الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
هل تواسي أهلَ البيت بمصابهم؟
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

ينبغي للموالي لآل محمّدٍ صلوات الله عليهم بِحُكم الولاية والوفاء، والإيمان بالله العليِّ العظيم والرّسول الكريم، أن يتغيّر حاله في العشر الأُوَل من المحرّم، فيظهر في قلبه ووجهه وهيئته آثارُ الحزن والتّفجّع من هذه المصائب الجليلة، والرّزايا الفجيعة، ويترك لا محالة بعض لذّاته؛ في مَطعمه ومَشربه، بل في مَنامه وكلامه أيضاً، ويكون بمثابة مَن أُصيب في والده أو وَلده، ولا يكون حُرْمة ناموس الله جلَّ جلالُه وحُرْمة رسوله العزيز وحُرْمة إمامه، أَهْوَن عنده من حُرْمَة نفسه وأهله، ولا يكون حبّه لنفسه وولده وأهله أقلّ وأدوَن من حبّه لربّه ونبيّه وإمامه صلوات الله عليهم، والله تعالى يقول: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا..﴾ التوبة:24.

وقد رأيتُ بعضَ أولادي الصّغار تركَ في العَشر الأُوَل في مأكله الإدام، فكان يأكل الخبزَ الخالي، ولم يكن أحدٌ -في ما أعلم- قد قال له عن ذلك، فعلمتُ أنّ حبَّه الباطني بَعَثَه على هذا الفعل .فإنْ لم تسمح بذلك نفسُك في العشر كلِّها، فلا محالة تترُكه في اليومَين التّاسع والعاشر، واللَّيلة الحادية عشرة. [أي إذا لم تسمح النّفْس بترك ما اعتادت عليه في العَشر كلِّها، فلا أقلّ من تركها في الأوقات المشار إليها]

- ويزور في العشر الأُوَل كلّ يوم بالزّيارة المعروفة بـ «عاشوراء»، ويترك في العاشر الأكل والشّرب إلى العصر، بل والتّكلُّم إلَّا لضرورة، ويترك لقاء الإخوان، ويكون اليومُ يومَ حزنِه وبكائه .

- فإنْ استطاع أن يُقيم عزاءَه عليه السلام في بيتِه خالصاً لله فليفعل، وإلَّا ففي المساجد أو بيوت أصدقائه، ويُخفي ذلك عن النّاس لِيَبعُدَ عن الرّياء ويقرب من الإخلاص. ولْيَحضر بعضَ يومه في مجامع العزاء ويخلو في الباقي، ويكون نظرُه في الحزن والبكاء، ومواساة أهل البيت عليهم السلام، وما أصاب الحسين عليه السلام من جهة الأعداء من الصّدمات الظّاهرة.

ولكن لا يغفل أنّه عليه الصّلاة والسّلام، وإن كان يُصيبه في الظَّاهر من الصّدمات ما لم يُسمع أنّ مثلَه قد أصاب أحداً من الأنبياء والأوصياء، بل أحداً من العالمين -لا سيّما عطشُه الذي ورد فيه ما لا تحتمله العقول من ألفاظ الأحاديث القدسيّة وغيرها، ومصيبته من جهة المستشهَدين من أهله، والمأسورات من حُرَمِه، فكأنّه عاهد الحبيبَ على أن يتحمّل في رضاه القتل بكلّ ما يُقتَل به سائرُ المقتولين؛ من الذّبح والنّحر والصّبر والجوع والعطش والأحزان وغيرها- ولكن كان يصل مع ذلك إلى روحه الشّريف من بهجات تجلَّيات أنوار الجمال، وكشف سُبحات الجلال، وشوق اللَّقاء والوصال، ما يهوّن به عليه تلك الشّدائد، بل يحوّل شدَّتها إلى اللَّذة كما أخبر الإمام السجّاد عليُّ بن الحسين عليهما السلام: «لمّا اشتدّ الأمر بالحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهما السلام، نظرَ إليه مَن كان معه فإذا هو بخلافهم، لأنّهم كلّما اشتدّ الأمر تغيَّرت ألوانُهم وارتَعَدت فرائصُهم وَوَجلت قلوبُهم، وكان الحسين عليه السلام وبعضُ مَن معه من خواصّه تُشرِقُ ألوانُهم وتهدأُ جوارحُهم وتسكن نفوسُهم، فقال بعضهم لبعض: انظروا لا يبالي بالموت!

فقال لهم الحسين عليه السلام: صبراً بني الكرام، فمَا الموتُ إلَّا قنطرة تَعبُر بكم عن البؤس والضّرّاء إلى الجنان الواسعة والنِّعَم الدّائمة، فأيُّكم يكره أن ينتقل من سجنٍ إلى قصر، وما هو لأعدائكم إلَّا كَمَن ينتقلُ من قصرٍ إلى سجن وعذاب».

ولكنّ المصائب والشّدائد الواردة على جسده المبارك، وعلى قلوب أهل بيته المحترمين، وما هُتِكَ في الظَّاهر من حرمتِه، إنّما يُذهب الأرواح ويُهيِّج الأحزان.

هو حبيبُ حبيبِ الله
• فَلْيُظهِر أيضاً مَن كان من أوليائه -مواساةً لسيّد السّادات- من الحزن والفجيعة ما يُناسب هذه المصيبة الجليلة، فكأنّها وَرَدَت على نفسه، وعلى أعزّته؛ أولاده وأهله، فإنّه عليه السلام أَوْلى به من نفسه بنصِّ جدّه صلوات الله عليه وآله، وإنّه صلوات الله عليه قَبِلَ هذه المصائب، وفدى شيعتَه بنفسه الشّريفة لِيُنجيهم من العذاب الأليم، وأَيْتَمَ أولادَه وأعزّتَه، ورَضِي بأَسْرِ حُرمَه ونسوته، وأُخته زَيْنب وابنتِه سُكينة سلام الله عليهما، ورَضِيَ بذَبْح ابنيَه عليٍّ الأصغر، وعليٍّ الأكبر، وإخوته وعترتِه، ليُنقذ شيعتَه من الضّلالة، ومن الاقتداء بالمضلِّين الهالكين المهلكين، لئلّا يُعذَّبوا بالنّار، ولِينجوا من عظيم الأوزار.

وقد تحمّل هذا العطش العظيم لِيخلِّصَ شيعتَه من عطش يوم القيامة، بأنْ يسقيَهم من الرّحيق المختوم. فيجب بحكم كريم الصّفات في الوفاء والمواساة، أن يبذل شيعتُه أيضاً له ما بَذَلَه صلوات الله عليه لهم، ويفْدوه بأَنفسَهم كما فداهم بنفسه. وهم وإنْ فعلوا ذلك لَمَا أدُّوا حقّ المواساة، لأنّ نفسه الشّريفة لا تُقاس بالنّفوس، فهي بمنزلة نفْس النبيّ الكريم، وسيّدِ الخلائق أجمعين من الأنبياء والمرسَلين والملائكة المقرّبين؛ وهي [نفْسُ النبيّ صلّى الله عليه وآله] علَّةُ إيجاد العالَمين. وسيّدُ الشّهداء عليه السلام حبيبُ الله، وحبيبُ حبيبِ الله.

صِدقُ المقال:
• ويقول في صادق المقال ولسان الحال: يا سيّدي، يا ليتني كنت فداءً لك من جميع هذه البلايا وجُلِّ هذه الرّزايا، فيا ليتَ أهلي وأولادي كانوا مكانَ أهلك وأولادك مقتولين مأسورين. ويا ليتَ سهم حَرْمَلة لعنة الله عليه ذَبح رضيعي، يا ليتَ ولدي عليّاً قُطِّع عوض ولدك إرْباً إرْباً، ويا ليتَ كبدي تفتَّت من شدّة العطش، ويا ليت العطشَ حال بيني وبين السّماء كالدّخان، ويا ليتني فديتُكَ بنفسي من أَلَم هذه الجراحات، ويا ليتَ ذاك السّهم كان بمنحري، ويا ليتَ ذاك السّهم كان بمُقلتي وبمهجتي، ويا ليتَ حَرمي وأخواتي وبناتي وقعْنَ في هوان الأَسر، يُسَقْنَ في البلاد سَوْقَ الإماء، وَوُضِع بذلك عن أهلك الأسْرَ والهوان، فيا ليتنا دخلنا النّار، وابتُلينا بالعذاب، ودُفِعت عنكم هذه المصائب .

فإنْ كان الله جلَّ جلاله عَلِم من قلبك صدق هذه المقالات، قَبِلَك لصدق المواساة لأكرم السّادات، وأقعدَك مقعدَ الصّدق في جوارهم، وجَعَلَك من أهل ديارهم. ولكن الحذرَ الحذر من الغرور في الدّعوى، وإظهار هذا الرّضا بالبلايا، من غير أن يصدُق حالُك وقلبُك بِعُشْر عشيرها، ولا ترضى عند الإمتحان إلَّا بقليلٍ من كثيرها، فتكونَ قد بدّلت مقعد الصّدق ودرجة الصدّيقين، بهوان الكذِب وأسفل درك المنافقين .

فإنْ لم تسمح نفسك بمثل هذه المواساة، فلا تُظهِر الدّعوة الكاذبة، لا تهنْ نفسَك، بل قُل: يا ليتني كنت معك، وأُقتَلُ دونك، فأفوزَ فوزاً عظيماً. فإنْ لم يصدق قلبُك بحقيقة هذا التّمنّي أيضاً، فَعالج مرضَ قلبِك من حبّ هذه الدّنيا الدّنيّة، والرُّكون إليها، والاغترار بزخارفها، وتأمَّلْ في ما خاطب الله به اليهود في قولَه تعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ هادُوا إن زَعَمْتُم أنَّكُمْ أولِياءُ للهِ مِن دُونِ النّاسِ فَتَمَنَّوا الموتَ إن كُنتُمْ صادقِينَ﴾ الجمعة:6.

ولْيَقرأْ الموالي في آخر اليوم زيارة التّسلية [المقصود زيارة وارث، فقد ورد فيها: السّلام عليك يا رسول الله، أحسن اللهُ لك العزاءَ في ولدِك الحسين... أنظر: مفاتيح الجنان: أعمال اليوم العاشر]، ويختم يوم عاشورا بتوسُّلٍ كاملٍ بحامي يومه وخفيره من المعصومين عليهم السلام، في تقبُّل تعزيتِه، وفي إصلاح حاله مع الله جلّ جلالُه، ومع الحسين وجدّه وأبيه وأمّه وأخيه عليهم السلام، ويَعتذِر عن تقصيره .

من الوصايا الخاصّة بالعَشر الأوائل من محرّم:
1- دوامُ استحضارِ المصائب الواردة على سيّد الشهداء صلوات الله عليه.
2- قراءة زيارة عاشوراء يوميّاً.
3- إقامة مجالس العزاء في البيوت، وحضورُها حيث أُقيمت.
4- التّخلُّق بأخلاق أصحاب العزاء؛ من الاقتصاد في الطّعام كمّاً ونوعاً، وقلّةُ النّوم والكلام..


الفقيه العارف، الملكي التّبريزي قدّس سرّه - بتصرّف بسيط

29-09-2016 | 15-36 د | 1389 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net