الإمام القائد: "إنّ هذه
الأصول الثلاثة- أي
الموعظة، وتوضيح المعارف,
وتقديم النموذج والقدوة-
تتعلّق بالمنبر, ولكلّ
واحدة منها لوازم في نفس
الشخص المنبريّ والخطيب,
وتفرض عليه بعض الأمور,
لذلك لا يصحّ الاستهتار
في هذا المجال"1.
الأمر الأوّل - تهذيب
النفس
الإمام القائد:
"إنّ الأمر الذي ينبغي أن
يكون معلوماً عند أصحاب
المنبر- سواء كان هذا هو
عملهم أو كانوا يتعاطون
عمل المنبر إلى جانب
أعمالهم- أنّه لو أردنا
وعظ الناس، فمن شروط ذلك
أن نتّعظ نحن أوّلاً.
فتهذيب النفس أمر إلزاميّ
للشخص الذي يريد أن
يتحدّث باسم الدّين،
ليخرج الكلام من قلبه
فيترك أثراً, فإنّ الكلام
إذا خرج من القلب فإنّه
يصل إلى القلب فيكون عمله
شاهداً على قوله وسنداً
له"2.
الأمر الثاني - الإطلاع
الواسع على المعارف
الدينيّة
الإمام القائد:
"إنّ من لوازم المبلّغ أن
يمتلك معرفةً ووعياً
دينيّاً واسعاً ومتنوّعاً,
ما دام أنّ عمله هو رفع
المستوى الفكريّ للناس في
المسائل الإسلاميّة، ولا
بدّ أيضاً أن يأنس
بالقرآن، وأن يغور في
الأحاديث، وأن يكون على
معرفة بالأفكار الجديدة
المتعلّقة بالمذهب
والدّين، وأن يكون محقّقاً
في المسائل والأفكار
الدينيّة، ولا يكفي مجرّد
التعرّف على الدّين، بل
هناك إلى جانب ذلك بعض
الأفكار الفلسفيّة والرؤى
الإجتماعيّة غير الدينيّة,
ينبغي أن يطَّلع عليها
ويدركها"3.
الأمر الثالث - الدقّة في
معرفة أهل البيت عليهم
السلام والتعريف بهم
الإمام القائد: "وبما
أنّه [المبلّغ] يعمل على
تعريف الناس بالأسوة في
الجهاد والثورة، فينبغي
أن يمتلك الدقّة
والاهتمام اللازمين، لأنّ
حياة الإمام الحسين بن
عليّ عليه السلام وحوادث
الأيّام القليلة للإمام
عليه السلام في كربلاء,
تشكّل فصلاً عظيماً من
تاريخنا. صحيح أنّ حجمها
قليل إلّا أنّ مفهومها
واسع وعميق"4.
1- توجيه المضمون في
إقامة العزاء من قبل
علماء المجلس
الإمام القائد: "كيف
تقيمون مجالس العزاء؟
سؤال أوجّهه إلى كلّ
الذين يشعرون بالمسؤوليّة
تجاه هذه المسألة. ثلاثة
أمور يجب أن تقوم عليها
المجالس حسب اعتقادي:
الأوّل: أن تسهم هذه
المجالس في زيادة حبّ أهل
البيت عليهم السلام في
قلوب الناس...
الأمر الثاني: أن تتوضّح
مبادئ قيام عاشوراء للناس...
الأمر الثالث: هو العمل
على زيادة المعرفة
الدينيّة والإيمانيّة عند
الناس"5.
الإمام القائد: "ثلاثة
أمور يجب أن تراعى في
مجالس العزاء, الأوّل:
إثارة
عواطف الناس تجاه
الحسين بن عليّ عليه
السلام وأهل بيت النبوّة
عليهم السلام أكثر فأكثر،
وتوطيد العلاقة والروابط
العاطفيّة معهم. والثاني:
توضيح واقعة عاشوراء
ومبادئها. والثالث: إيجاد
المعرفة والإيمان ولو
بشكل يسير في نفوسهم"6.
الإمام القائد: "نحن
المبلّغين نقوم بالتبليغ
باسم الحسين بن عليّ عليه
السلام. وإنّ ذكرى ذلك
العظيم هي التي منحت
مبلّغي الدّين فرصة عظيمة
من أجل تبليغ الدّين, في
مجالات متعدّدة, ينبغي أن
يكون لكلّ واحد من تلك
العناصر الثلاثة دوره في
التبليغ, لأنّ مجرّد
الاعتماد على العاطفة
وتناسي جوانب المنطق
والعقل الموجودة في حادثة
الحسين بن عليّ عليه
السلام، يؤدّيان إلى
التقليل من حقيقة تلك
الحادثة، كما أنّ تناسي
جوانب الشجاعة والعزّة
والتضحية، يؤدّي إلى جعل
تلك الحادثة العظيمة
ناقصة, ويقلّل من شأن ذلك
الجوهر الثمين. لذلك
ينبغي على الجميع سواءٌ
كانوا قرّاء عزاء أو
خطباء أو مدّاحين,
الالتفات إلى هذه
المسألة"7.
أ- زيادة المحبّة لأهل
البيت عليهم السلام عند
المستمعين
الإمام القائد: "الأوّل
أن تسهم هذه المجالس في
زيادة حبّ آل البيت عليهم
السلام في قلوب الناس؛
لأنّ الرابطة العاطفيّة
رابطة ذات قيمة عظيمة،
عليكم أن تعملوا ما من
شأنه أن يزيد من حبّ
الناس للحسين بن عليّ
عليه السلام وآل بيت
الرسول صلى الله عليه
وآله وسلم ومصادر الوحي
الإلهيّ، وإذا ما قمتم في
هذه المجالس، لا قدَّر
الله، بما من شأنه عدم
تقريب المستمع الحاضر،
عاطفيّاً من أهل البيت
عليهم السلام، أو قمتم
بما من شأنه إبعاده عنهم
أو, لا سمح الله، نفوره
ممّا يسمع، يعني نقلتم
الواقعة بشكل يبعد
المستمع عاطفيّاً عن أهل
البيت عليهم السلام.
عندها ستفقد مجالس العزاء
واحدة من أعظم فوائدها،
بل ستصبح مضرّة، لذا فعلى
المؤسّسين لهذه المجالس
والخطباء فيها أن يجدوا
وسيلةً تزيد دائماً على
أثر تلك المجالس في محبّة
الناس للإمام
الحسين عليه السلام
وأهل البيت (صلوات الله
عليهم أجمعين)"8.
ب - زيادة المعرفة
بحادثة عاشوراء
الإمام القائد: "الأمر
الثاني: توضيح مبادئ قيام
عاشوراء للناس, يجب أن لا
نأتي إلى مجالس الحسين بن
عليّ عليه السلام ونرتقي
المنابر ونخطب في الناس
ثمّ يخرج المستمع- وهو من
أهل الفكر والتأمّل, وما
أكثرهم اليوم في مجتمعنا
بفضل ثورتنا المباركة
سواءٌ كانوا من الشباب أو
من الشيوخ نساءً أو رجالاً-,
يخرج المستمع من هؤلاء
وهو يتساءل: لِمَ جئت إلى
هنا؟ وعلام ذرفت الدموع؟
ما القضيّة؟ لماذا يجب
البكاء على الحسين عليه
السلام؟ لماذا قدم الحسين
إلى كربلاء وحصلت واقعة
عاشوراء؟ يجب أن تتناولوا
المفاهيم التي تجيب عن
هذه الأسئلة قبل أن
تتبادر لأحد، يجب أن
تتوضّح مبادئ واقعة
كربلاء، فإذا تجاهلتم في
مجالسكم وخطاباتكم
وبياناتكم الإشارة- ولو
بالحدّ الأدنى- إلى هذا
المعنى فإنّ ركناً من
الأركان التي أشرت إليها
سيكون ناقصاً، وقد يخسر
المجلس الفائدة التي
انعقد من أجلها، وقد
يؤدّي أحياناً، لا سمح
الله, إلى الضرر"9.
ج - زيادة الإيمان
والمعرفة الدينيّة عند
الناس
الإمام القائد: "الأمر
الثالث الذي يجب أن تقوم
عليه المجالس هو: العمل
على زيادة المعرفة
الدينيّة والإيمانيّة،
عليكم أن تذكروا شيئاً ما
عن الدّين في مجالسكم,
يزيد من معرفة الناس
وإيمانهم، كأن تأتوا ضمن
بياناتكم بموعظة حسنة أو
حديث مسند، أو أن
تتحدّثوا عن برهة
تاريخيّة صحيحة، أو
تفسّروا آية من القرآن،
أو تنقلوا أخباراً عن أحد
العلماء والمفكّرين
الإسلاميّين. يجب أن
تخطوا إحدى هذه الخطوات،
ينبغي أن لا نرتقي
المنابر لمجرّد مطلب واحد
أو أحياناً ذكر مطالب
سخيفة، لا تسهم في دعم
إيمان الناس, بل تضعف
الإيمان
لديهم، وإذا ما حصل
ذلك نكون قد تعثّرنا في
بلوغ فوائد وأهداف مثل
هذه المجالس"10.
الإمام القائد: "نسمع
أحياناً، أنّ خطيباً ما
استند في مجلسه إلى حديث
ضعيف من حيث الاستدلال
والأساس والمدرك العقليّ
أو النقليّ, وكذلك من حيث
التأثير في ذهن مستمع
بصير من أهل المنطق
والاستدلال. مثلاً هناك
أمور تنقلها بعض الكتب
ليس هناك دلائل تشير إلى
كذبها، فقد تكون صحيحة
وقد تكون كاذبة، ولكن
عندما تستندون إليها حتّى
وإن لم يثبت خلافها، فإنّ
مستمعيكم من الشباب أو
الحوزويّين أو الجامعيّين
أو المجاهدين أو
الثوريّين الذين- بحمد
الله- تفتّحت أذهانهم
بفضل الثورة، عندما
يسمعون منكم مثل هذه
الأمور قد تتبادر إلى
أذهانهم أسئلة كثيرة حول
الدّين, وقد تُثار لديهم
عُقد ومشاكل كثيرة. لذا
يجب أن تتجنّبوا ذلك حتّى
وإن كان الحديث مسنداً,
لكنّه يؤدّي إلى ضلالة
وانحراف، فكيف لو كانت
تلك المطالب المندرجة في
بعض الكتب في غالبيّتها
فاقدة للسند الصحيح أيضاً؟
فقد يحصل أنّ أحدهم يسمع
شيئاً ما، فينقل ذلك خلال
سفر كان يقوم به، إلى
مستمع آخر ويصدّقه، فيذكر
هذا الأخير ذلك المطلب
الذي سمعه في كتاب يصنّفه،
ثمّ يصل هذا الكتاب إلى
الناس!! لماذا يجب أن
ننقل ما لا يمكن تفسيره
وتوضيحه لأصحاب الأذهان
الناقدة والواعية؟ وهل من
المفروض نقل كلّ ما كُتب
وأينما كُتب؟! بعضهم
يرتقي المنبر متجاهلاً
هذه المسؤوليّة المهمّة,
وبدلاً من ردّ تلك
الشبهات نراه يتحدّث بما
يزيد من شكوك وعقد
المستمع! إذا ما حصل ذلك
وأُصيب أكثر من عشرة شباب
أو خمسة أو شاب واحد
بشكوك حول مسألة من مسائل
الدّين, وخرج من المجلس
ونحن لا نعرفه، فكيف
سنتلافى ذلك؟ وهل هو أصلاً
يقبل التلافي؟ وهل
سيسامحنا الله؟ إذاً
فالقضيّة مشكلة"11.
2- الأسلوب الصحيح لقراءة
العزاء على المنابر
الإمام القائد: "ينبغي
الاستمرار باستعراض واقعة
عاشوراء وما حدث للحسين
بن عليّ عليه السلام في
ليلة وصبيحة عاشوراء، من
على المنبر وبالأسلوب
التقليديّ المعهود نفسه
في كلّ عام ولكن ليس
لمجرّد التقليد بل لنقل
الواقعة بما فيها. إنّ
الوقائع- حتّى الكبير
منها- تختفي غالباً مع
مرور الزمن، لكنّ واقعة
عاشوراء بكلّ تفاصيلها
ظلّت باقية ببركة مجالس
العزاء الحسينيّ التي
تتحدّث عن جزئيّات تلك
الواقعة العظيمة، كيف
تقدّم فلان، وكيف ودّع
الإمام الحسين عليه
السلام وكيف نزل إلى
الميدان وكيف استشهد في
النهاية"12.
أ- الإتقان في ذكر
الواقعة
الإمام القائد: "ينبغي
تبيين وقائع عاشوراء
بدقّة وبالمقدار الذي جاء
في كتب ابن طاووس والمفيد
بهذا الشأن"13.
الإمام القائد: "إذا
نقلتم حديثاً صحيحاً من
كتاب معتبر وشرحتم معناه،
فهذا يكفي من دون أن ندخل
في التفصيلات والتفريعات,
كما يفعل بعض الخطباء،
لأنّ الأحاديث تفقد
معناها الأساس أحياناً,
نتيجة تلك الشروحات
المعقّدة. وأمّا لو
اقتصرنا على بيان متن
الأحاديث فهذا سيفيد
مستمعيكم وقد يحقّق الجزء
الأكبر ممّا نصبو إليه،
أو تناولتم آية قرآنيّة
واستندتم إلى تفسير صحيح
لها, ثمّ نقلتموها بعد
مطالعة وتحليل, فستبلغون
المراد. ولذكر المصيبة
افتحوا كتاب "نَفَس
المهموم" للمرحوم المحدّث
القمّي واقرأوا ما فيه
لمستمعيكم, فإنّه يثير
عواطفهم إلى حدّ البكاء،
فلا داعي لأن نقوم بما من
شأنه أن يحرف مجلس العزاء
عن غايته الحقيقيّة"14.
ب- توضيح أحداث وأهداف
نهضة الإمام الحسين عليه
السلام
الإمام القائد: "ينبغي
أثناء قراءة المراثي
والمدائح والمحاضرات
وأشعار المصيبة, توضيح
أحداث وأهداف الإمام
الحسين عليه السلام، أي
الأهداف التي ذكرها
الإمام نفسه في كلماته: "إنّي
لم أخرج أشِراً ولا بطِراً
ولا مفسداً ولا ظالماً,
وإنّما خرجت لطلب الإصلاح
في أمّة جدّي"15.
ج- استخراج المضامين
والخلاصات من الثورة
الحسينيّة
الإمام القائد: "ينبغي
أثناء المحاضرة ذكر بعض
العبارات المهمّة من قبيل:
"أيّها الناس! إنّ رسول
الله صلى الله عليه وآله
وسلم قد قال في حياته: "من
رأى سلطاناً جائراً
مستحلّاً لحرم الله,
ناكثاً لعهد الله, مخالفاً
لسنّة رسول الله يعمل في
عباد الله بالإثم
والعدوان, ثمّ لم يغيّر
بقول ولا فعل, كان حقيقاً
على الله أن يدخله مدخله"16,
و"من كان باذلاً فينا
مهجته وموطّناً على لقاء
الله نفسه فليرحل معنا"17
وكلّ واحدة منها درس وفصل
خاص"18.
|