الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1613 14 شوال 1445 هـ - الموافق 23 نيسان 2024 م

غزوةُ أُحد يومُ بلاءٍ وتمحيص

خيرُ القلوبِللحرّيّة قيودٌ من القِيَممراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1145 - 15 رجب 1436 هـ - 04 أيار 2015 م
الوحدة الإسلامية في الرؤية القرآنية

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

الهدف
التعرّف على عناصر تأصيل القرآن الكريم للوحدة

المحاور
- أهمية قضية الوحدة
- مفهوم الوحدة
- الـتأصيل القرآني للوحدة

تصدير
قال تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانً.

أهمية قضية الوحدة

تُعدُّ قضية (الوحدة الإنسانية والإسلامية) إحدى الهبات والنعم الإلهية الكبرى, ومن الأهداف الرئيسة للشرائع السماوية. فالوحدة والتضامن، ضرورة فطرية وعقلية وشرعية وسياسية واجتماعية، ومن أبرز مقوّمات المجتمع والحضارة الإنسانية. فليس أمام الإنسان من خيار غير القبول بها ليس من أجل استمرار الحياة الاجتماعية فحسب، وإنما من أجل تحقق الحياة المنشودة.

وفي عصرنا الراهن وبالأخص في القرنين الماضيين ومنذ تأسيس الحركة الوهابية وصولاّ إلى تأسيس الصهيونية العالمية إلى ما نشهده في الأعوام الأخيرة من تفعيل للحركات التكفيرية فقد شهد العالم الإسلامي العديد من الاختلافات المدمّرة نتيجة لعمل تلك الحركات، ما مهّد الأرضية لهجوم الغرب وأعداء الأمة الإسلامية ليس على المسلمين فحسب بل على نفس الإسلام ونبيّ الإسلام. حيث شكّلت الاختلافات والتفرقة تهديداً حقيقياً للعالم الإسلامي ولكل مجتمع من مجتمعاته.

مفهوم الوحدة

إن المنطلق الأساس لفهم معنى الوحدة هو قول الله تعالى:﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ .

إن مفهوم الوحدة في هذه الآية له جانبان: جانب إيجابي وجانب سلبي.

الجانب الإيجابي: الأمر بالاعتصام بحبل الله تعالى. ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعً.

الجانب السلبي: النهي عن التفرّق. ﴿وَلَا تَفَرَّقُو.

الأسلوب التربوي المعتمد في الآية: أسلوب التذكير بالنعم.

فالأسلوب الذي اعتمده القرآن في هذه الآية هوا لتذكير بالنعمة الإلهية الكبرى وهي الوحدة والاتحاد بين أبناء المجتمع والتي حصلت بعد الإسلام وبعثة النبي(ص) وإنّ تركَ ذلك سيؤدي بشكل طبيعي وذلك ضمن السنن الكونية الإلهية إلى الرجوع إلى المجتمع الجاهلي حيث قال تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانً.

ولهذا الأسلوب آثار ايجابية جمّة فعندما يذكر الإنسان النعم الإلهية يصبح شكوراً حامداً للّه وتزداد محبته باللّه, ولهذا الأسلوب آثار ايجابية عديدة مثل العبادة والتقوى واتباع الصراط المستقيم و الأمل والفلاح والأمان من العذاب من آثار.

يقول العلامة الطباطبائي(قده): "هذه الآية تتعرّض لحكم الجماعة المجتمعة والدليل عليه قوله جميعاً وقوله ولا تفرقوا فالآيات تأمر المجتمع الإسلامي بالاعتصام بالكتاب والسنة كما تأمر الفرد بذلك" .

يقول الإمام الخميني(قده): "لقد أمر الله تبارك وتعالى بالاجتماع والاعتصام بحبل الله: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعً.أمر بالاجتماع والتمسك بحبل الله.إذ أن ليس كل اجتماع مطلوباً، الاعتصام بحبل الله هو المطلوب.وهو ذات الأمر بالنسبة ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ. اسم الرب هو هذا الحبل الذي يجب على الجميع أن يعتصموا به، أدعوا الناس إلى الوحدة، ادعوهم لئلا يتشتتوا فئات وجماعات .

الـتأصيل القرآني للوحدة

من المهم أن نؤكّد أنّ مبدأ الوحدة في الرؤية القرآنية ليس مجرّد فكرة نظرية أو فلسفية مثالية، وإنّما هو متجذّر اجتماعيّاً في وحدة الجنس البشري، وروحيّاً في وحدة الدين ورسالته من حيث مصدرها وغايتها معاً،وبيان ذلك من خلال النقاط التالية:

1- تأكيد القرآن الكريم على وحدة الجنس البشري فقد قرّر القرآن وحدة الجنس والنسب للبشر جميعاً، فالناس لآدم عليه السلام، "كلكم لآدم". وإن حكمة التقسيم إلى شعوب وقبائل إنما هي التعارف لا التخالف، والتعاون لا التخاذل، والتفاضل بالتقوى والأعمال الصالحة التي تعود بالخير على المجموع والأفراد. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ .

2- تأكيد القرآن الكريم على وحدة الأديان السماوية فالأديان دين واحد من ناحية المصدر والغاية. ولذا رسمت الآيات القرآنية وحدة "الدين" في أصوله العامة بشكل لا يقبل اللّبس، وأكدت على أن شريعة الله تقوم على قواعد ثابتة من الإيمان والعمل الصالح والإخاء، وأن الأنبياء جميعاً مبلّغون عن الله سبحانه وتعالى، وأن الكتب السماوية جميعاً من وحيه، وأن المؤمنين جميعاً -في أية أمة كانوا- هم عباده الصادقون الفائزون في الدنيا والآخرة، وأن الفرقة في الدين والخصومة باسمه إثم يتنافى مع أصوله وقواعده، ويتناقض مع غايته ومقاصده. قال تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ . وقال تعالى: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ .

3- رسمت الآيات القرآنية مساراً دقيقاً في تعامل المسلمين مع غيرهم هو الأصل في أي علاقة مع غير المسلم ما لم يكن كافراً حربياً الذي يعتبر خارجاً عن دائرة العلاقات البشرية المبنية على الأساس الإنسانية كما أسلفنا.

المسار الأول: إنّما يقوم على أساس المصلحة الاجتماعية والخير الإنساني، بين المسلمين وغيرهم من أهـل العقائد والأديان. يقول تعالى: ﴿لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ*إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ .

المسار الثاني: تأصيل ثقافة الحوار أو الجدال بالتي هي أحسن مع الآخر وليس ثقافة العدوان، قال تعالى: ﴿وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ .

4- إن مقتضى هذه الرؤية الوحدوية القرآنية هي أصالة السلم والسلام في نشر الدعوة الإسلامية في كل أقطار الدنيا فالنبي(ص) ما بُعث إلا رحمة للعالمين ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ . وأي تفرقة تصيب المجتمعات الإنسانية وبالأخص المجتمعات الإسلامية هي خروج عن أصالة السلام والرحمة اللذان هما أساس بنية الدعوة الإسلامية. ولذلك الإسلام أرسى قيم العدالة،والمساواة،والحرية،والوفاء بالعهود، والتعاون بين أبناء البشر. ليصل بالمجتمعات إلى حقيقة التوحيد الذي يعني الإقرار بوجود الله وبوحدانيته سبحانه وتعالى، وأنه هو خالق هذا الكون ومالكه الحقيقي الوحيد ولا شريك له، وهو الذي خلق الإنسان وجعله خليفة في الأرض ليعمرها وليتصرف فيها طبقاً لأوامر الله عز وجل وامتثالاً لإرادته سبحانه وتعالى لا لإرادة وأوامر الشيطان.

5- أصالة الوحدة: عندما نتأمّل في الآيات القرآنية فإنّ البشرية كمجتمع بدأت متّحدة في سلوكها وعلاقاتها، كما قال تعالى: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ، : ﴿وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
ويبدو أن هذه الوحدة كانت تقوم على أساس قاعدة الفطرة الإنسانية التي أودعها الله سبحانه وتعالى في الإنسان، وهيأه لهذه الخلافة الإلهية في الأرض، والتي تتمثل بالعقل والعلم والإرادة ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً... . وقد كانت الظروف الإنسانية والحياتية في البداية ملائمة لأن تأخذ هذه الفطرة دورها في تحقيق هذه الوحدة واستمرارها باعتبار بساطة الحياة الاجتماعية، وعدم وجود التعقيد في ظروفها، سواء على مستوى حاجات هذا الإنسان ومتطلباته التي تفرضها عليه غرائزه وشهواته، أو على مستوى الإمكانات والقدرات التي يملكها هذا الإنسان، والتي تجعله غير قادر على بسط نفوذه، والتوسع والامتداد ليشمل مساحات جديدة من الحياة الاجتماعية بحيث تؤدي إلى دخوله في التناقض مع المساحات الأخرى، أو على مستوى المعرفة والفهم للوسائل والأسباب التي تخلق له أنواعاً جديدة من الآفاق والطموحات والأهداف والمقاصد.

06-05-2015 | 12-38 د | 2676 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net