الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1210 - 30 شوال 1437 هـ - الموافق 04 آب 2016 م
حاجة المجتمع للمرأة الرسالية السيد فاطمة (عليها السلام) المعصومة نموذجاً

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

حاجة المجتمع للمرأة الرسالية السيد فاطمة (عليها السلام) المعصومة نموذجاً
 
الهدف:

 التعرّف على السيرة الرسالية للسيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام)
 
المحاور:
المرأة قلب المجتمع
السيّدة المعصومة(عليها السلام) نموذج المرأة الرسالية
السيدة المعصومة(عليها السلام) ومحنة أبيها(ع)
السيدة المعصومة(عليها السلام) ورحلة أخيها(ع) إلى مرو
جهادها العلمي(عليها السلام)
إلى المأوى الأخير في قم
 
تصدير:
 روي عن الإمام الصادق(ع) قوله:
" . . . تقبض فيها (في قم) امرأة من ولدي اسمها فاطمة بنت موسی وتدخل بشفاعتها شيعتي الجنة بأجمعهم [1]".
 
المرأة قلب المجتمع:
" المرأة هي رمز تحقّق آمال البشرية، وهي المربّية للنساء والرجال العظام، فمن أحضان المرأة يتسامى الرجل، وحضن المرأة هو الموضع الذي يتربّى فيه النساء العظام والرجال"[2].

والمرأة قلب المجتمع، ومركز حياته وبقائه، فكما أنّ القلب في الجسم البشريّ مركز حياة، وديمومة بقاء واستمرار، كذلك المرأة قلب المجتمع، فإذا صلحت صلح المجتمع، وإذا فسدت فسد المجتمع. والمرأة تُمثِّل نصف المجتمع من الناحية العددية، وتلد وتربّي النصف الآخر منه، فتكون بمثابة كلّ المجتمع ومدرسة تربوية له، وتعكس عنوان حضارته، وقوّته ومقدار تقدُّمه ورفعته، وكذلك إذا فسدت المرأة تكون مصدر فساد المجتمع وضياعه.

وقد لحظ الدِّين الإسلاميّ في تشريعاته المرأة وأعطاها حقوقها كافة، وحفظها وحماها من كلّ الظلم الذي تعرّضت له عبر التاريخ، فهي المولودة المحترمة والمدلّلة، وهي الفتاة والشابّة العفيفة التي تتلقّى التربية التي تحميها من أيدي الفاسدين، وهي الزوجة صاحبة الحقوق والواجبات، وهي الأمّ المكرّمة. ومن الواضح أنّ التشريع الإسلاميّ قد حفظ الحقوق المعنوية والمادّية للمرأة، وساواها في الحقوق مع الرجل، طبعاً بما ينسجم مع طبيعتها وتكوينها كأنثى.

وترتبط فلسفة هذه التشريعات في الدِّين الإسلاميّ بقضية إنصاف المرأة كإنسان ذي تكوين جسديّ ونفسيّ يختلف عن الرجل، وبالتّالي فإنّ الإنصاف والرحمة يقتضيان وجود نوع من التفاوت والتمايز في التشريعات على مستوى الحقوق والواجبات بين المرأة والرجل، وهو ما يُحقّق للمرأة شأنها المتعالي والرفيع، "كإنسان" لا كـ"رجل".
 
السيّدة المعصومة(عليها السلام) نموذج المرأة الرسالية:
قبس من سيرتها (عليها السلام): ولدت السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) في أوّل ذي القعدة سنة 173 هـ، في المدينة المنورة،  والدها الإمام موسى بن جعفر(ع)، و أمهّا السيدة نجمة خاتون، وكانت من بعد أخيها الإمام علي بن موسى الرضا(ع) ثاني و آخر أبناء السيدة نجمة خاتون، واستشهدت (ع) بعد انقضاء 17 يوماً من وصولها إلى قم، في 10 ربيع الثاني سنة 201 هـ، وكان عمرها 28 سنة.

منزلتها(ع): وللسيدة المعصومة منزلة خاصة عند أهل البيت(ع)، فقد روي عن الإمام الرضا(ع): " من زار المعصومة (ع) بقم ، كمن زارني[3]. " وهي تشفع لشيعتها كما ورد عن الإمام الصادق(ع) ... وتدخل بشفاعتها شيعتي الجنة بأجمعهم، لذا ورد في الزيارة المأثورة لها عن المعصوم(ع) " . . .  يا فاطمة اشفعي لي في الجنة فإنّ لكِ عند الله شأناً من الشأن...
 
فداها أبوها (عليها السلام):
نعود إلى قول معلّمها ومربّيها الإمام الرضا (عليه السلام): من زار المعصومة بقم كان كمن زارني.

ولا يغيب عن بالنا أن القائل معصوم لا ينطق عن الهوى، وأنّ وراء هذه الجملة على قصرها ما يدلّ على المقام الرفيع في العلم وغيره، ولولا أن السيدة فاطمة المعصومة بلغت من المنزلة مكانة عظيمة لما كان الإمام (عليه السلام) يقول ذلك. على أنّه هل من المعقول أن يقال في حقّها بأنّها معصومة ولا تكون قد بلغت من العلم مكانة يكشف لها الواقع على ما هو عليه، أليست العصمة تستلزم العلم والمعرفة؟!

ومما يؤيّد ذلك ما نُقل عن المرحوم السيد أحمد المستنبط عن كتاب كشف اللآلئ لابن العرندس الحلي، وحاصلها: أن جمعاً من الشيعة قصدوا بيت الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام) للتشرّف بلقائه والسلام عليه، فأخبروا أن الإمام (عليه السلام) خرج في سفر وكانت لديهم عدّة مسائل فكتبوها، وأعطوها للسيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) ثم انصرفوا.

وفي اليوم التالي ـ وكانوا قد عزموا على الرحيل إلى وطنهم ـ مرّوا ببيت الإمام (عليه السلام)، ورأوا أن الإمام (عليه السلام) لم يعد من سفره بعد، ونظراً إلى أنّه لابدّ لهم أن يسافروا طلبوا مسائلهم على أن يقدموها للإمام (عليه السلام) في سفر آخر لهم للمدينة، فسلّمت السيدة فاطمة (عليها السلام) المسائل إليهم بعد أن كتبت أجوبتها، ولمّا رأوا ذلك فرحوا وخرجوا من المدينة قاصدين ديارهم.

وفي أثناء الطريق التقوا بالإمام الكاظم (عليه السلام) وهو في طريقه إلى المدينة، فحكوا له ما جرى لهم فطلب إليهم أن يروه تلك المسائل، فلمّا نظر في المسائل وأجوبتها، قال ثلاثاً: فداها أبوها.

ولئن لم يحفظ لنا التاريخ خصوصيّات ما تلقّته من العلم على أيدي أبيها وأخيها إلا أنه أبقى بين طياته نزراً من الروايات التي حدّثت بها هذه السيدة الجليلة.

فقد كانت هذه السيدة الجليلة من المحدّثات، وورد ذكرها في أسانيد رواها العامّة فضلاً عن الخاصّة، منها ما ورد في كتاب المسلسلات لأبي محمد جعفر بن أحمد بن علي القمي...حتى قال:... حدّثتنا فاطمة بنت علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، قالت: حدّثتني فاطمة، وزينب، وأم كلثوم بنات موسى بن جعفر (عليهما السلام)، قلن: حدّثتنا فاطمة بنت جعفر بن محمد (عليه السلام)، ... عن فاطمة بنت رسول الله(ص) ، قالت: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: لما أسري بي إلى السماء دخلت الجنة، ...[4](6).
 
السيدة المعصومة(عليها السلام) ومحنة أبيها(ع):
لاقى الإمام الكاظم(ع)، من الحكّام والخلفاء الجور والآلام والأقاسي كثيرة. و هذه الآلام و المحن كانت تؤلم القلب الطاهر للسيدة المعصومة (ع)، و كان المسلي الوحيد لها و للعائلة هو أخوها المفدى الإمام الرضا(ع)، فعندما ولدت السيدة المعصومة (ع) كانت قد مضت ثلاث سنوات من خلافة هارون العباسي، وقبل أن تكمل العشر سنوات من العمر أمر هارون الرشيد بإعتقال الإمام الكاظم(ع) وسجنه، فحرمت السيدة المعصومة(ع) من والدها، لتفجع بعد ذلك باستشهاده(ع) فشعرت بالحزن على فقده، وكانت تحترق لفراقه  وتطيل البكاء عليه.
 
السيدة المعصومة(عليها السلام)ورحلة أخيها(ع) إلى مرو:
بعد استشهاد الإمام الكاظم(ع) انتقلت الإمامة إلى ابنه على بن موسى الرضا(ع) الذي كان في الخامسة والثلاثين من عمره، وفي سنة 193 هـ. مرض هارون و مات بمرضه، ارتقى «الأمين» منصّة الخلافة و لم تدم خلافته أكثر من أربع سنوات، وفي سنة 198 هـ. قتل الأمين بيد أخيه و تسنّم المأمون منصب الخلافة فأرسل المأمون  «رجاء بن أبى‏الضحاك» إلى المدينة و ذلك سنة 200 هـ لكي يدعو الإمام(ع) من المدينة إلى «مرو» التي كانت مركز حكومته، و المأمون كان يأمل أنه يستطيع أن يحصل على موافقة الإمام(ع) لقبول ولاية العهد، وبعد إجبار الإمام وإكراهه على الخروج من المدينة، قام إلى زيارة قبر جده(ص) و الأئمة الأربعة في البقيع(ع)، ثم ودّع أولاده وإخوانه وأخواته ومنهن أخته الكريمة السيدة فاطمة المعصومة(عليها السلام)، و غادر متجّهاً إلى مرو.

ومع مغادرة الإمام الرضا(ع) انتهت اللحظات السعيدة في حياة السيدة فاطمة المعصومة(ع)، لأنها بعد استشهاد أبيها الإمام الكاظم(ع) وجدت الرحمة والحنان في كنف أخيها الرضا(ع).

إلى المأوى الأخير في قم:
وبعد سنة على سفر الإمام الرضا(ع) إلى مرو، أرسل الإمام(ع) رسالة مخاطباً أخته السيدة المعصومة(ع) بيد أحد خدامه إلى المدينة المنوّرة، وأمره أن لا يتوقّف وسط الطريق كي يوصل الكتاب إلى المدينة المنورة بأقصر زمان ممكن، ولما وصل مبعوث الإمام إلى المدينة المنورة وامتثالاً لأمر الإمام(ع) سلّم الكتاب إلى السيدة المعصومة، فقرّرت وبعض إخوة الإمام وأبناء إخوته أن يتحرّكوا نحو مرو ليلتحقوا بالإمام(ع)، وبسرعة جهّزت عدة السفر وتهيّأت القافلة للسير وبعد أخذ الماء والمتاع خرجوا من المدينة قاصدين مرو.

كان في هذه القافلة السيدة فاطمة المعصومة ويرافقها خمسة من إخوتها، هم: فضل، جعفر، هادي، قاسم وزيد، ومعهم بعض أبناء إخوة السيدة المعصومة وعدة من العبيد والجوارى . ولما وصلت القافلة إلى مدينة ساوة، مرضت السيدة المعصومة مرضاً شديداً بحيث لم تقدر على إدامة المسير. فالسفر الطويل المتعب من المدينة المنورة إلى ساوة وإن كان أضعف بدنها، إلا أن شدة المرض أنحلت جسمها وأشحبت لونها.

فقرّرت السيدة بعد ذلك الذهاب إلى «قم»، ولما بلغ خبر وصول السيدة المعصومة إلى ساوة ومرضها هناك إلى أهل قم، أجمع كل أهل المدينة أن يذهبوا إلى السيدة ويطلبوا منها الإقامة في قم، ولكن ذهب «موسى بن خزرج» ممثلاً من أهل قم إلى بنت الإمام الكاظم(ع) وأخبرها برغبة القميّين وفرط اشتياقهم بزيارتها، وأجابت السيدة المعصومة طلبهم وأمرت بالحركة نحو قم.

أخذ موسى بن خزرج زمام ناقة السيدة المعصومة(عليها السلام) مفتخراً، وقادها إلى المدينة التي كانت تنتظر قدوم أخت الإمام الرضا(ع) حتى وصلت القافلة إلى بداية مدينة قم.

وكان موسى بن خزرج ذا يسر و بيت وسيع، و أنزل السيدة في داره وتكفل لضيافة السيدة المعصومة(عليها السلام) ومرافقيها. و استشعر موسى بن خزرج فرط السعادة بخدمته لضيوف الرضا(ع) القادمين من مدينة الرسول(ص).

ثم اتخذت السيدة فاطمة المعصومة معبداً لها في منزل موسى بن خزرج لكي تبتهل إلى الله وتعبده وتناجيه وتشكو إليه آلامها وتستعينه على ما ألمّ بها. وهذا المعبد باق إلى الآن ويسمى بـ «بيت النور».

أقلق مرض بنت الإمام الكاظم مرافقيها و أهالي قم كثيرا، مع أنهم لم يبخلوا عليها بشي‏ء من العلاج، إلا أن حالها يزداد سوءاً يوماً بعد يوم. حتى توفيت(عليها السلام) في العاشر من ربيع الثاني 201 هـ.


[1]  المجلسي، بحار الأنوار ، المجلد 60.
[2] صحيفة الإمام، مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني (قده)، 1430ه-2009م، ط1،  ج7،ص 341.
[3] مستدرك وسائل الشيعة ، المجلد 10
[4] كتاب المسلسلات، ص250-251.

04-08-2016 | 15-33 د | 2387 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net