الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
السهرة الثانية: أنواع المسؤليات في حياة الإنسان
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

الإنسان مختار في تكاليفه

تختلف مسؤولية الإنسان عن مسؤوليات الموجودات من جماد ونبات وحيوان وأفلاك وغيرها، حتى الموجودات المجردة من مثل الملائكة، فالإنسان يفعل فعله مختاراً، وسواه من المخلوقات مجبر على ذلك. وقد نص التنزيل الحكيم على اختيار الإنسان بقوله تعالى: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا1

يتحمل الإنسان عدة أنواع من المسؤولية

1- المسؤولية العبادية: وهي المسؤولية التي لا تتعدى حدود الخالق والمخلوق لا غير. وإذا قصّر الإنسان في إنجاز المهمات المكلف بها تجاه الخالق حينذاك سوف يعتبر خارجاً من محدودية العبودية.

2- المسؤولية الفردية وتقسم على قسمين:

أ- التكليف الذي يتعلق بجسم الإنسان الذي هو بعده الحيواني. ولما كان عليه أن يسمو إلى عالم الملكوت الرفيع على المادة كان لابد له من اتخاذ مواقف حاسمة إزاء جوارحه ابتغاء تطهيرها وتيسير الارتفاع بها.
ولو توانى عن ذلك لاضطرب سيره المعنوي في مدارج الكمال، لذا وجب على الإنسان أن يكون حذراً من جسده وميوله الهابطة.

ب- التكليف الإنساني المتعلق بالبعد المعنوي والروحي له. وهو تكليف خطير لأنه متعلق بروح الإنسان الذي هو جوهر ومعنى إنسانيته فإذا لم يهذب الروح يزك بالعبادة الواعية والطاعة الحية والإخلاص المعطاء، فإنه يسقط فريسة لرغبات الجسد الهابطة التي تنحدر به في مهاوي الشرور المظلمة، وينطبق عليه قوله تعالى: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُون2.

والظلمة والجناة وكل المفسدين في الأرض نماذج لموت الروح وانحدارها من وهج الرفعة إلى دياجي الضعة.

3- المسؤولية الاجتماعية: منشؤها الطبيعة الاجتماعية للإنسان التي تصبح صفة ملاصقة له وعلى مرور الزمن. فعدم التفاعل مع المجتمع الإنساني يعرقل عليه بلوغ المراحل الابتدائية للكمال. وقد تطرق الإسلام إلى هذه المسؤولية، فأشار إليها على لسان الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قائلاً: "لا رهبانية في الإسلام"3.
ويمكن تقسيم المسؤوليات الاجتماعية على قسمين:

أ- الوظائف التي ترتبط بالأسرة، وكيفية إدارتها.
ب- الوظائف العامة المرتبطة بالعلاقات البشرية ويتجلى القصور في أدائها عند هبوط الروح أو فتورها. وإذا لم يتدارك الإنسان حاله يتعاظم عليه الأمر، وينحسر عن سلم الكمال.

المسؤولية الأسرية

تعد هذه المسؤولية أكبر المسؤوليات، لما لها من أبعاد متشعبة يجب الانتباه إليها بدقة، وذلك بتحكيم الموازين الإلهية والسنة النبوية وسنة الأئمة الهداة عليه السلام.

وفي صدر الإسلام نزلت آية تتحدث عن عذاب جهنم كانت السبب في خروج عدة من الشباب إلى الصحاري تاركين الحياة خلفهم خوفاً من أن ينزلقوا في متاهات يمكن أن تؤدي بهم إلى نار جهنم وعذابها. فقد أخذ أحدهم على نفسه أن لا يضاجع زوجته بعد نزول هذه الآية المباركة، وأن لا يحادث النساء ويتصل بهن مادام حياً، وعاهد آخر نفسه أن لا يخالط الناس واباح لنفسه الخروج على السمؤوليات الاجتماعية بينما صمم الثالث على ان لا يدخل جوفه طعاماً لذيذاً أبداً.

فذهبت زوجات هؤلاء الثلاثة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشرحن له أحوالهن الزوجية، فتأثر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حال سماعه لهن وأسرع إلى المسجد وكان مغضباً حتى إنه لم يعبأ بوضع عباءته على كتفيه فقد كان أحد طرفيها يلامس الأرض، فيثير خلفه الغبار. وحين استقر به الأمر في المسجد قال صلى الله عليه وآله وسلم: "النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني"4.

كذلك أشار القرآن الكريم لمثل ذلك حين قال جل وعلا: ﴿وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيم 5.
تعلمنا هذه الآية الشريفة كيف يجب أن نعمل حين الشعور بالفقر وأن لا يكون الفقر طريقاً للابتعاد عن سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبالخصوص الابتعاد عن الزواج وتشكيل الأسرة.

أجل، إن مسؤولية تشكيل الأسرة مسؤولية كبرى وخطيرة، لما تتميز به من خصوصية بشأن الزوجة وتربية الأولاد علاوة على التكاليف الملقاة على عاتق كل ركن من أركان الأسرة. إن التكاليف هذه هي الأساس الوحيد لحفظ سلامة الأسرة وألفتها ومحبتها على طريق التسامي والقيم.

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ6.
وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ7.

هنا ومن خلال الحديث عن كيفية السلوك الأُسري في مقام الزوجية بشكل مفصل سوف نتناول وظائف الزوجة ووظائف الرجل وتكاليفه قبال زوجته، وأولاده ووالديه وبيته بشكل عام. كذلك سنتطرق إلى كيفية الحفاظ على مركزية الأسرة وطريقة الابقاء على الاحترام المتبادل بين أفراد الأسرة الواحدة، والابتعاد عن كل ما يكدر صفوها، والاستمرار في البحث عن الوسائل التي من شأنها أن ترفع الأسرة وتنأى بها عن الأسباب التي قد تخرجها من الوضع الطبيعي إلى وضع يبعث على الكسل والخمول والتواني في إنجاز ما يجب أن يقوم به كل فرد من أفرادها. وبلوغها هذا الوضع يجرها إلى التفكك الذي يستتبع انهيار الجماعة وإخفاقها في بناء الحياة السعيدة.

﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ .


1- الإنسان، 3.
2- الأنفال، 22
3- نيل الأوطار ، الشوكاني ، ج6 ،231 .
4- شرائع الإسلام ، المحقق الحلي ، ج2 ، ص492 .
5- النور، 32
6- التحريم، 6
7- الزمر، 15

16-04-2010 | 07-43 د | 2316 قراءة

الإسم
البريد
عنوان التعليق
التعليق
لوحة المفاتيح العربية
رمز التأكيد


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net