الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

منبر المحراب العدد 1380 - 09 ربيع الأول 1441هـ - الموافق 07 تشرين الثاني 2019م
أيّ القائد نتَّبع؟

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق


محاور الخطبة
- الولاية لمن؟
- ماذا بعد غياب المعصوم (عليه السلام)؟
- اتّباع راية الحقّ
- هل كلّ من رفع شعار الحقّ نتّبعه؟

مطلع الخطبة
الصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.

عن أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام): "النَّاسُ ثَلَاثَةٌ: عَالِمٌ رَبَّانِيٌّ، وَمُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ نَجَاةٍ، وَهَمَجٌ رَعَاعٌ أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ، لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ وَلَمْ يَلْجَئُوا إِلَى رُكْنٍ وَثِيقٍ"[1].

أيّها الأحبّة،
إنّ الصنف الثالث الذي ذكره أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديثه هذا، يُظهر لنا فئةً من الناس، وصمهم الإمام بصفة سيّئة، وهي أنّهم يتّبعون كلّ من يرفع شعاراً مهما كان هذا الشعار، سواء أكان حقّاً أم باطلاً، وقد قابلهم بقمسين آخرين، العالم الربّانيّ، الذي تعلّم ما يوصله إلى الله، والمتعلّم على سبيل نجاة.

ومن خلال هذا الحديث يمكننا الدخول في موضوع القيادة، أي قيادة المجتمع، فمن هو القائد الذي ينبغي للناس اتّباعه؟ وما هي صفاته التي أرشدنا إليها الإسلام؟

هل يمكننا أن نتّبع أيّ شخص حمل شعاراً؟ حتّى وإن كان شعار حقّ؟

أم لا بدّ أن يكون لقيادته صلة بأمر الله -تعالى- وتكليفه؟

الولاية لمن؟
قال الله -تعالى- في محكم كتابه: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}[2].

هذه الآية المباركة تبيّن أنّ الولاية في الحقيقة هي لله -سبحانه وتعالى-, فالله -عزّ وجلّ- هو الذي خلق الإنسان وأسكنه الأرض، وإليه يرجع الأمر كلّه.

وهذه الولاية الإلهيّة تتجسّد بولاية النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم), والتي شرح القرآن الكريم معناها في قوله -تعالى-: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}[3]. وكون النبيّ أولى بالمؤمن من نفسه معناه أنّه أولى به في جميع الصلاحيّات التي يمتلكها الإنسان لنفسه، فهو أولى به في المسائل الاجتماعيّة، وفي القضاء والمسائل الحكوميّة وغيرها... وأنَّ إرادته ورأيه مقدَّمان على إرادة ورأي أيّ مؤمن.

هذه الولاية التي أكّدها النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وأكّد على استمرارها بعده في اثني عشر إماماً من خلال الأحاديث المتعدّدة، أهمّها حديث غدير خم، حيث قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعد أن أخذ بيد عليّ (عليه السلام): "ألستُ أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ من كنت مولاه، فهذا عليّ مولاه..."[4].

وورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) في تفسيره معنى الولاية في هذه الآية المباركة أنّه قال: "إنّما يعني أولى بكم؛ أي أحقّ بكم، وبأموركم، وأنفسكم، وأموالكم، الله ورسوله (وَالَّذِينَ آمَنُواْ)، يعني عليّاً وأولاده الأئمّة (عليهم السلام) إلى يوم القيامة"[5].
ماذا بعد غياب المعصوم؟

أيّها الأحبّة،
إنّ الله -سبحانه وتعالى- وبفضل حكمته ولطفه بعباده، ما كان ليترك الأمّة في غياب وليّه عنهم دون مرشد وقائد، يحمل هموهم ويمشي في طريق إرشادهم وتيسير أمورهم؛ ولهذا فقد أعطى للفقيه حقّ الولاية على المؤمنين بعد غياب حجّته في أرضه، وهو ما يُعرف بولاية الفقيه، التي ثبتت من خلال العقل والنقل، وقال بها علماؤنا العظام، كما عن الشيخ المفيد (336-413هـ ) (رضوان الله -تعالى- عليه) حيث يقول في باب الأمر بالمعروف والجهاد: "فأمّا إقامة الحدود، فهو إلى سلطان الإسلام المنصوب من قِبل الله –تعالى-، وهم أئمّة الهدى من آل محمّد (عليهم السلام)، ومن نصّبوه لذلك من الأمراء والحكّام، وقد فوّضوا النظر فيه إلى فقهاء شيعتهم مع الإمكان"[6].

 وهم يعتمدون بعد حكم العقل بضرورة وجود قائد للأمّة في غياب الحجّة، على عدد من الأحاديث والروايات، ومنها الواردة في هذا الشأن:

عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال : إنّ العلماء ورثة الأنبياء؛ وذاك أنّ الأنبياء، لم يورّثوا درهماً ولا ديناراً، وإنّما أورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ حظّاً وافراً، فانظروا علمكم هذا عمّن تأخذونه؟ فإنّ فينا أهل البيت في كلّ خلقٍ عدولاً، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين"[7].

اتّباع راية الحقّ
إنّ ما تقدّم في بيان ضرورة القيادة بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وضرورتها كذلك، بعد غياب المعصومين، وأنّها حُصرت في من يتحلّى بصفات معيّنة، من تفقّه في الدين وورع وتقوى، يدلّنا على أنّ مسألة القيادة واتّباعها ليست بالأمر السهل والعشوائيّ، إنّما فيه شروط ضروريّة وخطيرة.

هل كلّ من رفع شعار الحقّ نتّبعه؟
بشيء من التأمّل يتبيّن معنا أنّ الاتّباع لا يكون إلّا بشرط أساسيّ، لعلّ الكثيرين من الناس لا يلتفتون إليه، وهو بأنّه لا يكفي أن تكون الراية راية حقّ حتّى يُجيزَ لنا ذلك اتّباع حاملها، بل إنّ هناك شرطاً إضافيّاً؛ وهو أن يكون حامل الراية تلك، أو شعار الحقّ ذاك منصوباً من قِبل المعصومين (عليهم السلام)، وهذا ما يُعرف بولاية الفقيه، فالوليّ الفقيه هو من ينبغي اتّباعه في ما يحمله من شعارات وتحرّكات، أكانت سياسيّة أم عسكريّة، أو من يوكّله الوليّ الفقيه في الأقطار الإسلاميّة في الدفاع عن الأمّة والذود عنها.

ولبيان ذلك نورد هاتين الروايتين:
عن أبي خديجة، قال: "بعثني أبو عبد الله (عليه السلام) إلى أصحابنا، فقال: قل لهم: إيّاكم إذا وقعت بينكم خصومة أو تداري في شيء من الأخذ والعطاء أن تحاكموا إلى أحدٍ من هؤلاء الفسّاق، اجعلوا بينكم رجلاً قد عرف حلالنا وحرامنا، فإنّي قد جعلته عليكم قاضياً، وإيّاكم أن يخاصم بعضكم بعضاً إلى السلطان الجائر"[8].

وعن عمر بن حنظلة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دَين أو ميراث، فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة، أيحلّ ذلك؟ قال: "من تحاكم إليهم في حقّ أو باطل، فإنّما تحاكم إلى الجبت والطاغوت المنهيّ عنه، قلت: فكيف يصنعان وقد اختلفا؟ قال: ينظران من كان منكم، ممّن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا، فليرضيا به حكماً، فإنّي قد جعلته عليكم حاكماً، فإذا حكم بحكمٍ ولم يقبله منه، فإنّما بحكم الله استخفّ، وعلينا ردّ، والرادّ علينا كالرادّ على الله، وهو على حدّ من الشرك بالله"[9].

البصيرة
وفي الواقع، إنّ اتّباع قائد ما، ينبغي أن يكون ضمن تلك المعايير التي أرشدنا إليها ديننا الحنيف، والذي يضمن لنا ألّا ننجرف تحت رايات مشبوهة، ظاهرها أنيق، وباطنها سيّء ورديء، وهذا كلّه يبتني على بصيرة الإنسان، فالمرء المدرك والقارئ لما يجري من حوله لا ينزلق في طاعة أيّاً كان، إنّما يتحرّى جيّداً في ذلك؛ كي لا يقع فريسة المغرضين والمنحرفين.

فالقائد الذي يستحقّ الاتّباع هو ذاك الذي اتّصف بصفات الخير والعلم والمعرفة، وكان له من الله حجّة علينا.

وإنّنا باتّباع قادتنا العلماء، الوليّ الفقيه وليّ أمر المسلمين، سماحة الإمام السيّد عليّ الخامنئيّ (دام ظلّه) الذي أنار الله قلبه بالإيمان، وأجرى على لسانه الحكمة والبيان، ووكيله سماحة الأمين العامّ السيّد حسن نصر الله (حفظه الله)، نسير بذلك على طريق الهدى والصلاح، ولا نهاب شيئاً.


[1]  نهج البلاغة، ج4، ص 35.
[2]  سورة المائدة، الآية 55.
[3]  سورة الأحزاب، الآية 6.
[4]  العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج21، ص387.
[5]  الكلينيّ، الكافي، ج1، ص 288.
[6]  الحرّ العامليّ، وسائل الشيعة، ج28، ص50.
[7]  الكلينيّ، الكافي، ج1، ص32.
[8]  الحرّ العامليّ، وسائل الشيعة، ج27، ص 139.
[9]  المجلسيّ، بحار الأنوار، ج2، ص 221.

06-11-2019 | 16-05 د | 1252 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net