الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مسؤولي البلاد وسفراء الدول الإسلاميّةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في خطبتَي صلاة عيد الفطركلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء جمع من الطلّاب الجامعيّينكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في اللقاء الرمضانيّ مع مسؤولي البلادبِهذا جُمِعَ الخَيرُ

العدد 1612 07 شوال 1445 هـ - الموافق 16 نيسان 2024 م

لَا تُطَوِّلْ فِي الدُّنْيَا أَمَلَكَ

العامل الأساس للنصر مراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِن
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1183 - 17 ربيع الثاني1437هـ - 28 كانون الثاني 2016م
الإنفاق في سبيل الله

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق


الهدف:

 التعرّف على فضل الإنفاق في سبيل الله ومعالجة الشح.
 
المحاور:
- الشخصيَّة الإيمانيَّة
- من مقوّمات الشخصيّة الإيمانيّة
- لا يكون المؤمن شحيحاً
- البخل قد يُسبّب عاقبة السوء
- أخبار مدح السخاء والبذل وذمّ البخل
 
تصدير:
 يقول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ[1]
 
الشخصيَّة الإيمانيَّة:

إنّ الشخصية الإيمانية الّتي تستحقّ أن يُطلق عليها عنوان المؤمن الصادق لها مقوّمات لا تكتمل إلا بها مجتمعة مكتملة، ومع نقصان بعضها ينتقص بمقداره من صدق تلك الشخصية ومن صدق الإيمان.

 وهذه المقوّمات أربعة:"الحكمة، والشجاعة، والعفّة، والعدالة".

وقد أشارت الآية الكريمة إليها:
فالإيمان بالله ورسوله وعدم الارتياب تعبير عن اليقين، واليقين إنّما هو من قوّة العقل ومنتهى الحكمة.
 والجهاد بالمال هو السخاء وهو مصداق أبرز من مصاديق ضبط قوّة الشهوة وإخضاعها إلى حكم العقل والشرع وهو العفّة.
 والجهاد بالنفس هو الشجاعة وهو ضبط قوّة الغضب تحت سلطان العقل والشرع.
 وبنفس الجهاد بالمال والنفس فعلاً في الخارج تكون قد تحقّقت قوّة العدالة؛ الّتي هي المقوّم الرابع.
 
 من مقوّمات الشخصيّة الإيمانيّة:

فظهر أنّ من مقوّمات الشخصية المؤمنة الصادقة الجهاد بالمال أي الإنفاق في سبيل الله والسخاء، فإذاً لا بُدّ أن نعلم أنّه لا يكون المؤمن الحقيقيّ بخيلاً، حتّى وإن اكتملت فيه خصال محدّدة.

 والآية الكريمة فيها كلمة "إنّما" الّتي تفيد الحصر، وتعني حصر الإيمان الصادق بمن يمتلك في شخصيته تلك الخصال المذكورة.

 قال العلامة الطباطبائيّ في الميزان: ".. فيه قصر المؤمنين في الّذين آمنوا بالله ورسوله..الخ، فتفيد تعريفهم بما ذكر من الأوصاف تعريفاً جامعاً مانعاً فمن اتّصف بها مؤمن حقّاً، كما أنّ من فقد شيئاً منها ليس بمؤمن حقّاً"[2].

 وكذلك شهادة الآية في آخرها بأنّهم هم الصادقون، تعني أنّه يوجد في المؤمنين من هو صادق الإيمان ومن هو ليس بصادق، فمن افتقد صفة من الصفات الأربعة، ومنها الجهاد بالمال فإنّه يكون مندرجاً في الصنف الآخر من المؤمنين غير الصادقين في إيمانهم.

 فعلى أيّ حال يجب أن يتنبّه المؤمن لهذا الأمر جيّداً ويُدخل في حساباته الإيمانية مسألة الإنفاق والبذل في سبيل الله تعالى، تماماً كما يأخذ في حسبانه إذا أراد أن يترقّى ويتقرّب من خالقه صلاة الليل، أو الحجّ، أو العمرة، أو زيارة الأئمّة عليهم السلام... فكذلك إذا لم يكن معوّداً نفسه على الإنفاق والبذل فليفعل وليبدأ بتدريب نفسه على هذا الركن المهمّ من أركان الإيمان.

 يقول العلامة الطباطبائيّ: "إذا قام السالك بتطهير يده ولسانه وسائر أعضائه وجوارحه، وأدّبها بتمام معنى الكلمة بالأدب الإلهيّ، ولكنّه لم يجاهد نفسه في مقام الإنفاق وبذل الأموال، فلن يكتمل سلوكه الإيمانيّ بل يسير إلى النقص، ويكون ذلك النقص مانعاً من الارتقاء إلى المقام الأعلى..."[3].

 فنحن نعرف أنّ الإيمان درجات، وهناك إيمان مكتمل وإيمان ناقص، فالذي لا يكون سخيّاً بماله يكون في درجة متدنيّة غير مكتملة من الإيمان. وقد ورد عن النبيّ (ص): "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنكم خلقاً"[4]. فهذا الكلام النورانيّ من الرسول الأكرم (ص) يوضّح أنّ الإيمان منه مكتمل ومنه منتقص، وهو على درجات، وكلّما كان خلق المؤمن أحسن كان إيمانه أكمل. فإذاً، الّذي لا يكون باذلاً لماله في سبيل الله لا يكون في درجة مرتفعة من درجات الإيمان عند خالقه عزّ وجلّ.
 
 لا يكون المؤمن شحيحاً:

وردت بعض الروايات بلسان أنّه لا يكون المؤمن شحيحاً، فعن الإمام الباقر(ع): "لا يؤمن رجل فيه الشحّ والحسد والجبن، ولا يكون المؤمن جباناً ولا حريصاً ولا شحيحاً"[5].

 -وفي رواية عن أمير المؤمنين (ع): "ثلاث لا تكون في مؤمن: لا يكون جباناً، ولا حريصاً، ولا شحيحاً".

وقد يكون المقصود من هذه الروايات الّتي تنفي الإيمان عن الشحيح الّذي هو البخيل، أنّ الشحّ بالفعل يُخرج الإنسان عن الإيمان من خلال إدخاله في المخالفات الشرعية المتعدّدة ويجعله فاسقاً أو جاحداً، فمثلاً: قد يمنع حقّ الله في ماله الواجب عليه. وقد يكون واجباً عليه صلة رحمه بالمال فلا يفعل.

 وقد يمنع نفقة الوالدين والأهل من زوجة وأولاد وهي واجبة. أو قد يترك الحجّ مع الاستطاعة...الخ

 لذلك نجد أمير المؤمنين (ع) يُنكر على من جعل حال الظالم أسوأ من حال البخيل، فعن الإمام جعفر الصادق(ع) أنّ أمير المؤمنين (ع) سمع رجلاً يقول: إنّ الشحيح أعذر من الظالم.

فقال له(ع): "كذبت، إنّ الظالم قد يتوب ويستغفر ويردّ الظلامة على أهلها، والشحيح إذا شحّ منع الزكاة، والصدقة، وصلة الرحم، وقرى الضيف، والنفقة في سبيل الله، وأبواب البرّ، وحرام على الجنّة أن يدخلها شحيح"[6].
 
 البخل قد يُسبّب عاقبة السوء:

فهذا الإنسان وإن كان مسلماً في الظاهر إلا أنّه ارتكب ببخله العديد من الكبائر الّتي تجعله في خطر شديد من خروج سكينة الإيمان من قلبه ﴿ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِؤُون[7].

 وقد يقوده بخله إلى خاتمة النفاق والسوء كما حدث لثعلبة بن حاطب، ولقارون... وغيرهما الكثيرين ممّن أهلكه الشحّ وأطفأ شعلة إيمانه البخل. وبالتالي وإن كان مؤمناً بالظاهر إلا أنّ الإيمان القلبّي يُسلب منه لشحّه بالمال وعدم امتثاله للتكليف الإلهيّ بالبذل.

فقد ورد أنّ ثعلبة كان فقيراً فعاهد الله لئن آتاني من فضله لأصّدقنّ ولأكوننّ من الصالحين، فأعطاه الله مالاً كثيراً ببركة دعاء النبيّ (ص)، إلا أنّه بخل وشحّ وتولّى، ولم يؤدّ ما فُرض عليه من زكاة في ماله، واعترض على حكم الزكاة بأنّه مثل العُشر الّذي كان يؤخَذ كضريبة بغير حقّ، ﴿وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُون[8].
 
فإلامَ أدّى به شحّه؟

 إلى النفاق وخاتمة السوء: ﴿فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُون[9].
 
كيف نتخلّص من البخل؟

يقول الله تعالى: ﴿وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ[10].

 "الشحُّ" مرض وبيل ابتليت به النفوس البشرية لا بُدّ من التخلّص منه والقضاء عليه، وعند إتمام المهمة، فالوسام من ربّ العالمين - عزّ شأنه وجلّ ثناؤه - الفلاح الإلهيّ: ﴿وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون[11]، فأنت عند الله ساعتئذٍ من المفلحين.

 والقضاء على البخل يكون باكتساب صفة الكرم. وحبُّ البذل إنّما يكون من خلال معاودة الإنفاق مرّة بعد أخرى فتسكن النفس بعد ذلك ويذهب عنها خوف الفقر، وتطرد تسويلات الشيطان من داخلها، فإنّ الشيطان يخوِّف الناس بالفقر: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْر، وخاصة بعد أن يلمس أنّ ما يُنفقه يخلف الله عليه مثله، ولعلّه مضاعَفاً في الدنيا قبل الآخرة: ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ[12].
 
أخبار مدح السخاء والبذل وذمّ البخل:

وردت الأخبار الكثيرة في مدح السخاء وذمّ البخل:
- عن الإمام عليّ (ع): "الجنّة دار الاسخياء"، وقال: "السخيّ قريب من الله وقريب من الجنّة وقريب من الناس بعيد من النار، والبخيل بعيد من الله بعيد من الجنّة بعيد من الناس قريب من النار"[13]

- وعن الإمام أبي الحسن موسى (ع): قال: "أتى رجل النبيَّ (ص) فقال: يا رسول الله (ص) أيّ الناس أفضلهم إيمانا؟ً فقال: أبسطهم كفّاً"[14].

-  وعن النبيّ (ص): "ثلاثة يستغفر لهم السماوات والأرض، والملائكة، والليل والنهار: العلماء والمتعلِّمون والأسخياء. وثلاثة لا تُردّ دعوتهم: المريض، والتائب، والسخيّ. وثلاثة لا تمسّهم النار: المرأة المطيعة لزوجها، والولد البارّ لوالديه، والسخي يحسن خلقه"[15].

 قصة من سخاء أبي ذرّ: أضاف أبو ذرّ الغفاريّ ضيفاً، فقال للضيف: إنّي مشغول، وإنّ لي إبلاً، فاخرج وأتني بخيرها. فذهب فجاء بناقة مهزولة، فقال له أبو ذرّ: خنتني بهذه.

 فقال: وجدت خير الإبل فحلها، فذكرت يوم حاجتكم إليه.

فقال أبو ذرّ: إنّ يوم حاجتي إليه ليوم أوضع في حفرتي مع أنّ الله يقول: ﴿لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ وقال أبو ذرّ: في المال ثلاثة شركاء: القدر لا يستأمرك أن يذهب بخيرها أو شرّها من هلك أو موت، والوارث ينتظرك أن تضع رأسك، ثمّ يستاقها، وأنت ذميم، وأنت الثالث: فإن استطعت أن لا تكون أعجز الثلاثة فلا تكن، إن الله يقول:﴿لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ وإنّ هذا الجمل كان مما أحبّ من مالي، فأحببت أن أقدّمه لنفسي[16].


[1] سورة الحجرات، الآية: 15.
[2] تفسيرالميزان، العلامة الطباطبائي، ج 18، ص 329.
[3] رسالة لبّ اللباب، السيّد الطهراني، ص 90.
[4] وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج 12، ص 156.
[5] بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 75، ص 301.
[6] عيون الحكم والمواعظ، الواسطي، ص 213.
[7] الكافي، الشيخ الكليني، ج 4، ص 44.
[8] سورة التوبة، الآيتان: 75ـ 76.
[9] سورة التوبة: الآية: 77
[10] سورة النساء، الآية: 128
[11] سورة الحشر، الآية: 9.
[12] سورة سبأ، الآية: 39.
[13] زبدة البيان، المحقق الأردبيلي، ص 325.
[14] الكافي، الشيخ الكلينيّ، ج 4، ص 40.
[15] سورة البقرة، الآية: 268
[16] مجمع البيان، الشيخ الطبرسي، ج 2، ص 343.

28-01-2016 | 16-37 د | 2366 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net