الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1179- 19 ربيع الأول 1437هـ - 31 كانون الأول 2015م
إجعل الزمن مركباً

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

تصدير:
قال تعالى: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ.1

مقدمة: الزمن إما مركوب أو راكب
إن سورة العصر تنبئنا أن طبيعة وجود الإنسان، المخلوق الزمني، في أصل وجوده في الدنيا وفي فترة مكوثه فيها وفي رحيله عنها هو زمني، وحياته تشابه الزمن من حيث التصرم والإنقضاء، وعدم إمكان إرجاع ما فات منها؛ فكأن عمر الإنسان بل الإنسان نفسه عبارة عن بناء وعوامل التعرية التي تنقصه وتوصله إلى الإنهيار والتلاشي هي نفس مرور الزمن، الذي بمروره ينحت من حظ الإنسان وينقص من حصته في الوجود في دار الدنيا.

وكأن الإنسان في الدنيا يصارع آلة الزمن  التي تقتات من أنفاسه لتوصله إلى أجله: فعن أمير المؤمنين(عليه السلام): "أنفاس المرء خطاه إلى أجله".2

والإنسان مع الزمن له حالة من إثنتين إما أن يكون راكباً للزمن أو أن يكون طريداً له مصيره أخيراً بعد لهاث وتعب أن تطحنه عجلات الزمن وتفترسه وحوش الدنيا؛ من شياطين انس وجن، واخطاء وخطايا وذنوب وهموم وغير ذلك.

وخلاصة القول إن الإنسان إما أن يركب الزمن فيسخره لخدمته ويصل به إلى غايته أو أن يركبه الزمن فتدوسه عجلاته.

كيف نركب الزمن؟
ثمة خطوات كثيرة يستطيع الإنسان أن يكون باتباعها ممسكاً بزمام عمره، ليستفيد الفائدة القصوى منه حتى لا يكون من الخاسرين. منها:

1- تصحيح النظرة إلى الدنيا والعلاقة بها:
بأن يعرف أن الدنيا ليست بدار البقاء وأننا لم نخلق لأجلها، وإنما هي التي خلقت لأجلنا؛ ونحن كبشر لم نخلق لنكون لها خدماً. فإن كنا نحب البقاء فعلينا أن لا نقع في الاشتباه وعلينا أن نعمد إلى تكريس اليقين بأن وجودنا في الدنيا مؤقت ولكل منا موعد لرحيله عنا وكل ما في الأمر أن الله تعالى أخفى علينا موعد هذه الرحلة؛ وأن ما نطلبه ونتوق إليه من بقاء وخلود هو بعد هذه الحياة وأن طبيعة وجودنا في الآخرة من حيث السعادة والشقاء يؤثر فيه عملنا ومن ظاهم ما يحرفنا عن العمل هو تعلقنا بالدنيا وهذا ما جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام): "رأس كل خطيئة حب الدنيا".3

وأن نفهم أنه كل ما استغرقنا أكثر في طلب الدنيا وملذاتها ازددنا عبودية لها وعندها لن نشبع من شيء بل سنزداد رغبة فيها وانكباباً عليها حتى ننسى أنفسنا ونصل إلى لحظة الرحيل فقراء من كل عمل صالح، عن أبي عبد الله (عليه السلام): "مثل الدنيا كمثل ماء البحر كلما شرب منه العطشان ازداد عطشاً حتى يقتله".4

وكذلك عن تأثير ما يحصله الإنسان من نعيم الدنيا على الإنسان جاء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "إن الدرهم والدينار أهلكا من كان قبلكم وهما مهلكاكم".5

وعلينا أن نفهم ونفهم قلوبنا أن اعللاقة الإيجابية بالدنيا هي التي أرشدنا إليها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): "إن الدنيا دار صدق لمن صدقها ودار عافية لمن فهم عنها ودار غنى لمن تزود منها، ودار موعظة لمن اتعظ بها، مسجد أحباء الله ومصلى ملائكة الله، ومهبط وحي الله، ومتجر أولياء الله، اكتسبوا فيها الرحمة وربحوا فيها الجنة...".6

2- محاسبة النفس:
فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنزها قبل أن توزنوا وتجهزوا للعرض  الأكبر".7

إن المحاسبة فرع الإيمان بيوم القيامة، لذا لا بد أولاً أن نثبت في أعماق قلوبنا شجرة اليقين بيوم القيامة الذي منه نخرج وكل البشر للحساب وهذا اليقين مقدمة ضرورية لنتعامل مع أعمارنا بروح الجدية والصدق، لأن اليقين بيوم الحساب يدفعنا للبحث عما يؤمننا من الخزي فيه، وصعوبة المسائلة والمداقة فيه وليس ذلك إلا أن نحاسب أنفسنا وفي هذا المعنى ثمة رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام): "فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، فإن أمكنة القيامة خمسون موقفاً، كل موقف مقام ألف سنة، ثم تلا هذه الآية: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ".8

وبناءً عليه ثمة سؤال يطرق باب أسماع قلوبنا وهو كيف نحاسب أنفسنا؟

والجواب: هو أنه علينا أن يجعل محاسبة أنفسنا عادة يومية ولا يتراخى مع نفسه حتى يسرع إلى علاج ما بدر منه أخطاء واستدراك ما قصر فيه والإستزادة في ما أحسن به من عمل وهذا ما أرشدنا إليه الإمام الصادق (عليه السلام): "حق على كل مسلم يعرفنا أن يعرض عمله كل يوم وليلة على نفسه فيكون محاسب نفسه، فإن رأى حسنة استزاد منها، وإن رأى سيئة استغفر منها، لئلا يخزى يوم القيامة".9

وكذلك مثل هذه الرواية ما عن الإمام الكاظم (عليه السلام): "ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم، فإن عمل خيراً إستزاد الله منه وحمد الله عليه، وإن عمل شراً استغفر الله وتاب إليه".10

ولا بد من الإلفات إلى ضرورة أن تكون المحاسبة جدية ودقيقة كما يلفت إليه ما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة شريكه، فيعلم من أين مطعمه؟ ومن أين مشربه؟ ومن أين ملبسه؟ أمن حل أم حرام؟".11

خاتمة:
من أعجب العجب ما نراه من أهل هذا الزمان بل من أهل كل زمان، حيث أنهم يجعلون نهاية كل عام موعداً لجردة حسابهم في أعمالهم وتجاراتهم، ويستكشفون بذلك حقيقة مردود أعمالهم وتجارتهم في الدنيا وبضاعتها ومع أهلها، ومن ما يزيد العجب أنهم يبتهجون بانصرام عام من أعمارهم ومجيء آخر، والأنكى أنهم يودعون عاماً ويستقبلون آخر بالكثير من المعاصي.

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): "ما من يوم يمر على ابن آدم إلا قال له ذلك اليوم: أنا يوم جديد، وأنا عليك شهيد، فقل فيَّ خيراً واعمل فيَّ خيراً، أشهد لك يوم القيامة فإنك لن تراني بعد هذا أبداً".12


[1]  سورة العصر.
[2] بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج70،ص128.
[3] الكافي، الشيخ الكليني،ج2،ص315.
[4] بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج70،ص126.
[5]  الكافي، الكليني، ج2، ص316.
[6]  بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج70،ص129.
[7] ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج1،ص619.
[8]  سورة المعارج - الآية - 4
[9] بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج75،ص279.
[10] وسائل الشيعة(آل البيت)،الحر العاملي،ج16،ص95.
[11] بحار الأنوار، العلامة المجلسي،ج74،ص86.
[12] بحار الأنوار، العلامة المجلسي،ج74،ص379.

31-12-2015 | 15-45 د | 2811 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net