الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
الحرية في الغرب
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق
 

بسم الله الرحمن الرحيم

لقد مرت فكرة الحرية في الغرب بعدة مراحل، بدأت بالتمرد على قوانين الكنيسة الصارمة، والممسكة بكافة مرافق الحياة، بعدما وجد العلماء وسائر الناس أنها معادية للعلم والفكر، وزادت من الضغوط عليهم، والتضييق على حركتهم العلمية، والسياسية والاجتماعية وغيرها، مما ادى إلى انفجار اجتماعي يدعو إلى الحرية في مختلف الميادين، وكانت نواته وجوهره حرية الفرد، في بعدها الذاتي والنفسي.

ثم ظهر بعد الثورة الفرنسية أن مثل هذه الدعوات لا تتصف بالكلية والعموم، ذلك أن هذه المفاهيم قد تنقلب إلى أضدادها، فتتحول إلى مشكلة بعدما كانت تعتبر حلا لمشاكل الإنسان، وتصير عقبة أمام تحقيق إنسانيته ورقيه.

وهكذا ظهر مفهوم جديد للحرية، بعد طي عدة مراحل في فهمها، يبحث عن قدرة الفرد على المغايرة والاعتراض والمنافسة والتسابق، بعدما نشأت الدولة الحديثة القائمة على الاقتصاد الصناعي الموجه، ومفهوم المساواة وما أشبه ذلك من مفاهيم مستحدثة في الحياة المعاصرة، فنتج ما يسمى بالحريات الأربع، التي يقوم عليها النظام الغربي عموما، وهي: الحرية الشخصية والحرية الفكرية والحرية الاقتصادية والحرية السياسية.

ونلاحظ أن هذا الترتيب قد نشأ وتطور في أوروبا الحديثة، منذ نهاية الحكم الكنسي وحتى يومنا هذا كما مرت الإشارة إليه، الأمر الذي يحكي ويؤشر، ولو إجمالا، إلى المراحل التي مرت بها فكرة الحرية في المجتمع الغربي على العموم، وهي على الرغم من تسلسلها التاريخي، إلا أنها صارت بمثابة المقدسات في الفكر الغربي المعاصر.

إن منطلق الحرية في الغرب، وفي مختلف مراحلها وجهاتها، هو الفرد وحده، فهو المسئول عن نفسه، يفعل بها ما يحلو له، بمعنى أن له سلطة مطلقة على هذه الذات، لا يحق لأحد أن يمنعه أو يحرمه حق التصرف فيها كما يريد، وهذا الأمر ينجر إلى كافة أبعاد الذات، الاقتصادية منها، والسياسية، والفكرية، والشخصية، وأطلق العنان لهذه الجهات أو الأبعاد، فنتج عن ذلك عبودية من نوع آخر، تتلخص في عبادة الذات والأهواء والمال والسلطة، مما ينعكس بالضرورة سلبا على شخصية المرء نفسه، ضعفاً وصغاراً أمام هذه القوى العملاقة، والتي تنشدها النفس بطبيعتها وترنو إليها، فيسعى إلى تحقيقها بكل ما أوتي من قوة ودهاء، وإن كان بطرق ملتوية على حساب الآخرين ومصالحهم.

وهكذا تنقلب الحرية في المفهوم الغربي المعاصر إلى عبودية للذات والأهواء والرغبات والغرائز، تؤدي إلى الانحلال والتفكك الاجتماعي، كما تؤدي إلى انفصام خطير في الشخصية الإنسانية، لإفراغها البعد الروحي من محتواه الواقعي، وتعطله عن التأثير الإيجابي فيها، مع كونه متأصلا في الذات، مما أدى إلى موجة الشك العارم، وحرمت الإنسان نعمة الاستقرار والهناء، وهما من أعظم مرادات النفس وغاياتها.

وهذا ما يفسر كثرة وقوع الجريمة والانتحار، والعقد النفسية، وتحلل الروابط الأسرية والعائلية، في المجتمعات الغربية.

وبناء عليه، فيصح وصف الحرية في مفهومها الغربي، بأنها حرية لا واعية ولا مسئولة، لأن المحرك فيها قوى النفس، ورغباتها، دون اعطاء العقل حقه في تحريكها.


* سماحة الشيخ حاتم إسماعيل

21-02-2014 | 14-32 د | 2180 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net