المناجاة الشعبانيّة نموذج تامّ للتضرّع، وشرح لحال أرفع عباد الله الصالحين مع معبودهم

بسم الله الرحمن الرحيم[1]

الدعاء وسيلة المؤمن، وملجأ المضطرّ، وصلة وصل بين الإنسان الضعيف والجاهل ونبع العلم والقوّة الفيّاض، وإنّ البشر تاهوا وضاعوا وأُهدرت ذواتهم عندما انقطعوا عن العلاقة الروحيّة بالله، وابتعدوا عن إبراز حاجتهم للغنيّ في ذاته، ﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ﴾[2].

أفضل الأدعية هو ما يكون مخطوطاً انطلاقاً من معرفة عاشقة لله، وبصيرة عارفة بحاجات الإنسان، وهذا ما يمكن البحث عنه حصراً في مدرسة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأهل بيته الأطهار -الذين هم أوعية علم الرسول (ص) وورثة حكمته ومعرفته-. نحن -ولله الشكر- نملك ذخيرةً لامتناهيةً من الأدعية المأثورة عن أهل البيت (عليهم السلام)، وإنّ الأنس بها يمنح الإنسان نقاءً ومعرفةً ومحبّةً وكمالاً، وينقّي البشر من الأدران.

المناجاة الشعبانيّة المأثورة -والتي رُويَ أنّ أهل البيت (عليهم السلام) كانوا يواظبون عليها- هي إحدى الأدعية التي ينطوي لحنها العرفانيّ ولسانها البليغ على مضامين رفيعة للغاية، ومعارف سامية لا يمكن العثور عليها في الأحاديث العاديّة والحوارات المعتادة، ولا يمكن التعبير عنها بتلك اللغات.

هذه المناجاة تشكل نموذجاً تامّاً للتضرّع، وهي شرح حال أرفع عباد الله الصالحين مع معبودهم ومحبوبهم والذات الربوبيّة المقدّسة. فهي درس معارف وأسوة وشرح حال وطلب الإنسان المؤمن من الله -عزّ وجلّ-.

المناجات الخمس عشرة الواردة عن الإمام زين العابدين (عليه السلام)، إضافةً لتمتّعها بخاصّيّة دعائيّة بارزة مأثورة عن أهل البيت (عليهم السلام)، فإنّها تتمتّع بهذه الميزة، أنّه تمّت كتابتها بناءً على مختلف حالات المؤمن.
أسأل الله أن يمنّ على الجميع بتوفيق الاستفاضة وبناء الذات ببركة هذه الكلمات المباركة.

(من مخطوطة للإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، بتاريخ 21/03/1990م)

[1] نشر موقع khamenei.ir بتاريخ 2019/04/07م مخطوطة للإمام الخامنئيّ يتناول فيها سماحته الحديث حول الدعاء وخصائص الأدعية المميّزة، ويشير فيها سماحته إلى أهميّة المناجاة الشعبانيّة التي كان أهل البيت (عليهم السلام) يواظبون عليها.
[2] سورة الفرقان، الآية 77.