاً: "إنّ الله يعطيك ما دمت جالساً في المسجد بكلّ نفس تتنفّس فيه درجة في الجنّة، وتصلّي عليك الملائكة".

وتعظم الضيافة الإلهيّة للعبد المؤمن حينما يؤدي الصلاة في المسجد، فإنّ كلّ بقعة من بقاع المسجد تشهد على المصلّي يوم القيامة، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "صلّوا في المساجد في بقاع مختلفة فإنّ كلّ بقعة تشهد للمصلّي يوم القيامة".

دور المسجد:

لقد شدّد الإمام الخميني قدس سره على دور المسجد وأهميّته فكان


66


يقول: "إنّ حفظ المساجد من الأمور التي يعتمد عليها وجود الإسلام اليوم". كما كان يطلب قدس سره من المؤمنين ويقول: "لا تهجروا المساجد فإنّ ذلك هو تكليفكم".

إنّ للمسجد دور كبير في حياة الإنسان والمجتمع، وهذا ما أكّدت عليه الكثير من الروايات الشريفة، ويمكن لنا أن نستنج العديد من العناوين من هذه الروايات:

بيت القرآن:
عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّما نصبت المساجد للقرآن".

بيت الصلاة والدعاء:
عن الإمام الصادق عليه السلام: "عليكم إتيان المساجد فإنّها بيوت الله في الأرض.. فأكثروا فيها من الصلاة والدعاء".

بيت العلم:
عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "من راح إلى المسجد لا يريد إلّا ليتعلّم خيراً أو ليعلّمه فله أجر حاجّ تامّ الحجّة".

بيت الأخوة:
عن الإمام الصادق عليه السلام: "لا يرجع صاحب المسجد بأقلّ من أحد


67


ثلاث: (منها) أخ يستفيده في الله".

بيت الدفاع عن المسلمين:
وهذا العنوان أطلقه الإمام الخميني قدس سره حيث قال: "المسجد أحد خنادق الدفاع عن الإسلام، والمحراب محلّ للحرب".

نعم المسجد هو أحد الخنادق، التي تأوي المجاهدين، فالإمام الحسين عليه السلام لم يخرج عبثاً، بل خرج لحفظ الإسلام من الضياع، لحفظ المساجد والصلاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

نعي:

في يوم العاشرمن المحرّم وقف الإمام الحسين عليه السلام وحيداً فريداً بعدما استشهد جميع أصحابه والشبّان من أهل بيته دفاعاً عن الصلاة والصوم والمسجد.. أو فقل عن الإسلام، وقف في ساحة كربلاء ينادي: "هل من ناصر ينصرنا" ولمّا لم يجد أحداً يجيبه لأنّ الناصرين قد استشهدوا وأهل الحقّ قد قتلوا. فما كان من الإمام الحسين روحي وروح العالمين له الفداء إلّا أن توجّه إلى الأعداء وراح يقاتلهم، فقتل منهم عدداً كبيراً، وفرّق جمعهم، ولكنّهم افترقوا عليه أربع فرق فرقة تضربه بالسيوف، وفرقة بالسهام، وفرقة بالرماح، وفرقة بالحجارة، إلى أن


68


جاءه حجر فأصاب وجهه، فانبعث الدم كالميزاب، فجعل الإمام عليه السلام يلطخ به وجهه ولحيته، وهو يقول:"هكذا أكون حتى ألقى جدّي رسول الله وأقول ياجدّاه قتلني فلان وفلان". ثمّ أخذوا يرمون سبط النبي صلى الله عليه وآله وسلم وروح الزهراء عليها السلام بالنبال والرماح، فسقط عن جواده، فأحاطوا به وراحوا يضربونه بالسيوف والرماح حتى أصبح جسده مثخناً بالجراح، وبقي هكذا إلى أن جاءه شمر اللعين وضربه بالسيف ثمّ احتزّ رأسه، فاستشهد روحي له الفداء... رحم الله من نادى: واحسيناه، وا سيّداه، وامظلوماه...

وبعد استشهاد الإمام عليه السلام هجم جيش عبيد الله بن زياد إلى الخيام، فأضرموا فيها النيران وأخرجوا من فيها سبايا.

فنحنُ الضائِعاتُ بِلا كَفيلٍ              ونحنُ النائِحاتُ على أخينا

ونحنُ السائِراتُ على المَطايَا          نُشَالُ على جِمالِ المُبغِضِين

إنّا لله وإنّا إليه راجعون

وسيعلم الذين ظلموا آل محمّد أيّ منقلب ينقلبون

والعاقبة للمتّقين.


69


دعاء يقرأ في ختام كلّ مجلس

اللهم إنّا نسألك وندعوك بحقّ محمّد وآل محمّد، صلّ على محمّد وآل محمّد.

اللهم ارزقنا في هذه الدنيا زيارة الحسين عليه السلام وفي الآخرة شفاعته.

اللهم عجّل فرج وليّك صاحب العصر والزمان الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.

اللهم احفظ علماءنا ومراجعنا العاملين، لا سيّما ولي أمر المسلمين الإمام الخامنئي.

اللهم انصر المجاهدين في سبيلك لا سيّما مجاهدي المقاومة الإسلاميّة.

اللهم ارحم شهداءنا شهداء المقاومة الإسلاميّة، لا سيّما سيّدهم السيّد عبّاس الموسوي وشيخهم الشيخ راغب حرب، وعمادهم الحاج عماد مغنيّة.

إلى أرواحهم وأرواح المؤمنين نهدي ثواب ما قرأنا وثواب السورة المباركة الفاتحة، مسبوقة بالصلاة على محمّد وآل محمّد.


71