اليوم الثالث

إغاثة الملهوف

صلّى الله عليك يا مولاي وابن مولاي يا أبا عبد الله، يا غريب كربلاء و سليب العمامة والردا، يا من دمه غسله والتراب كافور، يا ليتنا كنّا معكم سيّدي فنفوز فوزاً عظيماً.

القصيدة:

وجهُ الصباحِ عَليَّ ليلٌ مظلمُ                وربيعُ أيّامي عليَّ مُحرّمُ

والليلُ يشهدُ لي بأنّي ساهرٌ                إن طابَ للناسِ الرقادُ فهَوَّموا

قلقاً تُقلّبُني الهُمومُ بمَضجَعِي               ويَغَورُ فِكري في الزمانِ ويُتهِمُ

ما خِلتُ أنَّ الدّهرَ مِن عادَاتِه               تُروَى الكِلابُ بهِ ويَظمَى الضَيغَمُ

مثلُ ابنُ فاطمةٍ يَبيتُ مُشَرَّدا ً               ويَزيدُ في لَذَّاتِهِ مُتنعِّمُ

خرجَ الحسينُ مِن المَدينةِ خَائِفاً            كَخُروجِ مُوسى خَائِفاً يَتَكَتَمُ

وقد انجَلَى عَن مَكّةَ وهوَ ابنُها             وبهِ تَشَرَّفَتِ الحَطِيمُ وزَمزَمُ


21


قال الإمام الحسين عليه السلام في العاشر من شهر محرّم: " أما من مغيث يغيثنا؟ أما من مجير يجيرنا؟ أما من طالب حقّ ينصرنا"؟.

لقد اهتمّ الإسلام بخدمة المؤمن وإغاثته في أوقات الشدائد، حتى أنّ بعض الروايات أظهرت أهميّة هذا العمل وفضّلته على الكثير من الأعمال الأخرى.

فضل إغاثة المؤمن:

عن الإمام الصادق عليه السلام: "ما من مؤمن يعين مؤمناً مظلوماً إلّا كان أفضل من صيام شهر واعتكافه في المسجد". وعنه عليه السلام: "قضاء حاجة المؤمن أفضل من حجّة متقبّلة بمناسكها".

ثواب إغاثة المؤمن:

ذكرت الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام أنّ لمغيث المؤمن أجر وثواب عظيمين في الدنيا والآخرة، ومن هذه الروايات:

في الدنيا:
عن الإمام الصادق عليه السلام: "ما من مؤمن ينصر أخاه وهو يقدر على نصرته إلّا نصره الله في الدنيا والآخرة"


22


في الآخرة:
عن الإمام الصادق عليه السلام: "من قضى حاجة لأخيه المؤمن قضى الله عزّ وجلّ له يوم القيامة مائة حاجة من ذلك أوّلها الجنّة".

هذا فيما يتعلّق بالفضل والثواب.

أمّا من ناحية الخذلان، فقد وردت العديد من الروايات التي تذمّ الأشخاص الذين يخذلون إخوانهم.

جزاء خذلان المحتاج: عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام: "ما من مؤمن يخذل أخاه وهو يقدر على نصرته إلّا خذله الله في الدنيا".

لذلك على الإنسان المؤمن أن يعمل جاهداً على قضاء حوائج إخوانه من المؤمنين، لأنّ هذا الأمر محبوب عند الله، والذي يحبّه الله يثيب عليه، وبالتالي نحظى بالجنّة فنكون مع أحبّتنا من الأئمة عليهم السلام والمؤمنين.

وخذلان الإخوان أمر خطير سيّما إذا كانت حاجة المؤمن ملحّة وعاجلة،كما أنّ هناك أسباباً عديدة لخذلان المحتاج خاصّة حينما تكون نصرة المحتاج والملهوف تؤدي إلى القتل والشهادة، ويظهر لنا هذا الأمر في واقعة كربلاء فهناك الكثير ممن تخلّفوا عن نصرة الإمام الحسين عليه السلام منهم عبيد الله بن الحرّ الجعفيّ الذي قال للإمام عليه السلام حينما


23


طلب منه نصرته: والله إنّي لأعلم أنّ من شايعك كان السعيد في الآخرة.. ولكن نفسي لم تسمح بعد بالموت.

نعي:

إنّ أمثال هؤلاء خذلوا إمامهم فويل لهم، وما سيكون موقفهم حينما تسألهم الزهراء عليها السلام عن سرّ تخلّفهم وخذلانهم لولدها الحسين عليه السلام ؟ وماذا سيجيبون؟! فهؤلاء تركوا الإمام عليه السلام الذي ترك مدينة جدّه وانتقل إلى مكّة، ومنها إلى العراق، بعد أن علم أنّ يزيد طلب قتله ولو كان معلّقاً بأستار الكعبة، فأسرع الإمام عليه السلام بالطواف وأحلّ من إحرام الحجّ وجعلها عمرة مفردة- لأنّه لا يريد أن يقتل في بيت الله فتستحلّ حرم الله بدمه عليه السلام-، فخرج إلى العراق ومعه أهل بيته.

وفي هذا اليوم قتل مسلم بن عقيل بالكوفة، وبعدما سمع الإمام الحسين عليه السلام بمقتل مسلم استدعى الإمام حميدة بنت مسلم- وهي طفلة صغيرة- أجلسها الإمام في حجره وأخذ يمسح على رأسها، نعم كان الله في عون سكينة بنت الحسين عليه السلام مساء العاشر من المحرّم، عندما أصبحت يتيمة تبكي وحدها لا تجد من يمسح على رأسها.

أمّا العقيلة زينب أمّ المصائب فكانت تقف حائرة تبكي لليتامى الذين


24


تركهم الحسين عليه السلام بعد أن أصبح جثّة بلا رأس.

قد كنتُ في الحرَمِ المَنيعِ خَبيئَةً             واليومَ نَقْعُ اليَعمُلاتِ خِبائي

ماذا أقولُ إذا التقَيتُ بِشَامِتٍ               أنّي سُبيتُ وإخوتي بإزائي

إنّا لله وإنّا إليه راجعون

وسيعلم الذين ظلموا آل محمّد أيّ منقلب ينقلبون

والعاقبة للمتّقين.


25