الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1343 - 15 جمادى الآخرة 1440 هـ - الموافق 21 شباط 2019م
السيّدة الزهراء(ع) ولادة النور والقدوة

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

السيّدة الزهراء(ع) ولادة النور والقدوة

محاور الخطبة:
- من حياتها مع أبيها
- دورها في تكوين المجتمع الإسلاميّ
- سيّدة النساء
- أُسوة وقدوة حسنة
- من إيثارها (عليها السلام)
- من عبادتها (عليها السلام)
- من علومها (عليها السلام)
- إنّها القدوة

مطلع الخطبة:
 بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.

 (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)[1].

أيّها الأحبة،
لا بدّ في مناسبة ذكرى ولادة السيّدة الزهراء (عليها السلام) من أن نعرج قليلاً نحو حياتها التي كانت تعيشها، نذكر بعض فضائلها وصفاتها، نذكر بعضًا ممّا كانت عليه في علاقتها مع أبيها المصطفى(صلّى الله عليه وآله) ومع زوجها أمير المؤمنين(عليه السلام)، ومع من حولها، وإنّنا مهما تحدّثنا فلن تفيَ كلماتُنا حقَّها (عليها الصلاة والسلام)، وهي حجّة من حجج الله.

لُقّبت السيّدة فاطمة بألقاب متعدّدة تنبئ عن شخصيّتها وصفاتها الجليلة، ومن أشهرها بين المسلمين لقب "الزهراء"، وقد سُئل الإمام الصّادق (عليه السلام): لِمَ سُمّيت الزهراء؟ فقال (عليه السلام): "لاَنّها كانت إذا قامت في محرابها، زهر نورها لأهل السماء، كما يُزهر نورُ الكواكب لأهل الأرض"[2].  

من حياتها مع أبيها
كانت (عليها السلام) أحبّ الناس إلى قلب رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وهي بهجة قلبه وبضعة منه، يغضَبُ لغضبِها، ويرضى لرضاها، ويُؤذيهِ ما يُؤذيها، ويسرُّه ما يسرّها.

وهي التي كانت إذا دخلت علىيه (صلّى الله عليه وآله)، قام إليها فقبّلها وأجلسها في مجلسه.

وإذا أراد سفراً أو غزاة كان آخر النّاس عهداً بها (عليها السلام)، وإذا قدِم كان أوّل النّاس عهداً بها (عليها السلام).

كان (صلّى الله عليه وآله) لا ينام حتى يُقبّل عرضَ وجهها... ويدعو لها.

أمّا من جهتها فقد كانت (عليها السلام) تهتمّ بأبيها المصطفى (صلّى الله عليها وآله) اهتمام الأُمّ بولدها.

فمنذ أيام طفولتها كانت تدفع عنه أذى المشركين، وتخفّفُ آلامَه وتضمّد جروحَه، وتمسحُ الدّم عن وجهه في الحرب.

وإذا عاد من سفرٍ بادرت إلى استقباله واعتنقته وقبّلت ما بين عينيه، وكانت تتأثّر لحاله وتحنو عليه.

وكانت (عليها الصلاة والسلام) تؤثره بما عندها من طعام كالأُمّ المشفقة على ولدها، فعن أنس، قال: جاءت فاطمة (عليها السلام) بكسرة خبز لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقال: "ما هذه الكسرة؟" قالت: "قرص خبزته، ولم تطب نفسي حتّى أتيتك بهذه الكسرة..."[3].

ولمّا اختار الله -سبحانه- لنبيّه دار رضوانه ومأوى أصفيائه، كانت الزهراء (عليها السلام) كالأمّ التي فقدت وحيدها، فما رُؤيت (عليها السلام) ضاحكةً قطّ منذ قُبض (صلى الله عليه وآله) حتّى قُبِضت[4]، وما زالت بعده معصّبة الرأس، ناحلة الجسم، منهدّة الركن، باكية العين، محترقة القلب، تشمّ قميصه فيُغشى عليها، وسمعت بلالاً يؤذّن، حتّى إذا بلغ: أشهد أنّ محمّداً رسول الله، شهقت وسقطت لوجهها وغُشي عليها، حتّى ظُنّ بأنّها (عليها السلام) قد فارقت الحياة[5].

هذا طرفٌ من علاقتها بأبيها (صلّى الله عليه وآله)، وهو كافٍ لتشكيل صورةٍ واضحةٍ عن مكانتها (عليها السلام) في قلبه، وهو خاتم النبيّين والمرسلين، وأعلم أهل الأرض وأتقاهم، ومن هنا نعلم أنّ الاحترام الذي كان يكنّه لها لم يكن نابعاً عن عاطفة أبويّة بحتة، حيث إنّ النبيّ، وإن كان ذا حنان وعطف كما كلّ أب مع أبنائه، إلّا أنّ شدّة الاحترام هذا، بل والتقدير والتبجيل العظيمين لها، لم يكونا وليدي تلك العاطفة، إنّما لشيء أعظم من هذا، ألا وهو مكانة السيّدة الزهراء (عليها السلام) عند الله -تعالى-، وممّا تحلّت بصفات عظيمة رفعت من شأنها في عينه (صلّى الله عليه وآله).
 
دورها في تكوين المجتمع الإسلاميّ
كانت (عليها السلام) في بداية تكوين المجتمع الإسلاميّ في المدينة المنوّرة صغيرة السنّ ولمّا تكمل عامها الثامن، إلّا أنّها كانت عارفة واعية بالعلم الربّانيّ الّلدنيّ وبالعصمة الإلهيّة التامّة، حيث إنّها أدّت دوراً مهمّاً في نشوء المجتمع الإسلاميّ الجديد، وامتازت بإخلاصها الشديد وتفاعلها مع الأحداث واستيعابها للرسالة السماويّة.
 
سيّدة النساء
وعلى الرغم من وجود نساء أخريات في بيت الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله)، لكنّها نالت مرتبة سامية وعالية عند الله -سبحانه وتعالى- وعند الناسّ؛ وذلك بفضل اصطفائها من عند الله وإخلاصها وزهدها وعبادتها وإنفاقها وجهادها وصبرها وتحمّلها في سبيل الله...

فأدّت (عليها السلام) الدور الملقى على عاتقها بأحسن وجه، حتى استحقّت أن تكون سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين.

وفي الحديث عن المفضّل، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أخبرني عن قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في فاطمة: إنّها سيدة نساء العالمين، أهي سيّدة نساء عالمها؟

فقال (عليه السلام): "ذاك مريم كانت سيّدة نســــاء عالمها، وفاطمة سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين"[6].
 
أُسوة وقدوة حسنة
إنّ المتتبّع لسيرة السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) يجد أنّها مدرسة متكاملة في مختلف أبعاد الحياة؛ لهذا فهي قدوة لجميع النّساء، بل والرّجال.

قدوة لهم في وقوفها مع أبيها (صلّى الله عليه وآله) في تبليغ الرسالة.

قدوة لهم في تحمّلها لمصاعب الهجرة إلى المدينة.

قدوة لهم في وقوفها مع زوجها أمير المؤمنين بعد وفاة أبيها (صلّى الله عليه وآله).

قدوة لهم في زهدها بالدّنيا وشوقها للقاء الله.

في عبادتها وأخلاقها وآدابها...
 
من إيثارها (عليها السلام)
ومن تلك الصفات التي تحلّت بها صفة الإيثار، ولنا مثال على ذلك قصّة الإطعام التي وردت في القرآن الكريم في سورة الدّهر، حيث أنفقوا (عليهم السلام) طعامهم الوحيد المؤلّف من بضعة أرغفة لا غير، إلى ثلاثة محتاجين في ثلاثة أيّام متوالية، بقَوا فيها طاوين جائعين في سبيل الله، وذلك بعد أن نذروا أن يصوموا لله إذا برأ الحسنان (عليهما السلام) من مرض ألمّ بهما، فلمّا جلسوا عند الإفطار ليتناولوا طعامهم، وإذا بالباب يُقرع، وكان ثمّة مسكين وراء الباب، فقاموا جميعاً بإعطاء أرغفتهم لهذا المسكين وباتوا جياعاً، وهكذا فعلوا في اليوم الثاني مع اليتيم، وفي اليوم الثالث تكرّرت الحادثة مع الأسير، فأنزل الله -تعالى- سورة كاملة بحقّهم، وهي سورة (الدهر)، ومنها هذه الآية: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)[7].
 
من عبادتها (عليها السلام)
كانت (عليها السلام) تعبد الله بإخلاص وتفانٍ، إذ كان قلبها ينبوعاً متفجّراً بمعرفة الله والارتباط به -سبحانه وتعالى-.

عن الإمام الحسن (عليه السلام): "رأيت أمّي فاطمة (عليها السلام) قامت في محرابها ليلة جمعتها، فلم تزل راكعةً ساجدةً حتّى اتّضح عمودُ الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسمّيهم وتكثر الدّعاء لهم، ولا تدعو لنفسها بشيء...
فقلت لها: يا أمّاه لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟!

فقالت: يا بنيّ، الجار ثمّ الدار"[8].
 
من علومها (عليها السلام)
تحلّت سيّدة نساء العالمين (عليها السلام) بالعلم والمعرفة..

كانت عالمة بكلّ ما لــلكلمة من معنى، وهي تتلّقى العلم من مدينة العلم، وهو النبيّ (صلّى الله عـــليه وآله)، ومن بابها، وهو أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام).

كانت عارفة بالله وبحقائق الكون وفلسفة الحياة، كما أنّ قربها من المسجد النبويّ كان يتيح لها أن تتابع أحكام الله وتلاوة آياته المباركة، هذا إلى جوار ما كان لها من العلم الّلدنيّ.

فمقاماتها السامية وعلومها أهّلتها لأن تقوم بدور التربية والتعليم والتوجيه لنساء العالم في كلّ عصر ومصر، وخاصّة نساء عصرها اللاتي كنّ يجتمعن حولها ويتلقّين منها علوم الإسلام ويسألنها عن كلّ شيء.
 
إنّها القدوة
أيّها الأحبة،
إنّنا في زمن نحن فيه بأمسّ الحاجة إلى أن نثبّت مكانة ومقام السيّدة الزهراء (عليها السلام) في أذهان فتياتنا، أن نعرفهنّ إلى هذه الشخصيّة العظيمة بأخلاقها وعلمها وتقواها وحيائها، كي يقتدينَ بها ويعشْنَ حياة الكرامة والمبادئ الإنسانيّة بأجلى صورها، ويبتعدنَ عن تلك المفاهيم السيّئة التي يعمل المفسدون في الأرض على نشرها، حتّى يجعلوا راقصة هنا أو هناك، أو مطربة هنا أو هناك مثلاً أعلى لفتيات المجتمع، فيعمدنَ بذلك إلى التشبّه بها بمظهرها وتصرّفاتها، وهنّ غافلات.


[1]  سورة الكوثر.
[2] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج43، ص12.
[3] الهيثميّ، مجمع الزوائد، ج1، ص312.
[4] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار،ج43، ص196.
[5] المصدر نفسه، ج43، ص157.
[6] المصدر نفسه، ج43، ص37.
[7] سورة الإنسان، الآية 8.
[8] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج43، ص 81.

21-02-2019 | 10-30 د | 1522 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net