الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1611 02 شوال 1445 هـ - الموافق 11 نيسان 2024 م

وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا

المداومةَ المداومةَحافظوا على الذخائرمراقباتخطبة عيد الفطرالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات
من الحقوق القلبية للرسول (صلى الله عليه وآله)
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

مقدمة:

لقد جبلت النفوس على تقدير واحترام من أحسن إليها، وعلى مقابلة هذا الإحسان بالإحسان ما قدرت عليه، أي أن النفوس مفطورة على شكر المنعم، وقد كرر القرآن الكريم هذا الخلق والسجية بقوله تعالى:﴿هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ[1].

 وجاءت السنة الشريفة كذلك لتؤكد البعد الفطري والجبلّي لهذا الخلق حيث روي من حكمها: "الإنسان عبد الإحسان"[2].

وكذلك فإن العقل تقتضي أحكامه أنه كلما كانت الخدمة التي تسدى أجل وأعظم كلما عظم حق مؤديها ومنشئها ووسائط وصولها؛

ولا يختلف مسلمان بل نترقى قائلين لا يفترض أن يختلف عاقلان منصفان على أن النبي محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) هو صاحب أجل النعم وأفضلها وأخطرها حيث تفانى في خدمة البشرية لينير لها سبل الهداية ويوضح لها طرق السلامة، فبجهوده شيدت منظومة القيم الإسلامية والإنسانية، وبجهاده ارتفع بنيان الإنسانية الحقة، وكفى أنه بوجوده عمت الرحمة العوالم كل العوالم إذ كان أمانها ومحقق أمانيها إذ قال تعالى:﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ[3].

فإذا كان الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) هو صاحب أعظم النعم بعد الله تعالى فلنحاول أن نتلمس شيئاً من حقوقه علينا وعلى البشرية لنوافي في ذلك ما له في أعناقنا من حقوق ولنتحدث في هذه العجالة عن الحقوق القلبية فمنها:
 
1-تنزيه الرسول (صلى الله عليه وآله) عن الطمع في الشكر:
علينا قبل البحث عن حقوقه (صلى الله عليه وآله) لنؤديها شكراً له على أياديه الفاضلة أن نلتفت إلى أنه (صلى الله عليه وآله) لم يقدم هذه الخدمات طمعاً في تبجيل منا نحن الخلق، ولا تكريم، ولا غير ذلك ولذلك قال تعالى:﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرً.[4]

بل زاد قائلاً:﴿قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ[5]

وجاء في الأدب القرآني بعبارة "قل" ليكون أمراً إلهياً زيادة في تنزيه الله تعالى له (صلى الله عليه وآله) حتى عن المنة على عدم طلب الأجر وهذا الحق هو من المشاعر الإنسانية والعقائد القلبية.
 
2- الإيمان بنبوته وخاتميته للنبوة:
وهو واجب عقائدي صحيح أن بابه العقل لكن محل تمركزه هو القلب؛ فعلينا أن نثبت في أرض القلب- الاعتقاد أنه (صلى الله عليه وآله) نبي مرسل من عند الله وأن الله به ختم النبوات جميعاً، ولا يفترض إنزال مقامه (صلى الله عليه وآله) عن هذه الرتبة وعن هذا المقام، وعلينا أن نحافظ على نقاوة مقامه وشموخه في قلوبنا فنطرد كل شك وكل وسوسة تحط من قدره في نفوسنا سواء كان ذلك من وساوس الصدور أو من إلقاءات أبالسة الجن أو الإنس، ويترتب على هذا أن نحمي إيماننا بنبوته وخاتميته(صلى الله عليه وآله وسلم) بكل سبب يمتّن ذلك ويؤصله ويثبته بل ويرقيه من رتبة اليقين إلى رتبة الشهود من خلال تعميق المعرفة به (صلى الله عليه وآله) وبمقامه وفضائله وأفضاله ومن خلال تعزيز العلاقة به من خلال الزيارة والتوسل وغيرهما ومن خلال الإلتزام بما فرضه الله له من حقوق تجري على ألسنتنا بأن نقرن الشهادة للنبي محمد(صلى الله عليه وآله) بالنبوة بالشهادة لله تعالى بالوحدانية ذلك القرن الذي جعله الله باباً إلزامياً لدخول دينه، وجعله كذلك جزءاً من إعلان الإذن بعبادته عند حضور وقتها، وجعله كذلك جزءاً لازماً من الصلاة عند التشهد والتسليم بدونه لا تصلح ولا تتم.
 
3- حق المحبة:
قال الله تعالى مبيناً واجب محبته (صلى الله عليه وآله وسلم) علينا: ﴿قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ[6].

وهذه الآية لم تبين وجوب محبة النبي محمد (صلى الله عليه وآله) بل جعلت ذلك كالمأخوذ على نحو المفروغ من وجوبه ولزومه ليكون مصب اهتمام الآية ليس في أصل محبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وضرورتها شرعاً وإنما مرتبتها، وكونها لها الأولوية التي تجعلها مقترنة بمحبة الله والجهاد في سبيله تعالى من جهة ومقدمة على الأقربين والأموال والمساكن والأزواج، ومن الملفت أنها لم تأت بصيغة الأمر وإنما جاءت بصيغة القضية الشرطية التي شرطها أمر مفترض هو تقديم ما ذكر آنفاً بالمحبة على الله والرسول والجهاد في سبيله تعالى، ليتبين أن الجزاء على هذا الخلل في الأولويات، بالتوعد لهم أنهم سيسقطون في الإختبار الإلهي وأن هذا الخلل سيمنعهم من الإهتداء لأنهم بذلك خرجوا عن حدود العصمة الإلهية من الضلالة, وبذلك يكونون هم الذين أخرجوا أنفسهم إذ عبر تعالى عن ذلك بوصفهم بالفاسقين.

وقد جاء عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) ما يبين المقام المطلوب من محبته إذ روي أنه قال (صلى الله عليه وآله وسلم): " لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه، ويكون عترتي أحب إليه من عترته، ويكون أهلي أحب إليه من أهله، ويكون ذاتي أحب إليه من ذاته"[7].
 
خاتمة:
من الملحوظ في الرواية السابقة أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) جعل محبة أهل بيته كمحبته ملازمة لها كأنه لا معنى لإدعاء محبته (صلى الله عليه وآله وسلم) مع التفريط في محبة أهل بيته؛ ولا عجب في ذلك فقد جاء في القرآن ما يوازيه، فبعد أن نزه المولى رسوله (صلى الله عليه وآله) عن طلب الأجر جاء ليقول:﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى[8].

 وهذا يعني أنه إن كان ثمة من أجر للنبي (صلى الله عليه وآله) في أعناق المسلمين فليؤدَّ إليه من خلال مودة أهل بيته الأطهار (عليهم السلام).

فليتأمل المسلمون بذلك لعلهم يهتدون.


[1] - سورة الرحمن، الآية:6.
[2] - ميزان الحكمة، الريشهري، ج 1، ص 641، والحديث وارد عن أمير المؤمنين (ع).
[3] - سورة الأنبياء، الآية:107.
[4] - مقطع من سورة الشورى، الآية:23.
[5] - مقطع من سورة سبأ، الآية:47.
[6] - سورة التوبة، الآية:24.
[7] -بحار الأنوار، ج11،ص14.
[8] - سورة الشورى، مقطع من الآية:23.

10-12-2015 | 13-31 د | 1424 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net