الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1613 14 شوال 1445 هـ - الموافق 23 نيسان 2024 م

غزوةُ أُحد يومُ بلاءٍ وتمحيص

خيرُ القلوبِللحرّيّة قيودٌ من القِيَممراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
الإمام المهدي (عجّل اللّه فرجه الشريف) وفقه التشريعات
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم

الفرق بين الفقه النظمي وفقه التشريعات
قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْىِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ1، وقال سيد الشهداء(عليه السلام): "فلعمري ما الإمام إلاّ العامل بالكتاب، والقائم بالقسط، والدائن بدين الحق، الحابس نفسه على ذات الله"2.

يتميّز فقه نظام الدولة عن فقه التشريعات العامّة أنّ فقه التشريعات العامّة يرتكز على مبادىء قد تدركها الفطرة، وتدرك بالنصوص البيّنة المحكمة، فتكون بيّنة مستبينة، وأمّا قوانين النظم والأنظمة، وربّما يعبّر عنها بالفقه الدستوري أو الفقه النظمي والفقه البرلماني أو الفقه الوزاري، ففيه صعوبة أكثر من فقه التشريعات العامّة; لأنّ فقه التشريعات العامّة كلّ باب مستقل فيه بنفسه يراعي المصالح المذكورة في ذلك الباب لا غير، فمثلا: باب الأُسرة يراعي مصالح الأُسرة، وباب المعاملات يراعي المعاملات، وباب الجنايات على حدة، والقضاء على حدة، والجهاد على حدّة، والعبادات على حدة، وباب الاجتهاد والتقليد والمصادر الدينية على حدة، أمّا التلاحم والتنسيق والملائمة بين هذه الأبواب فهو من اختصاص فقه النظم والفقه الدستوري، حيث يبحث في كيفية تطبيق الأبواب بحيث لا تتصادم مع بعضها البعض، ولا تتزاحم مع بعضها البعض.
 
مهمّة الفقه النظمي الملائمة بين الثابت والمتغيّر:
والفقه النظمي ينطوي على تعقيدات وصعوبات، وهو يلاحظ الأهداف التي يهدف إليها التشريع العام مع متغيّرات البيئة التي تختلف من مكان إلى مكان، ومن زمان إلى زمان، ومهمّته الملائمة بين الثابت والمتغيّر بحيث لا يجرفه المتغيّر بنحو مطلق، كما لا يعكف بنظره إلى الثابت على نحو مطلق في ضمن مصاديق تقليدية قديمة، وكيف ترسو العدالة في ضمن متغيّرات مختلفة، وضمن طبائع مختلفة بحسب تغيّر البيئات، إنّما طبيعة العدالة سارية ومنتشرة تتبادل أشكال وهياكل مختلفة على مرّ الأزمان، وحينئذ يجب أن يكون المقنّن في وعي تام لكي يحيط بالبيئات المختلفة، فمثلا: هناك العديد من البيئات: بيئة المرور وبيئة المعاملات المالية النقدية وبيئة المصالح وبيئة الأمن والبيئة العسكرية والبيئة السياسية وبيئة رقابة الأُمّة، وينبغي على القانون النظمي والمقنن النظمي أن لا يقع في الجمود الذي يجعله غير مؤهّل للتعامل مع البيئات المختلفة، وسيفقد هدفه حينئذ.


لابدّ من تحديث القوانين
قضية التحديث في القوانين وهيكلتها من جديد لابدّ أن تخضع إلى دراسة ومدارسة من خلال مراكز الدراسات والبحوث المتخصّصة، لماذا؟ لأنّ القانون ربّما صدر في زمن يختلف عن الزمن الحالي أو في بيئة مكانية تختلف عن البيئة المكانية المراد إصدار القانون لها، وعلوم الإدارة تشعّبت إلى تخصّصات متعدّدة، وهي من أعقد العلوم.
 
الكثرة المبالغ فيها لمنظومات النظم سلبية
وكما يقولون: في أمريكا مليون وأربعمائة منظومة نظام إداري بحسب بعض مراكز الدراسات، وهم يعترفون أنّ هذه الحالة ليست حالة إيجابية، ويقولون: إنّ الدولة النموذجية ينبغي أن تحتوي على مائة وأربعين منظومة نظام، وتعني بمنظومة النظام، مثل: النظام القضائي ونظام الاتصالات ونظام المرور والنظام المصرفي ونظام البلديات ونظام المجالس، وهذا التعقيد وهذا التضخّم في منظومة الأنظمة ظاهره رونقٌ وتطوّر، ولكن باطنه لا ينمّ عن ذلك، وهذه الكثرة تؤدّي إلى قابلية الانكسار والتصادم بصورة أكبر ممّا لو كان عدد المنظومات أقل، فمثلا: من جهة العلوم الاستراتيجية فإنّ منظومة الأنظمة الأمريكية من أسهل المنظومات القابلة للاصطدام والتفكّك، فلو توقّفت الكهرباء عن العمل لمدّة ساعات معدودة يزيد معدّل الجريمة بصورة مذهلة.
 
الإرباك الإداري في مواجهة درجات الحرارة المرتفعة
وفي فرنسا عندما تشتدّ درجات الحرارة يكون عندهم نقصاً إدارياً في تجهيز ودفن الموتى، وفي الصين عندما تشتدّ درجات الحرارة، تقف الصين عاجزة، وهي من الدول العظمى في مواجهة هذه الموجة من الحرارة، فهذه الأنظمة ما إن تعتورها حالة طارئة جديدة حتّى تتعرّض إلى الخلل والنقص في الأداء الإداري لمعالجة الأزمات الطارئة، وهذه من العقد التي تواجه التشريعات التي ترسم النظم في الدول الحديثة في التشريعات الوزارية والتشريعات البرلمانية.
 
الإمامة تعني الإدارة والتدبير
البحث إذن معقّد، وهذا البحث إنّما يصلح بالإمامة كما تطرحها مدرسة أهل البيت(عليهم السلام)، والإمامة تعني الإدارة والتدبير، وتعترف البشرية أنّ نظام الإدارة والتدبير من أعقد النظم، وتطوّر مدنيّة أيّ شعب رهين بفعالية ونشاط ورقي النظام الإداري، والشغل الشاغل للدول تطوير الإدارة، والإدارة تعني القيادة والتدبير، ولفظ الإدارة كمصطلح جديد يرادف مفهوم الإمامة في المصطلح الديني.

إعجاز علمي في عهد الإمام علي(عليه السلام) لمالك الأشتر
وفي ظل كلّ هذا التعقيد، هم يرشّحون عهد أمير المؤمنين(عليه السلام) لمالك الأشتر لذلك، وهذا يعني فيما يعنيه إعجاز علمي في عهد أمير المؤمنين(عليه السلام) لمالك الأشتر، كما سنبيّن ونقرأ منه فقرات، وهنا نسأل هل نظرية الإمامة عند أهل البيت(عليهم السلام)تؤمّن هذا الأمر، وهل بيّنت هذا الأمر؟ نعم، بيّنته من خلال ترسانة من المعلومات، ولكن بلغة قد لا نلتفت إليها، ولو ترجمناها إلى اللغة الحديثة لتبيّن لنا هذا الأمر.
 
السقوط الخلقي يكلّف الدولة كثيراً من الطاقات والأموال
وفي أمريكا أربعة ملايين مدمن على المخدّرات يشغلون ثمانية ملايين فرد من موظفي الدولة يلزمهم مراعاة أولئك المدمنين، انظر إلى هذا التضخّم الإداري بسبب عدم الالتزام الخلقي، ولو كان الالتزام الأخلاقي موجوداً لوفّر على الدولة الكثير من الطاقات والنظم الإدارية.
 
ملف ليلة القدر في القرآن الكريم
وفي القرآن الكريم إشارات تشير إلى النظام الإلهي الذي يطبّقه أهل البيت(عليهم السلام)، ولكننا قد غفلنا عمّا يشير إليه القرآن الكريم، ففي القرآن الكريم هناك ملف ليلة القدر، والقدر هو التقدير والتدبير، ومن أسماء ليلة القدر ليلة التدبير، القدر هو التحديد والتأطير والبرمجة، وأنّ ليلة القدر حسب روايات الفريقين منذ عهد آدم(عليه السلام) لا بدّ أن تكون مع خليفة الله في الأرض، وماذا يحدث في ليلة القدر؟ تتنزّل في ليلة القدر إحصائيات وملفّات علمية لا تتخلّف عن الواقع إلى ليلة القدر في العام القادم، حيث تتحدّد جميع الآجال، وإحصائيات الأموات، وأيّ دولة ستكون أكثر من ناحية عدد الموتى؟ والشرائح التي سيصيبها الموت؟ ومقدار الزيادة البشرية في العدد من حيث المواليد بشكل دقيق، في كلّ بلد ومدينة.
 
معلومات ضخمة تنزل على المهدي من آل محمّد (عجّل اللّه فرجه الشريف) في كلّ سنة
هذه المعلومات الضخمة تنزل في كلّ عام على المهدي من آل محمّد عجّل الله فرجه الشريف: الأرزاق، الرخاء، الإنعاش الاقتصادي والزراعي والصناعي والحروب والسلم وغير ذلك، كلّه ينزل بالدّقة على صاحب ليلة القدر لا على أحد آخر، ولا تنزل في ليلة القدر معلومات عن الظواهر العامّة فقط، بل حتّى الظواهر الخاصّة، يعني: ملف كلّ شخص ينزل على صاحب الأمر من ناحية الصحة والمرض وما سيجري عليه بالدّقة، والدول الحديثة لم تصل إلى هذه المعلومات، ولا تدري ما الفائدة والثمرة منها؟ فضلا عمّا سيجري على عامّة المجتمع، وما يجري بين البلدان والهواء والطقس والحيوانات والبيئة وغير ذلك، وهذه الروايات موجودة في طرق العامّة، وفي طرق مدرسة أهل البيت(عليهم السلام)، وقد قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ3.
 
الإدارة هي الشغل الشاغل للبشرية
الآن الشغل الشاغل للبشرية هو الإدارة والتدبير، والآية تقول: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ4; لأنّ ليلة القدر عظيمة، حيث تحتوي على برمجة لتقادير البشر، وتعيين ورسم السياسة، وتقول: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْر5; لأنّ نجاة البشرية في ليلة القدر.
 
القوّة الإدارية تكمن في الخفاء والسرّية
والإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف ليس في جزيرة خضراء ـ كما يقال ـ أو جزيرة حمراء أو زرقاء; لأنّ الغيبة في مقابل الظهور، وليست الغيبة في مقابل الحضور، بمعنى أنّ حركة الإمام الحجّة موجودة، ولكنها تتصف بالخفاء والسرّية، وسنبيّن أنّ في العلوم الاستراتيجية تكون البرامج الإدارية والسياسات والتخطيطات عنصر قوّتها في الخفاء والسرّية.
 
الإمامة هي الشغل الشاغل لمدرسة أهل البيت(عليهم السلام)
وهذه هي عقائد أهل البيت(عليهم السلام) وقد عادت البشرية لتطابق هذه العقائد، أليس هذا من الإعجاز العلمي لهذه المدرسة؟ الشغل الشاغل عند مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) هو الإمامة، أي: التدبير والإدارة، وهي سرّ سعادة البشرية.
 
الإمام هو المدبّر الكفؤ
والإمام هو المدبّر والمدير الكفؤ للبشرية، قال تعالى: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الاَْرْضِ خَلِيفَةً6، أوّل يافطة لوجود البشر، ولإسعاد البشر في الدارين، وفي النشآت المختلفة هو وجود الخليفة; لأنّ محور سعادة البشر هي الإدارة والتدبير: ﴿قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ7.

البشر الآن يركّزون على مراكز المعلومات وجمع المعلومات، الآن يبحثون في علم الجينات للوصول إلى النوعيّة الجيّدة من البشرية، وهذه من ضمن المعلومات التي يحاولون الاستفادة منها، انظر إلى الروايات الواردة في ليلة القدر حتّى في تفاسير أهل السنة في سورة القدر وسورة الدخان، قال تعالى: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْر8 لاحظ قوله تعالى: ﴿كُلِّ أمْر، وماذا يصنع الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف بهذه الملفّات النازلة؟ هل يتفرّج عليها؟ وهل تنزل عبثاً واعتباطاً في كلّ عام؟
 
الإمام المهدي (عجّل اللّه فرجه الشريف) يتصدّى للأمر في غيبته
وهذه من أبجديات عقائد الشيعة، ومع هذا تصدر بعض الكتابات للأسف حتّى من الحوزة العلمية، تقول: "إنّ الإمام الحجّة (عجّل اللّه فرجه الشريف) ليس متصدّياً، وهذه الإحصائيات الكبيرة المهولة التي لا تمتلكها أيّ دولة من الدول، وإحصائياتهم تخفق ولا تصيب الواقع، ولا تستقصي الواقع، والكثير من المجهولات يسعون للحصول عليها بطرق مختلفة وقنوات مختلفة ولا يحصلون عليها، وكلّها تنزل على مهدي آل محمّد عجل الله فرجه الشريف، فماذا يصنع بها؟ قال الله تعالى: ﴿يُنَزِّلُ الْمَلاَئِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِي9، والملائكة هي مخلوقات عالمة تنزل بالمعلومات، وهم رسل المعلومات، وموجودات حيّة شاعرة تحمل العلم، والروح الأعظم من عالم الأمر، أي: الملكوت، ولم يقل على من يشاء من رسله أو أنبيائه، وإنّما قال: من عباده للدلالة على أنّ الملائكة تنزل على غير الأنبياء وهم الأئمة، والملائكة لا ينزلون ليلة القدر إلاّ على منزل له، ولا ينزلون اعتباطاً، وقوله تعالى: ﴿عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، أي: أنّ الملائكة تنزل على من اصطفى الله من عباده، ومن شاء الله أن يكون مصطفى من بين الخلق، فهل الملائكة ينزلون اعتباطاً بلا فائدة ليلة القدر؟! والإمام هو مخزن هذه المعلومات التي يتلقاها ليلة القدر، وهو الذي ترسل إليه المعلومات، وبإجماع المسلمين أنّ ليلة القدر لن تنقطع إلى قيام الساعة فمن الذي تتنزل عليه الملائكة؟ وهي ليلة المعلومات وليلة النظم وليلة التدبير لكلّ سنة، فماذا يقال عن ليلة القدر؟ أيقال إنّها نزعة باطنية؟! إنّها ليست نزعة باطنية.

* آية الله الشيخ محمد سند


1- النحل (16): 90.
2- الإرشاد 2: 39.
3- القدر (97): 1 ـ 2.
4- القدر (97): 2.
5- القدر (97): 3.
6- البقرة (2): 30.
7- البقرة (2): 30.
8- القدر (97): 4.
9- النحل (16): 2.

16-06-2014 | 15-32 د | 1570 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net