الإمام القائد: "إذا
صحّت هذه القضيّة القائلة
إنّ شرف كلّ فنّ، يوزن
بشرف الهدف والغاية منه،
فيجب أن نقول إنّ فنّ
تبليغ الدّين ونشر
المعارف الدينيّة
والإسلاميّة واحد من
أشرفها، وهذا ما يُعرف
بيننا بالوعظ والمنبر؛
لأنّ الهدف من عمل
التبليغ والخطابة
الدينيّة هو الموعظة,1
التي تهدف إلى تزكية
الناس، وتوضيح المعارف
الدينيّة لأجل رفع مستوى
المعرفة الدينيّة بين
الناس، وبيان مصائب
ومراثي أبي عبد الله
عليهم السلام، أي تقديم
الأسوة والنموذج للناس,
ما يساعد على دفع المسيرة
نحو الأهداف الكبيرة.
وجميع هذه الأمور، أي
التزكية، ورفع المستوى
الفكريّ والمعرفيّ عند
الناس, وتقديم الأسوة في
الجهاد, والسعي في سبيل
الله تُعدّ, من أشرف
الأهداف"2.
الأمر الأوّل
- الموعظة
لأجل تزكية الناس
الإمام القائد: "إنّ
الإمام السجّاد عليهم
السلام يخاطب الله تبارك
وتعالى في دعاء
له ويقول: "تفعل ذلك- يا
إلهي- بمن خوفُه منك أكثرُ
من رجائه للخلاص، لا أن
يكون خوفُه قنوطاً"3,
إنّ هذا الدعاء عبارة عن
إعلان رسميّ ودستور للعمل.
ازرعوا الخوف المرافق
للرجاء في القلوب، وليكن
الخوف أكثر.4
ليس من الصحيح أن نبلغ
بقراءة آيات رحمة الله
والبشارة بثواب الله
تعالى- وبعضها مخصوص
بمجموعة خاصّة من
المؤمنين حيث لا علاقة
لنا بها- ثمّ نغفل عن
آيات التخويف والإنذار
فتكون النتيجة اعتقاد
المخاطبين- توهمّاً-
أنّهم غارقون في المراتب
المعنويّة العالية,
ولكنّهم, في الواقع,
غافلون بل مقصّرون عمليّاً
حتّى في واجباتهم
وضروريّات دينهم. البشارة
في القرآن الكريم مختصّة
بالمؤمنين، وأمّا الإنذار
فهو مطلوب للجميع، للمؤمن
والكافر. يُروى أنّ أحدهم
رأى النبيّ الأكرم صلى
الله عليه وآله وسلم يبكي
بكاءً شديداً, فيقول له:
لِمَ تبك, يا رسول الله,
وقد غفر الله لك ما تقدّم
من ذنبك وما تأخّر؟ "5
فيجيبه الرسول صلى الله
عليه وآله وسلم قائلاً:
"ألا أكون عبداً
شكوراً"6
أي أنّني إذا لم أشكر تلك
المغفرة فيُخشى زوالُها.
في كلّ الأحوال ينبغي أن
يسيطر الإنذار والخشية
على قلوبنا وقلوب
مستمعينا, إنّ الطريق صعب
وشاقّ، وعلى الناس أن
يتزوّدوا لعبوره والوصول
إلى المقصد والغاية"7.
الأمر الثاني
- توضيح
المعارف الدينيّة
الإمام القائد: "نحن
اليوم, أمام تكليف عظيم،
وهو طرح الإسلام بشكل
يتمكّن من إشباع وإرواء
عقول وقلوب الناس، وتقديم
الإجابات الصحيحة على
استفساراتهم, ويتمكّن
أيضاً من الحفاظ على
إيمانهم وحضورهم في هذه
الساحة
بشكل خالص ومخلص، ليكون
عملنا مشمولاً بعناية وليّ
العصر (أرواحنا فداه)
ويشملنا دعاء ذلك العظيم
وبركاته"8.
الإمام القائد: "بيّنوا
للناس في شهر محرّم،
المعارف الحسينيّة
والمعارف العلويّة والتي
هي المعارف القرآنيّة
والإسلاميّة الأصيلة
والصحيحة"9.
الإمام القائد: "ينبغي
الاستفادة من هذه الفرصة،
وكما أحيا الإمام الحسين-
حقيقةً- الإسلام ببركة
جهاده وثورته ودمائه,
كذلك عليكم اليوم,
الاستفادة من هذه
المناسبة, ومن منبر ذلك
العظيم لتوضيح الحقائق
الإسلاميّة، ولتوضيح
القرآن والحديث. اقرأوا
نهج البلاغة للناس،
وبيّنوا للناس الحقائق
ومن جملتها هذه الحقائق
المباركة التي تجسّدت
اليوم في حكومة الحقّ- أي
النظام العلويّ والنبويّ
والولائيّ للجمهوريّة
الإسلاميّة-، وهذا يعدّ
من أرفع المعارف
الإسلاميّة الراقية"10.
- تلبية الحاجات
الواقعيّة للبشر بوساطة
التعريف بالحقائق
الإسلاميّة والمعارف
العاشورائيّة
الإمام القائد: "العالم
اليوم متلهّف لمعرفة
الحقيقة، وهذا ليس كلام
عالم دين إسلاميّ متطرّف,
وإنّما هو كلام من كان
على صلة وثيقة بالثقافة
الغربيّة لسنوات، بل
وحتّى من كان يستحسن تلك
الثقافة والقائمين عليها.
هؤلاء يقولون إنّ العالم
الغربيّ في مستوياته
وطبقاته الحسّاسة متعطّش
للإسلام، فماذا يعني (الطبقات
الحسّاسة)؟ إنّ الذي
يمثّل تلك الطبقات
الحسّاسة هو العلماء
والمفكّرون وأصحاب
الضمائر الحيّة والشباب.
وأمّا تلك الجماعات
العاميّة والغافلة, أو
تلك الفئات التي لا
يهمّها في المجتمع الغربيّ
من الثقافة الغربيّة إلّا
منافعها ومصالحها
الشخصيّة مثل الحكّام
والرأسماليّين والنفعيّين
فهؤلاء ليسوا جزءاً من
تلك الطبقات الحسّاسة.
هذه الفئات الحسّاسة
تتطلّع اليوم, إلى دين
ينجيهم من آلام المصاعب
والمشاكل التي يعانون
منها في حياتهم, إنّ
الكثير من مشاكل الحياة
التي تعترض المرء هي في
الواقع ليست مشاكل
حقيقيّة، المشكلة
الحقيقيّة تتمثّل بانعدام
الأمن الروحيّ, وتفتّت
أواصر الإلفة, والحزن
والخوف والقلق وعدم
الشعور بالطمأنينة
والسكينة الروحيّة.
هذه مشاكل حقيقيّة
بالنسبة إلى الإنسان وقد
تدفع به, وهو في ذروة
غناه وشهرته, إلى
الإنتحار. ذلك الشاب
المترف الذي يتنعّم بوافر
الإمكانات الحياتيّة،
لماذا ينتحر؟ ما الذي
يؤلمه؟ وما هو ذلك الألم
الذي هو أصعب من الإفتقار
للمال والقدرات الجسميّة
واللذائذ الجنسيّة؟ إنّ
ذلك الألم الذي ألمّ
بجميع المجتمعات الماديّة،
هو عدم الإطمئنان وفقدان
الراحة والإفتقار إلى
نقطة ترتكز عليها الروح,
واضمحلال العلاقة بين
الإنسان وبني جنسه, وعدم
أنسه بهم والشعور بالغربة
والإحساس بالهزيمة. كلّ
هذه آلامٌ ابتُلِيَت بها
الحضارة الغربيّة، وفي
هذه الأوضاع تتوقّع
الفئات الحسّاسة في هذه
المجتمعات التي تشعر
بالألم أكثر من غيرها أن
تسعفها يد النجاة وتنشلها
من بين الآلام؛ وإنّ
الأنظار لتتوجّه نحو
الإسلام في الأماكن التي
تتمتّع بمستوى عالٍ من
الوعي. ما من شكّ أنّ
بعضهم يملك الوعي ولا
يعرف الإسلام، لكنّ
الأرضيّة ممهّدة للإقبال
على الإسلام, إنّ كلّ من
يتعرّف على الإسلام سوف
يعتمد عليه ويثق به. أحد
العلماء الإيرانيّين
الذين وافتهم المنيّة قبل
فترة، قال في أواخر حياته:
الغرب اليوم يبحث عن وجوه
مثل الشيخ الأنصاريّ
والملّا صدرا، فالحياة
المعنويّة والمملوءة
بالمثل لهذه الشخصيّات
تستقطب الشخصيّات
والمفكّرين الغربيّين. إنّ
الينبوع الفيّاض لهذه
القيم والمعارف
الإسلاميّة موجود هنا،
وإنّ الثقافة
العاشورائيّة تقف في
مقدّمة هذه
المعارف,
لذا يجب التوجّه لأهميّة
هذه الأمور، فنحن نروم
عرض هذه المعارف على
العالمين"11.
الأمر الثالث- تقديم
الأسوة عند ذكر مصائب
ومراثي أهل البيت عليهم
السلام
الإمام القائد: "إنّ
بيان مصائب ومراثي أبي
عبد الله عليه السلام،
يعني تقديم الأسوة
والنموذج للناس في كيفيّة
السير نحو الأهداف
الكبيرة"12.
الإمام القائد: "اليوم
نحن جميعاً وارثو هذه
الحقيقة التاريخيّة (عاشوراء)
والمؤتمنون عليها.
المقصود هو أنّ من يرغب
اليوم بالإستماع لمجريات
واقعة عاشوراء واتّخاذها
درساً، فعليه الإصغاء لما
يقوله العلماء والمبلّغون
والمبلّغات, فماذا سنفعل
في هذا الخصوص؟ هنا نصل
إلى قضيّة التبليغ
المهمّة جدّاً"13.
الإمام القائد: "إنّ
ما أعرضه حول عاشوراء-
وهو طبعاً سطر من كتاب
كبير- أنّ عاشوراء ليست
حادثة تاريخيّة صرفة،
عاشوراء عبارة عن ثقافة،
عن حركة عن خطّ دائم
وقدوة ساطعة للأمّة
الإسلاميّة. لقد رسم أبو
عبد الله عليه السلام
بحركته هذه- التي كانت
واضحة من حيث التوجيه
العقليّ والمنطقيّ في
زمانه- خطّاً للأمّة
الإسلاميّة ومضى, وهذا
الأمر ليس عبارة عن
الشهادة فقط، بل هو أمر
عميق جدّاً ومركّب من
عناصر متعدّدة"14.
|