الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1162- 15ذو القعدة 1436هـ - 31 آب 2015م
إجتناب الموبقات

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

الهدف:
 العمل علي اجتناب الموبقات والكبائر ومحاربةِ أساليب تزيين المنكرات.

المحاور:
1- توطئة
2- العاقل لا يذنب
3- اجتناب السيئات أولى من اكتساب الحسنات
4- الغالب بالشر مغلوب
5- تبصرة
6- خاتمة

تصدير:
 (وذَرُوْا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ)
1.

توطئة:
روي عن أبي الحسن(عليه السلام) انه قال: (إن لله عز وجل في كل يوم وليلة مناديا ينادي مهلا مهلا عباد الله عن معاصي الله، فلولا بهائم رُتَّع، وصبية رُضَّع، وشيوخ رُكَّع، لصب عليكم العذاب صبَّاً تُرَضّون بهِ رَضّا)2.

فالذنوب داء، وعجبت لمن يحتمي من الطعام مخافة الداء فكيف لا يحتمي من الذنوب مخافة النار3. ويجب على الإنسان أن يؤدي حق ربه قبل أن يقوم بواجب الخدمة لأحد من المخلوقين لأن حق الله مقدم على حق المخلوقين، و ليحذر الإنسان أن يدع طاعة أو يقصد معصية شفقة على أهله لأن الله تعالى يقول: (يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا)4،  وطوبى لمن وجد في نفسه ما يردعه عن ارتكاب المعصية، و يمنعه من الجرأة على سيده ومولاه وليتذكر قول أمير المؤمنين(عليه السلام) حينما توسوس له نفسه الوقوع في المخالفة، أو حين يزين له الشيطان الخطيئة ليواقعها حيث يقول (يا أيها الإنسان ما جرَّأك على ذنبك، و ما غرَّك بربك، وما آنسك بهلكة نفسك)5.

العاقل لا يذنب:
إذا كان ترك الدنيا من الفضل فإن ترك الذنب من الفرض ولذا فإن العقلاء الذين تركوا الدنيا فأدركوا أن ترك الذنوب أولى لاسيما بعد معرفتهم من أن كل من قارف ذنباً فارقه عقل لا يرجع إليه أبداً، وأما أولئك الذين كشف الله لهم عن بصيرتهم، تجنبوا المعصيه حتى ولو لم يتوعد الله عليها لأنهم أوجبوا على أنفسهم عدم معصيته من باب الشكر لنعمه وهكذا فإنهم قد التزموا طاعة الله سبحانه وتعالى رجاء رحمته، هؤلاء مثلهم كمثل الذي أدرك أن تناول السم قاتل لا محال فهل يقدم على تناوله من يعقل نتيجته؟ هكذا العقلاء فإنهم أدركوا الآثار القبيحة للذنوب والموبقات فتجنبوها ويصدق عليهم قول الله تعالى: (وكرّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان)6

إجتناب السيئات أولى من إكتساب الحسنات:
ترك العمل الصالح المقرب من الله والذي يكسب العبد الطاعة والحسنة فهو بطبيعة الحال مبغوض للمولى عز وجل وهكذا فإن ارتكاب الذنب المبعد من ساحة قدسه كذلك فهو مبغوض له جل جلاله، ولكن بالموازاة والمقارنة بين البغضين فيتبين لنا أن إكتساب السيئات أشد بغضا من ترك الحسنات، وفلسفة ذلك هو أن الأولى في عالم الثبوت يحتاج الى تصور، فرغبة أكيدة، فشوق، فإرادة ثم يتحول في عالم الإثبات الى تحريك للعضلات نحو الذنب فيرتكبه وهذا ما يعبر عنه بالمصطلحات الحديثة أنه أقدم على المعصية مع سابق تصور وتصميم وهذا يختلف عن ترك الحسنة، فسبب تركها ضعف الإرادة ومنشأ هذا الضعف إما عدم تصور المصلحة وإما عدم وجود الرغبة وجامعها المشترك وهو أمر عدمي والعدم باطل بينما فعل السيئات أمر وجودي، ومما يؤيد ذلك النص النبوي الصريح القائل: (اجتناب السيئات أولى من اكتساب الحسنات)7.

ومن التصويرات الفنية الجميلة في الروايات لهذا العنوان ما رواه العلامة المجلسي أعلى الله مقامه الشريف في البحار عنهم بقولهم (عليه السلام): (جدّوا واجتهدوا، وإن لم تعملوا فلا تعصوا فإن من يبني ولا يهدم، يرتفع بناءه وإن كان يسيراً، وإن من يبني ويهدم يوشك أن لا يرتفع بناءه)8. ومنه كان التأوه والتأسف على ألسنتهم الشريفة وسوء الخاتمة لمن غلبت أحداته عشراته9.

الغالب بالشر مغلوب:
من الخذلان وعدم التوفيق بمكان من حاول الوصول الى الهدف حتى ولو كان مرغوبا و محبوبا الى المولى تعالى بوسيلة أو أسلوب فيه معصية له، إذ أنه لا يطاع الله من حيث يعصى، كمن استهدف إطعام الفقراء والمساكين بواسطة الإعتداء على أموال الآخرين، فالغاية عندنا لا تبرر الوسيلة ولأجل ذلك لم يوافق مسلم بن عقيل(عليه السلام) على الخطة التي رسمت للفتك بعبيد الله بن زياد عن طريق الغدر حتى قال: "إنا أهل البيت لا نغدر" ولا فرق بين المعصية كمقدمة موصلة لدفع ما يخشاه أو لجلب ما يرجوه وإليه أشار النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله: (من حاول أمراً بمعصية الله كان أبعد له مما رجا وأقرب مما اتقى)10

و عن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: كتب رجل الى الحسين(عليه السلام): عظني بحرفين؟ فكتب(عليه السلام) إليه: (من حاول أمراً بمعصية الله كان أفوت لما يرجوه، و أسرع لمجيء ما يحذر)11.

و أيضا جاء في نهج البلاغة على لسان أمير المؤمنين(عليه السلام) قوله: "ما ظفر من ظفر بالإثم، والغالب بالشّر مغلوب"12

تبصرة:
كثيرا ما يجري على ألسنة بعض الناس حينما ينهون عن معصية بقولهم هذا الذنب صغير أيعقل أن يدخلنا الله بسببه نار جهنم؟ فليحذر هؤلاء من خطورة ما يقولون أكثر من حذرهم مما يرتكبون، لأن الذنب وإن كان صغيرا حين ارتكابه قد يتحول الى معصية كبيرة وهاك إليك بعضها:

الحالة الأولى: الإذاعة بالذنب:
إن ارتكاب الذنب تارة يكون في السر وأخرى في العلن وهذا التقسيم بلحاظ الناس. وأما عند الله فكلها علن ولأن الشاهد هو الحاكم، فكيف كان فإن المجاهر بالذنب الصغير يحوله الى ذنب كبير فمن جهة يكشف عن جرأته على الله وهتك حرمته ومن جهة أخرى يشجع الآخرين على ذلك ومن هنا جاء التحذير والوعيد لكل من يجاهر بالذنب كما في قول أمير المؤمنين(عليه السلام) إياكم والمجاهرة بالفجور فإنها من أشد المآثم)13، وإليه أشار النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله:(كل أمتي معافى إلا المجاهرين الذين يعملون العمل بالليل فيستره ربه ثم يصبح ويقول: يا فلان إني عملت البارحة كذا وكذا)14.

الحالة الثانية: الذنب الذي يستخف به صاحبه:
لا ينظر المرء إلى صغر ذنبه بل دائما عليه أن ينظر من يعصي، وطالما أن الذي يعصي هو الله فلا يبقى بهذا اللحاظ فرق بين الذنب الصغير والكبير وتتحول جميعها إلى كبيرة، وقد أشارت إلى ذلك طائفة من الأخبار كقول علي(عليه السلام): "أعظم الذنوب عند الله (وفي أخرى أشد الذنوب عند الله) ذنب صغر عند صاحبه أو ذنب استهان به راكبه أو ما استخف به صاحبه"15

الحالة الثالثة: استصغار الذنب:
يقول الإمام الصادق(عليه السلام): (الرجل يذنب الذنب فيقول طوبى لي لو لم يكن غير ذلك)16
وقول الرجل هذا من باب تحقير الذنب واستصغاره، وليعلم المرء بأن إبليس يرضى منه بالمحقرات كما جاء على لسان النبى(صلى الله عليه وآله وسلم).

الحالة الرابعة: الإصرار على ارتكاب الذنب الصغير:
 وقد أشار اليه الإمام علي(عليه السلام) أعظم الذنوب عند الله ذنب أصرَّ عليه عامله)17

خاتمة:
نذكر في الخاتمة ما يدخل في عداد أكبر الذنوب وهو محاولة تزيين الذنب، فالذي يتولى هذه العملية هو إبليس وليعلم أن كل رجل يدخل هذا المدخل بأن الشيطان قد نفث على لسانه.

فالمعصية معصية ولا يغير من واقعها شيء من التزيين على الإطلاق ومن أخطر الأساليب التي يستعملها الشيطان لإيقاع إبن آدم في المعصية هو أن يزين له ذنبه أو يغرر به أو يجعله متلذذا بالمعاصي ويذوقه طعم حلاوتها بإرتكابها ولا يتفلت من حبائله إلا من إمتحن الله قلبه بالإيمان. وقد اشارت طائفة من الأخبار إلى هذه المفاهيم منها عن علي(عليه السلام): (من تلذذ بمعاصي الله أورثه الله ذلا)18. وعنه عليه السلام "حلاوة المعصية تفسدها أليم العقوبة "

وهذا الذي أخرج أهل النهروان من الولاية وتحولوا إلى أعدائها حيث زين لهم الشيطان فعلهم ورفعوا شعار لا حكم إلا لله حتى قال فيهم أمير المؤمنين(عليه السلام): (بؤسا لكم، لقد ضرَّكم من غرَّكم)، فقيل له: من غرَّهم يا أمير المؤمنين؟ فقال (عليه السلام): (الشيطان المضل، والأنفس الأمارة بالسوء غرتهم بالأماني، وفسحت لهم بالمعاصي، ووعدتهم الإظهار فاقتحمت بهم النار)19.


1- الأنعام، 120.
2- بحار الأنوار ج3 - ص 344.
3- بحار الأنوار ج2 - ص 269.
4- بحار الأنوار ج7 – ص 100
5- نهج البلاغة خطبة 223
6- الحجرات 7
7- بحار الأنوار ج77 – ص 178 و كنز العمال: خ 9292.
8- بحار الأنوار ج 73 – ص392 عن الكافي.
9- بحار الأنوار ج 75 – ص 330.
10- غرر الحكم
11- بحار الأنوار ج70 – ص 286
12- بحار الأنوار ج78 ص 41 عن تحف العقول
13- ميزان الحكمة ج3 – ص 451 عن غرر الحكم
14- كنز العمال ح 10328
15- بحار الأنوار ج 73 – ص 364 عن النهج والغرر.
16- بحار الأنوار ج 73 – ص 345
17- الغرر 6
18- الغرر
19- نهج البلاغة حكم 323

04-09-2015 | 15-37 د | 3105 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net