الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مسؤولي البلاد وسفراء الدول الإسلاميّةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في خطبتَي صلاة عيد الفطركلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء جمع من الطلّاب الجامعيّينكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في اللقاء الرمضانيّ مع مسؤولي البلادبِهذا جُمِعَ الخَيرُ

العدد 1612 07 شوال 1445 هـ - الموافق 16 نيسان 2024 م

لَا تُطَوِّلْ فِي الدُّنْيَا أَمَلَكَ

العامل الأساس للنصر مراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِن
من نحن

 
 

 

التصنيفات
القصة وموقعها في العمل التبليغي
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم

هناك الكثير من الأعمال الفنية والأدبية الموجودة في عالمنا المعاصر والتي لا يمكننا الغفلة عن مدى تأثيرها وجذابيتها عند الناس. وفي الكثير من الحالات يقوم الفنانون باستشارة مبلغي الدين فإذا وجدوهم أصحاب آراء هامة جعلوهم مستشارين في أعمالهم الفنية. وعلى هذا الأساس يمكن القول أن معرفتنا بالقوالب التبليغية المختلفة أمر هام وضروري. ولعل من الأفضل الاشارة إلى هذه المسألة من خلال حادثة قصيرة.

منذ مدة طلبت مني مجموعة المسرح في إحدى القرى، إعطاء رأيي في مسرحية لأحد المؤلفين المسيحيين تحمل عنوان "الحياة الأبدية". وقالوا: نرغب أن تعطينا معلومات حول قالب ومضمون هذا النص على أساس أنه يتعلق بقضية المعاد. في البداية قدمت أفكاراً كلية ثم طالعت النص فوجدت فيه اشكالات هامة وأساسية على اعتبار أن المؤلف مسيحي حيث أن الأفكار التي قدمها لا تتناسب مع الاعتقادات الإسلامية، فلو تم اجراء المسرحية لأدت إلى وجود اشكالات وشبهات متعددة حول المعاد.

إقترحت عليهم اجراء بعض التغيرات في الشكل والمضمون والشخصيات مما يجعل المسرحية تتناسب مع الدين الإسلامي.

كان هذا نموذجاً صغيراً لعشرات النماذج التي يتم تنفيذها في إيران والتي تحمل اشكالات على مستوى القالب والمضمون. فما هي المسؤولية التي يجب أن نطلّع بها للحؤول دون وجود هذه الاشكالات؟

فيما يلي نشير إلى أحد القوالب الكتابية.

* القصة.

موقع القصة في حياة الإنسان:
 إن الاستماع والاصغاء إلى القصص واحدة من الأمور التي زرعت في جبلة الإنسان منذ نعومة أظافره وتستمر معه حتى مراحل متقدمة من حياته. والسبب في ذلك كما تؤكد الدراسات علاقة الإنسان ورغبته في التعرف على مصير ابطال القصص، على اعتبار أن الإنسان يبحث بشكل لا إرادي عن أوجه شبه بين مصير ابطال القصة وحياته الشخصية. فهل من الممكن أن تتطابق بعض الحقائق المذكورة في القصة مع حياته الشخصية؟

إذا راجعنا الأدب الفارسي لا بل الأدب الموجود بين جميع الأمم والشعوب لوجدنا أن هناك وجوداً للأساطير والقصص والحكايات، وقليلاً ما نجد مجتمعاً لا يمتلك حكايات اجتماعية وبطولية ودينية1...

طبعاً هذا لا يعني عدم وجود مجموعات أو أشخاص لا ينظرون إلى القصة وكتابتها بعين الاستخفاف، بل هذه المجموعات أو الأشخاص كانوا موجودين على مَرّ التاريخ، ولكن الحقيقة غير ذلك. والجميع يعلم أن قصص وحكايات القرون الماضية قد تركت آثاراً عميقة على البشر، وهذا ما غفل عنه أصحاب النظريات المخالفة.

القصة تحاكي فطرة الإنسان، لذلك نرى الطفل ينجذب إلى سماعها، لا بل في الكثير من الحالات يطلب من والديه اخباره بقصة ما. وبالإضافة إلى أن القصة تحاكي الفطرة، فهي وسيلة تمكن الشخص من ايصال ما يريد إلى الآخرين بلغة سهلة وبسيطة2.

القصة في الرؤية الدينية3:
لعل من أبرز الأعمال والدراسات التي بدأنا نشاهدها في الفترة الأخيرة والتي تتناول القرآن الكريم، دراسة اعجاز القرآن الكريم من جهة ما يتمتع به من فن على مستوى كتابة القصة. ويمكن اعتبار كتابة القصة أهم فن يجري الحديث عنه في العالم المعاصر لما يتركه من آثار هامة وكبيرة في الحياة الاجتماعية. واليوم يشعر البشر بمدى الحاجة إلى امتلاك ما يؤدي إلى وجود حياة روحية هادئة بعد الغوغاء والضوضاء الكبيرة التي أحدثتها الحياة المدنية الجديدة، فكانت القصة إحدى الوسائل الناجعة في ذلك، وعلى هذا الأساس كان تطور القصة أحد أبرز السمات التي يمكن مشاهدتها في هذا العصر. وتشير بعض الدراسات الجديدة إلى أن التقدم الصناعي في الدول الغربية لم يتمكن من القضاء على تذوق القصة سواء لجهة القراءة أو الكتابة او الاصغاء، لأن هذه المسألة ترتبط بشكل عميق بالجوانب الروحية في حياة الإنسان.

صحيح أن بعض الشعب وبعض الأشخاص يعتبرون القصة وسيلة للتسلية وللترفيه إلا أنه يجب الاعتراف أن القصة وسيلة أيضاً للتعليم، على أساس أن القصة تحتوي على نقاط تعليمية غير مباشرة. وهذا ما نشاهده في القرآن الكريم عندما تحدث عن القصص وأهميتها ودورها في هداية الناس واصلاح سلوكهم: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ4.

وإذا دققنا بعض الشيء في الكتب السماوية لوجدنا الكثير من القصص التي يراد منها ايصال المفاهيم والمقاصد الدينية بلغة يفهمها الناس ويتأثرون بها، وهذا يضمن الهداية والارشاد للمستمعين.

من جهة أخرى نرى أن القرآن الكريم نقل بعض القصص الأخرى حيث أراد استعمالها والاستفادة منها لاثبات مجموعة من الأمور من أبرزها اثبات التوحيد والوحي والرسالة والوحدة الدينية واصلاح المجتمع و...

طبعاً ما يميز القرآن الكريم عن سائر الكتب السماوية الأخرى أنه يتمتع بخصائص فنية وأدبية راقية، بحيث لو نظرنا إليها من وجهة نظر فن كتابة القصة لظننا بأن تلك القصص جاءت فقط لبيان الأهداف الفنية والأدبية للقرآن الكريم، والواقع غير ذلك، لأن القرآن الكريم قد استخدم الصناعات الأدبية كوسيلة لتحريك الوجدان الديني عند الناس. من الواضح أن جعل الناس يرتضون ويقبلون المفاهيم والتعاليم الدينية يتوقف على ايصالها لهم بلغة يفهمونها وتتناسب معهم.

وقد اهتم العلماء المسلمين منذ القديم بهذه الحقيقة وأدركوا مقدار الأثر الذي تتركه على الناس، لذلك أوصوا الناس بمطالعة القصص والاستماع إليها.

بناءً على ما تقدم فإن لجوء العلماء إلى أسلوب القصة يجعلهم أكثر توفيقاً في الهداية والارشاد. وقد ظهر العديد من المفسرين الذين بدأوا يقدمون القرآن الكريم بلغة قصصية سهلة وبسيطة حيث يمكن الاشارة إلى الدور الذي لعبه المفسرون الخراسانيون5.

تحدث القرآن الكريم حول فلسفة قصص الأنبياء والماضين واعتبر أن ذلك يكمن في التفكير حول حالاتهم ومصيرهم: ﴿فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ6.

ويقول الإمام علي (ع) حول حياة المتقدمين: "تدبروا أحوال الماضين من المؤمنين قبلكم"7.

يمكننا من خلال القصة أن نتحدث حول حياة الماضين بشكل جميل وجذاب لنجعلهم مرآة تقتدي بها الأمم على مَرّ التاريخ. ثم إن القرآن الكريم يتحدث في مكان آخر حول الهدف من الأخبار بقصص أنبياء الله تعالى فاعتبر أن ذلك سبباً لقوة القلب...: ﴿وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَـذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ8.

صحيح أن للقصة أهمية خاصة في الإسلام إلا أنها ما زالت مجهولة لا يستفاد منها في أوساط المبلغين. يقول الإمام القائد في هذا الخصوص: "ما يؤسف له أننا ما زلنا متأخرين على مستوى فن كتابة القصة في اللغة الفارسية، وهذا لا شك فيه. وإذا دققنا في القصص الفارسية لوجدناها ما زالت غافلة ومتأخرة عن العديد من الأساليب الفنية، فلو تأخرنا وغفلة عن فن السينما، فلا ضير في ذلك لأن هذا الفن مستورد أما فن القصة فليس بمستورد..."9.

"إن وضع كتابة القصة ليس حسناً، أي أن تطورها كان قليلاً. نحن لم نشاهد وجود كتَّاب قصة مبدعين في إيران منذ القدم مع أن هذه الصنعة كانت موجودة قديماً"10.


1- الدكتور نادر وزين بور، على عرش الكلام، الخلاصة، ص241 ـ 244.
2- دراسة في التجليات الفنية للقصص القرآنية، ترجمة محمد حسين جعفر زاده، ج2، ص7.
3- المصدر نفسه، ترجمة موسى دانش، ج1، ص10 ـ 11.
4- سورة يوسف، الآية: 111.
5- دراسة في التجليات الفنية للقصص القرآنية، ترجمة محمد حسين جعفر زاده، ج2، ص8 ـ 9.
6- سورة الأعراف، الآية: 176.
7- نهج البلاغة، الخطبة 192.
8- سورة هود، الآية: 120.
9- الموعظة الحسنة، ارشادات الإمام القائم في مجال التبليغ، ص111.
10- المصدر نفسه.

12-05-2014 | 14-17 د | 1477 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net