الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مسؤولي البلاد وسفراء الدول الإسلاميّةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في خطبتَي صلاة عيد الفطركلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء جمع من الطلّاب الجامعيّينكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في اللقاء الرمضانيّ مع مسؤولي البلادبِهذا جُمِعَ الخَيرُ

العدد 1612 07 شوال 1445 هـ - الموافق 16 نيسان 2024 م

لَا تُطَوِّلْ فِي الدُّنْيَا أَمَلَكَ

العامل الأساس للنصر مراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِن
من نحن

 
 

 

التصنيفات
القلم والكتابة في مسيرة المبلغين
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم

فيما يلي نتحدث حول أهمية القلم في ساحة التبليغ.


• القلم والكتابة في مرآة الآيات القرآنية:


القرآن الكريم هو الكتاب السماوي الأخير الذي يتضمن الرسالة الإلهية الأساسية والحياتية. واستعمل القلم في القرآن الكريم مرتان بشكل مفرد ومرتان على شكل الجمع.

يخاطب القرآن الكريم الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قائلاً: ﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ1.

توضح الآيات الشريفة المتقدمة موقع القلم وأهميته في ساحة التعليم والتعلم لا بل يمكن اعتبار هذه الأدارة الأكثر أهمية على مستوى التبليغ.

عندما يقسم الله تعالى بالقلم تظهر عظمته وأهميته أكثر فأكثر.

﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ2.

وقد تحدث المعصومون (عليهم السلام) وهم مفسرو الوحي الحقيقيون حول القلم والكتابة نتعرض لذكر البعض منها:

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب فجرى بما هو كائن إلى الأبد"3.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "المؤمن إذا مات وترك ورقة واحدة عليها علم تكون تلك الورقة يوم القيامة ستراً فيما بينه وبين النار"4.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا كان يوم القيامة وزن مداد العلماء بدماء الشهداء فيرجّح مداد العلماء بدماء الشهداء"5.
قال الإمام علي عليه السلام: "كتاب الرجل أبلغ من نطقه"6.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من مات وميراثه المحابر والأقلام دخل الجنة"7.
وقال الإمام الصادق عليه السلام: "على كل جزء من أجزائك زكاة واجبة لله عزَّ وجلَّ... وزكاة اليد البذل والعطاء بما أنعم الله عليك به وتحريكها بكتابة العلوم"8.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "قيدوا العلم. قيل ما تقييده؟ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتابته"9.
عن الإمام الحسن بن علي عليه السلام أنه دعا بنيه وبني أخيه فقال: " إنكم صغار قوم ويوشك أن تكونوا كبار قوم آخرين فتعلموا العلم فمن يستطع منكم أن يحفظه فليكتبه وليضعه في بيته"10.
عن مفضل بن عمر قال: "قال أبو عبد الله عليه السلام: اكتب وبث علمك في إخوانك"11.

تتضمن الآيات والروايات المتقدمة مطالب ونقاط عميقة وهامة يجب دراستها في أماكنها ومع ذلك فهي تؤكد على المقام السامي للقلم والكتابة.

• ساحة القلم

يحتل القلم والكتابة مكانة خاصة في عصر الاعلام بالإضافة إلى حضور هذين الأمرين الواضح في ساحة التبليغ والتبادل الثقافي، وهما أساس بعض الفنون الجديدة كصناعة الأفلام...

ويمكن الاستفادة من القلم في مجالات متعددة على المستوى الكتابي أمثال: الشعر، النثر الأدبي، القصة، الترجمة، المقال... حيث يلعب كل واحد من هذه المقولات دوراً خاصاً في الخطاب.

أما المسألة الهامة في خصوص القلم والكتابة هو أن أدب كل عصر يختلف عن الآخر.

قال الإمام علي عليه السلام: "لا تقسروا أولادكم على آدابكم فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم"12.

يتضح من خلال هذا الحديث الشريف أن العادات والآداب في كل زمان تختلف عنها في زمان آخر وبالتبع ستختلف لغة وكتابة أدبيات كل عصر عن الآخر أيضاً، من هنا يجب على المرء أن يتعلم لغة وأدبيات المرحلة التي يعيش فيها. ومما لا شك فيه أن العالم اليوم يختلف من الناحية الأدبية عن العالم في القرن التاسع عشر، لا بل النصف الثاني من القرن العشرين ليس كالنصف الأول.

أما اللسان والكتابة فهما وسيلتا ارتباط الخلائق فيما بينها ووسيلتا نشر الفكر، ولكل عصر لغة معينة وأسلوب كتابة خاص، ويجب مخاطبة الخلق باللغة والكلمة التي يفهمها. أما كيف بقيت الساحة الثقافية الإسلامية غافلة عن هذا الأمر بحيث لا نرى أي تحول على مستوى اللغة والأدب الذي نتحدث به؟

إن جيل اليوم يعيش مع لغة جديدة وأدبيات جديدة فكيف يمكننا مخاطبتهم بلغة وأدبيات القرون الماضية، لا بل ما زلنا نطبع كتبنا على نفس الوتيرة السابقة وبنفس اللغة القديمة... وكما أن بعض الوسائل التي كانت تستعمل في القديم كالمصباح الزيني أصبح متروكاً كذلك يجب ترك الأسلوب واللغة القديمة لأنها لم تعد تتناسب مع لغة وأدبيات العصر13.

يشير التاريخ المشع للشيعة إلى أن العلماء الذين نهلوا معارفهم من معارف القرآن والعترة لم يألوا جهداً في الدفاع عن الثغور العقائدية والثقافية فشكلوا سداً منيعاً أمام السموم التي كان يطلقها الأعداء. وتؤكد الكتابات التي تركوها والتاريخ الذي سجلوه إلى أنهم استعانوا بأساليب مختلفة ومتعددة للقيام بوظيفة التبليغ.

"كان علماؤنا يتقنون الأدب الفارسي جيداً منذ القرن الرابع إلى الثامن الهجري وكانوا يعرفون اللغة وعناصرها لا بل كان أساتذة الأدب الفارسي والحجة عليه. وكانت الآثار التي تركوها نماذج عن الثقافة الإسلامية الفارسية أمثال: ترجمة تفسير الطبري، تفسير كشف الأسرار للميبدي، تفسير النسفي و..."14.

بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران حصل تحول أساسي على مستوى وظيفة الحوزة العلمية وألقي على عاتق العلماء مسؤولية أكبر وأثقل من السابق.

واليوم وبعد أكثر من ثلاثة عقود على انتصار الثورة نجد أن الشباب الذين يشكلون أكثر من نصف المجتمع قد وجهوا أنظارهم إلينا حيث يتطلعون إلى الحوزة لتأمين احتياجاتهم الفكرية والمعرفية ومن جهة أخرى نرى أن الأعداء قد نصبوا الكمائن للأجيال الجديدة، فالشبهات تنهال عليها من كل حدب وصوب. هنا يجب علينا أن ندقق في مقدار موفقيتنا في تأمين الاحتياجات الروحية والفكرية لهذه الأجيال وكم تمكنا من الاحتفاظ بها على طريق الحق.

"هل بإمكاننا أن نذكر رواية قام بتدوينها مؤلف مسلم ثوري أوضح فيها أصول الثورة بشكل كلي؟ هل يمكنكم أن تدلونا في الشعر والأدب المعاصر اليوم على الروح الثورية الإسلامية الملتهبة التي أوجدت هذه الثورة والتي تعود جذورها إلى تاريخ الإسلام وجهاده وشهادته؟ كم نتمنى عندما يقال هناك معرض لمجموعة آثار تعود إلى أدبيات الثورة، أن نعود بأيدي مليئة ولكن... دعني أترك هذا الكلام"15.

أما قائد الثورة العظيم الإمام روح الله الموسوي الخميني (قده) ذاك القائد الفذ فلم يدع فرصة إلا وتوجه إلى الحوزويين طالباً منهم الاستعانة بالقوالب التبليغية الجديدة وهو من أصحاب اليد الطولي في مطالعة آثار العظماء، يقول: "نحن لا نمتلك شيئاً على مستوى الرواية والقصة، ونحن في الداخل لا نمتلك شيئاً من تلك الأعمال الكبيرة التي تحصل بين شعوب البلدان الأخرى"16.

ويقول: "الثورة الإسلامية يمكن تصديرها بواسطة الفن والأدب بشكل أسهل وأصدق من القوالب الأخرى"17.

نحن نعاني من خلاء كبير وعلينا العمل لايجاد حلول مناسبة، وينبغي أن نعمل بشكل أكثر جدية من المرحلة السابقة لرفع النقص في المجالات التي أشرنا إليها.

أما الحوزات العلمية والتي هي من أكثر المراكز اهتماماً بالبحث والتحقيق والدراسة العلمية فيجب عليها أن تعيد نشاطها بحيث تبقى بعيدة عن لغة العصر وأدبياته لأن هذا الأمر لن يؤدي إلا إلى الانزواء والابتعاد عن الأهداف الحقيقية. لذلك يجب على الحوزويين العمل بشكل منطقي وتعلم مهارات الكتابة والفنون الأدبية لتتقدم مع النمو العلمي الموجود اليوم.

أما النصوص الدراسية الحوزوية والحواشي التي كتبت عليها فإنها جميعها تدفع الإنسان وبشكل غير مباشر إلى الغفلة عن عالم الفنون الأدبية والكتابية، ومن جهة أخرى فإن الذوق الأدبي والكتابي للمراحل السابقة قد بدأ بالتراجع وإلى درجة كبيرة، وإذا لم يكن الشخص ذا ذوق أدبي فهو بعيد عن الأجيال التي يعيشها بينها اليوم. وهذا يعني أن تبليغ المبلغ لن يكون مؤثراً، وأن المبلغ لن يتمكن من إقامة علاقة مؤثرة مع مخاطبيه.

"إن أحد الأسباب الأساسية التي دفعت العلماء في الماضي لمطالعة الآثار الأدبية والشعر هو هذا الأمر، أي تلطيف الذوق وتوسيع الأفق.

كان السيد المرتضى وهو من كبار علماء الشيعة في النصف الأول من القرن الخامس الهجري يقيم مجلساً يتناول فيه الأدب والنقد الشعري. وهناك الكثير من العلماء من الذين قدموا أعمالاً أساسية وهامة على مستوى الشعر والأدب مع أنهم كانوا فقهاء ومحدثين ومفسرين..."18.

"من الضروري لكل عالم دين ومبلغ ديني في إيران تعلم الأدب ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ19 والرسول الذي وظيفته التبليغ والتعليم عليه أن يتعلم لغة وأدب قومه وتبرز المسألة عند المؤلفين على وجه الخصوص"20.

وإذا قبلنا بأن اللغة والأدب في حالة تطور مستمر وإن كل جيل يقبل الأدب الخاص بزمانه وأن الشباب في حالة شوق وعطش للآثار الفنية وأن الشعر والقصة والرواية والنثر الأدبي هي أساليب تساهم في ارواء عطشهم... هنا يصح أن نوجه السؤال التالي: ماذا فعلنا وماذا قدمنا من آثار أدبية وفنية لنقدمه للشباب؟

أما الآثار الكتابية التي بين أيدينا فهي من جهة غير كافية وغير جذابة لعدم امتلاكها القوالب الفنية الجذابة المناسبة للعصر الذي نعيش فيه.

• حلول عملية

إن الالتفات إلى ما تقدم من نقاط يدفعنا للقول بأن على الحوزة العلمية أن تعمل بشكل جدي على ترويج الكتابة والتعرف على الأدب المعاصر وعليها بايجاد برامج لذلك تبدأ مع الطالب من السنوات الأولى لدراسته ليظهر استعداد أصحاب الأذواق الأدبية فيبادروا إلى العمل والكتابة ومواكبة الأدب المعاصر. ولا يجب أن نغفل عن أهمية إقامة جلسات النقد والتحليل طوال المرحلة الدراسية حيث تضيف إلى المستعدين قدرةً واستعداداً أكبر.

وينبغي اعداد الظروف المناسبة لترويج الكتابة على أساس أن الكتابة تحتاج وقبل كل شيء إلى التمرين والتكرار أكثر من حاجتها إلى المسائل النظرية، وهنا نشير إلى بعض النقاط العملية في هذا الخصوص:

ألف القراءة:
الكتابة تفرض على الشخص أن لا يدع القراءة والمطالعة، وأن لا يبتعد عنها. وهذا يعني أن على الكاتب أن يضيف إلى مخزونه الكلمات والعبارات الجديدة حيث يساهم هذا الأمر في مواكبة العصر الجديد.

ب الاستماع:
كما تحتاج الكتابة إلى المطالعة فهي تتطلب الاستماع إلى ما يقرأ من آثار أدبية وتعابير وألفاظ ومفاهيم محببة لدى القلب ليحصل الأنس بها وبالتالي ليمكن استعمالها في الآثار التي نكتبها. ومن المناسب هنا الاستماع إلى البرامج الأدبية التي تبث عبر الاذاعة والتلفزيون وكذلك الخطب والمواعظ الجذابة.

ج الكتابة:
ما تحدثنا عنه عبارة عن مقدمة للكتابة، فالكتابة هي ثمرة المطالعة والاستماع. وأما أن يصبح الشخص كاتباً من الدرجة الأولى فهذا يحتاج إلى كتابة وتمرين. هناك الكثير من الأشخاص الذين يتقنون قواعد اللغة لا بل والبعض يدرّسها إلا أنه عاجز عن كتابة نص أدبي. والسبب في ذلك أن هذا الشخص لا يعير الكتابة الأهمية المطلوبة.

وعندما يأخذ الشخص القلم لأول مرة فمن الصعب جداً أن يعبر عما في ضميره بأسلوب أدبي جذاب ولكن ذلك يصبح سهلاً مع التكرار والتمرين.

الخطوة الأولى: قبل أن يمسك الكاتب القلم عليه أن يوجه عدة أسئلة إلى نفسه ثم يعمل على تقديم اجابات لها، والأسئلة هي:
الأول: ماذا أكتب؟ وهذا يدفعه إلى معرفة الموضوع بشكل جيد.
الثاني: لماذا أكتب؟ حيث يتضح له سبب الكتابة وهذا يجعل الدافع للكتابة عنده قوياً.
الثالث: لمن أكتب؟ وهنا يتمكن الكاتب من تحديد مخاطبه، فيكتب بناءً على حاجته.
الرابع: كيف أكتب؟ هنا يحدد الكاتب الاطار الخاص بما يكتبه، فيقرر أي القوالب أكثر تناسباً لتقديم معلوماته.
الخامس: ما هي الظروف والأوضاع التي سأكتب بها؟ وهنا يلتفت الكاتب إلى الموقع الذي يعيش فيه ويأخذ بعين الاعتبار الظروف الخاصة بالبيئة المحيطة به21.

* ف. خسروي


1- سورة العلق، الآيات: 3 5.
2- سورة القلم، الآية: 1.
3- بحار الأنوار، ج57، ص374.
4- المصدر نفسه، ج2، ص144.
5- المصدر نفسه، ج2، ص16.
6- على شاطئ الكلام، السيد أبو القاسم حسيني، ص269 نقلاً عن الغرر والدرر.
7- المصدر نفسه، ص268 نقلاً عن المستطرف في كل فن مستظرف، ص47.
8- بحار الأنوار، ج96، ص7.
9- ميزان الحكمة، ج8، ص324.
10- المصدر نفسه.
11- المصدر نفسه، ص321.
12- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج20، ص267.
13- الأدبيات والالتزام في الإسلام، محمد رضا حكيمي، ص13.
14- المصدر نفسه، ص18.
15- مع أصحاب القلم، جواد محدثي، ص18.
16- رسالته إلى مؤتمر الشعر والأدب الثاني، صحيفة الجمهورية الإسلامية، 28/9/1364هـ.ش.
17- لقاء مع أعضاء مركز التربية الفكرية للأطفال والناشئة، ص238.
18- الأدبيات والالتزام في الإسلام، محمد رضا حكيمي، ص9.
19- سورة إبراهيم، الآية: 4.
20- الأدبيات والالتزام في الإسلام، محمد رضا حكيمي، ص9.
21- لمزيد من المعلومات راجع كتاب: على شاطئ الكلام، السيد أبو القاسم حسيني.

24-07-2013 | 10-12 د | 2237 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net