الإمام القائد: "لا ينبغي
الاستهانة بهذا الفن، إنّ
اعتلاء المنبر والحديث في
أمر الدّين يعتبر من أشرف
الأعمال، ولا بدّ ومن
المفترض أن يقوم بهذه
المهمّة أشرف الناس
وأكثرهم علماً ومعرفة
بالمسائل الإسلاميّة,
وأكثرهم عملاً بالأحكام
الشرعيّة، وعليهم أن
يفتخروا بهذا الأمر، كما
كان الحال في الماضي.
وأمثال هذه الشخصيّات
كثيرة في الماضي كالشيخ
جعفر الشوشتريّ- عالم
الأخلاق الكبير- الذي كان
من أصحاب المنبر، أو
المرحوم الحاج الآغا رضا
الهمدانيّ- صاحب كتاب "هديّة
النملة"- وهو واعظ وخطيب
دينيّ، أو ابنه المرحوم
الآغا ميرزا محمّد
الهمدانيّ الذي كان من
العلماء، وأمثالهم, في
الماضي كان هناك العديد
من الشخصيّات العلميّة
والوجوه المعروفة بالتقوى
والتديّن والمتّصفة بهذه
الصفات والتي كانت تفتخر
بهذا الفن، واليوم أيضاً
نشاهد- بحمد الله- العديد
من الشخصيّات المشهورة
والبارزة في مجال التبليغ
والمنبر"1.
الأمر الأوّل
- تأثير
المنبر في المجتمع
الإمام القائد: "لم تتمّ
حتّى الآن دراسة تأثير
المنبر في مجتمعنا.
انظروا إلى هذا المجتمع،
وابحثوا عن مكان لا وجود
فيه لمنبر باسم أبي عبد
الله عليه السلام. انظروا
إلى جميع أقطار بلدنا،
إلى المدن الكبيرة
والصغيرة والبعيدة وإلى
القرى الصغيرة منها،
وانظروا إلى الجامعات
وبين العلماء والمؤسّسات
والمثقّفين أصحاب العلوم
المعاصرة, وإلى عموم
الناس من غير المثقّفين,
هل تجدون مكاناً لا منبر
فيه لأبي عبد الله عليه
السلام ولا خطيب يعتلي
المنبر؟ إذاً فإنّ كلّ
مجتمعنا يمثّل مجموعة
تحمل الفكر والعقيدة
الشيعيّة وهي تعيش تحت
مظلّة الإمام الحسين عليه
السلام, طبعاً هذا ليس
مختصّاً بالشيعة، بل هناك
في أنحاء العالم من
يستفيد من هذا الأمر وهم
من غير الشيعة بل من غير
المسلمين أيضاً"2.
الإمام القائد: "إنّ هذا
الموقع (المنبر)، موقع
مؤثّر في نسيجنا
الإجتماعيّ والدينيّ
والفكريّ, ولقد كان
مؤثّراً في الماضي، إلّا
أنّه كان يفتقد للقانون
والضابطة والقاعدة،
بالإضافة إلى أنّ الفكر
الدينيّ، لم يكن ساحة
للعرض والطرح. وأمّا على
صعيد وسائل الإعلام
التصويريّة والصوتيّة،
فلم يكن يشار إلّا إلى
شيء قليل من أشكال اللطم
وذلك في أيّام عاشوراء
وبمقدار قليل جدّاً,
وعندما يصغي الإنسان إلى
ما يُقدّم يجد أنّ أغلبه
انحرافيّ!"3.
الأمر الثاني
- الدرجة
العلميّة المطلوبة لأهل
المنبر
الإمام القائد: "كان هناك
تصوّر خاطئ, في الماضي,
يسيطر على أذهان البعض
منّا، ثمّ زال بحمد الله, كنّا نظنّ أنّ الشخص صاحب
العلم والاجتهاد، لا
يمكنه أن يكون من أهل
المنبر أو العزاء، فكنّا
نشاهد هذين الأمرين في
مجالين مختلفين,
وأمّا
الذي يرغب في القيام بهذه
الوظائف الثلاث (الموعظة،
وتوضيح المعارف وتقديم
النموذج والأسوة)، فمن
الأفضل أن يكون على مستوى
عالٍ في المعارف الدينيّة،
في فقه الإسلام، وفي
العلوم والفنون المتعارفة
في الحوزات العلميّة-
التي هي ملاك فهم الأحكام-
ينبغي أن ننظر إلى المنبر
بهذا النحو"4.
الأمر الثالث
- المنبر،
فرصة لصناعة الإنسان
الإمام القائد: "نحن نريد
التبليغ لمنطق الدّين،
والقيم الدينيّة،
والأخلاق الدينيّة وكلّ
الأمور المؤثّرة في بناء
شخصيّة الإنسان على أساس
مبادئ الدّين، ليتحوّل
مخاطبنا إلى تلك الشخصيّة
الدينيّة.
من جملة هذه الأعمال،
بناء الحكومة الإسلاميّة,
أقول هذا لأبيّن أنّ
تأسيس الحكومة الإسلاميّة،
من أكثر الأعمال التي
يغلب عليها طابع الإعجاز،
لكن هذه المسألة لا يجب
أن تجعلنا غافلين عن
تأسيس الهويّة الإنسانيّة
للأفراد - الذين نتعاطى
معهم في عملنا التبليغيّ
- وهذا أمر مهمّ جدّاً.
لقـــــد عمــــل النبيّ
الأكــــرمصلى الله عليه
وآله وسلم بدايةً, على
صناعة أفراد من المجتمع.
لقد أسّس بداية هذه
القواعد من الأفراد،
ليتمكّن من وضع هذا
البناء على عاتقهم. لم
ينس النبيّ صلى الله عليه
وآله وسلم بناء الهويّة
الإنسانيّة لمخاطبيه طيلة
السنوات العشر- التي تبلغ
أكثر من مئة سنة من حيث
العمل المتراكم- فقام
بهذا في جميع الأماكن
والأحوال في بحبوحة الحرب،
وأثناء العبادة ومخاطبة
الناس، كان الرسول صلى
الله عليه وآله وسلم يقوم
بعمليّة صناعة الإنسان
وهو في وسط الحروب
الخطيرة كالأحزاب، وبدر
وأُحُد, لاحظوا آيات
القرآن الكريم ستجدون أنّ
هدف التبليغ، "صناعة
الإنسان" وهذا من أعظم
الأعمال"5.
|