الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1334 - 12 ربيع الثاني 1440 هـ - الموافق 20 كانون الأول 2018م
المطالعة وأهمّيّتها في الإسلام

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

محاور الخطبة
- أهمّيّة العلم والمعرفة في القرآن والسنّة.
- الثقافة متاحةٌ للجميع.
- فوائد القراءة والمطالعة.
- إرشاداتٌ لشقّ طريق المطالعة.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيّدنا محمّدٍ وآله الطيّبين الطاهرين.

مطلع الخطبة

قال الله -تعالى- في محكم كتابه: {اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ * اِقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ}[1].

"اِقرأ" هي أوّل كلمةٍ نزلت على قلب خاتم النبيّين وأشرف المرسلين، سيّدنا محمّدٍ (صلّى الله عليه وآله)، وإنّ فيها من الدلالة ما يكفي، على أنّ مفتاح حياة الإنسان نحو الحقّ، هو التأمّل والتفكّر. وفي طريق ذلك، تأتي القراءة والمطالعة؛ وبكلمةٍ أخرى، نيل المعرفة.

أيّها الأحبّة،
أهمّيّة العلم والمعرفة في الآيات القرآنيّة والأحاديث الشريفة
1- الآيات القرآنيّة
آياتٌ عديدةٌ وأحاديث كثيرةٌ، تؤكّد لنا أهمّيّة العلم وعظمتَه، وتدعونا إليه، وتحثّنا عليه، وهي تبيّن لنا فوائده ونتائجه للإنسان، من حيث آثاره الدنيويّة والأخرويّة معًا.

ومن ذلك، أنّ الله -تعالى- قد سمّاه حكمةً، واعتبره خيرًا كثيرًا، كما في قوله -تعالى-: ﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرً[2].

وكذلك، فإنّه -عزّ وجلّ- قد أظهر تفضيلَ العالِمِين على من سواهم، كما في قوله -تعالى-: ﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ[3]، وقوله -تعالى-: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ[4].
هذا وقد خاطب اللهُ نبيَّه (صلّى الله عليه وآله)، وهو خاتم الأنبياء وأشرف خلق الله -تعالى-، بأن يقول: "ربِّ زدني علمًا"، فقال -سبحانه-: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمً[5].

وليس هذا كلّه، إلّا لأنّ للعلمِ أثرًا كبيرًا في أن يسير الإنسانُ في هذه الحياة على بيّنةٍ من أمره، وعلى بيّنةٍ من ربّه، فإنّ العلم طريقٌ لصلاح أمر الدنيا، وصلاح أمر الآخرة، فيما لو كان خالصًا لله -عزّ وجلّ-.

وحين نتكلّم عن العلم، فإنّنا نشمل اتّجاهات العلوم جميعها، إلّا أنّ أشرفها هو ما كان بشرفِ معلومِه، وأيُّ علمٍ أشرف ممّا يعرّفنا بالله -تعالى-!

2- الأحاديث
وإضافةً إلى الآيات القرآنيّة، فإنّنا نجد عددًا لا بأس به من الأحاديث الواردة عن لسان المعصومين (ع)، والتي تؤكّد لنا عظمة العلم ومكانته عند الله -تعالى-.

عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "مَنْ يُرِد اللهُ بِهِ خَيْرًا، يُفَقِّهْهُ في الدِّيْنِ"[6].

وعنه (صلّى الله عليه وآله): "مَنْ طَلَبَ عِلْمًا فَأَدْرَكَهُ، كَتَبَ اللهُ لَهُ كِفْلَيْنِ مِنَ الأَجْرِ، وَمَنْ طَلَبَ عِلْمًا فَلَمْ يُدْرِكْهُ، كَتَبَ اللهُ لَهُ كِفْلًا مِنَ الأَجْرِ"[7].

وعنه -أيضًا- (صلّى الله عليه وآله): "مَنْ خَرَجَ يَطْلبُ بَابًا مِنْ عِلْمٍ لِيَرِدَ بِهِ بَاطِلًا إِلَى حَقٍّ، أَوْ ضَلَالَةً إِلَى هُدًى، كَانَ عَمَلُهُ ذَلِكَ كَعِبَادَةِ مُتَعَبِّدٍ أَرْبَعِينَ عَامًا"[8].

وعنه (صلّى الله عليه وآله): "اُغْدُ عَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا أَوْ مُسْتَمِعًا أَوْ مُحِبًّا، وَلَا تَكُنِ الخَامِسَ فَتَهْلَك"[9].

ماذا نستفيد من هذه الآيات والأحاديث؟
إنّ أدنى تأمّلٍ في هذه الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، تؤكّد لنا أهمّيّة العلم والمعرفة، وأنّ على الإنسان أن يجهد في سبيل ذلك، كجهدِه في سبيل نَيْلِ لقمة العيش. ومن مصاديق التعلّم، القراءة والمطالعة، التي تُعتَبر أمرًا ضروريًّا لكلّ إنسانٍ. ولا يقتصر ذلك على مَنْ هم على مقاعد الدراسة الجامعيّة أو الحوزويّة، وإنّما تشمل كلّ فردٍ، كبيرًا كان أو صغيرًا، رجلًا كان أو امرأةً؛ ذلك أنّ المعرفة والثقافة ليستا حكرًا على فئةٍ دون أخرى.
 
الثقافة متاحةٌ للجميع
إنّ التطوّر التكنولوجيّ وتطوّر وسائل المعلوماتيّة، يُعظّم المسؤوليّةَ على الإنسان، بعد أن أصبح قادرًا على نيل المعرفة والثقافة بشكلٍ سهلٍ وسريعٍ، دون بذلِ عناءٍ وجهدٍ كبيرٍ. وقد اختلف الحالُ في أيّامنا هذه عن الأيّام السالفة، التي كان الناس فيها يعانون كثيرًا كي يحصلوا على كتابٍ من هنا أو هناك. أمّا الآن، فلا مبرّر ولا عذرَ لأحدٍ على التقصير أو الخمول أو الكسل.

ومن هذا المنطلق، ينبغي على المكلَّف، وطبقًا لإرشادات ديننا الحنيف، أن يَجهدَ في سبيل نيل المعرفة والثقافة، من خلال القراءة والمطالعة، وخاصّةً مطالعة الكتب، التي ما زالت تعلو بأهمّيّتها على وسائل نَقْلِ المعرفة كلِّها؛ فالكتاب ما زال المادّة والمائدة الأساسيّة التي لا يمكن لغيرها أن يعطي ما تعطيه، وأن يؤثّر ما تؤثّره بالإنسان.

تصوّروا، أيّها الأحبّة، أنّ بعض ثورات العالَم، والتي ناهضت الظلم، كانت بسبب كتابٍ أو روايةٍ أدبيّةٍ! كثورة السُودِ التي حصلت في أمريكا، فقد كان منشؤها روايةً لإحدى الكاتبات، التي أظهرت مظلوميّة السود في أمريكا تلك.
إنّ الكتاب بمثابة عقلٍ بين يديك، فِكرٍ بين يديك، عالَمٍ بين يديك.

تستطيع، من خلال الكتاب، أن تعرف ما جرى وما يجري في بلدٍ ما، تستطيع أن تعرف دينَك، أن تعرف مفردات الأخلاق التي ينبغي أن تتأسّى بها، تستطيع أن تعرف الكثير، شريطةَ أن يكون ذلك ضمن برنامج مطالعةٍ تحدّده أنت لنفسك.

الوقت والفراغ
سيطرح علينا سؤالٌ يومًا، كما ورد عن الإمام زين العابدين (عليه السلام):" وَاعْلَمْ أَنَّكَ سَتُسْأَلُ‏ غَدًا، إِذَا وَقَفْتَ‏ بَيْنَ‏ يَدَيِ‏ اللَّهِ‏ -عَزَّ وَجَلَّ-، عَنْ أَرْبَعٍ: شَبَابِكَ فِيمَا أَبْلَيْتَهُ، وَعُمُرِكَ فِيمَا أَفْنَيْتَهُ، وَمَالِكَ مِمَّا اكْتَسَبْتَهُ، وَفِيمَا أَنْفَقْتَهُ؛ فَتَأَهَّبْ لِذَلِكَ وَأَعِدَّ لَهُ جَوَابًا، وَلَا تَأْسَ عَلَى مَا فَاتَكَ مِنَ الدُّنْيَا، فَإِنَّ قَلِيلَ الدُّنْيَا لَا يَدُومُ بَقَاؤُهُ، وَكَثِيرَهَا لَا يُؤْمَنُ بَلَاؤُهُ، فَخُذْ حِذْرَكَ!"[10].

فالإنسان سيُسأَل عن شبابه وعمره، عن كلّ نعمةٍ أُنعِمَ بها في هذه الحياة الدنيا، وليس أدلُّ على عُمرِ الإنسان أكثرَ من الوقت، فإمّا أن يقضيه في ما يُغضِب الله، وإمّا أن يقضيه في ما يرضي الله -تعالى-. ومن المؤكَّد، أنّ الوقت الذي يقضيه الإنسان في القراءة والمطالعة ونيل المعرفة، لَهُوً من أحبّ الأوقات إلى الله -تعالى-.

وكم من الأوقات التي يهدرها بعضُ الناس، وخاصّةً الشباب، دون أن يستفيدوا منها، فتراهم قابعين، وقد ملأ الفراغ أوقاتهم جلّها! فهؤلاء، لو أنّهم يحملون كتابًا في مثل تلك الأوقات، فكم من المعرفة سينالون حينها يا ترى؟

أيّها الأحبّة،
إنّ المطالعة أو القراءة أمرٌ ضروريٌّ للنهوض بأيّ مجتمعٍ. وإنّ المجتمعات التي أرست في بيئتها ثقافة المطالعة والقراءة، تجدها أكثر تطلّعًا للمستقبل، وأكثر تقدّمًا وسلامًا وأمنًا. ومن هنا، تنشأ المسؤوليّة في للاهتمام بالمطالعة، سواءٌ أكان على الصعيد الفرديّ، أم على الصعيد الجماعيّ.
 
فوائد القراءة والمطالعة
ويمكن لنا بيان فوائد القراءة والمطالعة ضمن النقاط الآتية:

- تُسهِم في بناء الشخصيّة، وتزرع الثقة في نفس المرء.
- لها أهمّيّةٌ على المستوى الفرديّ والمجتمعيّ، حيث تُستَخدَم كوسيلةِ علاجٍ فعّالٍ، تحت إشراف الطبيب النفسيّ أو الأخصّائيّ النفسيّ أو الاجتماعيّ، حيث يُطلَق عليها "العلاج بالقراءة"، أو "الببليوثيرابيا"[11].
- تساعد في تشكيل الفكر الناقد للفرد، وتنمية ميوله واهتماماته.
- تُسهِم في تشكيل عقلِ المتعلِّم، وتُكسِبه القدرة على الفهم والتعبير، وتُنَمّي اتّجاهات الأفراد الفكريّة لخدمة المجتمع وتنميته.
- تدفع القراءةُ الناسَ ليكونوا روّادًا في مجتمعهم. وهي أمرٌ أساسيٌّ في فهم التراث الثقافيّ والدينيّ والوطنيّ، والاتّصال بتراث الآخرين وثقافتهم.
 
إرشاداتٌ لشقّ طريق المطالعة
وإذا أردْتَ سبرَ هذا الطريق المحبّب إلى الله -سبحانه-، فمن الضروريّ أن تتّبع بعض الإرشادات والخطوات التي تعينك على أن تكون قراءَتُك ومطالعتُك أكثرَ نفعًا، وتلك الإرشادات هي:

1- اسأل نفسَك: لماذا أقرأ؟ وما هي غايتي من القراءة؟
2- ابدأ بما تُحبّ.
3- ضع خطّةً للقراءة.
4- ابحث أوّلًا قَبْلَ أن تَسأل.
5- حدّد الوقت والمكان المناسبَين.
6- التدرّجُ مطلوبٌ.
7- كنْ جادًّا.
8- اُنقُل ما تقرأُ إلى غيرِك.
9- كَوِّن مكتبةً متنوّعةً في بيتك.
 
[1] سورة العلق، الآيات 1-2-3-4-5.
[2] سورة البقرة، الآية269.
[3] سورة الزمر، الآية9.
[4] سورة المجادلة، الآية11.
[5] سورة طه، الآية114.
[6] المجلسيّ، بحار الأنوار، ج1، ص177.
[7] المجلسيّ، مصدرٌ سابقٌ، ج1، ص184.
[8] المجلسيّ، مصدرٌ سابقٌ، ج1، ص182.
[9] الإحسائيّ، عوالي اللئالي، ج4، ص75.
[10] الكلينيّ، الكافي، ج2، ص135.
[11] هو علمُ العلاج بالقراءة bibliotherapy))، من خلال استخدام موادّ قرائيّةٍ مختارةٍ كوسائل علاجيّةٍ مُساعِدةٍ في الطبّ البدنيّ، أو الطبّ النفسيّ، وكذلك في التوجيه إلى حلّ المشاكل الشخصيّة، من خلال القراءة الرشيدة.

19-12-2018 | 16-22 د | 1390 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net