الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
من حقوق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم توقيره وتعظيمه
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

مقدمة: توقير رسول الله وظيفة إلهية:

قال الله تعالى: ﴿إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذير

﴿لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا...[1]

في هاتين الاثنتين ذكر الله أوصافاً ثلاثة للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، تكشف عن بعض مقاماته الشريفة، وهذه الأوصاف هي الشهادة والبشارة والإنذار ورتّب عليها في ما تلاها، وظائف خمسة على المسلمين، بما يوحى أن هذه الأخيرة تشكّل انعكاساً للصفات النبوية الثلاثة على شكل تكاليف تتعلق بظاهر الإنسان وباطنه، وهي أمران يرجعان إلى الإيمان بالله وبنبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وهما الطاعة لله وتسبيحه، الثلاثة الأخرى التعزيز أي الدفاع عنه صلى الله عليه وآله وسلم ، والتوقير أي تعظيم مقامه والقبول منه صلى الله عليه وآله وسلم والاستجابة له بمعني طاعته لكونه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

وعلى هذا التفسير يكون معنى كلمة توقروه المشتقة من مادة توقير، وجذورها الوقر ومعناها الثقل فيكون معنى التوقير هنا التعظيم والتكريم...[2]

وبمراجعة مناسبة نزول الآيات هذه وما تلاها فإنّها، نزلت بعد صلح الحديبية، وكان بعضهم يسيء التعامل مع النبي ولا يحترم مقامه الكريم، وقد نزلت الآية لتنبه المسلمين على ما ينبغي عليهم من الوظائف بالنسبة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ...[3]
وصحيح أن الاحترام والتعظيم، وكذلك التوقير أمور نفسيّة، إلا أنّ لها مظاهر خارجية وعمليّة وقد بيّن القرآن الكريم بعض الأعمال التي على الأمة أن تتجنّبها لمنافاتها للتوقير والتعظيم والاحترام من ذلك.

1-عدم التقدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
حيث قال الله تعالى: ﴿يا أيها الذين أمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إنّ الله سميع عليم[4]

والمراد من عدم التقديم هو ترك الاستعجال في الأمور أمام أمر الله ورسوله بمعنى أن لا يقدم المؤمن على الله ورسوله في الأمور قبل وضوح مراد الله ورسوله وظهور أمرهما.

ومنها تحليل الحرام وتحريم الحلال، والتحريف والتزوير، والبدع ومنها التجاوز على حقوق الآخرين، ومنها أن يفضل الإنسان هواه، وما تعوده وما ورثه من عادات وتقاليد على سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشرع الله تعالى.

- فالآية تدرب المؤمنين على خلق هو عدم سبق الله تعالى ورسوله بقول أو فعل ليصبحوا بذلك مطيعين ومنقادين لهما كما هو شأن الملائكة الموسومين منه تعالى بوصف كونهم: ﴿لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون[5]

2- عدم رفع الصوت والجهر بالقول:
قال الله تعالى في أدب المحادثة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ﴿يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون[6]

إن الآية تكشف أن مقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقداسته تقتضي أساليب في التعامل معه صلى الله عليه وآله وسلم ، وكان بعض المؤمنين لا يلتفتون إلى ذلك ويفعلون ما يناقض الاحترام والتقديس من خلال رفع أصواتهم فوق صوته ويرفعونها في محضره مع أّنهم مؤمنون وقد عمد الله تعالى إلى معالجة هذا الخلل السلوكي منهم بما أنزله قرآنا ليقوم سلوكهم بالكشف عن عاقبة ذلك وهو حبط الأعمال.

ومن جهة ثانية رغّبهم والأمّة جمعاء بما يخالف ذلك من الأدب في محضر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو غض الأصوات فقال مادحاً المتّصفين بهذه الصفة:
﴿إن الذين يغضّون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين أمتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم[7]

3- عدم مناداته كباقي الناس:
قال الله تعالى:﴿إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون[8]

الآية تصف الذين يقومون بمناداة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، برفيع الصوت كما فعلت قبيلة بني تميم حيث قامت بندائه صلى الله عليه وآله وسلم ، بصوت مزعج من وراء حجرات نسائه صلى الله عليه وآله وسلم ،حيث ناداه قائلهم:"يا محمد يا محمد أخرج إلينا". دون مراعاة آداب المخاطبة له في الشكل من حيث ارتفاع الصوت، أو المكان حيث جاؤوا إلى قرب بيوت نسائه صلى الله عليه وآله وسلم ، ومن حيث المضمون فخاطبوه ونادوه بيا محمد دون كنية أو غيرها، وكل ذلك فيه سوء أدب معه صلى الله عليه وآله وسلم ، وإزعاج له ولنسائه، وفيه عدم احترام خصوصياته كإنسان فضلاً عنها كونه نبياً مرسلاً وقائداً للأمة.

فكان الأدب مع الرسول يقتضي أولاً عدم المجيء إلى بيوت نسائه لطلبه والصبر قليلاً حتى يأتي رسول الله كعادته إلى مسجده حيث يقابل الناس، وثانياً عدم الإزعاج برفع الأصوات بندائه عند بيوت نسائه، والأدب كذلك يقتضي ألا يجعل النداء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، كنداء غيره من الناس كما قال الله تعالى: ﴿لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعض[9].

وإذا ما أراد أحد ما مناداته ودعاءه يقتضي احترامه وتقديره وتوقيره أن يكون النداء بيا رسول الله أو يا نبي الله أو غير ذلك مما يعبّر عن احترام قداسته ومقامه وجليل أياديه عند الناس وخصوصاً أنّه قائد هذه الأمة، ولذا فإنّ الله لم يترك الحادثة تمر مرور الكرام ولم يكتف بالإنكار لفعلهم بل ندّب إلى الأدب في كل ذلك فجاء تأديبه قرآناً: ﴿ولو أنّهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيراً لهم والله غفورٌ رحيم[10].

كما كان قبلها من الآيات قد ذكر فضيلة غض الصوت عنده، وفي سورة النور ذكر مسألة عدم مناداته صلى الله عليه وآله وسلم كما ينادي الناس بعضهم بدون رعاية المقامات والخصوصيات.

خاتمة: آداب العلاقة بالقيادة الإلهية:
إن المؤمن حقيقة عليه أن يكون مؤدّباً مع ذوي المكانة والقداسة ومنهم بعد الله تعالى والكتاب الكريم القادة الإلهيّون من أنبياء وأولياء وأئمّة حيث إنّ العلاقة مع هؤلاء لها آدابها الخاصة، ومن أجلها توقيرهم في القلوب توقيراً ينعكس في التزام آداب الحديث والخطاب في نبرة الصوت وفي مفردات الخطاب، وفي الأجواء المرافقة من اختيار الزمان والمكان والأحوال، إضافة إلى أدب العلاقة العمليّة معهم بالطاعة والانقياد وعدم استعجال الأمور مما يجعلنا نقدم على تصرفات نخالف فيها الأوامر ونرتطم بالمحرمات لأنّ في ذلك إساءة للأدب معه صلى الله عليه وآله وسلم ، توهين لمقامه، وفيه شيء من نكران الفضل والجميل فيما المفروض توفيته حقّه من التوقير والاحترام.


[1] -الفتح /8،9
[2] -الأمثل- ناصر مكارم الشيرازي ج16 ص440
[3] -المصدر السابق ص 441
[4] -سورة الحجرات- الآية ﴿1.
[5] - سورة الأنبياء – الآية﴿27
[6] -.سورة الحجرات- الآية ﴿2
[7] -سورة الحجرات الآية ﴿3.
[8] -سورة الحجرات- الآية ﴿4.
[9] - سورة النور – الأية ﴿63
[10] -سورة الحجرات- الآية ﴿5.

17-12-2015 | 15-47 د | 1505 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net