الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مسؤولي البلاد وسفراء الدول الإسلاميّةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في خطبتَي صلاة عيد الفطركلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء جمع من الطلّاب الجامعيّينكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في اللقاء الرمضانيّ مع مسؤولي البلادبِهذا جُمِعَ الخَيرُ

العدد 1612 07 شوال 1445 هـ - الموافق 16 نيسان 2024 م

لَا تُطَوِّلْ فِي الدُّنْيَا أَمَلَكَ

العامل الأساس للنصر مراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِن
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1194- 06 رجب 1437هـ - 14 نيسان 2016م
شخصية المؤمن في وصية الإمام الجواد(ع)

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

الهدف:
 التعرّف على المعاني التربوية والاجتماعية في وصية الإمام الجواد(ع).
 
تصدير:
 روي أنه قال رجل للإمام الجواد(ع): أوصني، قال (عليه السلام): وتقبل؟ قال: نعم! قال: توسد الصبر، واعتنق الفقر، وارفض الشهوات، وخالف الهوى، واعلم أنك لن تخلو من عين الله، فانظر كيف تكون.."[1]
 
مقدمة:
تتحدّث هذه الوصية عن خصال جامعة ينبغي أن تتربّى عليها شخصية المؤمن، وتنعكس عملياً في سلوكه وحياته الفردية والاجتماعية. وتتوزّع على المحاور الآتية:
- التربية على الصبر.
- البساطة في العيش والتكيّف مع الفقر.
- مخالفة الهوى ورفض الشهوات.
- التربية على اليقين بأنّ الله يرانا.
 
1- التربية على الصبر:

يعتبر "الصبر" من أركان الإيمان المهمة حيث يشبّه الإمام علي مكانة الصبر بالنسبة إلى الإيمان كمكانة الرأس بالنسبة إلى الجسد، وورد عن أمير المؤمنين(ع) قوله: "أَصْلُ الصَّبْرِ حُسْنُ الْيَقِينِ بِاللهِ"[2].

وقد لا نجد في القرآن الكريم مورداً اهتم فيه القرآن من موقع التأكيد والمدح مثل ما نجد ذلك بالنسبة إلى الصبر، فقد وردت سبعون آية تقريباً في الصبر، وفي أغلبها تلازم ذكر الصبر والإيمان، وورد عشرة آيات مختصة بتوصيّات القرآن للنبي الأكرم (ص) نفسه.

 ونقرأ في آيات القرآن أنّ الله تعالى وعد الصابرين أجراً عظيماً وبدون حساب، قال تعالى: (إنما يُوَفّى الصَّابِرُونَ أجرهم بِغَيْرِ حِسَاب)[3]،  وأنّ الصبر هو مفتاح الجنّة كما تقول الآية: (سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارُ)[4]، وجاء في تفسير هذه الآية حديث جميل عن الإمام علي بن الحسين(ع) أنّه قال: "إذا كان يوم القيامة ينادي مناد: ليقم أهل الصبر، فيقوم جمع من الناس فيقال لهم: انطلقوا إلى الجنة، فتتلقاهم الملائكة فيقولون إلى أين؟ فيقولون: إلى الجنة. قالوا: قبل الحساب؟ قالوا: نعم، فيقولون: من أنتم؟ فيقولون: نحن أهل الصب، قالوا: وما كان صبركم؟ قالوا: صبرنا أنفسنا على طاعة الله، وصبرناها عن معاصي الله، وصبرناها على البلاء والمحن في الدنيا،"[5] قال الإمام السجاد (ع): فتقول لهم الملائكة: "سلام عليكم بما صبرتم فنعم أجر العاملين"[6].
 
أقسام الصبر :
ورد في الحديث  النبوي أنّ رسول الله (ص) قال: "الصَّبْرُ ثَلاثَةٌ، صَبْرٌ عَلَى الْمُصيبَةِ وَصَبْرٌ عَلَى الطَّاعَةِ وَصَبْرٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، فَمَنْ صَبَرَ عَلَى المُصيبَةِ حَتَّى يَرُدَّهَا بِحُسْنِ عَزائِهَا، كَتَبَ اللهُ لَهُ ثَلاثَ مِائة دَرَجَة مَا بَينَ الدَّرَجَةِ اِلَى الدَّرَجَةِ كَما بَينَ السَّمَاءِ اِلَى الاَرضِ، وَمَنْ صَبَرَ عَلَى الطَّاعَةِ كَتَبَ اللهُ لَهُ سِتَّ مائةِ دَرَجَة، مَا بَينَ الدَّرَجَةِ اِلَى الدَّرَجَةِ كَمَا بَينَ تُخُومُ الاْرضِ اِلَى الْعَرْشِ وَمَنْ صَبَرَ عَلَى الْمَعْصيةِ كَتَبَ اللهُ لَهُ تِسْعَ مِائةِ دَرَجَة مَا بَينَ الدَّرَجَةِ اِلى الدَّرَجَةِ كَمَا بَينَ تُخُومِ الاَرْضِ اِلَى مُنْتَهَى الْعَرْشِ"[7].

ولهذا قسّم علماء الأخلاق الصبر إلى ثلاثة أقسام :
الصبر على الطاعة.
الصبر على المعصية.
الصبر على المصيبة.

   والمراد من "الصبر على الطاعة" هو مقاومة المشكلات الّتي تعترض طريق الطاعة لله تعالى وامتثال أوامره من قبيل أداء الصلاة والصوم والحجّ والجهاد ودفع الحقوق المالية مثل الخمس والزكاة، وكذلك الصبر والاستقامة مقابل المشكلات الّتي تقع في طريق طاعة الأوامر الاستحبابية.

 والمقصود من "الصبر على المعصية" هو الوقوف أمام الأهواء والدوافع النفسية والنوازع الدنيوية الّتي تستعر في قلب الإنسان وباطنه، وقد تستعر نيرانها إلى درجة أن تتحوّل إلى إعصار يدمّر جميع عناصر الخير في الإنسان، ويتلف ما لديه من الإيمان والتقوى والطهارة والصدق والصفاء وأمثال ذلك.

   والمقصود من الصبر على المصيبة هو أن يتحلّى الإنسان بالصبر في حياته مقابل الحوادث المؤلمة من قبيل فقد الأحبّة، الخسارة المالية الكبيرة، وقوع الإنسان في مخالب المرض العسير والمؤلم، والابتلاء برفاق السوء أو الشريك الخائن أو الحكومة الظالمة وأحياناً الزوج أو الزوجة الفاسدة.
  
2- البساطة في العيش والتكيّف مع الفقر:

موقف الاسلام من الفقر: لقد حدّد الاسلام اسلوباً تربوياً رفيعاً في التعامل النفسي والاجتماعي مع قضية الفقر يمكن ايجازها بما يلي:

- لا ينبغي للفقير أن يطمح إلى من هو فوقه: ممن رزقه الله المال والثروة، فقد روي عن رسول الله (ص) أنه قال: "انظروا إلى من أسفل منكم ولا تنظروا إلى من فوقكم فإنه أجدر أن تزدروا نعمة الله[8]"

- إن الفقر ليس منقصة ذاتية في الإنسان وليس الغنى مقربة من الله كما قال تعالى: (وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى)[9] بل إن أخباراً كثيرة تصرح بأن الفقر مظهر الرحمة الإلهية والمودة الرحمانية للعبد المؤمن، فقد روي عنه (ص): "إذا أحب الله عبداً في الدنيا يوجعه قالوا: يا رسول الله وكيف يوجعه؟ قال في موضع الطعام الرخيص والحيز الكثير، ولي الله لا يجد طعاماً يملأ به بطنه"[10]. وعنه (ص): "أبواب الجنة مفتحة على الفقراء والمساكين"[11].

- تخلية القلب عن الطمع عما في أيدي الناس: فإن الطمع منقصة للإنسان ومخرج له عن حد الإيمان، فقد سأل بعضهم أبا عبد الله (ع): "ما الذي يثبت الإيمان في العبد؟ قال: الورع، والذي يخرجه منه؟ قال: الطمع"[12].

- مدح الفقر: لأنه غالباً ما يكون دافعاً للتقرب إلى الله، إذ من المشاهد أن الإنسان يلجأ إلى الله عز وجل ويشتد ارتباطه وتعلقه به في الأزمات والملمات حيث لا كاشف للضر ولا صارف للسوء إلا هو وهذه حقيقة إنسانية أشار إليها القرآن الكريم في العديد من آياته، كقوله تعالى: (وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائماً)[13].

- القناعة والرضى بالقليل: ينبغي أن يكون المؤمن راضياً بما قسم الله له من الرزق وإن كان قليلاً، فإن قلة المال من علائم الإيمان، فقد روي عن أبي عبد الله (ع) قوله: "كلما ازداد العبد إيماناً إزداد ضيقاً في معيشته"[14]، وإن قلة المال توجب يسر الحساب في يوم القيامة. وقد كان أمير المؤمنين (ع) يقول: "ابن آدم إن كنت تريد من الدنيا ما يكفيك فإن أيسر ما فيها يكفيك وإن كنت إنما تريد مالا يكفيك فإن كل ما فيها لا يكفيك"[15].
 
3- مخالفة الهوى ورفض الشهوات:

الهوى هو حبّ الشيء والميل إليه والتعلّق به واشتهاؤه. وهوى النفس هو عبارة عن حبّ النفس وميل الإنسان إلى اتّباع الأوامر الصادرة عنها والانغراق في الشهوات بدل اتّباع أوامر الله والالتزام بأحكامه.

فالأمر الصادر عن النفس إن كان خيراً ولم يكن في طاعة الله فهو مخالفٌ لإرادة الله وبالتالي باطل، وإن كان شراً فهو صادرٌ عن النفس الأمّارة بالسوء التي تأمر الإنسان بالسوء دائماً وتدفعه إلى معصية الرب ومخالفة أمره. وقد تحدث الله تعالى عن هذه الحقيقة وأشار إلى أن المتّبع لهواه في الحقيقة عابدٌ لغير الله ]أفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى‏ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى‏ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى‏ بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْديهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُون[[16].

والأخطر من ذلك أن اتّباع الهوى يصدّ عن سبيل الحقّ، ويحول دون الوصول إليه فعن أمير المؤمنين (ع) قال: "إنَّما أَخاف عليكم اثنتين‏؛ اتّباع الهوى وطول الأَمل، أَما اتّباع الهوى، فإنه يصَّد عن الحق، وأَمّا طول الأَمل فينسي الآخرة"[17]. لذا كان أمر الله وحكمه واضحاً وصريحاً بضرورة تجنّب هوى النفس وطاعتها، لأنَّها لن تورث الإنسان إلَّا العذاب والضلال: ]وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى‏ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَديدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ[ [18].

والعلاج هنا يكمن في مخالفة هذه الأوامر النابعة من النفس والاحتكام عوضاً عنها إلى أحكام الشريعة في كافّة شؤون حياتنا، روي عن أمير المؤمنين (ع) قال: "خالف نفسك تستقم"[19]. فمخالفة النفس وإشغالها دائماً بالطاعات والواجبات الشرعيَّة بحيث لا يعود لها أي فرصةٍ لتلبية الأهواء والشهوات يشكّلان السبيل الوحيد للتكامل والرقيّ الإنساني، كما أنّ معاشرة الصالحين وترك صحبة رفاق السوء لهما الأثر الأكبر في توجيه الإنسان نحو معالي الأخلاق وعدم التلوّث في مستنقع الرذائل.
 
4- التربية على اليقين بأنّ الله يرانا:

يكفينا هنا أن نستشهد بكلام جامعٍ للإمام الصادق(ع) نثبت من خلاله أن الإنسان إذا رانت الذنوب على قلبه وحجبت عنه رؤية الله له في كل آن، ومراقبته له في الظهور والخفاء، فإن الله يراه ولا يغيب عن ناظره شيء من ذرات هذا الوجود. روي عن الإمام الصادق(ع) لإسحاق: "خف الله كأنّك تراه فإن كنت لا تراه فإنه يراك، فإن كنت ترى أنه لا يراك فقد كفرت، وإن كنت تعلم أنه يراك ثم استترت عن المخلوقين بالمعاصي وبرزت له بها فقد جعلته في حد أهون الناظرين إليك"[20].


[1] موسوعة الإمام الجواد ( ع ) - السيد الحسيني القزويني - ج 2 - ص 345 – 346
[2]  ميزان الحكمة، ج 2، ص 1564.
[3] الزمر - 10
[4] الرعد - 24
[5] أعيان الشيعة، السيد محسن الأمين، ج 1، 637.
[6] بحار الأنوار، ج 68، ص 77.
[7] الكافي، الكليني، ج 2، ص 91.
[8] روضة الواعظين، النيسابوري، ص 454.
[9] سبأ – 37.
[10] م. ن.
[11] م. ن.
[12]  أصول الكافي, ج2, باب الطمع, حديث4.
[13] يونس: 12.
[14] الكافي، الكليني، ج 2، ص 261.
[15] الكافي، الكليني، ج 2، ص 138.
[16]  الجاثية: 23.
[17]  الشيخ الكليني، الكافي، ج2،ص 355.
[18]  م. ن، ص 26.
[19]  الآمدي، غرر الحكم، ص237.
[20] بحار الأنوار، ج70.
 

14-04-2016 | 11-01 د | 2886 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net