الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
كلمة سماحة الإمام الخامنئي (دام ظله) بمناسبة أسبوع التعبئة
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

كلمة سماحة الإمام الخامنئي (دام ظله) بمناسبة أسبوع التعبئة 22/11/2017م

بسم الله الرّحمن الرّحیم[1]

الحمد لله‌ ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين لا سيّما بقيّة الله في الأرضين.

أرحّب بكم أجمل ترحيب. لقد كان لقاء اليوم حقًا لقاءً مفيدًا جدًا ومفعمًا بالعِبَر والدّروس، وقد تبيّن بأنّ التعبئة - الّتي هي ظاهرة قلّ نظيرها في الثّورة الإسلامية ومن إبداعات الإمام العظيم - لديها القابليّة بأن تشارك بشكل فعّال ومؤثّر في جميع القطاعات المطلوبة في البلاد؛ يمكن للتّعبئة أن تحلّ العُقد المستعصية. مجموع المتكلّمين والخطباء اليوم غطّوا في الواقع أغلب القطاعات وحاجات البلاد؛ قدّموا اقتراحات؛ اقتراحات مفيدة والكثير منها لديه قابلية التّنفيذ. بالطّبع فإنّنا بالنّسبة إلى آراء هؤلاء الأصدقاء واقتراحاتهم، ينبغي أن نعيّن مجموعة لتدرُس كل جوانبها وأبعادها، وتدقّق بالاقتراحات وتقرّبها للعمل والتنفيذ. أشكر من كلّ قلبي كلّ هؤلاء الإخوة والأخت المحترمة؛ والّذين تكلّموا وطرحوا هذه الأفكار.
التعبئة؛ حشد الإمكانات وتوظيفٌ للطاقات

وكما ذُكر، فإنّ قضية التعبئة هي قضية بالغة الأهميّة، إنّها قضية عميقة. التّعبئة تعني تجميع الإمكانات وتوظيف الطّاقات للوصول إلى هدف محدّد في أمرٍ مهم؛ هذا هو معنى التّعبئة. لو كانت الثّورة الإسلامية تتمتّع بكلّ ما لدينا اليوم، وليس لديها تعبئة عامّة وشعبيّة، لكان هناك خلل كبير في مسار وإنجازات الثّورة من دون شك.

إنّ منظمة المقاومة: "التعبئة"، والّتي هي اليوم، وبحمد الله، مجموعة فعّالة ومُنتجة، هي رمز للتّعبئة العامّة الشعبية؛ هي القسم المنظّم من التّعبئة العامّة الشّعبية.هذه المنظمة- منظمة التعبئة – حملت على عاتقها مسؤوليّات وواجبات هامّة؛ وهذه المهام الكبرى والحساسة والهامّة منتشرة ومتفرّقة في القطاعات والمجالات كافّة. جمهور هذه الحركة وهذا العمل، ليس منحصرًا بالشباب ولا بالرجال؛ بل الشّباب والفتيان والفتيات ومتوسّطي العمر والشيوخ من الرّجال والنّساء، الجميع مُخاطب في هذا التنظيم والتركيز الحسّاس لمنظّمة المقاومة "التّعبئة". في كلّ نظام وفي كل بلد، من يحسم الأمور ويقول الكلمة الأخيرة هي القوة البشريّة. البلدان المتطورة ماديًا قد وصلت إلى الذّروة في ذلك المجال المادّي بواسطة القوة البشرية المثابرة والفعّالة الّتي تركت الكسل وانطلقت للعمل وبذل الجهد – ولو كان في طلب الدّنيا والمال – وهذا مصداق لذلك الوعد الإلهي. الوعد الإلهي يقول إنّه إذا انطلقت مجموعة أو مجتمع في طلب الدّنيا وبذلوا الجهود، فإنّهم سيحقّقون هدفهم؛ وإن سعوا وراء القِيم المعنوية والتّعالي الحقيقي، وبذلوا الجهود، فإنّهم سيصلون ويحقّقون هدفهم: (كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وهؤُلاءِ مِن عَطاءِ رَبِّك)[2]‌؛ الله تعالى يساعد طلاب الدّنيا وكذلك فهو سبحانه وتعالى يساعد طلاب القِيم والعاملين للتّكامل؛ غاية الأمر أنّ أولئك الّذين تنحصر همّتهم في الأهداف المادّية للحياة، سيصلون لها، وبالتّالي لن يفهموا المعنى الحقيقي للحياة، لن يتذوّقوا طعم المعنويّات؛ هكذا هو الوضع بالطّبع.

لقد كانت الثّورة الإسلامية اقتراحًا[مشروعًا] جديدًا وكلمة وفكرة حديثة لحياة البشر. كان العالم الأسير لسيطرة ولعبة السلطة لدى القوى الكبرى،الّتي كانت تقود الناس والشعوب نحو المهالك الأخلاقية والمهالك الفكريّة المتنوّعة لكي تحافظ على قوتها؛ يحتاج إلى كلام جديد وفكرٍ جديد؛ لقد أنتجت الثّورة الإسلامية هذا الفِكر الجديد وأوجدته وعرضَته للعالم. هذا الكلام الجديد عبارة عن أنّ البشريّة يمكنها الوصول للتّطور المادي والتّقدم العلمي وكلّ النّمو والرّشد المناسب للقِيم الإنسانية بالتّرافق مع كسب رضى الله والمحافظة على القِيم الإلهية، وأن تنقذ الدّنيا من هذه الجهنم الّتي أوجدها طلّاب السّلطة في العالم والسّياسيّون البعيدون عن المعنويات، فتمكّن البشرية من خلق جنة لها في هذه النشأة في الدنيا؛ جنّة الطّمأنينة، جنّة الهدوء والسّكينة، جنّة تحمّل المسؤولية، جنّة العلاقة بالله تعالى. هذه هي رسالة الثّورة الإسلامية.

"الجمهورية الإسلامية": الإسلام الّذي يحلُم به المسلمون
في مقام تحقُّق هذه الرسالة، بالطّبع هناك واجبات وهناك ممنوعات؛ لكي يتحقق عالم كهذا،ينبغي ألّا يكون هناك ظلم، ولا استبداد،ولا تمييز طبقي وفروقات طبقية، ولا غرق في الشّهوات ولا فساد عملي ولا فساد فكري؛ هذه ممنوعات مما يجب ألّا توجد وما هو ضروري ولازم لتشكيل إجتماع كهذا. هناك واجبات ممّا يجب أن يكون: يجب أن يكون هناك إخلاص، أن يكون هناك شعور بالمسؤوليّة، يجب أن يكون هناك بذل للجهود والمثابرة، مجاهدة وعمل،أن يكون الهدف هو كسب رضى الله تعالى؛ هذه هي الواجبات أيضًا.

القالب الّذي تمكّن من جمع هذه المنظومة من الواجبات والممنوعات والقِيَم والآمال والأهداف في نفسه هو كلمة "الجمهورية الإسلامية"؛ لذلك قال الإمام "جمهورية إسلامية"، من دون زيادة كلمة ولا نقصان كلمة. "الجمهورية" تعني الاستناد إلى قوّة الشعب، إلى قدرة النّاس وإرادتهم، إلى إيمان النّاس وإبداعاتهم؛ أي القوّة البشريّة، وهي أهم عامل للتّقدم؛ و"الإسلامية" تعني لأجل الله وفي سبيل الله، الاتجاه نحو رضى الله، في إطار القِيَم الإلهيّة والإسلاميّة.هذا هو معنى الجمهورية الإسلامية؛ لقد كانت كلامًا وفكرًا جديدًا في العالم. كان هناك -ولا يزال - الكثير من الّذين يتحدّثون عن الإسلام في العالم؛ كان عددهم كبيرًا، وفي أشكال وأُطر متعدّدة؛ لكن الفرق كبير بين الإسلام الّذي يتحقّق ضمن إطار نظام سياسي في بلد ما؛ وبين ذلك الإسلام الّذي يُذكر في خُطَب أو يكتب عنه في مقالات ويُعرض في حوارات داخل نظام جاهلي أو نظام طاغوتي، ويتمّ الحديث عنه وتكراره ولكنّ الحياة الواقعية هي حياة طاغوتية؛ الفرق شاسع جدًا بين هذَين الإسلامين. لقد جسّدت الجمهوريّة الإسلاميّة الإسلام، الإسلام الّذي يحلُم به المسلمون ويتمنّونه،وحقّقته داخل منظومة جغرافيا وحدود جغرافية - أي إيران- في قالب نظام سياسي. بعون الله وهدايته ويقظة ووعي الإمام العظيم ومجاهدة الشّعب وتضحياته، تمّ وضع القاعدة الأساسية وطرح التّصميم الأصلي.

وبالتّأكيد، لا يزال هناك فراسخ ومسافات طويلة للوصول إلى الهدف المنشود والمقصود الأصلي والأساسي؛ لا إشكال في هذا؛ يجب علينا طيّ هذه المسافة الفاصلة.

فقد كان الأمر هكذا أيضًا في أصل ظهور الإسلام؛ في ذلك اليوم الّذي أسّس نبي الإسلام المكرّم دولة إسلاميّة في المدينة،لم تكن كلّ الأهداف الإسلامية محقّقة في ذلك الزّمان وتلك المرحلة؛ وكذلك كان الوضع إلى آخر العمر المبارك للرّسول؛ هي أهداف ينبغي أن تتحقّق بالتدريج وكانت تتحقّق بشكل تدريجي، وهذا يتعلّق بحضور ومشاركة تلك القوّة البشريّة المطلوبة والّلازمة ذات الإرادة والعزم أو عدم حضورها ومشاركتها.

تعبويّ: أن تستشعر المسؤوليّة
التعبئة تعني ذلك الشيء الّذي يؤمّن هذه النّقيصة؛ تعني أن يعتبر آحاد الناس وأفراد القوّة البشريّة أنفسهم مكلّفين بتحقيق الأهداف العليا؛ كلّ الّذين هم مشغولون ويبذلون الجهود في القطاعات والمجالات المتعدّدة: القطاع العسكري والمدني، الجيش وحرس الثورة والأمن الداخلي والشرطة والأقسام البلديّة والمحليّة المختلفة، الجهود المتنوعة، الباذلون للجهود في الميادين كافّة، عندما يشعرون بالمسؤولية ويتبنّون هذه الحركة وهذا النّهج بهذا الأسلوب في مسيرتهم، فهم تعبويّون. بالتّأكيد، ذكرنا بأنّ بحث منظّمة التّعبئة هو بحثٌ آخر، فالمنظّمة هي رمز،نموذج فعّال وعملي محدّد، لكن كلمة التّعبئة، عنوان التّعبئة، هو الاستناد إلى كلّ أفراد الشّعب النّشطاء والفعّالين.

أمّا منظمة المقاومة "التعبئة" والّتي هي إحدى أركان حرس الثورة الإسلامية؛ فهي مجموعة بالغة الأهميّة وشديدة التّأثير وضرورة مطلوبة. كلّ واحد منكم، أيّها الحاضرون هنا، هو منظومة ومجموعة من الفكر والإرادة والعزم والإيمان وروح الإبداع. مئات الأضعاف بل لعلّ آلاف الأضعاف المضاعفة من هذا الحضور الّذي شرفنا هنا، هم أفراد الناس، ومن الشباب في الغالب؛ لديهم أيضًا هذه المميزّات والخصوصيّات؛ أي إنّ كل واحد منهم هو فكر وعزم وإيمان وإرادة وقدرة على الإنتاج والحركة. الأمر المهمّ هو أن تقوم كلّ هذه القوى والعزائم والإرادات بمساعدة بعضها البعض والتّكامل فيما بينها. منظّمة المقاومة "التّعبئة"، في الحرس الثّوري تحمل هذه المهمّة على عاتقها؛ مسؤولية التّنسيق وإدارة الانسجام ووضع هذه الطّاقات والقدرات والعزائم في الشّبكات النّاشطة والفعّالة للحركة؛ هذه المسؤولية هي على عاتق هؤلاء في منظّمة التعبئة.

 لقد رأيتم واطّلعتم؛ أنّ لدينا في مجال الصناعة والزراعة والفن والبناء وفي المجالات المتعدّدة، في جميع المجالات، لدينا كلامًا وأفكارًا قد بيّن الأصدقاء بعضها في كلماتهم، كذلك لدينا حاجات؛ حاجة للحركة، حاجة للتّفكير، حاجة لاتّخاذ القرار، حاجة للعزم الرّاسخ، كي نتمكّن من الوصول لتلك المقاصد الحقيقية والأهداف السّامية للجمهورية الإسلامية، وتحقيقها لبلادنا؛ كلّ هذا يحتاج إلى الحركة المطلوبة والتّحرك الضّروري. يتحقّق هذا التحرّك من خلال تنظيم قوى المقاومة "التعبئة" والنّظرة الشمولية ذات الأبعاد المتعدّدة لهذه القوّة. وأنتم تشاهدون فجأة، قيام حركة عظيمة في البناء والإنتاج والتقدّم في القطاعات المختلفة، مترافقة مع الإيمان والبصيرة والإخلاص على يدِ ملايين من الأفراد في البلاد؛ هذا أمر مبارك وبالغ الأهميّة! هذه هي قوّة المقاومة "التّعبئة "وهذه هي المسؤوليّة الثّقيلة الّتي يجب أن تُنجز.

يجب ألّا يُعطى العدوّ هذا المجال..
يا أعزائي! إنّ عداوة أعداء الحق وأعداء الله لا تنتهي؛ هناك عداوات موجودة. إعمال هذه العداوات وتفعيلها من قبل أعداء الله يتعلّق بما يرَونه من قدرة لديهم على العداوة والخصومة؛ إذا شاهدوا ضُعفًا من الطّرف المقابل ولاحظوا أنّهم قادرون على إعمال عداوتهم، فإنّهم ينفّذونها ويقومون بها من دون أي مراعاة ولا أي مجاملة. أولئك الأشخاص الّذين ينزعجون من ذِكر كلمة العدو ويقولون "لماذا تكرّرون دومًا كلمة العدو لهذه الدرجة"! هم غافلون عن هذه المسألة؛ غافلون عن أنّ العدو، وبمجرّد أن يجد مجالًا، يسدّد ضربته من دون أي تردّد ولا تأخير. يجب ألّا يُعطى العدو هذا المجال؛ يجب ألّا يحدث أي عمل أو قول أو حال، ممّا يشجع العدو على الاعتداء وتفعيل الخصومة. هذا أصل؛ هو أصلٌ دائم؛ هذا أصلٌ عقلائي.

هذه الآيات الكريمة الّتي تُليت في بداية اللقاء: (رَبَّنَا اغفِر لَنا ذُنوبَنا وإسرافَنا في اَمرِنا وثَبِّت أقدامَنا وانصُرنا عَلَى القَومِ الكافرین)[3]، أولئك الّذين صمدوا، المقاتلون البواسل وأبطال ساحات المقاومة الّذين وقفوا مع الأنبياء واستمدّوا العون من الله وتحركوا، قد كافأهم الله على صمودهم وثباتهم؛ (فآتاهُمُ اللهُ ثَوابَ الدُّنيا وحُسنَ ثَوابِ الآخِرَة)[4]. وليس الأمر بأنّكم إن جاهدتم في سبيل الله فإنّه تعالى سيُعطيكم الجنّة فقط! كلّا، ليس ثواب الآخرة فقط، بل ثواب الدّنيا أيضًا. ما هو ثواب الدنيا؟ ثواب الدنيا هو العزّة، الاقتدار، التقدُّم، عنفوان شعب وافتخار بلاد؛ ثواب الدّنيا هو أنّ الجمهوريّة الإسلاميّة طوال هذه السّنوات الثّماني والثّلاثين كانت تواجه مؤامرات العدو- منذ انتصار الثورة وإلى الآن، كنّا في مواجهة العداوات المتنوّعة للعدو، أي الاستكبار العالمي والصّهيونية والرّجعية وأمثالها- وفي الوقت نفسه قد تقدّمنا مئات الأضعاف، لعلّه يمكن القول آلاف الأضعاف في الأبعاد المختلفة عمّا كنّا عليه في بداية الثّورة، لقد تقدّمنا وتطوّرنا وامتلكنا القدرة والاقتدار أكثر فأكثر؛ فليتمّ تحليل قضايا البلاد بشكل صحيح! البعض يحلّلون بشكل أعوج أعرج.

معجزة من معجزات الثّورة!
لاحظوا،على سبيل المثال؛ البعض ينظر فيرى في مكان ماحالات من عدم الاعتقاد وعدم الإيمان والّلامبالاة، فيتّخذ من هذا دليلًابأنّ الثّورة قد ضعفت في البلاد، وأنّ نظام الجمهورية الإسلاميةقد تراجع في البلاد؛ الأمر ليس كذلك؛ منذ بداية الثورة كان هناك أعداء، وكان هناك مخالفون. واليوم يقوم العدوّ بتعزيز هجومه من كلّ الجهات، ولكن لاحظوا في الوقت نفسه، كيف أنّ حركة الشباب المؤمن في البلاد، كم هي حركة مباركة وجذّابة وجميلة. أن ينزل إلى الميدان، بعد ثماني وثلاثين سنة، شباب لم يشاهدوا الإمام ولا حضروا مرحلة الدّفاع المقدّس، لم يدركوا الثّورة، وهاهم يشاركون ويؤثّرون في المنطقة بهذه الطريقة؛ حقًا إنّها معجزة من معجزات الثورة. استطاعت الجمهورية الإسلامية في المنطقة - أي أنتم أيّها الشباب- استطعتم أن تركّعوا أمريكا وتهزموها. كلّ الجهود والأعمال الّتي كانوا يقومون بها والمؤامرات الّتي خططوا لها، كانت لإبعاد هذه المنطقة عن الفكر الثوري والإسلامي؛ كان هدفهم كلّهم في الواقع، أن يقضوا على هذا الفكر - الثّوري والمقاوم الّذي انتشر في المنطقة - ويدفنوه، ولكن ما حصل كان بالعكس تمامًا!

وقعت أحداث خطيرة في سوريا والعراق، أوجَد الأعداء غدّة سرطانيّة ليتمكّنوا من خلق تيار معادٍ للمقاومة، وأنتم استطعتم أن تواجهوا وتقضوا على هذه الغدّة السرطانيّة؛ لقد انتصر الشباب؛ هؤلاء الشّباب المؤمنون. في الحقيقة، إنّ أولئك الّذين نزلوا إلى ميدان المجاهدة هذا وتمكّنوا من تركيع العدو؛ هم من الّذين كانوا يتحلّون بهذا الشّعور التّعبوي ويستمدّون من قوّة التّعبئة.

والأمر نفسه كذلك في جميع القطاعات والمجالات. إنّ لدينا، في قضية العلم وفي قضية التقنية وفي الصّناعة والزراعة، في الخدمات، في إعمار البلاد، في القضايا المعنوية والثقافية، في القضايا الفنيّة، ساحة عمل واسعة جدًا، ممـّا يجب أن ينجز على أيديكم أنتم أيّها الإخوة والأخوات في التّعبئة بوصفكم روّاد هذا الميدان. هناك ملايين الأشخاص في البلاد ليسوا ضمن منظمة التعبئة ولكنّهم تعبويّون في الواقع، ويتحلَّوْن بقدرة النّزول إلى هذه الميادين والمشاركة الفعّالة؛ هذه القابليّة والطّاقة العظيمة موجودة اليوم في البلاد. نشكر الله ونحمده بأنْ وهب هذه الطّاقة وهذا الرّصيد العظيم.

حافظوا على التّعبئة.. حافظوا على الخصوصيّات المطلوبة والمـُعتبرة في التّعبئة والّتي كانت موجودة بحمد الله. البصيرة هي إحدى هذه الخصوصيّات؛ معرفة العدو؛ معرفة سُبل مواجهة العدو؛ فَهْم ألاعيب العدوّ. على شبابنا المؤمن أن يعرف بأنّ أحد أساليب العدو هو بأن يجعلهم لا مبالين وغير مهتمّين بالقِيم العملية الإسلامية؛ في مجال مسائل الحياة الشّخصية، المسائل العائليّة، القضايا المختلفة.

أحد أساليب العدو هو إدخال اليأس إلى قلوب شبابنا والقضاء على الأمل لديهم؛ بأن يُلقي "نحن لا نقدر، لا يمكن مواجهة هؤلاء؛... "كما نرى وللأسف بأنّ البعض أصبح "مكبّر صوت" للعدو، فينشر هذه الأقاويل في أجواء المجتمع، مكرّرًا بأنه "لا يمكن مواجهة هؤلاء"؛ لماذا لا يمكن؟ لقد وقفت الجمهورية الإسلامية مقابل الطامعين المستبدين وانتصرت على العدو في كلّ المواجهات! كيف تقولون إنّ هذا غير ممكن؟ لقد استطاع الشعب الإيراني أن يقضي على النظام الملكي ويقتلع هذه الشجرة الخبيثة العتيقة من هذه البلاد ويرمي بها بعيدًا؛ مع أنّ أمريكا كانت داعمة لهذا النّظام وكذلك أوروبا وهؤلاء الرّجعيين في المنطقة أيضًا. واستطاع الشعب، في هذا العالم الّذي يصول ويجول فيه الكفر والإلحاد وعدم الإيمان والّلامبالاة، أن يحافظ على نظام الجمهورية الإسلامية بكلّ أبعاده في هذه البلاد وأن يتقدّم بهذا النظام للأمام يومًا بعد يوم؛ استطاع أن يخلق عوامل وعناصر القوة والاقتدار لهذا النّظام.العِلم هو أحد عناصر الاقتدار، والقدرات العسكرية هي من عناصر الاقتدار.

جرّبنا واختبرنا.. إنّنا قادرون!
ومن عناصر الاقتدار أيضًا القدرة على التأثير في أفكار وتوجهات الشعوب الأخرى؛ لقد استطاع الشعب أن يوجد هذه العناصر،كيف تقولون أنتم إنّه لا يستطيع؟ وما سيأتي في المستقبل أيضًا سيكون كالّذي مضى، وستتمكّن الثورة الإسلامية بتوفيق الله من بلوغ الأهداف العليا الّتي رسمتها لنفسها منذ البداية؛ على أيديكم أنتم أيّها الشباب، بواسطة الجيل المؤمن المنتشر حاليًا في أرجاء البلاد. نحن قادرون، لقد جرّبنا واختبرنا بأنّنا قادرون. القدرة ليست مجرّد اعتقاد صرف فقط، ليس اعتقادًا بالغيب فقط، بل نحن شاهدنا بأعيننا بأنّنا قادرون. البعض يقرأ آيات اليأس! بأنه يجب أن نراعي القوى الكبرى ويقومون بمسايرة هذه القوى؛ كلّا، أنتم شاهدتم هذه المؤامرات العديدة المتتالية في المنطقة، والّتي قامت بها أمريكا والصّهيونية والرجعية العربية وغيرهم،كلّها قضي عليها بواسطة اقتدار الجمهورية الإسلاميّة، لقد فشلت وزالت؛ وإحداها كانت قضية هذه الفرقة التّكفيرية غير الإنسانية "داعش" والّتي قضي عليها والحمد لله، بهمّة الشباب، وهمّة الرجال المؤمنين، همّة الّذين يعتقدون بقوة المقاومة؛ حسنًا، لم يكن هذا عملًا بسيطًا، إنّه إنجاز كبيرٌ جدًا!

في بعض هذه البلدان المجاورة لنا نفسها، أحيانًا لم يكونوا يصدّقون بإمكانيّة تحقيق إنجاز كهذا، والقيام بحركة كهذه، ولكنّهم نزلوا إلى الميدان وخاضوا غمار التّحدي ونجحوا، وصدّقوا هذا الاعتقاد. هكذا تصل رسالة الجمهورية الإسلامية ونداء الثورة، إلى الشّعوب وتطرًق مسامعها؛ بشكل عملي!

البصيرة ضرورة مطلوبة – وهي من الشّروط اللازمة- وكذلك المجاهدة والثّبات.

 يا أعزّائي!
إنّ الثّبات في هذا الطريق؛ الاستقامة على هذا الطريق، من أوجب الواجبات وأهم عوامل التقدُّم.

اسعوا واجهدوا أن تحفظوا محيطكم والأجواء من حولكم والأشخاص المرتبطين، بكم وقبل كلّ هذا، أن تحفظوا بواطنكم وقلوبكم، وفية وثابتة على هذه المثل العليا وهذه الطريق وهذه الأهداف العليا؛ أنتم ستنتصرون حتمًا، لاشكّ بأنّ النّصر سيكون حليفكم. وإنّني أرى ذلك اليوم، الّذي سيتحقّق فيه كلّ ما نقول اليوم، إنّه يجب أن يحصل وسيحصل إن شاء الله بتوفيق الله. وستقولون أيها الشّباب الأعزّاء: لقد أُنجزت هذه الأعمال. لدينا اليوم أعمال كثيرة مطلوبة في المجال الاقتصادي مما يجب أن نقوم به؛ في مجال الإنتاج وتوفير فُرص العمل وهذه الأمور – الّتي هي نقاط ضعفنا- أعمالٌ كثيرة يجب علينا إنجازها؛ في المجال الثقافي، أعمال كثيرة يجب علينا القيام بها؛ هذه الأعمال هي اليوم في حدود التّخطيط والبرمجة والبدء والتقدُّم وطيّ مراحل من هذه الأعمال والمشاريع، لكن في يوم ما، سوف تُنفّذ هذه الأعمال إن شاء الله على أحسن وجه. وهذا اليوم لن يكون بعيدًا جدًا إن شاء الله، ستتمكّن القوى الشّابة والمؤمنة من حلّ المعضلات الاقتصادية في البلاد؛ ستضاعف التقدّم العلمي في كلّ مجالاته، وعلى المستوى الثقافي، سيرسّخ الشباب سيادة المضمون الثقافي المميّز للثّورة والمفاهيم القرآنية والمعارف الإسلامية؛ وينشرونها في جميع أرجاء البلاد ومناطقها كافّة إن شاء الله؛ هذا ما سيحصل إن شاء الله، هذا ما سيتحقّق ولو عَميت أعين الأعداء. وبالتّأكيد، فإنّ الأعداء سيطرحون في كلّ يوم مكائد ومؤامرات جديدة؛ يجب على طاقاتنا المـُبدعة والمؤمنة والجاهزة للعمل، أن تنزل للميدان وتستعد، قبل أن يقوم العدو بإجراء خُططه ومكائده، فلتكن مستعدّة ولتواجه حِيَله وألاعيبه، ولتقم بالوقاية قبل أن يقوم العدو بما يخطّط له.

أسأل الله تعالى أن يحفظكم وأن يظهر لكم الانتصارات الكبرى إن شاء الله.

وأسأله تعالى لشهدائنا الأعزاء، سواءً الشّهداء الّذين ارتقوا في ساحات الحرب في سوريا والعراق- من أهالي تلك البلاد أو من البلدان الأخرى، الشباب الّذين نزلوا إلى الميدان بدافع الإيمان - أو الّذين جاهدوا داخل البلاد ونالوا الشّهادة، أن يحشر أرواحهم الطّيبة جميعًا مع أوليائه وأن يزيد يومًا بعد يوم عزّةَ وتوفيق الشعب الإيراني وعنفوانه ومجده. وأن يرفع الله مقام إمامنا العظيم - الّذي فتح لنا هذا الطريق- أكثر فأكثر في أعلى المقامات الأُخروية، وإن شاء الله أن يوفّقنا تعالى، نحن أيضًا، لنقرّب أنفسنا من قافلة الشّهداء السّعيدة.

والسّلام عليكم ورحمة‌الله وبركاته

[1] في بداية هذا اللقاء - الّذي اقيم بمناسبة أسبوع التعبئة - ألقى اللواء محمد علي جعفري (قائد حرس الثورة الإسلامية) والعميد غلام حسين غيب برور (رئيس منظمة تعبئة المستضعفين) وعدد من التعبويين كلمات في المناسبة.
[2] سورة الإسراء، الآية 20.
[3] سورة آل عمران، الآية 147.
[4] سورة آل عمران، الآية 148.ّ

07-12-2017 | 12-44 د | 1252 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net