الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

منبر المحراب العدد 1075 - 27 صفر 1435هـ الموافق 31 كانون الأول 2014م
بركات الهجرة النبوية

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

تحميل

محاور الموضوع
• مقدمة
• ليلة هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم
• أهمية الهجرة
• آثار وبركات الهجرة النبوية
• الهجرة سنة الأنبياء

تصدير:
قال تعالى: ﴿ وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا*.

الهدف:
بيان الروح الفدائية للإمام علي عليه السلام وتقديمه كقدوة، وبيان حقيقة الهجرة وقيمتها، والإلفات إلى ضرورة الهجرة المعنوية.


مقدمة:

علي عليه السلام أصدق من عبر عن سيرة الرسول وسنته صلى الله عليه وآله وسلم:
إنَّ مقام الإمام علي عليه السلام من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غير خفيّ على كل من له اطِّلاع على سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما أنه غير خافٍ أيضاً شدة ملازمة الإمام علي عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو ربيبه، وحافظ سرّه، وأقرب الناس إليه، حيث يقول الإمام علي عليه السلام عن هذه المنزلة: “وقد عَلِمتُم موضعي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالقَرابة القريبةِ، والمَنزلة الخصيصة”(1). ثم يضيف موضِّحاً شدَّة عناية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بتربية وصيّه علي عليه السلام: “وضَعني في حِجْرِهِ وأنا ولد، يضمُّني إلى صدره، ويَكنفُني إلى فراشه... وكان يمضغُ الشيءَ ثم يُلقمْنِيه”(2).

ولا غروَ أن يكون علي عليه السلام أصدقَ من عبّر عن سنَّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسيرته لأنه كما قال علي عليه السلام: “ما وَجَدَ لي كذبة في قول، ولا خطلة في فعل”(3).

وسلوكُ علي عليه السلام كان أصدقَ معبِّرٍ عن سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنه بحسب تعبيره عليه السلام: ”ولقد كنتُ اتبَعُهُ إتِّباع الفصيل أثرَ أمِّه، فيرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه عِلماً، ويأمُرني بالإقتداء به”(4).

ليلة هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم:

من أكثر الليالي أهمية في حياة النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليلة هجرته صلى الله عليه وآله وسلم من مكة إلى المدينة، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد مهدَّ لها بالاتصال مع أهل يثرب ثم ببيعتين؛ وبعد بيعة العقبة الثانية اجتمع مشركو مكة في دار الندوة واتخذوا قرارَهم الخطير الذي يقضي بقتل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولأجل ذلك سدّوا المنافذ الأساسية للخروج من مكة، وحدّدوا ساعةً عيَّنوها للهجوم على بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليقتلوه وهو نائمٌ في فراشه؛ فجاء الأمرُ الإلهي إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بأن يخرجَ مهاجراً في الليلة تلك - أي ليلة الأول من ربيع الأول السنة الثالثة عشرة للمبعث-. وأمره تعالى بأن يجعلَ عليّاً عليه السلام ينام في فراشه لتمويه الأمر على من أوكلت إليهم قريش مهمة مراقبة منزل النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا سيّما فراشَه، فأمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ربيبه علياً عليه السلام بذلك وكان من علي عليه السلام ما يؤمَّل، فالتزم أمرَ الله وأمرَ رسوله، ونامَ في فراشه طائعاً مسلِّماً، بل كان مسروراً مُغتَبِطاً طالما أن النتيجة ستكون نجاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولن يبالي حينها بالموت.

فاشتبه الأمر على قريش وظنّ رجالها الموكول إليهم مهمة المراقبة فالهجوم، أنه صلى الله عليه وآله وسلم لا زال نائماً في فراشه وكان ذلك الوقت الذي كسبه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسبب هذا الاشتباه كافياً ليبتعدَ عن مكة إلى مأمنٍ ترعاه فيه العناية الإلهية.

هذه الليلة يُسمِّيها أصحاب السِيَر والمفسرون للقرآن الكريم “ليلة المبيت” لأن علياً عليه السلام فدى رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم بمبيته في فراشه.

وعنها يتحدث الإمام علي عليه السلام قائلاً: “دعاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: “إنّ قريشاً دبَّرت كيت وكيت في قتلي، فَنَمَ على فراشي حتى أخرجَ أنا من مكة، فقد أمرني الله بذلك” فقلت له: “السمع والطاعة، فنمتُ على فراشه، وفتحَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم البابَ وخرج عليهم وهم جميع جلوس ينتظرون الفجر، وهو يقول: ﴿ وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ فلما طلع الفجر تواثبوا إلى الدار وهم يظنون إني محمد صلى الله عليه وآله وسلم فوثبت في وجوههم وصِحتُ بهم، فقالوا: عليّ؟ قلت: نعم قالوا: وأين محمد؟ قلت: خرج من بلدكم، قالوا: إلى أين خرج؟ قلت: الله أعلم، فتركوني وخرجوا...”(5).

وقد قال بعض علماء التفسير أن قوله تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ(6). نزلت في مبيت الإمام علي عليه السلام في فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة الهجرة من مكة إلى المدينة.

أهمية الهجرة

إنّ الهجرة سنّة كونية لا يمارسها الإنسان فقط بل حتى الطيور والحيوانات.فحين تتعرض الحياة في مكان ما لخطر تكون الهجرة إلى حيث الأمان هي الحلّ الطبيعي المغروز في الأحياء. والإنسان ذاك الموجود العاقل ترشده السنن الكونية، والسيرة العقلائية إلى هجران الأمكنة ولو كانت محل الولادة والترعرع والنشأة إلى الأماكن التي يتوفر فيها الأمن والرزق وغير ذلك من الأمور.

وقبل الحديث عن بركات هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهدافها، لا بد من الإشارة إلى عظمة هذا التدبير الإلهي وقيمته التي لا شك أنّ فيها أسراراً ما زالت بحاجة إلى بحث ليتمَّ كشفها وإماطة الحُجُب عنها، حيث إنّ الذي أمرَ بها هو الله تعالى والمأمور بها هو الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم مع إضافة هي أن يكون وسيلة ذلك تعريض سيّد الأوصياء لخطر فَتْكِ المشركين به عندما أُمِرَ بواسطة الوحي وعِبْرَ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالمبيت في فراش النبي صلى الله عليه وآله وسلم ففي ذلك كَشْفٌ عن شدّة العناية الإلهية بحصول الهجرة مع المهاجر منه مكة حيث بيت الله العتيق “الكعبة المشرّفة”، وهذا الإنطباع ثابت وجليّ توحيه الحادثة حتى لو كان في علم الله عدم تمكين الله تعالى هؤلاء المشركين من أن يَفتُكوا بعلي عليه السلام

آثار وبركات الهجرة النبوية:

قال تعالى: ﴿وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا(7). استناداً إلى هذه الآية وآيات أخرى يأمر الله تعالى المسلمين بالهجرة من المحيط حيث يعانون من المضايقات والاضطهاد والتضييق والحصار والنَّبْذِ الى درجة القتل، ويعانون كذلك ظروفاً بالإجمال تَضيِّق عليهم وتحدّ من قدرتهم على أداء واجباتهم وممارسة تكاليف دينهم، فالحياة المادية للمسلمين في معرض الخطر ولكن الأهم أنّ حياتهم المعنوية في معرض الخطر وأهدافهم المقدّسة مهددة بالخطر، وهذه أثمن وأغلى من الحياة المادية، وعليه فإن للهجرة أهدافاً وبركات وآثاراً يمكن أن نذكر منها إضافة إلى حفظ الوجود المقدّس للنبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ما يلي:

1 ـ الفرار إلى مكان تُحفظ فيه أهداف الإسلام العليا وأهداف المسلم التي يعيش بها ولأجلها، حيث يتمّ اختيار مكان هو يثرب يحفظ فيه لهذا الدين ولهؤلاء المتدينين قدرة النمو على الصعيد المادي والمعنوي والفكري. حيث يخرج المؤمن والمسلم من حدود درء الأخطار، إلى بناء القُدُرات والقِوىَ والنمو الفكري والروحي، وفي هذا وضعٌ للمسلم أمام تحديات بناء الذات بكل أبعادها، وهذا ما يمكن استفادته من قول أمير المؤمنين عليه السلام “ويقول الرجل هاجرتُ، ولم يُهاجر، إنما المهاجرون الذين يَهجرون السيئات ولم يأتوا بها”(8). فالهجرة التي ظاهرها مكانية، حقيقتها وباطنها الجوانب المعنوية، وهي تضع المسلم أمام تحدي بناءِ النّفس وعمارتها.

2 ـ المأمول بانتقال المسلمين من مكان إلى آخر هو نقل المسلمين من حقبة إلى حقبة يبنون فيه كيان الجماعة المؤمنة المستقل، وبمعنى آخر بناء نواة الدولة الإسلامية، بما يتيح لهذا الدين تقديم نماذجه الفردية والاجتماعية، ليجتذب التائقين إلى التطور والتحرر.

3 ـ الهجرة حركة تحرر من الضغوط والقيود والظلم والاضطهاد إلى مكان يمتلك فيه المسلمون حريةَ الحركة والتخطيط والعمل، فالهجرة تكسر الحلقة الضيقة التي صنعها الأعداء، ليخنقوا الدين والمتدينين إلى حالة تتسعُ معها آفاقُهم، وتَكبُر فيها أحلامُهم وطموحاتهم، بدل أن تستنزف هموم الأمن، والحياة الشخصية، والأمور الضيقة طاقاتهم وتكون غاية آمالهم وأحلامهم.

4 ـ والهجرة فيها الكثير من الرمزية فأصل وجود الإسلام في الجزيرة العربية هو هجرة بمجتمع يغرق في ظلمات الجاهلية والشرك، إلى الحياة المليئة بالهدى والنور والعلم، وذلك مقدمة للهجرة بالبشرية كل البشرية من الضلال والانحراف والظلم، إلى الهدى والإستقامة والعدل، وبالعبارة القرآنية: ﴿الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ(9).

الهجرة سنة الأنبياء

إنّ الله تعالى ينقل لنا في كتابه الكريم قصة موسى وهجرته، وكذلك هجرة إبراهيم عليه السلام وقوله: ﴿إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(10). فهجرة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالمسلمين لم تكن أمراً جديداً في حركة النبوات وإنما الهجرة سنّة الأنبياء من لَدُنْ إبراهيم إلى موسى، فعيسى، وفي ذلك أمثولة لنا وهي أنه عندما نعيش واقعاً ضاغطاً وأجواء مقفلة علينا أن نهجرَ ذلك الواقع وتلك الحال إلى الله تعالى.

والحمد لله رب العالمين


* سورة النساء، الآية:100
(1) نهج البلاغة، الخطبة القاصعة.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
(4) المصدر السابق.
(5) بحار الأنوار، ج19، ص73.
(6) البقرة 207
(7) سورة النساء، الآية: 100
(8) بحار الانوار، العلامة المجلسي، ج68، ص 232
(9) ابراهيم الاية 1
(10) العنكبوت الآية 26

18-01-2014 | 13-45 د | 3101 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net