الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

منبر المحراب- السنة العشرون - العدد:988- 10 جمادى الثانية 1433هـ الموافق 01 أيار 2012م
الخصومة وآثارها

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

تحميل

محاور الموضوع ألرئيسة:
1- معنى الخصومة.
2- دع الخصومة السلبية.
3- أثار ومفاسد الخصومة السلبية.
4- المخاصمة الإيجابية.
5- شروط المخاصمة الإيجابية.
6- خاتمة: اقتدِ بخاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام..

الهدف:
بيان مساوئ النقاشات الحادة والخصومات السلبية، وآثارها ومفاسدها، والإرشاد إلى المحاورة والنقاش الإيجابي.

تصدير الموضوع:
عن الإمام علي عليه السلام: "من بالغ في الخصومة أثم، ومن قصّر فيها ظلم، ولا يستطيع أن يتقيّ الله من خاصم"1.

مقدمة:

معنى الخصومة:
إنّ من الظواهر التي ترافق حياة الناس ما يسمونه الخصومة والمخاصمة، وهم غالباً ما يستعملون هذه الألفاظ في معنى "العداوة" والمعاداة سواء جرَّت نزاعاً لفظياً ومحاججة أم لا. وأما في المعنى اللغوي والقرآني خصوصاً، فقد قال بعض أهل اللغة: "الخصام مصدر، خاصمته خصاماً ومخاصمة. قاله. أبو عبيدة وقال الزجاج: هو جمع خصم يقال: خصم وخصام وخصوم مثل بحر وبحار وبحور، وحقيقة التعمق في البحث عن الشيء والمضايقة فيه ولذلك قيل لزوايا الأوعية خصوم"2. ونقل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله: "إنَّ أبغض الرجال إلى الله الألدُّ الخصم"3 أي شديد الخصومة.

وقيل المخاصمة تعنى في الأصل إمساك شخصين كل منهما للآخر من جانبه ثم أُطلقت بعد ذلك على التشاجر اللفظي، والأخذ والرد في الكلام4 فالخلاصة: الخصومة والمخاصمة هي نوعٌ من النزاع والتشاجر والنقاش اللفظي الذي فيه كثير أخذ ورد، وفيه مضايقة وتشدد.

وقد تكون المخاصمة غالباً في الأمور والمعاملات الدنيوية وقد تكون في الأمور الدينية فقد جاء عن الإمام الكاظم عليه السلام: "مُرْ أصحابك أن يكفوا من ألسنتهم، ويَدَعوا الخصومة في الدين، ويجتهدوا في عبادة الله عزََّ وجلَّ"5.

دَعْ الخصومة السلبيّة
عن غياث بن إبراهيم قال كان أبو عبد الله عليه السلام إذا مرّ بجماعة يختصمون لا يجوزهم حتى يقول ثلاثاً: "اتقوا الله، يرفع بها صوته"6 هذه الرواية تدل صراحة على أن خوض الخصومات والنقاشات والمحاججات هي خلاف التقوى ولذا كان التكرار من المعصوم عليه السلام بالأمر بالتقوى ثلاثاً قبل تجاوز المتخاصمين.

لكنَّ الواقع أن هذا النهي هو عن نوع خاص من النقاش وهو السلبي منها وهو عندما يكون النقاش والجدل بين الطرفين بهدف التفاخر واستعراض القوة، وفرض الرأي على الطرف الثاني عن طريق إثارة الضجة، وقد يؤول إلى تشويش معتقدات وأفكار الطرف الآخر أو السامعين كلاًّ أو بعضاً، ولذا عبّرت الرواية الناهية عن هذا النوع من النقاش والجدال عن ذلك فيما ورد عن الإمام الباقر عليه السلام: "الخصومة تُمحق الدين، وتُحبط العمل، وتُورث الشك"7 فأمثال هذا النوع من النقاش سواء كان في أمور الدين أو الدنيا سوف ينحدر بالكلام تدريجياً ليصل إلى الإستهانة وعدم الإحترام، وربما تنحدر إلى درجة تبادل الكلام المبتذل القبيح، وترامي الإتهامات الباطلة بل حتى الشتم والسبّ بالكلام البذيء كما نشهد ذلك غالباً.

آثار ومفاسد الخصومة السلبية:
إضافة إلى ما مرّ ذكره من آثار الخصومة السلبية وهي انحدار مستوى الخطاب إلى درجة الإسفاف والإبتذال والإهانة والسبّ والشتم وغير ذلك فإن ثمة آثاراً أخرى لا بدَّ من بيانها وهي كما جاء في المرويات:

1- تمحق الدين، وتُحبط العمل، وتُورث الشك كما في الرواية السابقة عن الإمام الباقر.

2- تُرديِ صاحبَها: عن الإمام الباقر عليه السلام: "إياك والخصومات فإنها تُورث الشك، وتُحبط العمل، وتُردي صاحبها وعسى يتكلم الرجل بالشيء لا يغفر له"8.

3- تكسب الضغائن وتجرّ إلى الكذب: عن الإمام الصادق عليه السلام: "إياكم والخصومة في الدين، فإنها تُشغل القلب عن ذكر الله عزَّ وجلَّ، وتُورث النفاق، وتُكسب الضغائن، وتستجيز الكذب"9.

4- تكشف عن عدم اليقين: عن الإمام الصادق عليه السلام: "لا يخاصم إلا من قد ضاق بما في صدره"10 ولذا فإن من يخاصم ويعتمد الحدة والعنف القولي وربما اليدوي في النقاش، هو إنسان قد يكون لديه مشكلة إما في ضعف يقينه وشكّه فيما يعتقد أو لا أقل من أن يكون غير ورع، ولذا قال الإمام الصادق عليه السلام: "لا يخاصم إلا شاك في دينه، أو من لا ورع له"11.

5- يفسد العلاقة بالإخوان وبالله تعالى: في حديث عن أمير المؤمنين عليه السلام: "إياكم والمراء والخصومة فإنهما يمرضان القلوب على الإخوان، وينبت عليهما النفاق"12.

فالمخاصمة بهذا المعنى تخرّب المشاعر بين المؤمنين، فتفسد الودَّ ومشاعر الأخوّة، وتُكوِّن أرضيةً خصبة للعداوات والمشاحنات والمشاجرات. ومن جهة أخرى هي أرض خصبة أيضاً لنمو بذور النفاق في القلوب.

تحذير: عندما يفقد أي نقاش الإلتزام بالأصول الصحيحة، سيقوى روح العناد والتعصب لدى الأشخاص، ويثير الكثير من الدخان الأسود الذي يعمي عن الحقائق، بل قد يلجأ كل طرف بهدف التغلب على خصمه والإنتصار لنفسه إلى استخدام الأساليب التي تنطوي على الكذب والتهمة والإبداع في التشاطر لنصرة فكرته وغلبة رأيه، وهكذا عمل لا يمكن أن تكون له عاقبة إلا السوء والحقد، وتنمية جذور النفاق في الصدور، ومن أهم المفاسد للجدال والخصومة السلبية المنهيّ عنهما، هو تمسك كلّ طرف بانحرافه وأخطائه وإصراره على اشتباهاته، والمعاندة متمسكاً بأيّ دليل يثبت باطله، ويموّهه على الآخرين بِلَبوس حقٍّ. وفي طريق ذلك هو يتجاهل الكلام الحق الصادر من خصمه بل يحقره ويزدريه، وربما انجرّ إلى آفة التكبر والتعالي عليه وعلى حقه. فلنحذر ولنحذر أنفسنا وإخواننا من ذلك.

المخاصمة الإيجابيّة:
في حديث أن أحد أصحاب الإمام الصادق عليه السلام ويلقّب بالطيّار ويدعى (حمزة بن محمد) جاء إلى الإمام الصادق عليه السلام وقال له: "بلغني أنك كرهت مناظرة الناس" فأجابه الإمام عليه السلام بقوله: "أما مثلُكَ فلا يَكره، من إذا طار يحسن أن يقع، وإن وقع يحسن أن يطير، فمن كان هذا لا نكرهه"13 فتحصَّل من هذه الرواية أن ثمة مخاصمة ايجابية غير تلك السلبية. وهذه الرواية ليست يتيمة وإنما هناك روايات كثيرة تفيد أن الأئمة عليهم السلام كانوا يحثّون من يجدون فيه القدرة والكفاءة في المنطق والإستدلال على المناظرة والمحاججة والمخاصمة، وحتى لو لم توجد روايات في ذلك فإن خطر ضعف جبهة الحق، وتقوية عود خصومها، وتزلزل إيمان جمهورها بأحقيّتها كافٍ في تجويزها بالشروط التي أجملتها الرواية.

شروط المخاصمة الإيجابية:
يمكن استفادة الأساليب الإيجابية للنقاش التي أشار إليها القرآن الكريم وهي كالتالي:

1- عدم الإصرار على الطرف المقابل بقبول الكلام على أنه هو الحق، بل المحاولة قدر الإمكان على جعله يعتقد أنه هو الذي توصلّ لهذه النتيجة.

2- الإمتناع عن مُثيرات العناد ومنها السبّ والعصبية فقد نهانا الله عن سبّ آلهة الكفار حتى لا يصرّوا على عنادهم ويسبّوا الله عزَّ وجلَّ.

3- مراعاة منتهى الإيضاح في النقاش لإشعار الطرف المقابل بأن المتحدث إليه يبغي توضيح الحقائق لا غير.

4- حاول ألا تُستفز، فلا تَردّ بالمثل على المساوئ والأحقاد التي تبدر من المُخاصَم، بل حاول السموّ بأخلاقك، وتَعاملْ بالرأفة والرحمة والمحبة ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ.

خاتمة:

إقتدِ بخاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام: عندما ندقق في اسلوب نقاشات الأنبياء عليهم السلام مع أعدائهم كما يعكسها القرآن وكذلك تلك النقاشات العقائدية بين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو أئمة أهل البيت عليهم السلام وبين أعدائهم وخصومهم، يمكن أن ننتهي إلى دروس تُطوى في مضامينها أجمل الأساليب وأنجحها، وأفضل الوسائل النفسية التي تسهلّ لنا النفوذ إلى نفوس وقلوب الآخرين لنزرع فيها بذور الحق والخير، وكل خُلُق نبيل.


1- ميزان الحكمة، الريشهري، ج1، ص748.
2- تفسير الثعلبي، ج2، ص123.
3- نفسه.
4- الأمثل، الشيرازي، ج15، ص190.
5- ميزان الحكمة، الريشهري، ج1، ص747.
6- ميزان الحكمة، الريشهري، ج1، ص748.
7- ميزان الحكمة، الريشهري، ج1، ص747.
8- ميزان الحكمة، الريشهري، ج1، ص748.
9- نفسه.
10- نفسه.
11- ميزان الحكمة، الريشهري، ج1، ص747.
12- الأمثل، الشيرازي، ج10.
13- الأمثل، الشيرازي، ج15.

03-05-2012 | 07-55 د | 4140 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net