الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1231 - 29 ربيع الأول 1438 هـ - الموافق 29 كانون الأول 2016 م
آداب الدخول إلى الأسواق

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

الهدف:
التعرّف على مفهوم السوق في الإسلام ومراعاة آدابه

المحاور:
مفهوم السوق وأهميته
نظرتان إلى السوق
آداب السوق في الإسلام
موعظة أمير المؤمنين (ع) لأهل السوق‏

تصدير:
روي أن الإمام علي (ع) كان يقف بين التجار واعظاً: أيها التجار، قدموا الاستخارة، وتبركوا بالسهولة، واقتربوا من المبتاعين، وتزينوا بالحلم، وتناهوا عن اليمين، وجانبوا الكذب، وتجافوا عن الظلم، وأنصفوا المظلومين، ولا تقربوا الربا، وأوفوا الكيل والميزان، ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين.

مفهوم السوق وأهميته:
السوق بضم العين هي موضع البياعات، أو التي يتعامل فيها، والجمع أسواق، قال الله – تعالى: ﴿وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرً سورة الفرقان20. وتسوق القوم: إذا باعوا واشتروا وأصل اشتقاق السوق من سوق الناس إليها بضائعهم. واصطلاحاً: هو اسم لكل مكان وقع فيه التبايع بين من يتعاطى البيع والشراء.

ولقد أولى الإسلام الأسواق العناية الفائقة، وقد تمثلت عناية الإسلام بالسوق في حثه على السعي في الأرض، والذهاب إلى الأسواق للتجارة وطلب الرزق الحلال، قال الله - تعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمً سورة النساء(29). وقال: ﴿وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَ سورة البقرة 275.

بل لقد قرن الله العاملين في الأرض للتجارة بالمجاهدين في سبيله، فقال: ﴿وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ سورة المزمل(20). وقال الله تعالى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ سورة القصص،77.

وكان النبي (ص) يذهب إلى الأسواق كسباً للرزق، وطلباً للقوت الضروري؛ حتى أن المشركين عابوه بذلك كما حكى الله عنهم: ﴿وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرً سورة الفرقان7. وكان(ص) يتفقد السوق بين الفينة والأخرى مع بعض أصحابه.

نظرتان إلى السوق:
الأولى:
السوق عز المؤمن: يروي المعلى بن خنيس أن الإمام الصادق "ع" رآه متأخراً عن السوق. فقال له "ع": "اغد إلى عزك". فكيف يكون السوق عزاً للمؤمن؟

عندما يكون العمل لأجل هدف مشروع ونبيل وخالياً من المكر والنوايا السيئة كأن يعمل الإنسان لأجل أن يكسب لقمة لعياله فينفق ويوسع عليهم في النفقة ولا يبغي الإنسان خداع المشترين بغية الكسب السريع بل يصر على الكسب الحلال بعرق الجبين متقرباً لله (عز وجل) بما يفعله، يكون عمله لله (عز وجل)، بل يكون مثالا لنقاء السريرة وصفاء النفس، هذا الشخص الذي هكذا ديدنه وهذه نيته هو الشخص الذي يكون العمل في السوق عزاً له ويكون مصداقاً لقول الإمام الصادق "عليه السلام": الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله".

الثانية: سوق الشياطين‏: مقابل هذه الروايات التي تصف السوق بأنه عز المؤمن، نجد روايات أخرى تتحدث عن السوق وتعتبره مرتعاً لإبليس. فقد ورد عن الإمام الباقر "ع": شر بقاع الأرض الأسواق، وهو ميدان إبليس، يغدو برايته، ويرفع كرسيه، ويبث ذريته...".

ما السبب في ذلك؟ يتابع الإمام "عليه السلام": ... فبين مطفف في قفيز، أو طائش في ميزان، أو سارق في ذراع، أو كاذب في سلعته الخ...".

ولك أن تتخيل كيف يكون سوق بهذه الصفات فليس من العجب أن يكون مملكة لإبليس حيث تفعل كل هذه المعاصي التي تتعلق بحقوق الناس والتي لا يغفرها الله (عز وجل) بمجرّد التوبة بل تحتاج إلى مسامحة من سرق ماله أو غشه في سلعة اشتراها.

آداب السوق في الإسلام:
1. الثقة بسوق المسلمين‏: على الإنسان المسلم أن يثق بسوق المسلمين فلا يسأل عن كل شاردة وواردة أهي حلال أم حرام؟، وعن كل لحم هل هو ذكي أم لا؟، بل عليه أن يعطي ثقته بسوقهم بانياً في كل شك على حلية ما أخذ منها وقد وردت الروايات الكثيرة مؤكدة على هذا المعنى. فقد سأل أحدهم الإمام الصادق "عليه السلام" قائلاً: الخفاف عندنا في السوق نشتريها فما ترى في الصلاة فيها؟ فقال له "عليه السلام": صل فيها حتى يقال لك إنها ميتة بعينها".

وعن الإمام أبي الحسن "ع" لما سأله أحدهم قائلاً: أعترض السوق فأشتري خفاً لا أدري أهو ذكي أم لا. قال له "عليه السلام": صل فيه...". فقال له السائل: إني أضيق من هذا. فقال له الإمام "عليه السلام": أترغب عما كان أبو الحسن "عليه السلام" يفعله". فعندما قال السائل للإمام "عليه السلام": إني أضيق من ذلك. كان يعني أن نفسيته لا تكون مرتاحة إلا بالتأكد من حقيقة انه مذكى. فأجابه الإمام بالجواب القاطع: أن لا يجب عليك السؤال".

2. ذكر الله في السوق‏: ورد العديد من الروايات بخصوص مستحبات وأذكار يذكرها المرء في السوق وعند الشراء والنظر للبضاعة فقد ورد في الحديث عن الإمام الصادق "ع" أنه قال: إذا دخلت السوق فقل: لا إله إلا الله عدد ما ينطقون، سبحان الله عدد ما يسومون، تبارك الله أحسن الخالقين (ثلاث مرات)، سبحان الله عدد ما يبغون، سبحان الله عدد ما ينطقون، سبحان الله عدد ما يسومون تبارك الله رب العالمين".

وعن الإمام الباقر "عليه السلام": من دخل السوق فنظر إلى حلوها، ومرها، وحامضها، فليقل اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمد صلى الله عليه و آله و سلم عبده ورسوله، اللهم إني أسألك من فضلك وأستجير بك من الظلم والغرم والمأثم".

3. غض البصر: إن الله - تعالى- قد جعل العين مرآة القلب، فإذا غض العبد بصره، غضّ القلب شهوته وإرادته، وإذا أطلق العبد بصره، أطلق القلب شهوته وإرادته، فقد أخرج البخاري في صحيحه أن رسول الله (ص) قال: "إن الله عز وجل - كتب على ابن آدم حظه من الزنى أدرك ذلك لا محالة، فالعين تزني وزناها النظر، واللسان يزني وزناه النطق، والرجل تزني وزناها الخطى، واليد تزني وزناها البطش، والقلب يهوي ويتمنى، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه " فبدأ بزنا العين، لأنه أصل زنا اليد والرجل والقلب والفرج.

قال الله تعالى: ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُو نَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ سورة النــور (30) (31) ومن المعلوم أن السوق من أحب الأماكن لشياطين الأنس والجن، وبالتالي فلابد للإنسان من غض بصره عن النظر إلى ما حرم الله، والتحصن عند دخوله السوق بالأذكار الشرعية، ولأن النساء في زمننا هذا أكثرن من الخروج من بيوتهن وولوجهن إلى الأسواق، وعلقت صور النساء على مداخل الأسواق، والأماكن العامة، فيجب غض البصر، وكف الأذى.

4. عدم خروج النساء إلى الأسواق إلا لضرورة: إن على النساء التحلي بخلق الحياء والحشمة، وأن يتقين الله - تعالى- في كل وقت وفي كل مكان، ولكن إذا كان لدى المرأة حاجة ضرورية إلى السوق، وليس هناك من يقوم بها، فلا بأس أن تخرج، مع الالتزام بالآداب الشرعية، ومنها ارتداء الحجاب الشرعي الساتر لجميع الجسم، والبعد عن الخلوة بالرجال، وغيرها من الآداب. وعلى الرجال كذلك تقوى الله، وعدم مضايقة النساء ومزاحمتهن في الأسواق، والالتزام بآداب وأخلاق المسلمين.

5. تحديد ما يشترى بدقة: لقد ذكرت الروايات الصادرة عن الرسول الأكرم "ص" وأهل بيته "ع" مسألة مهمة وهي أن لا يشتري الإنسان السلعة بدون كيل كأن يقول له: بعني ما في هذا الكيس، أي مقدار بلغ بل اللازم أن يعرف مقداره. فعن رسول الله "ص": كيلوا طعامكم، فإن البركة في الطعام المكيل"

6. الوضوح في البيع والشراء: حتى لا يقع المرء في معصية الله (عز وجل) بغشه للمؤمنين أو يتعرض البائع للإحتيال من المشترين ينبغي أن تكون الأمور واضحة أثناء البيع من السلعة والثمن وجودة البضاعة وهكذا... لذا وردت بعض الروايات التي تنهى عن تصرفات معينة قد توقع المشتري في الغبن، كأن يبيع الإنسان بضاعته في الظِلّ‏ِ أو العتمة. فعن الإمام الكاظم "ع": يا هشام إن البيع في الظِلّ‏ِ غش وإن الغش لا يحلّ". وكذلك تنهى البائع الذي لا يحسن البيع عن الجلوس للبيع في الأسواق. ففي الحديث عن أمير المؤمنين "ع": لا يقعدن في السوق إلا من يعقل البيع والشراء.

7. أن لا تلهيه التجارة عن الصلاة: على المنشغل بالعمل في السوق أن لا ينسى وقت الصلاة إذا حانت، بل يترك ما في يديه من العمل ليلبّي نداء الله (حيّ على الصلاة) والحذر كل الحذر من تسويفات الشيطان بأنّ الوقت واسع وسأصلّي بعد قليل عند تفرّق الزبائن فإنّ ذلك من أساليبه الخادعة حتى ينسيك نداء الله، أو يحرمك فضيلة الصلاة في وقتها. وقد ورد في الرواية الشريفة أنّ أحدهم قال للإمام الرضا "ع": أكون في السوق فأعرف الوقت ويضيق عليّ أن أدخل فأصلي. قال "ع": إن الشيطان يقارن الشمس في ثلاثة أحوال: إذا ذرت، وإذا كبدت، وإذا غربت، فصل بعد الزوال فإنّ الشيطان يريد أن يوقعك على حد يقطع بك دونه".

8.عدم الحلف على السلعة: قال الله تعالى: ﴿وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ...
لا شك في أن الحلف الكاذب محرم شرعاً ومن غير المحتمل أن يقوم الإنسان المؤمن بمثل هذه الأعمال المحرمة والقبيحة، لكن ماذا عن الحلف الصادق؟ هل يستطيع الإنسان أن يحلف في الأمور التجارية إذا كان صادقاً في كلامه؟
لقد نهانا القرآن الكريم عن الحلف حتى لو كنا صادقين، وقد أكد الأئمة "ع" على كراهته. فقد ورد عن أمير المؤمنين‏ "ع": يا معاشر التجار اجتنبوا خمسة أشياء: حمد البايع وذم المشتري واليمين على البيع وكتمان العيب والربا، يصح لكم الحلال ويخلصوا بذلك من الحرام" وعن أمير المؤمنين "ع": إياكم والحلف، فإنه ينفق السلعة ويمحق البركة".

موعظة أمير المؤمنين (ع) لأهل السوق‏:
لقد كان "ع" ينزل إلى السوق حاملاً الدرة وهي نوع من السياط ليضرب بها كل من يغش المسلمين ويحاول سرقتهم، ثم كان يقف بين التجار واعظاً: أيها التجار، قدموا الاستخارة، وتبركوا بالسهولة...

وفي رواية أخرى عنه "ع" أنه دخل السوق فوجد الناس يبيعون ويشترون فبكى بكاءً شديداً ثم قال "ع": يا عبيد الدنيا وعمال أهلها، إذا كنتم بالنهار تحلفون، وبالليل في فراشكم تنامون، وفي خلال ذلك عن الآخرة تغفلون،فمتى تجهزون الزاد وتفكرون في المعاد؟". فقال له رجل: يا أمير المؤمنين إنه لا بد لنا من المعاش، فكيف نصنع؟

فقال أمير المؤمنين "ع": إن طلب المعاش من حلِّه لا يشغل عن عمل الآخرة فإن قلت لا بد من الاحتكار لم تكن معذوراً".

وهكذا يريد أمير المؤمنين "ع" أن يكون السوق في حكومته الإسلامية وفي سائر بلاد المسلمين أن يأمن فيه من يدخله من مكر الماكرين ولنعم ما أدب به أمير المؤمنين‏ "عليه السلام" شيعته.

30-12-2016 | 10-09 د | 2123 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net