الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

منبر المحراب- السنة الخامسة عشرة- العدد: 858- 15 ذي القعدة 1430هـ الموافق 3 تشرين تاني 2009م
رعاية البيئة

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

تحميل

محاور الموضوع الرئيسة:
- البيئة لخدمة الإنسان.
- مبادىء الإسلام في حفظ البيئة ورعايته.

الهدف:

التعرف على نظرة الإسلام إلى حماية البيئة.

تصدير الموضوع:

 يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "من نصب شجرة، فصبر على حفظها والقيام عليها حتى تثمر، فإن له في كل شيء يصاب من ثمرها صدقة عند الله عز وجل"1.

مقدمة
يمكن تحديد مفهوم البيئة بأنها: "الأرض وما تضمّه من مكوّنات غير حية ممثلة في مظاهر سطح الأرض من جبال وهضاب وسهول ووديان، وصخور ومعادن وتربة وموارد مياه، ومكوّنات حية ممثلة في النباتات والحيوانات برية النشأة سواء كانت على اليابسة أو في الماء وما يحيط بالأرض من غلاف غازي يضم الكثير من العناصر الأساسية اللازمة لوجود الحياة على سطح الأرض" والبيئة بهذا المفهوم تساوي "الأرض ومن عليها وما حولها" التي ورد ذكرها في القرآن عشرات المرات في معان وسور مختلفة.

1- البيئة خلقت لخدمة الإنسان
خلق الله البيئة وذللها سبحانه وتعالى وسخرها لخدمة الإنسان الذي استخلفه فيها يقول تعالى : ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ2. ﴿وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ3، و﴿وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ4. و﴿اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ5، البيئة كلها بأرضها وسمائها ومائها وهوائها وجمادها ونباتها وحيواناتها، ما يلج في الأرض وما يخرج منها، وما ينزل من السماء وما يعرج فيها، كل ذلك قد خلقه الحق تبارك وتعالى مسخراً مذللاً للإنسان يعتصر منافعة من بين ثناياها، فهي خلقت له ومن أجله.

2- حفظ البيئة وإتقان صنعها
إن هذه البيئة التي جهّزها الله تعالى بكل مقوّمات الحياة لتصبح بيتاً آمناً للإنسان، وتفي بكل متطلباته المعيشية قد حفظها الله تعالى وحماها من مخاطر الإشعاعات الكونية الفضائية والشهب والنيازك التي تندفع من القضاء الخارجي نحو الأرض يقول تعالى : ﴿ وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ6.

فقد أثبتت الدراسات أن الغلاف الجوي الذى يحيط بالأرض يضم مجموعة من الطبقات ولكل طبقة وظيفة تؤديها فى إعالة الحياة وحمايتها.

و قد أتقن الله تعالى صنع البيئة، وأودع فيها كل مقوّمات الحياة. يقول تعالى : ﴿وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين7.
 
3- واجبات الإنسان تجاه البيئة
ترتبط رعاية البيئة بعلم السلوك في الإسلام على اعتبار أن الدين في حقيقته هو السلوك والخلق، ولذا أعلنت النصوص الإسلامية الصريحة أن امرأة دخلت النار في قطة حبستها، وأن رجلا دخل الجنة في كلب سقاه بعدما رأى ما فيه من شدة العطش. ويستند وجوب حفظ البيئة على الأصول الآتية:

أ- حفظ البيئة من الثوابت في الفقه: لم يغفل علم الفقه الشأن البيئي، فوضع الفقهاء عددا من القواعد التي تنظم هذا الأمر مثل قاعدة "لا ضرر ولا ضرار" التي يستفاد منها حرمة أي صورة من صور الضرر، سواء لنفسك، أو الآخرين، أو حتى للطبيعة والبيئة، وأن الشرع أتاح لولي الأمر فرض بعض العقوبات التعزيرية التي من الممكن اللجوء إليها في عصرنا الحالي لمن يسيئون إلى البيئة.

ب- حفظ البيئة من النظام الأخلاقي في الإسلام: يرى علماء الأخلاق الكون (البيئة) على أنه آية من آيات الله تستوجب من الإنسان التفكر فيها، وأنه نعمة تستوجب الشكر والمحافظة عليه والاستمتاع بعنصر الجمال فيه وتنمية هذا الجمال؛ لأن كل شيء في البيئة من الضروري أن يظهر فيه بديع صنع الخالق سبحانه.

ج- حفظ مبدأ التشجير والتخضير والإحياء:
ورد في الروايات الحث على الغرس والزرع. يقول صلى الله عليه وآله وسلم: ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه طيرٌ أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة8.

د- حفظ مبدأ العمارة والتثمير: حث نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم على إحياء الأرض الموات وتثمير الثروات وتنمية الموارد، في الحديث النبوي "من أحيا أرضا ميتة فهي له"9.

هـ- أصل النظافة والتطهير: الطهارة من شروط بعض العبادات خاصة الصلاة، ولذا شاعت بين المسلمين مقولة "النظافة من الإيمان" وأوردت السنة النبوية آدابا كثيرة في النظافة والاغتسال والتطيب وحسن الهندام خاصة في المناسبات العامة كصلاة الجمعة والعيدين.

و- أصل المحافظة على الموارد: يقول تعالى ﴿ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا10. والإفساد يكون بالإتلاف وتفويت المنافع أو التلويث والإسراف، أو بإشاعة الظلم والباطل والشر، وفي الروايات إنذار لمن يقتل طيرا أو حيوانا بغير منفعة أو يتخذ شيئا فيه روح هدفا للتصويب عليه.

ز- المحافظة على البيئة من الإتلاف: ونهى الإسلام عن الإتلاف البيئي للأحياء والنباتات والعمران سواء كان ذلك بدافع القسوة أو الغضب أو العبث أو الإهمال أو في العمليات الحربية؛ لذا كان المؤرخ الفرنسي "جوستاف لوبون" يقول: "ما عرف التاريخ فاتحا أعدل ولا أرحم من العرب" ومن يتابع الجرائم الأمريكية في فيتنام والعراق يتأكد من رحمة المسلمين بغيرهم وبالبيئة أثناء العمليات العسكرية والحروب.

ح- التربية على رعاية البيئة: تربية النشء على الوعي البيئي، وتبصيره بحقيقة الموقف الإسلامي الأصيل من البيئة ورعايتها، وتثقيف الجماهير عبر وسائل التثقيف المختلفة، وإيقاظ الضمير الديني في رعاية البيئة.والتربية على أن البيئة بمواردها الطبيعية المختلفة لا تعبتر ملكاَ خالصاً لجيل من الأجيال يتصرف فيها كيفما شاء، ولايستطيع أي جيل أن يدعي لنفسه هذا الحق، وإنما هي ميراث البشرية الدائم تتوارثه الأجيال المتعاقبة والمتلاحقة. وهذا ما يقتضي أن نحافظ على البيئة دون تدمير أو استنزاف لنورثها للأجيال القادمة بيئة سليمة قادرة على العطاء كما خلقها الله سبحانه وتعالى. ومن هذا المنطلق يعتبر سوء استغلال موارد البيئة واستنزافها لحساب جيل معين على حساب الأجيال القادمة أمر ينهي عنه الإسلام وفيه مخالفة صريحة لمفاهيم الإسلام.

ط- رعاية أصل الاعتدال ونبذ الإسراف:
من مباديء الشريعة الإسلامية الأساسية سلوك الطريق الوسط او المعتدل في التكليف فهو دين الوسطية والاعتدال، لا إفراط ولا تفريط ولا إسراف ولا تقتير.
فقد نهي الإسلام عن الإسراف لما فيه من أضرار كثيرة فالإسراف في نظر الإسلام كل سلوك يتعدي الحدود المعقولة أو المقبولة فى أي أمر من الأمور وإذا طبقنا هذا المفهوم على البيئة فإنه يتمثل في الاستخدام المفرط أو الجائز لموارد البيئة ومن ثم يصبح هذا السلوك غير المرغوب فيه مصدر ضرر وخطورة على البيئة ومواردها يقول عز من قائل : ﴿وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ11، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا12.

تمثل هذه الآيات الكريمات والأحاديث النبوية الشريفة دعوة صريحة للمسلمين إلى الاعتدال والاقتصاد وحسن استغلال موارد البيئة من ناحية، ونبذ الإسراف والاستخدام الجائر والتقتيير من ناحية أخرى.
وليس ثمة شك أن دعوة الإسلام إلى الاعتدال ونبذ الإسراف منذ أربعة عشر قرنا بدأت تدركها مؤخرا المجتمعات غير الإسلامية فى الشرق والغرب حيث بدأوا ينادون بالاستخدام العاقل أو الراشد المعتدل ونبذ الاستخدام الجائر بعد أن بدأ الإسراف فى استخدام موارد البيئة يهدد البشرية بأخطار كثيرة فمثلاً أدى الإسراف فى قطع الأشجار والنباتات إلى بروز مخاطر كثيرة مثل جرف التربة الفيضانات العنيفة تدهور الدورة المائية ونظم المطر انتشار التصحر الاختلال فى دورة الأكسجين ثاني أكسيد الكربون وغيرها كما يؤدي الإسراف فى استخدام المياه إلى مشاكل عديدة مثل تملح التربة وتغدقها سرعة نضوب موارد المياه الجوفية نقص موارد المياه وغيرها.


1- ميزان الحكمة، ج2، ص1410
2- الملك : 15.
3- النحل :14.
4- الجاثية : 13.
5- إبراهيم : 32 - 33.
6- الأنبياء : 32
7- فصلت :10
8- الشهيد الصدر، اقتصادنا، ص619
9- اقتصادنا،439
10- الأعراف :56
11- الأعراف 31
12- الإسراء 26،27

12-03-2010 | 16-20 د | 3816 قراءة

الإسم
البريد
عنوان التعليق
التعليق
لوحة المفاتيح العربية
رمز التأكيد


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net