الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
المنصور العباسي ومعاملة أئمة المسلمين
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم

بعد أن سيطر وتمكَّن سلطانه، وقتل الإمام جعفر الصادق «عليه السلام»، وأظهر اهتمامه بالفقهاء والمحدثين.. توافد عليه العلماء متقربين إليه، لعله يختار أحدهم فيجعله إماماً كما فعل بمالك، أو يقبل كتابه فيعطيه ويغنيه! لكن المنصور لم يكن يقبل إلا ما يخدم هدفه، حتى لو كان حديث جده عبد الله بن عباس! قال أحمد بن حنبل في العلل: 2 / 312: (قدم بن جريج على أبي جعفر (المنصور) فقال له: إني قد جمعت حديث جدك عبد الله بن عباس، وما جمعه أحد جمعي، أو نحو ذا، قال: فلم يعطه شيئاً! فضمه إلى سليمان بن مجالد... فأحسن إلى ابن جريج يعني أعطاه وأكرمه، فقال له بن جريج: ما أدري ما أجزيك به، ولكن خذ كتبي هذه فانسخوها فبعضها سماع وبعضها عرض).

أقول: لم يفهم ربيعة الرأي التوجه السياسي للمنصور ضد علي «عليه السلام» وأبنائه، وأن أحاديث جده ابن عباس لا تنفعه! فقد كان ابن عباس تلميذاً مطيعاً لعلي «عليه السلام»، مدافعاً عنه، ناطقاً بفضائله، صادعاً بتفسير آيات الله فيه، وأحاديث النبي «صلى الله عليه وآله» القاصعة في مكانته في الإسلام ووصيته له بالخلافة! وكلها تنقض ما يريده المنصور من تمجيد جده العباس وأنه الوارث والمورث الوحيد للنبي «صلى الله عليه وآله»، وبعده أبو بكر وعمر رغم طمعهما وأخذهما الخلافة وهي للعباس وأولاده! لكن رضي الله عنهما فهما خير من علي وأبناء علي الذين نازعوهم! وتقدم كيف كان المنصور يعامل أبا حنيفة، وقوله له: (أنت صاحب حيل، فالله شاهد عليك أنك بايعتني صادقاً من قلبك؟ قال: الله يشهد عليَّ حتى تقوم الساعة! فقال: حسبك. فلما خرج أبو حنيفة قال له أصحابه: حكمت على نفسك بيعته حتى تقوم الساعة! قال: إنما عنيت حتى تقوم الساعة من مجلسك إلى بول أو غائط أو حاجة حتى يقوم من مجلسه ذلك) ! (كتاب الإتقاء لابن عبد البر / 159).

وتقدم إجبار المنصور أبا حنيفة أن يعمل في عدِّ الآجر في بناء بغداد! مع أنه تبنى مذهبه، وجعل حفيده الرشيد تلميذه أبا يوسف قاضي قضاة الدولة! وكذلك كان تعامل المنصور مع بقية الفقهاء الكبار الذين عين منهم قضاة وعزلهم! أو جعلهم أئمة مذاهب ثم أهانهم أو أهملهم أو قتلهم كأبي حنيفة! ومن أشهرهم بعد مالك وأبي حنيفة وأبي يوسف القاضي: ابن شبرمة، وابن أبي ليلى، وسوار بن عبد الله، وشريك بن عبد الله وأياس بن مطيع، وعبد الله بن المبارك. ونختم بهذا النموذج من شيطنة المنصور واحتقاره لهم: قال ابن حيان في أخبار القضاة: 3 / 142: (قال محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: تغديت عند أبي جعفر وقد ولاني الفتيا، فأتى بصحفة مصببة فيها مثال رأس، فقال لي: خذ أيها الرجل من هذا، فجلعت أضرب بيدي إلى الشئ فإذا وضعته في فمي لم أحتج إلى مضغه يسيل! فلما فرغنا جعل يلعق بيده الصحفة ويلحسها فقال: يا محمد تدري ما تأكل؟ قلت: لا يا أمير المؤمنين! قال هذا مخ الثنيتان معقود بالسكر الطبرزد! تدري بكم تقوَّم الصحفة؟ قلت: لا يا أمير المؤمنين! قال: بثلاثمائة وبضعة عشر... فلما خرج ابن أبي ليلى من عنده رفع رأسه إليَّ مع الحاجة فقال: يا ربيع لقد أكل الشيخ عندنا أكلة لا يفلح بعدها أبداً). انتهى.

أقول: يقصد المنصور أن هذا القاضي ما دام أكل هذه الأكلة فقد عشقها وأدمن عليها، وسيبيع دينه من أجلها ويكون مطيعاً للمنصور فلا يفلح بعد اليوم! وفي ذلك دلالات عديدة! والطبرزد نوع من السكر، ولم أجد معنى كلمة مخ الثنيتان أو الثيتان، ويشبه أن يكون مخ طائر معين لارتفاع ثمن الطبق منه فهو يعادل في عصرنا عشرة آلاف دولار! لأن ثمنه أكثر من 300 درهم، وثمن الخروف الجيد يومها خمسة دراهم أو أربعة (أسد الغابة: 3 / 341) وثمن الأرنب ربع درهم (جامع بيان العلم لابن عبد البر: 2 / 104). وربما كان في أكلة المنصور خمر أو مادة مخدرة توجب الاعتياد! ولعلها من أكلات ملوك الفرس والروم، وقد ذكر ابن حمدون في تذكرته: 1 / 11، شبيهاً لها عند معاوية، قال: (قال الأحنف: دخلت على معاوية فقدم إليَّ من الحلو والحامض ما كثر تعجبي منه، ثم قدم لوناً ما أدري ما هو، فقلت ما هذا؟ قال: مصارين البط محشوة بالمخ (مخاخ العصافير) قد قليَ بدهن الفستق وذُرَّ عليه الطبرزد، فبكيت، فقال ما يبكيك؟ قلت: ذكرت علياً، بينا أنا عنده فحضر وقت إفطاره فسألني المقام، إذ دعا بجراب مختوم، قلت: ما في الجراب؟ قال: سويق شعير، قلت خفت عليه أن يؤخذ أو بخلت به؟ قال: لا ولا أحدهما، ولكني خفت أن يلتَّه الحسن والحسين بسمن أو زيت. قلت: محرم هو يا أمير المؤمنين؟ قال: لا ولكن يجب على أئمة الحق أن يعتدوا أنفسهم من ضعفة الناس لئلا يٌطغي بالفقير فقره! قال معاوية: ذكرتَ من لا ينكر فضله). ونثر الدرر / 137، وحلية الأبرار: 2 / 233.


* الشيخ علي الكوراني العاملي – بتصرف يسير

02-05-2016 | 15-49 د | 1261 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net