الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
الدور التبليغي المتمم للنهضة الحسينية المقدّسة
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

                                                بسم الله الرحمن الرحيم

لاشك ولاريب في أنّ الدور التبليغي الذي قامت به النساء عامّة قبل وحين وبعد واقعة الطف، وعقائل الوحي خاصة، كان له أكبر الأثر والدور في توعية الناس وتعريفهم بحقيقة الأمور.

وبدأ هذا الدور من الكوفة عند ورود سفير الحسين عليه السلام وخذلان أهلها إياه، إلّا المرأة التي كانت تسمّى‏ (طوعة) رضي اللّه عنها، حيث سمحت لنفسها أن تُدخل مسلماً دارها وتضيّفه بأحسن وجه.

ثمّ تلك المرأة التي تأمر ولدها أن ينصر الإمام عليه السلام وتقول له:  "أُخرج فقاتل بين يدي ابن رسول اللّه صلى الله عليه و آله حتى تقتل"، فقال:  أفعل. فخرج.
وقال له الحسين عليه السلام:  هذا شابٌ قُتل أبوه ولعلّ أمّه تكره خروجه.
فقال الشاب:  إنّ أمّي أمرتني يابن رسول اللّه.

وفي هذا الإطار- إطار الفداء والتضحية- يذكر تأريخ كربلاء أنّ أمّ وهب بن عبداللّه بن حبّاب الكلبي كانت في كربلاء، وكانت تخاطب ولده:  قمْ يا بني فانصر ابن بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله. فلم يزل يقاتل...، ثمّ قُطعت يداه، وأخذت امرأته عموداً وأقبلت نحوه وهي تقول:  فداك أبي وأمّي! قاتل دون الطيبين حرم رسول اللّه صلى الله عليه وآله... وبعد أن قتل ذهبت إليه تمسح الدم عن وجهه، فبصر بها شمر، فأمر غلاماً له فضربها بعمود كان معه فشدخها وقتلها.. وهي أوّل امرأة قُتلت في عسكر الحسين عليه السلام.

ولم تزل المرأة الحسينية الغيورة تُبدي وفاءها لسيّد شباب أهل الجنّة عليه السلام، ففي يوم عاشوراء، وبعدما قُتل ريحانة رسول اللّه صلى الله عليه و آله، وأخذ العدوّ يهجم على بنات العترة ويسلب النساء، وقفت امرأة من بكر بن وائل وصرخت في وجوه آل بكر وهي تقول:  أتسلبُ بنات رسول اللّه!؟ لاحكم إلّا للّه! يا لثارات المصطفى.

إنّ شعار (يا لثارات المصطفى‏) الذي رفعته هذه المرأة من قبيلة بكر بن وائل شعارٌ مهم جداً تأريخياً وسياسياً، ذلك لأنّ هذه المرأة الغيورة أدركت أنّ حقيقة المواجهة هي بين الأموية المنافقة وبين الإسلام الذي جاء به المصطفى‏ صلى الله عليه و آله.
وهذا أوّل خيوط الفتح الحسيني:  وهو فصل الأموية عن الإسلام.

وعندما سلب مالك بن نسر (بشير) الكندي برنس الإمام عليه السلام، وأتى‏ به إلى أهله، لتغسله قالت له زوجه- أمّ عبداللّه بنت الحارث-:  أتسلب ابن بنت رسول‏ الله برنسه وتدخل بيتي؟ أخرج عنّي حشا اللّه قبرك ناراً!.
هذا البحث له مصاديق مليئة في واقعة الطفّ، لسنا بصدد استيعابها.

دور نسوة بني هاشم‏:
وأما دور نساء بني هاشم- أعمّ من العقيلة زينب وفاطمة بنت الحسين عليه السلام وأم كلثوم- فلهنّ كلّ الدور في تبليغ الرسالة الخالدة التي كنّ يستشعرن مسؤوليتهن في وجوب الدفاع عنها.

إنَّ الشي‏ء المهمّ الذي كان بنو أميّة يهتمّون به هو أن يعرّفوا للنّاس الإمام الحسين عليه السلام أنّه رجل خارجي، خرج على يزيد في العراق، وسعى ليشقّ عصا الطاعة، وليفرّق كلمة الأمّة.. كان الأمويون يسعون لترسيخ هذه الفكرة في النفوس الضعيفة بعد واقعة كربلاء.
وكان يزيد وعبيد اللّه بن زياد يصرّان عامدين على وصف الإمام عليه السلام بأنّه كذاب.. فهذا عبيداللّه بن زياد يخاطب الأسرى من بني هاشم في قصره ويقول بأنّ اللّه نصر يزيد وقتل الكذاب.

فتقوم زينب عليها السلام وتقول ردّاً على أراجيفه: "الحمدُ للّه الذي أكرمنا بنبيّه محمّد صلى الله عليه وآله، وطهّرنا من الرّجس تطهيرا، وإنما يُفتضح الفاسق ويكذب الفاجر، وهو غيرنا والحمد للّه".

من ثم ننتقل لهاتين الفكرتين:  فكرة بني أميّة بأنّ الحسين عليه السلام كاذب في دعواه! وفكرة العقيلة زينب عليهما السلام:  بأنّ الإمام عليه السلام من شجرة أهل بيت طهّرهم اللَّه تطهيرا.

فنرى‏ أنّ زينب سلام اللّه عليها بعد واقعة الطفّ قامت بكل وجودها أمام الطغاة من بني أميّة لتكشف النقاب عن تلك الوجوه الممسوخة، ولتثبت للناس بأنّ الحسين ابن بنت رسول الإسلام عليهما السلام، وليس كما يزعم الناس بأنه خارجي خرج على يزيد.
والجدير بالذكر أنّ عمّال بني أميّة حينما حملوا رؤوس شهداء الطفّ مع السبايا إلى الشام كانوا كثيراً ما يقولون للنّاس بأنّ الحسين عليه السلام خارجَى خرج على يزيد، وبهذا أرادوا قلب الحقائق للناس، وقد حقّقوا بالفعل تلك النتيجة ولكن لفترة قصيرة جدّاً

مواصلة الرسالة التبليغية في دمشق‏:
كانت دمشق تعدّ مركزاً أساسياً لبني أميّة إذ كان يزيد قد اتخذها عاصمة له، وكان قد أمر بجمع الناس، وأدخلوا سبايا الحسين عليه السلام بوضع فجيع، وكان يزيد يريد أن يستثمر تلكم الحال ضدّ أهل البيت عليهم السلام، لكنّ زينب عليها السلام أدّت رسالتها الخالدة فقامت في نفس المجلس، وهوت إلى جيبها فشقّته!! ثمّ نادت بصوت حزين يقرح القلوب:  يا حسيناه! يا حبيب المصطفى! يا ابن فاطمة الزهراء!
يقول الراوي:  فأبكت واللّه كلّ من كان حاضراً في المجلس! ويزيد ساكت!

وفي الشام أيضاً.. يروي الشيخ الصدوق عن فاطمة بنت عليّ عليها السلام أنها قالت: : لمّا أُجلسنا بين يدي يزيد بن معاوية رقّ لنا أوّل شي‏ء وألطفنا، ثمّ إنّ رجلا من أهل الشام أحمر قام إليه فقال:  يا أميرالمؤمنين! هب لي هذه الجارية تعينني- وكنت جارية وضيئة- فأرعبت وفرقت وظننت أنه يفعل ذلك!

فأخذت بثياب أختي وهي أكبر منّي وأعقل، فقالت:  كذبت واللّه ولُعنت ما ذاك لك ولا له. فغضب يزيد فقال:  بل كذبت! واللّه لو شئت لفعلته.
قالت:  لا واللّه ما جعل الله ذلك لك إلّا أن تخرج من ملّتنا وتدين بغير ديننا.
فغضب يزيد، ثم قال:  إياي تستقبلين بهذا!؟ إنّما خرج من الدين أبوك وأخوك.
فقالت:  بدين اللّه ودين أبي وأخي وجدّي اهتديت أنت وجدّك وأبوك.
قال:  كذبتِ يا عدوّة اللّه.
قالت:  أميرٌ يشتم ظالماً ويقهر بسلطانه.
قالت فكأنّه لعنه اللّه استحيى‏ فسكت....

فزينب حقّاً من أبرز مصاديق:  ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا.

فهي لم تخف من أحدٍ في مجالس الحكّام الطغاة، وكان هدفها إيصال الرسالة المجيدة بأحسن وجه وصورة، ولقد استطاعت أن تبلّغ رسالات الله إلى أعداء اللّه من بني أميّة، فهذا الصراخ والعويل استطاع أن يغيّر كلّ شي‏ء! وما استطاع العدوّ أن يصل إلى أهدافه الشرّيرة!
إذن لنا أن نقول:  لولا وجود زينب، وأمّ كلثوم، وفاطمة بنت الحسين، ولولا خُطبهنّ الساخنة في الكوفة والشام لأخمد بنو أميّة صوت العدالة الإنسانيّة التي رفعها الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء يوم عاشوراء، بحيث لم يبق شي‏ء إسمه كربلاء ولا حسين عليه السلام إلى يومنا هذا!

الامام السجّاد ودوره في كربلاء:
لا شك في أنّ عليَّ بن الحسين عليه السلام كان مريضاً في كربلاء، وذلك لمصالح أشرنا إلى بعضها في هذا الكتاب، ولكنّ ما تجدر الإشارة إليه هو الدور الإعلامي والتبليغي الذي قام به الإمام السجّاد عليه السلام بعد قتل أبيه الإمام الحسين عليه السلام للتعريف بالنهضة الحسينية خلال خطاباته في الكوفة والشام.

فقد كان عليه السلام في الكوفة جنباً إلى جنب مع عمّته العقيلة زينب عليها السلام في الدفاع عن كيان النهضة الحسينية ومواجهة الإعلام الأموي الكاذب الذي كان منتشراً في آفاق العالم ضدّ أهل البيت عليهم السلام.

فحينما دخل الكوفة مع الأسرى‏، ورأى‏ أهلها يضجّون ويبكون، خاطبهم قائلًا : أتنوحون وتبكون من أجلنا!؟ فمن قتلنا.
ويقف عليه السلام أمام الحشود الكثيرة في الكوفة ليؤدّي رسالته الخالدة، فيقول: : أيها الناس! من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أعرّفه بنفسي:  أنا عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، أنا ابن المذبوح بشط الفرات من غير ذحل ولا ترات! أنا ابن من انتُهك حريمه، وسُلب نعيمه، وانتُهب ماله، وسُبي عياله! أنا ابن من قُتل صبراً وكفى‏ بذلك فخراً...

فتبّاً لما قدّمتم لأنفسكم وسَوْءاً لرأيكم! بأيّة عين تنظرون إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله إذ يقول لكم:  قتلتم عترتي، وانتهكتم حرمتي، فلستم من أمّتي!.

كانت هذه الكلمات تصدر عنه عليه السلام والإمام الحسين عليه السلام كان ما يزال مطروحاً في أرض المعركة!.. لقد أراد الإمام السجّاد عليه السلام أن يوجّه أنظار الكوفيين إلى عظم الجرم الذي ارتكبه بنو أميّة، وليقف بكلّ وجوده أمام دعوى أنّ الحسين عليه السلام خارجي خرج على يزيد، ويعرّف أباه الإمام الحسين عليه السلام بأنه ليس كما يزعم بنو أميّة، بل هو من أهل بيت النبّوة ومعدن الرسالة.

الامام السجّاد في مجلس الطاغية ابن زياد:
لمّا أُدخل الإمام عليه السلام مع أسرى‏ أهل بيت النبّوة على عبيداللّه بن زياد في الكوفة، وكان عليه السلام مغلولًا بالحبل، وأراد الملعون قتله، ودارت المشاجرة بين زينب وابن زياد، قال عليه السلام لعمّته زينب عليها السلام:

أسكتي ياعمّة حتّى أكلّمه. ثم أقبل إليه فقال:  أبالقتل تهدّدني يا ابن زياد!؟ أما علمتَ أنّ القتل لنا عادة وكرامتنا من اللّه الشهادة؟.
بهذا المنطق وقف عليه السلام أمام تفرعن ابن زياد وتجبّره وطغيانه...

الامام السجاد في الشام‏:
دعا يزيد بن معاوية خاطبه وأمره أن يصعد المنبر، فصعد الخاطب، فذمَّ الإمام الحسين عليه السلام، وبالغ في ذمّ أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام، فقام إليه الإمام السجّاد عليه السلام وقال له: : ويلك أيها الخاطب! اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق، فتبوَّأ مقعدك من النار!

أمّا في مجلس يزيد فيقول الخوارزمي:  فتقدّم عليّ بن الحسين حتّى وقف بين يدي يزيد وقال:
لا تطمعوا أنْ تهينونا ونكرمكم وأنْ نكفّ الأذى‏ عنكم وتؤذونا فاللّه يعلمُ أنّا لا نحبّكم ولا نلومكم إنْ لم تحبّونا

فقال يزيد:  صدقتَ! ولكن أراد أبوك وجدّك أن يكونا أميرين، فالحمد للّه الذي قتلهما وسفك دماءهما! ثم قال:  يا عليّ! إنّ أباك قطع رحمي، وجهل حقّي، ونازعني في سلطاني، فصنع اللّه به ما قد رأيت!

وفي تفسير علي بن ابراهيم القمي:  قال الصادق عليه السلام:  لما أدخل رأس الحسين عليه السلام على يزيد لعنه اللَّه، وأدخل عليه علي بن الحسين عليه السلام وبنات أمير المؤمنين عليه السلام وكان علي بن الحسين مقيداً مغلولًا، فقال يزيد:  يا علي بن الحسين عليه السلام الحمد لله الذي قتل أباك.

فقال علي بن الحسين عليه السلام:  لعن اللّه من قتل أبي. قال فغضب يزيد وأمر بضرب عنقه عليه السلام. فقال علي بن الحسين عليه السلام:  فاذا قتلتني فبنات رسول الله صلى الله عليه و آله من يردهم إلى منازلهم وليس لهم محرم غيري؟ فقال:  أنت تردهم إلى منازلهم. ثم دعا بمبرد، فأقبل يبرد الجامعة من عنقه ليده. ثم قال له:  يا علي بن الحسين أتدري ما الذي أريد بذلك؟ قال:  بلى تريد أن لا يكون لأحد عليّ منّة غيرك. فقال يزيد:  هذا واللَّه ما أردت فعله. ثم قال يزيد:  يا علي بن الحسين عليه السلام: ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم. فقال علي بن الحسين عليه السلام:  كلا، ما هذا فينا نزلت، إنما نزلت فين:  ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرر.﴿ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ :  فنحن الذين لا نأسى على ما فاتنا ولا نفرح بما آتانا.

قال الخوارزمي:  فقال علي بن الحسين عليه السلام: يا ابن معاوية وهند وصخر! لم تزل النبّوة والإمرة لآبائي وأجدادي من قبل أن تولد، ولقد كان جدّي عليّ بن أبي طالب في يوم بدر وأحد والأحزاب في يده راية رسول اللّه صلى الله عليه و آله، وأبوك وجدّك في أيديهما رايات الكفّار.

ثمَّ جعل عليّ بن الحسين عليه السلام يقول:
ماذا تقولون إذ قال النبيّ لكم        ماذا فعلتم وأنتم آخر الأمم
بعترتي وبأهلي بعد مفتقدي         منهم أسارى‏ ومنهم ضُرِّجوا بدم‏


ثم قال عليّ بن الحسين عليه السلام:  ويلك يا يزيد! إنّك لو تدري ماذا صنعت، وما الذي ارتكبت من أبي وأهل بيتي وأخي وعمومتي، إذن لهربت إلى الجبال، وافترشت الرمال، ودعوت بالويل والثبور، أيكون رأس أبي الحسين بن عليّ وفاطمة منصوباً على باب مدينتكم وهو وديعة رسول اللّه فيكم!؟ فأبشر يا يزيد بالخزي والندامة إذا جُمع الناس غداً ليوم القيامة!.

تلك المواقف البطولية هي التي استطاعت أن تقف أمام التيّارات الهدّامة، فبنو أميّة أرادوا مسخ الإسلام الأصيل، وتوهّموا أنهم بلغوا ذلك الهدف بقتل سيّد شباب أهل الجنّة عليه السلام! ولكنّ مواقف السيّدة زينب، وأمّ كلثوم وفاطمة بنت الحسين سلام اللّه عليه وعليهنّ، وعلى رأسهم سيّد الساجدين عليه السلام منعت العدوّ من أن يصل إلى هدفه الشيطاني.

محمّد جعفر الطبسي - بتصرف‏

02-01-2013 | 05-16 د | 1590 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net