الإمام القائد: "هنا
تتّضح مسؤوليّة العلماء
والمبلّغين والمعمّمين،
طبعاً هي مسؤوليّة واضحة
والسادة بحمد الله
يعرفونها جيّداً, ونحن لا
نرغب بتذكيرهم
بمسؤوليّاتهم, فهم أصحاب
علم وعارفون بذلك, أمّا
ما نقوله فهو لأجل "التذكّر",
وليدرك الشباب والذين
التحقوا حديثاً بهذا
الطريق، أنّه طريق مبارك"1.
الإمام القائد: "إنّ
طريق الإمام الحسين عليه
السلام خلال عدّة قرون
خلت لم يُسدّ في بلدنا
وبين أبناء شعبنا، على
الرغم من وجود المخالفين
والمعاندين، الذين لم
يتمكّنوا من تحقيق أيّ
شيء. ومع ذلك كانت بركات
هذا الطريق كثيرة. وفي
الحقيقة لو أنّ العلماء
والمبلّغين وأصحاب البيان
تحرّكوا بما يليق بشهر
محرّم، وقدّموا إبداعات
مخلصة مترافقة مع أعمال
فكريّة وعلميّة في هذا
المجال، فإنّ بركات هذا
الطريق ستكون أضعاف ما هي
عليه اليوم. لذلك فإنّ من
وظائفنا السعي متعاضدين
متعاونين في هذا الخصوص"2.
الأمر الأوّل - الوظائف
الفرديّة
1- امتلاك الفكر الإسلاميّ
الأصيل والمحكم
الإمام القائد: "ينبغي
أن يكون العالِم مجهّزاً
بالفكر, بأفضل مسائل
الفكر الإسلاميّ الأصيل
وأمتنها وأحكمها3,
نحن نمتلك الكثير من هذه
الأفكار, فشخص واحد
كالشهيد مطهّري (رضوان
الله تعالى عليه)، رضخ
وأذعن له مجتمع جامعيّ
بأكمله. في تلك الكليّة
التي كان يدرِّس فيها ذلك
العالم الجليل، كان بعضهم
يروّج أفكاراً معارضة
للدّين وبشكل صريح, أمّا
الشهيد مطهري فلم يتوجّه
لإيجاد مشكلة مع هؤلاء،
بل تكلّم وأعطى فكراً
وتحدّث بالحقائق واستفاد
من الذهنيّة الصحيحة
وأمسك بالأوضاع.
هكذا كان الوضع قبل
الثورة, كان العلماء
الذين تربطهم علاقة
بالجامعات وبأجواء الشباب
الفكريّة والمتّصلين
بالأفكار الغربيّة، لا
يمتلكون الامكانيّات التي
تمنحهم القوّة, ومع ذلك
كانت الأمور بمتناول يدهم.
كان العالِم يقف في
المسجد ويتحدّث للناس,
وكنتم تلاحظون أنّ الدروس
تعطّل في الجامعة وينتقل
الشخص لسماع كلام ذلك
العالِم، ليسمع منه بضع
كلمات في التفسير أو شرح
نهج البلاغة. هكذا كان
الحال قبل الثورة. ونحن
ينبغي أن نكون جاهزين
بهذا الشكل أيضاً. ينبغي
أن تكون المنابر على هذا
النحو, طبعاً هذا غير
مختصّ بالمنبر فقط, بل ما
أقوله ينطبق على جميع
مراسم العزاء، ومن جملة
ذلك النواح والمراثي"4.
2- الإيمان القلبيّ
بمضمون الخطاب
الإمام الخمينيّ:
"يجب أن أقول شيئاً حول
الواجبات العامّة لعلماء
الدّين وأهل المحراب
والمنبر, فهؤلاء هم
المتحدّثون باسم الإسلام,
وإذا أرادت الحكومة
متحدّثاً إسلاميّاً فهو
موجود بين السادة الخطباء
المحترمين. إنّ الذي
يمتلك صلاحيّة
التحدّث باسم الإسلام-
الذي يوجد فيه كلّ شيء-
هو من كان مسلماً في
حقيقته وروحه, ويحمل قلباً
إسلاميّاً طاهراً نقيّاً،
فيتحدّث عن الإسلام بقلبه
الإسلاميّ الطاهر, أمّا
المتحدّثون باسم الدول
الأخرى فلا علاقة لهم ولا
اهتمام بالصدق من أعماق
قلوبهم في ما يقولونه،
فالمهمّ أن يكون أحدهم
متكلّماً بليغاً، ويبيّن
قضايا دولته بشكل جيّد من
دون أيّة أخطاءٍ فيها.
أمّا الإسلام، فليس كذلك،
فهو يعتني بالقلب اعتناءً
كبيراً أكثر ممّا يعتني
باللسان,
لأنّ حقيقة الإنسان في
قلبه وعقله, وإذا كانت
الكلمات التي تقولونها
إسلاميّة لكنّها- لا سمح
الله- لا تنبع من القلب،
فقائلها لا جدارة له أن
يتحدّث بالإسلام, وإن كان
خطيباً مخضرماً5.
وأمّا لو خرجت تلك
الكلمات من قلب إسلاميّ،
أي القلب الذي يعتقد
بالإسلام وأنّه كلّ شيء
وأنّ الأديان الإلهيّة هي
وحدها التي تستطيع أن
تربّي الإنسان بكلّ
أبعاده، وتقيم النظام بكلّ
أبعاده وتوصل الناس إلى
حيث مقام الإنسانيّة،
فعندئذٍ لو خطب الخطيب
ووعظ الواعظ، وعمل العالم
مع هذا الاعتقاد وهذا
الإيمان، وخرج البيان
والوعظ والعمل من مثل هذا
القلب، فعالِم الدّين هو
عالِم بكلّ معنى الكلمة,
والخطيب هو خطيب الإسلام،
وصاحب المنبر هو متحدّث
إسلاميّ"6.
الإمام الخمينيّ:
"يجب أن تسعوا أنتم الذين
تتعاملون مع أرواح الناس
لإصلاح أنفسكم وقلوبكم,
وتجعلوها إلهيّة ليصبح
خطابكم ومنبركم مثل خطاب
صاحب المنبر الحقيقي أمير
المؤمنين عليهم السلام
وهذا وإن كان صعب المنال,
ولكن على الأقل أن نكون
من شيعته وأتباعه في ذلك,
فقد كان عليهم السلام لا
يتحدّث إلّا بما يفيض من
قلبه الإلهيّ"7.
3- اكتساب الحقائق
والتجارب من أساتذة
التبليغ
الإمام القائد: "عملت هذه
المجموعة, ومن اليوم
الأوّل, على نشر هذه
الثورة، وشبّهوا أصحابهم
بالنحل, مستفيدين من
الآية القرآنيّة الشريفة،
فتجسّمت الآية الشريفة
أمام أعين الإنسان بأن ﴿وَأَوْحَى
رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ
أَنِ اتَّخِذِي مِنَ
الْجِبَالِ بُيُوتًا
وَمِنَ الشَّجَرِ
وَمِمَّا يَعْرِشُونَ
* ثُمَّ كُلِي مِن
كُلِّ الثَّمَرَاتِ
فَاسْلُكِي سُبُلَ
رَبِّكِ﴾
كانوا يتلقّون الحقائق
ويقدّمونها إلى المتعطّش
لها، حيث إنّ ﴿فِيهِ
شِفَاء لِلنَّاسِ﴾8,
وهكذا ينبغي أن يكون
الوضع اليوم, ينبغي على
الشباب من الطلّاب
والفضلاء والمبلّغين
إحكام أمتعتهم بالاستفادة
من تجارب الأساتذة
والعظماء في هذا المجال،
فيتحرّكون لله وفي طريق
الله وبقصد القربة،
ليبيّنوا هذه الحقائق
بلغةٍ مناسبةٍ في جميع
أنحاء البلاد, بل في جميع
الأقطار"9.
4- التحضير قبل ارتقاء
المنبر
الإمام القائد: "لقد قلت
مراراً: إنّ من عوامل
تضييع حقّ عاشوراء اعتلاء
المنبر من دون تحضير، فلا
ينبغي أن يصعد الخطيب
المنبر ثمّ يقول "سأرى
ماذا أقول", ثمّ يتحدّث
بما يجري على لسانه، فقد
يكون كلاماً ضعيفاً, وقد
يكون- لا سمح الله- نقلاً
غير صحيح, وقد يكون- لا
سمح الله- كلاماً يحمل
التوهين للمذهب, وإجحافاً
بحقّ عاشوراء"10.
5- الدعوة بالعمل قبل
الدعوة باللسان
الإمام القائد: "... بعد
هذا، نصل إلى بحث كيفيّة
عملنا11.
عندما ندخل المدينة
الفلانيّة أو القرية
الفلانيّة لأجل التبليغ،
فإنّ سلوكنا، جلوسنا،
قيامنا، معاشرتنا،
عبادتنا، تعلّقنا أو عدم
تعلّقنا بالنعم الدنيويّة
والطعام والشراب،
كلّ
ذلك تارة يكون لصالح
التبليغ وتارةً يكون ضدّ
التبليغ، إذا كانت هذه
الأمور صحيحة فهو التبليغ،
وإذا كانت خاطئة فهو ضدّ
التبليغ, نحن في بيئتنا
الإجتماعيّة والحياتيّة
كيف يمكننا أن نجعل قلوب
الناس تطمئنّ إلى مصدر
أقوالنا؟ وكيف يمكننا
الحصول على ثقتهم إذا
كنّا نذمّ الشهوات
الدنيويّة بينما في
الواقع نعيش- لا سمح الله-
حالة أخرى!12
نذمّ تعلّق القلب بالمال
والسعي في الزيادة
الدنيويّة، ويكون عملنا
شيئاً آخر! كيف يمكن أن
يكون هذا التبليغ مؤثّراً؟!
إمّا أنّه لا يؤثّر على
الإطلاق، أو أنه يترك
أثراً مؤقّتاً، أو أنّه
يترك أثراً ثمّ يتحوّل
إلى شيء مضادّ للأثر الذي
تركه بعد اكتشاف حقيقة
عملنا, وعلى هذا الأساس
فالسلوك أمر مهمّ جدّاً"13.
الأمر الثاني - وظائف
أصحاب المنبر اتجاه
المخاطبين
الإمام القائد: "ينبغي
أن تكون منابركم
وخطاباتكم بنّاءةً، أي
إذا حضر بعض الناس
مجالسكم لمدّة ثلاث سنوات،
أن لا يخرج عاميّاً، بل
يخرج مدركاً عارفاً
مزوّداً بالمعلومات.
ينبغي أن يكون المنبر
وسيلة لبناء الإنسان
والفكر... فعلى الخطيب أن
يتحرّك من بداية اليوم
الأوّل وحتّى العاشر، أو
في الجلسات الأسبوعيّة
التي يشارك فيها، على
أساس خطٍّ ونهج واضح،
وكأنّه في صفٍّ تدريسيّ
ولا ينبغي أن يعرب الناس
عن عدم إعجابهم..."14.
الإمام القائد: "في
التبليغ يجب الاهتمام
كثيراً بأمرين: الأوّل
اختيار المخاطب, والثاني
اختيار المضمون... هذان
الأمران مرتبطان ومتّصلان
ببعضهما"15.
1- معرفة واختيار
المخاطب
الإمام القائد: "أودّ
أن أقول في ما يتعلّق
باختيار المخاطب- ولعلّ
هذه المسألة تعدّ اليوم
من الضروريّات- إنّ
أكثريّة المخاطبين
المقصودين في تبليغنا هم
من الشباب- جيل الشباب-
وذلك لعدّة أسباب:
الأوّل: أنّ الشباب
يشكّلون اليوم في بلدنا
الأكثريّة, بينما الشباب
في بعض الدول أقليّة،
أمّا في بلدنا ولأسباب
واضحة، فهم الأكثريّة، أي
أنّ الشباب يشكّلون أكثر
من ثلثي الشعب, أنتم شباب
أيضاً، أنتم العدد الأكبر
في هذا الجيل, لذلك ينبغي
أن يكون المقصود في
الخطاب هو هؤلاء أكثر من
غيرهم.
الثاني: أنّ أعداء هذا
البلد، وأعداء هذه الثورة
وأعداء الدّين بدأوا
انطلاقاً من هذه الحقيقة,
ومنذ مدة طويلة, التخطيط
من أجل هؤلاء الشباب, قد
نكون نحن في غفلة عن هذا،
إلّا أنّ عدوّنا لم يغفل!
إنّهم يعملون, وبوساطة
الإذاعات والكرّاسات
والأدوات والوسائل
الملائمة لطبيعة الشباب
وشهواتهم، على السيطرة
على قلوبهم وأفكارهم
والنفوذ إليها, وهذا أيضاً
سبب آخر يوجب الاهتمام
بالشباب بشكل أكبر.
الثالث: أنّ الشاب يقبل
بسهولة وبسرعة16،
لأنّ قلبه نورانيّ.
الملوِّثات الموجودة في
قلوب الشباب قليلة لا تصل
إلى مقدار وجودها في
الأشخاص أمثالي, الذين
مضى عليهم العمر, إنّهم
نورانيّون, ويمكنهم إدراك
الحقيقة بسهولة, ومن ثمّ
الإستماع إليها وقبولها
من دون أيّة مشقّة, وهذا
سبب آخر لاختيار هذه
الشريحة من المجتمع. بناءً
على ما تقدّم فبمجرّد أن
بدأتم التفكير في التبليغ
واختيار مطالب حول الدّين
والأخلاق تتحدّثون بها،
اجعلوا الهدف مخاطبة
الشباب. وهذا سيؤثّر في
نوع المضمون"17.
أ- الاهتمام بحاجات
المخاطَب الفكريّة من
خلال حاجات العصر
الإمام القائد: "إنّ
دور مبلّغ الدّين, في كلّ
زمان, تعريف المخاطَب بما
هو بحاجة إليه, لذلك
ينبغي التعرّف على
الحاجات العصريّة
18"19.
الإمام القائد: "قد
يكون المخاطَب فئات عديدة
من المجتمع, فعندما يقف
المرء ليتحدّث أمام حشد
من الناس، فإذا حدّد
الفئة التي ينبغي التوجّه
إليها بالخطاب فإنّه
سيختار في خطابه المضمون
الذي يتناسب مع حاجات تلك
الفئة المقصودة"20.
الإمام القائد: "إذا
كنّا نقوم بالتبليغ في
الجامعات, وفي القوى
المسلّحة, وفي مختلف
الطبقات الإجتماعيّة-
أينما يوجد مخاطب لنا-
فينبغي أن نفهم بدايةً ما
هو السؤال والإستفهام
الموجود في ذهن الشباب.
وهذا هو أساس عملنا
التبليغيّ"21.
ب- الإجابة عن أسئلة
الشباب وشبهاتهم
الإمام القائد: "السادة
المحترمون، العلماء
والخطباء والأعزّاء
والموقّرون! اليوم يمتلك
شبابنا أسئلة كثيرة نابعة
من ذهنهم السيّال, لا
ينبغي حمل هذه الأسئلة
على كونها إشكالات, لا
ينبغي أن نقول للشابّ,
كلّما سأل سؤالاً: "اسكت!"
وكأنّه ينطق بالكفر! فهو
شابّ, وذهنه سيّال, ثمّ
إنّ الأفكار الخاطئة
والإستدلالات غير الصحيحة
منتشرة في جميع أماكن
العالم باعتبار, وجود
وسائل التواصل الصوتيّة
والبصريّة. هنا في هذه
الأجواء يستحضر الشباب
مجموعة من الأسئلة, فمن
الذي ينبغي عليه إجابتهم
عنها؟ أنا وأنت يجب أن
نبادر إلى ذلك, إذا لم
تتحرّك أنت لتملأ الفراغ
الفكريّ عنده، ولم تبادر
إلى الإجابة عن ذلك
السؤال
والإشكال
فسيبادر الآخرون ليقدّموا
إجابات خاطئة"22.
الإمام القائد: "إنّ
أذهان عموم شباب بلدنا-
من البنت والصبيّ إلى
الرجل والمرأة- اليوم
منفتحة, وإذا كان الشباب
الطلّاب بالأمس قبل
الثورة يمتلكون هذه
الخاصيّة، فليست مختصّة
بهم اليوم, بل الجميع
اليوم يطلبون النظر إلى
جميع الأمور بعين البصيرة
والإستبصار ويريدون فهمها.
إنّ جزءاً كبيراً من
المفاهيم الثقافيّة في
مجتمعنا المعاصر هو في
معرض الشبهات, أي أنّ
الأعداء يُلقون الشبهات.
ليس الأعداء فقط، بل من
ينكر فكري وفكرك يعمل على
إلقاء الشبهة أيضاً. فهل
نستطيع أن نقول لكلّ من
يرفض فكرنا: اسكت ولا
تتحدّث، ولا تلقِ الشبهات؟
هل يمكن الحديث بهذه
الطريقة؟ إنّهم على أيّ
حال يتحدّثون ويلقون
بمطالبهم ويعملون على
التشكيك ويصنعون الشبهات.
المهمّ أنّ الأمر الذي
تتحدّثون به، ينبغي أن
يرفع الشبهة23
وأن لا يزيد منها"24.
الإمام القائد: "يجب
على من يريد هداية
مخاطبيه, في البداية, أن
يعرف الأمور التي
يجهلونها, والأمور التي
يمكن أن تؤثّر سلباً في
أذهانهم. يجب أن تعرفوا
تلك الأمواج التي تجتاح
ذهن هؤلاء المخاطَبين,
ويسعون من خلالها إلى
تخريبهم، من أجل أن
تتحدّثوا معهم من موقع
احتياجاتهم, ولا يكون
الحديث متحرّكاً في أمور
بعيدة عن استفهاماتهم
الموجودة في أذهانهم
بالعشرات"25.
الإمام القائد: "في
بعض الأحيان قد يكون
السؤال في ذهنه قليل
الأهميّة، وترجّحون
اخباره بأمور أكثر أهميّة,
طبعاً يجب أن تقوموا بهذا
العمل، وأمّا اليوم حيث
تُضَخّ الكثير من الأسئلة
والإستفهامات في أذهان
مختلف الفئات- بالأخصّ
الشباب- فعلى مبلّغ
الدّين أن يعرف تلك
الشبهة وذاك الموج
المخرّب والمفسد
والمضرّ، ليتعرّف على
الداء الذي ينبغي علاجه
والخلأ الذي عليه أن
يملأه"26.
2- المحتوى الذي يمكن
تقديمه
أ- الأبحاث العقائديّة
الإمام القائد: "في
وقتنا الحاضر, ما هو
المضمون المهمّ؟ ما هو
الشيء الذي ينبغي أن
نوضّحه للناس من على منبر
التبليغ؟ يمكن القول
وبكلمة واحدة: الأبحاث
التي تساهم في ترسيخ
عقائدهم الدينيّة، إلّا
أنّ هذه الجملة تحتاج إلى
التفسير والتوضيح"27.
ب- الأبحاث الأخلاقيّة
الإمام القائد: "من
جملة الأمور التي ينبغي
التحدّث بها إلى الشباب
حيث تساهم في هدايتهم:
توجيههم نحو التفكير،
التعقّل، الأخلاق
الإسلاميّة، الحِلْم،
الإبتعاد عن التسرّع
والعجلة, والابتعاد عن
الخشونة. وأمّا في البيئة
الإسلاميّة فإنّ الحقائق
يمكنها النفوذ إلى القلوب
إذا كان هناك لسان ليّن،
وسلوك عاقل وحِلْم.
والحِلْم عبارة عن هذه
الظرفيّة- التي يصطلح
عليها العموم- عدم
التسرّع، وعدم الغضب عند
وجود الغضب، والقيام بما
يقوم به الإنسان العاقل
عند الحرب أو مواجهة
الأعداء. أمّا الحياة
اليوميّة فإنّ بناء العمل
في المجتمع الإسلاميّ
يقوم على أساس التأمّل،
التدبّر، التفكير، ملاحظة
كافّة الجوانب، مواجهة
القضايا بشكل منصف وعاقل
وتأنٍّ في إصدار الأحكام.
علموا الشباب هذه الأمور
الضروريّة والمهمَّة,
عليكم تربية وصناعة شباب
الأمّة الإسلاميّة"28.
الإمام القائد: "إذا
تمكّنا من الوصول إلى
أعلى مقام من ناحية
الإقتصاد والسياسة،
وضاعفنا من مقدار العزّة
والقدرة اللتين نملكهما
اليوم، بينما لم
تكن أخلاق شعبنا، أخلاقاً
إسلاميّة، ولم يكن بيننا
عفو، وصبر، وحِلْم،
فسيزول أساس العمل؛ لأنّ
أساس العمل هو الأخلاق,
وجميع هذه الأمور مقدّمة
للأخلاق الحسنة
- بُعِثْتُ
لأُتَمِّم مكارم الأخلاق29
- والحكومة
الإسلاميّة هي لأجل تهيئة
أجواء تربية البشر،
ولتتعالى أخلاقهم
وليتقرّبوا أكثر من الله
تعالى, وليحقّقوا قصد
القربة. والمسائل
السياسيّة تحتاج أيضاً
إلى قصد القربة. إنّ ذلك
الذي يتحدّث في المسائل
السياسيّة والذي يكتب
والذي يحلّل ويقرّر،
ينبغي أن يقصد القربة"30.
ج- توضيح أهداف ثورة
الإمام الحسين عليه
السلام
الإمام القائد: "إنّ
من مسؤوليّة جميع العلماء،
سواء الخطباء الذين
يعتلون المنبر, أو أئمّة
الجمعة والجماعة, وكلّ من
له علاقة بالناس ويتحدّث
إلى الناس، إفهامَ الناس
ثورة سيّد الشهداء، ما هي
أهداف الثورة؟ ومن الذي
شارك فيها؟ وما هي نتائج
تلك التضحيات التي بُذلت
في تلك الثورة التي لا
زالت مستمرّة إلى يومنا
هذا, ولن تتوقّف أبداً؟"31.
الإمام القائد: "رغم
كلّ ما قيل عن فلسفة ثورة
الإمام الحسين عليه
السلام وكلّ ما جاء على
ألسنة وأقلام كبار
العلماء والمفكّرين حتّى
يومنا هذا يبقى المجال
مفتوحاً للحديث عن هذه
الحقيقة الساطعة عمراً
بكامله.
وكلّما تمعنّا في مسألة
عاشوراء والثورة
الحسينيّة نجد أنّها
مترامية الأطراف والأبعاد
وتستحقّ التفكير والتبيان,
وكلّما أمعنّا في التفكير
قد نجد ما هو جديد وقد
نكتشف حقائق جديدة. إنّ
هذه الواقعة, وإن كان
يمكن الحديث عنها على
مدار أيّام السنة كلّها,
بل ينبغي ذلك أيضاً، ولكن
لشهر محرّم خصوصيّة
الحديث
عن ذلك, كما ينبغي إنْ
شاء الله, والوقوف عند
هذه الظاهرة العظيمة, في
الواقع, هو شروع في الغوص
في أعماق واقعة كربلاء,
والاستفادة من فيض محرّم
الحرام بما ينفع الأمّة
الإسلاميّة"32.
الإمام القائد: "إنّ
كافّة آثار وأقوال ذلك
العظيم وكذلك أحاديث
المعصومين عليهم السلام
التي تتمحور حوله، توضح
أنّ الغرض (من قيام
عاشوراء)، إقامة الحقّ
والعدل ودين الله وتحقيق
حاكميّة الشريعة والقضاء
على أساس الظلم والجور
والطغيان..."33.
أوّلاً: العمل بأحكام
الدّين
الإمام القائد: "يقول
الإمام الحسين عليه
السلام: "... ويُعمل
بفرائضك وسننك وأحكامك"34
فإنّ هذه الأمور تشكّل
هدف الإمام. قد يخرج
البعض هنا وهناك, من دون
أقلّ معرفة بمعارف
الإسلام, وكلمات الإمام
الحسين عليه السلام ومن
دون معرفة باللغة
العربيّة، ليكتب حول
أهداف الثورة الحسينيّة،
ثمّ يقول إنّ الإمام
الحسين عليه السلام قد
ثار لأجل الهدف الفلانيّ!
من أين أتيت بذلك؟! هذا
كلام الإمام الحسينعليه
السلام: "ويُعمل بفرائضك
وسننك وأحكامك"، فالإمام
الحسين عليه السلام قدّم
روحه الزكيّة وأرواح أطهر
الناس في زمانه، ليعمل
الناس بأحكام الدّين,
لماذا؟ لأنّ السعادة
تتحقّق في العمل بأحكام
الدّين؛ لأنّ العدالة
تتحقّق في العمل بأحكام
الدّين؛ لأنّ حرّيّة
وتحرّر الإنسان يتحقّقان
في العمل بأحكام الدّين.
أين يريدون الحصول على
الحرّيّة؟! في ظلّ أحكام
الدّين تتحقّق كافّة
الحاجات البشريّة"35.
ثانياً: إصلاح المجتمع
الإمام القائد: "ينبغي
الاستفادة إلى أقصى حدّ
من كلمات أبي عبد الله
الحسين
عليه السلام- وكلّ واحدة
منها تحتوي على نقطة
مهمّة- بهدف تقديم
العبارات والكلمات
الواضحة للناس... وبناءً
عن ما نُقل عن ذلك العظيم،
فقد تحدّث قائلاً: "لم
يكن الذي كان منّا منافسة
في سلطان، ولا التماس شيء
من فضول الحطام"36
فإذا لم تكن لأجل هذه
الأمور، فلماذا كانت؟ ثمّ
إنّ الإمام تحدّث ببعض
العبارات التي ترسم لنا
الخطّ والغاية, وهي أمور
تشكّل الجهة الأساسيّة في
جميع مراحل التبليغ: "ولكن
لنُري المعالم من دينك"37
لنرفع ألوية الدّين للناس
ولنصنع الشواخص أمام
أعينهم... وقد جعل الإمام
الحسين عليه السلام هدفه
الأوّل: "ولكن لنُرِيَ
المعالم من دينك ونُظهِر
الإصلاح في بلادك"38,
لنقضي على الفساد في
الدول الإسلاميّة ولنقوم
بعمليّة الإصلاح, ما معنى
الإصلاح؟ أي إزالة الفساد.
ما هو الفساد؟ للفساد
أنواع وأقسام: السرقة
فساد، الخيانة فساد،
التبعيّة فساد، الظلم
فساد، الإنحراف الأخلاقيّ
فساد، الإنحراف الماليّ
فساد، العداوة في ما
بيننا فساد، الركون إلى
أعداء الدّين فساد،
التعلّق بما يخالف الدّين
فساد. وإنّما يتحقّق كلّ
صلاح في ظلّ الدّين"39.
ثالثاً: القضاء على أساس
الظلم والجور
الإمام القائد: "يقول
الإمام الحسين عليه
السلام: "ويأمن
المظلومون من عبادك"40
والمقصود هو
المظلومون في المجتمع،
وليس الظالمين, وليس
مشجّعي الظلم، وليس عملاء
الظلم! والمظلومون هم
الأشخاص الذين لا سبيل
لهم إلى شيء ولا طريق لهم
إلى مكان. الهدف هو أن
يأمن مستضعفو المجتمع
والأشخاص الضعفاء- في كلّ
المستويات وكلّ الأماكن-:
الأمن من ناحية الكرامة,
والأمن الماليّ، والأمن
القضائيّ, وهي أمور غير
موجودة اليوم في العالم.
أمّا الإمام الحسين عليه
السلام فقد أراد النقطة
المقابلة تماماً, لهذه
الأمور التي كانت رائجة
في زمن سلطة الطواغيت.
عندما تنظرون اليوم إلى
الدنيا ستجدون الحال نفسه
أيضاً، فقد بدّلوا ألوية
الدّين، أصبح عباد الله
أكثر مظلوميّة وقد غرز
الظالمون أظافرهم أكثر
فأكثر في دماء المظلومين.
إنّ الاهتمام بالمظلومين
والعمل بالفرائض والأحكام
والسنن الإلهيّة هما هدف
كلّ ثورة، وهدف كلّ نهضة
وسلطة إسلاميّة، لا بل
هدف حاكميّة دين الله"41.
رابعاً: إقامة الحقّ
والعدل بوساطة حاكميّة
الدّين
الإمام القائد: "كانت
حركة الإمام الحسين عليه
السلام لأجل إقامة الحقّ
والعدل، "إنّي لم أخرج
أشراً ولا بطراً ولا
مفسداً ولا ظالماً,
وإنّما خرجت لطلب الإصلاح
في أمّة جدّي. أريد أن
آمر بالمعروف وأنهى عن
المنكر..."42
ونقرأ في زيارة الأربعين-
وهي من أفضل الزيارات-:
"ومَنَحَ النصح وبذَلَ
مهجته فيك ليستنقذَ عبادك
من الجهالة وحَيْرَة
الضلالة", ثمّ إنّ
الإمام عليه السلام يذكر
أثناء المسير حديثاً
معروفاً يرويه عن رسول
الله صلى الله عليه وآله
وسلم: "من رأى سلطاناً
جائراً, مستحلّاً لحرم
الله, ناكثاً لعهد الله,
مخالفاً لسنّة رسول الله,
يعمل في عباد الله بالإثم
والعدوان, ثمّ لم يغيّر
بقول ولا فعل كان حقيقاً
على الله أن يدخله مدخله"43....
الهدف متابعة طريق الرسول
الأكرم صلى الله عليه
وآله وسلم والأنبياء
الآخرين حيث نقرأ: "..يا
وارث آدم صفوة الله,..يا
وارث نوح نبيّ الله..."44,
ومن الواضح لماذا جاء
الأنبياء: ﴿لِيَقُومَ
النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾45.
إقامة القسط والحقّ
وإيجاد الحكومة والنظام
الإسلاميّين"46.
الإمام القائد: "يجب
اليوم بالإضافة إلى
الحديث حول مسائل الإسلام
العقائديّة وترسيخ
الإعتقاد بالإسلام في
الأذهان، يجب ترسيخ
الاعتقاد بحاكميّة
الإسلام, وهذا أمر واضح,
هذا أمر كان يتوق إليه
مسلمو العالم طوال قرون
متمادية بالأخصّ
المفكّرين الكبار في
القرن الأخير- بدءاً من
السيّد جمال الدّين الأسد
آباديّ47 إلى إقبال
اللاهوريّ48، إلى عظماء
الفكر والمعرفة, إلى
العلماء الكبار داخل
بلدنا- حيث أرادوا
حاكميّة دين الله، وفي
ذلك استمرار لنهج
الأنبياء. واليوم تحاول
أيدي وألسن وكتابات
وإعلام الأعداء إيجاد ما
يؤدّي إلى خلل فيه
فيطرحون الأسئلة, فينبغي
أن يصبح ذلك الأمر محكماً
في الأذهان, يجب أن
يدركوا بأنّ حاكميّة
الإسلام، تعني حاكميّة
العدل والعلم والإنصاف
على البشر. إنّها حاكميّة
يمكنها إعمار جسم الإنسان
وقلبه وعواطفه وحياته
الحقيقيّة والمعنويّة,
وكذلك دنياه وآخرته. هذا
هو معنى حاكميّة الدّين.
وحاكميّة الدّين، تقابل
حاكميّة الطاغوت حيث: ﴿وَإِذَا
تَوَلَّى سَعَى فِي
الأَرْضِ لِيُفْسِدَ
فِيِهَا وَيُهْلِكَ
الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ﴾49, حاكميّة الطاغوت، تعني
حاكميّة الفساد وضياع
الدّين والدنيا, وقد
شاهدنا ذلك في بلادنا،
والذين أدركوا تلك
المرحلة قد لاحظوا أيضاً
ذلك وشعروا به. أمّا
حاكميّة الله، فهي ضمانة
نجاة وسعادة البشر,
حاكميّة دين الله تعني
تلبية الحاجات الأساسيّة
للبشر. إنّ كلّ ما يحتاجه
الإنسان يمكن الحصول عليه
في ظلّ حاكميّة دين الله,
سواء كانت الحاجات
معنويّة أو ماديّة،
فرديّة أو إجتماعيّة،
دنيويّة أو أخرويّة.
يجب توضيح هذه الأمور
للناس بالأخصّ الشباب,
صحيح أنّ شعبنا بحمد الله,
معتقد بشكل عميق بهذه
المسألة، وقد قبلها
ويدافع عنها بكلّ وجوده,
وقد قدّم هذا
الشعب دماءه
طيلة ثماني سنوات الحرب
المفروضة لأجل حاكميّة
دين الله, وهو اليوم
مستعدّ لذلك، إلّا أنّه
لا ينبغي الغفلة عن
مؤامرات الأعداء, لا
ينبغي الغفلة عن مساعي
الأعداء, فهم يعملون
ليحصلوا على شيء ولو على
المدى البعيد"50.
د- توضيح الفكر السياسيّ
الإسلاميّ
الإمام القائد: "إنّ
وصيّتي لكم, أيّها
الأعزّاء, أن لا يحسبنّ
أحد أنّه بالإمكان الحديث
عن الإسلام مع الغفلة عن
حاكميّته التي تجسّدت
اليوم في بلادنا هذه"51.
الإمام القائد: "تشير
الروايات المتعلّقة بحياة
الأئمّة عليهم السلام
والشواهد المتعدّدة حول
ذلك أنّ الأئمّة عليهم
السلام أرادوا وبشكل جادّ
تحقيق النظام الإسلاميّ,
وهذا العمل لا يتنافى كما
قد يتصوّر البعض مع علم
ومعرفة الإمام, فهم
أرادوا, واقعاً, تطبيق
النظام الإلهيّ"52.
الإمام القائد: "...
المسألة الأولى، إيجاد
هدف سياسيّ يمكنه توجيه
جهود ونشاطات الشباب،
فبدون الهدف لا يمكن
ممارسة الحياة بشكل صحيح,
ولا يمكن ضبط جهود
الإنسان. فينبغي وجود هدف
وخطّ وأفق واضح يوجّه
الإنسان"53.
الإمام القائد: "لقد
أبطل إمامنا العظيم كافّة
المحاولات الفكريّة
والسياسيّة لأعداء
الإسلام, طوال قرن ونصف,
من خلال إيجاد المذهب
السياسيّ في الإسلام، وقد
عمل الأعداء على حذف
الإسلام, بالكامل, من
حياة المجتمع, وأظهروا,
من خلال الترويج لفكرة
الفصل بين الدّين
والسياسة, أنّ التديّن
عبارة عن العبادات
والأعمال الشخصيّة،
ويؤدّي حذف الإسلام من
الساحة السياسيّة
الدوليّة إلى تعرّض الدول
الإسلاميّة للنهب والوقوع
تحت السيطرة السياسيّة
والعسكريّة للأعداء. إنّ
تقديم وتعليم وتبليغ
النهج السياسيّ للإسلام
يجعل
للشعوب دورها في
تدبير شؤون الحياة
العامّة والحكومة، كما أنّ
للهداية الإلهيّة
والأحكام القرآنيّة دورها
الخاصّ في ذلك. ذلك النهج
هو الذي يعطي للقيم مثل
الإيمان والجهاد والإرادة
والتدبير, مكانتها, وهو
الذي يحدّد الجهة
المنطقيّة لكلّ المواجهات
الواسعة، ومن جهة أخرى
نرى الموقع القياديّ
العامّ للإمام
قدس
سره حيث كان
كالشمس الساطعة, ينير
بحكمته الفذّة وشجاعته
ساحات النضال التي انهال
فيها الناس كالسيل العظيم
نحو ميادين الثورة
الإسلاميّة..."54.
الإمام القائد: "إنّ
المذهب السياسيّ الذي
طرحه الإمام وجاهد في
سبيله وأضفى عليه
الواقعيّة والتجسّم، هو
في الحقيقة كلام جديد
وطريق جديد للعالم
والبشريّة, يمتلك هذا
المذهب كلّ ما تحتاج إليه
البشريّة وتتعطّش له،
ولذا فإنّه لن يبلى أبداً"55.
الإمام القائد: "لقد هبّ
نسيم الصحوة الإسلاميّة
في جميع أرجاء العالم
الإسلاميّ، ومع وجود
الإسلام في ساحة العمل،
تحوّل إلى مطلب جدّيٌ,
واحتلّت نظريّة "الإسلام
السياسيّ" موقعاً رفيعاً
في أذهان النخبة, ففتحت
أمامهم أفقاً واضحاً
يمدّهم بالأمل"56.
الإمام القائد:
"... أنتم تريدون, في مثل
هذه الظروف, تعريف العالم
بنظريّة الإسلام
السياسيّة ونظام
الجمهوريّة الإسلاميّة
-
أي الحكومة الدينيّة
الشعبيّة-, المقصود من
الجمهوريّة، حكومة الناس،
والمقصود من الإسلام،
الدّين, يظنّ البعض أنّنا
عندما نتحدّث حول الحكومة
الدينيّة الشعبيّة، فنحن
نتحدّث حول أمور جديدة،
لا! فالجمهوريّة
الإسلاميّة تعني حكومة
الشعب الدينيّة, أمّا
حقيقة حكومة الشعب
الدينيّة فهي أن يُدار
النظام من خلال الهداية
الإلهيّة وإرادة
الشعب,
وأمّا مشكلة الأنظمة
الحاليّة في العالم فهي
أنّها إمّا أن لا تمتلك
الهداية الإلهيّة-
كالديموقراطيّة الغربيّة
التي هي عبارة عن إرادة
الشعب في الظاهر، وهي لا
تمتلك الهداية الإلهيّة-
وإمّا أن تمتلك الهداية
الإلهيّة أو تدّعيها،
لكنّها تفتقد الإرادة
الشعبيّة، أو أنّها لا
تمتلك أيّاً من الأمرين,
وهذا حال الكثير من الدول،
فلا الشعب يتدخّل في شؤون
البلد- لا بل الشعب يفتقد
الإرادة والرأي- ولا
الهداية الإلهيّة موجودة.
بينما الجمهوريّة
الإسلاميّة هي المكان
الذي تتّحد فيه الهداية
الإلهيّة وإرادة الناس
بهدف بناء النظام, ولا
يرد أيّ إشكال على هذه
النظريّة في الأبحاث
الجامعيّة والمحافل
العلميّة. أمّا إذا أردتم
إثبات حقّانيّة هذه
النظريّة للناس، فعليكم
إثباتها بالعمل, وهنا
ينبغي أن يبرز النشاط
الأساسيّ لنظام
الجمهوريّة الإسلاميّة.
أعزّائي! اعلموا أنّ
الأعداء يسعون بكلّ قواهم
كي لا يحصل هذا العمل، أي
أن لا يصبح نموذجاً للدول
الأخرى، ولا تنتشر نظريّة
الإسلام السياسيّة"57.
هـ- توضيح العلاقة بين
الثورة الحسينيّة وثورة
الإمام الخمينيّ
قدس
سره
الإمام القائد: "وهذا بحدّ
ذاته فصل عريض يقبل
التعمّق, أي فهم التأثير
الذي تركته ثورة عاشوراء
وجهاد سيّد الشهداء في
ثورتنا, وعندما يتعمّق
الإنسان في هذه المسألة،
فيُصاب بالدهشة من عظمة
تأثير تلك الحادثة، ويبدأ
التفكير، كيف يمكن
للمحرومين من ذلك ملأ هذا
الفراغ؟"58.
أوّلاً: جذور الثورة
الإسلاميّة في ثورة
عاشوراء
الإمام الخمينيّ: "يجب أن
يلتفت جميع الخطباء،
وجميعنا يجب علينا
الالتفات إلى هذا المعنى,
وهو أنّه لو لم تكن ثورة
سيّد الشهداء عليه السلام،
لما كان بإمكاننا اليوم
أن ننتصر"59.
الإمام القائد: "هذه
الحادثة هي الداعم
الأساسيّ للثورة اليوم,
إذا قيل لنا اليوم إلى
أين تعود جذور الثورة
التي قمتم بها؟ نقول:
تعود جذورها إلى الرسول
صلى الله عليه وآله وسلم
وأمير المؤمنين عليه
السلام والإمام الحسين
عليه السلام, من هو
الإمام الحسين عليه
السلام؟ إنّه الشخص الذي
أوجد هذه الحادثة ونُقلت
عنه في التاريخ. وعليه
فهذه الحادثة (عاشوراء)
هي الداعم لثورتنا"60.
الإمام القائد: "إنّ
حادثة الحسين بن عليّ
عليه السلام هي في الواقع
الدافع لحركة القرون
الإسلاميّة في اتجاه
الفكر الإسلاميّ الصحيح,
إنّ كلّ حرّ وكلّ مجاهد
في سبيل الله وكلّ شخص
يرغب دخول ساحة التضحية،
فإنّه يستلهم من تلك
الحادثة ويجعلها الداعم
الروحيّ والمعنويّ لحركته,
وقد ظهر هذا الأمر في
ثورتنا بشكل بيّن وواضح,
وليس معلوماً كيف كنا
سنخوض هذه المعركة لو لم
تكن تلك الحادثة"61.
الإمام القائد: "لقد
راج طوال قرون وفي هذه
القرون الأخيرة في بلدنا،
هذا النوع من الفكر
والرؤى المتعلّقة بالدّين
وبمناسبة ذكر اسم الحسين
بن عليّ عليه السلام،
ممّا ساهم في حفظ دين
الناس, فوجدت هذه القناة
الواسعة في الثورة وامتدّ
هذا الفكر لينتشر في جميع
الأرجاء بوساطة تلك
القناة التي اتّصلت بها
ثورتنا، أي حادثة عاشوراء،
فدخل الناس الساحة, فلو
قارنّا بين بلدنا والدول
الإسلاميّة الأخرى في هذا
الخصوص، فستجدون الفارق
عندما لا تجدون اسم
الإمام الحسين في بعض
الأماكن، فهذه واحدة من
الخصائص التي امتاز بها
مجتمعنا"62.
الإمام القائد: "هذه
الثورة هي آخر البركات
العظيمة لحادثة كربلاء؛
فلو لم
تكن حادثة عاشوراء
ولم تكن أسوة لنا، لما
انتصرت هذه الثورة,
وعندما يتحدّث إمامنا
العظيم في محرّم العام
1357 عن انتصار الدم على
السيف، فقد تلقّى هذا
الدرس وهذا الخطّ من
محرّم, وهكذا سيكون الوضع
إذا نظرتم إلى الحرب"63.
الإمام القائد: "هذه
آثار عاشورائيّة استمرّت
عبر التاريخ كلّه, وأمّا
ما حدث في زماننا فكان
أعظم من كلّ ذلك، حيث وصل
الحقّ إلى كرسيّ الحكم في
عصر سيطر فيه الظلم
والكفر والإلحاد على
العالم، وفي زمان تُعتبر
فيه العدالة منافية
للقانون, وأصبح الظلم هو
القانون الذي تُعطى له
الشرعيّة في قرارات الأمم
المتّحدة, إنّ ما ترونه
من استبداد القوى الكبرى
وسعيها لفرض نظام جديد
على العالم، هو نفسه
تسلّط الظلم على أرجاء
المعمورة, وأعني بذلك ما
يجري من جور وانتهاك
للحقوق في كلّ مكان باسم
القانون، كقانون الدفاع
عن حقوق الإنسان وعن
القيم الإنسانيّة، وإنّه
لمن أسوأ أنواع تسلّط
الظلم أن يُرتكب الظلم
باسم العدل والباطل باسم
الحقّ.
فجأة وفي مثل هذه الظروف
انشقّ ستار الظلمة وبانت
شمس الحقيقة، فاعتلى الحقّ
كرسيّ الحكم، وطرح
الإسلام نفسه في الميدان
بعد أن كانت الأيادي تسعى
دائماً لفرض العزلة عليه،
وشاهد العالم كلُّه
الإسلامَ الأصيل على شكل
حكومة إسلاميّة"64.
الإمام القائد: "استفاد
إمامنا العظيم في محرّم
عام 42 من هذا الأسلوب
فحصلت حادثة 15 خرداد
العظيمة, وفي محرّم 57
أيضاً استلهم إمامنا
العظيم من هذه الحادثة
وقال: "انتصر الدم على
السيف" فتحقّقت تلك
الحادثة التاريخيّة
المنقطعة النظير أي
الثورة الإسلاميّة, هذا
ما حصل في زماننا،
وشاهدناه أمام أعيننا،
ولكن هذا اللواء كان على
امتداد التاريخ وبالنسبة
إلى كلّ الشعوب لواء
فتح
وظفر, وهكذا يجب أن يكون
في المستقبل وسيكون كذلك"65.
ثانياً: معرفة العدوّ
والتعرّف على وجود أعداء
الثورة
الإمام القائد: "...
ينبغي التذكير بهذه
المسألة أيضاً في هذه
المجالس والمحافل, مع
أنّنا اليوم - بحمد الله
- في موقف قويّ من
الناحية السياسيّة حيث
وضعنا العدوّ - أي
الإستكبا ر- في موقف
انفعاليّ، إلّا أنّ هذا
لا يعني انتهاء مكر وكيد
الأعداء, ﴿وَلَن
تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ
وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى
تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾66, طبعاً على أساس: ﴿قُلْ
إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ
الْهُدَى﴾67، فإنّ جبهة
الحقّ لا تستسلم أبداً
للعدوّ، ومع ذلك يجب
معرفة طبيعة العدوّ, ولا
ينبغي أن نغفل عنه لحظةً
واحدةً, وهذا ممّا يجب أن
نبيّنه للناس.... تابع
الإستكبار العالميّ في
هذه المدّة تهديداته
الصريحة وغير الصريحة
والمباشرة وغير المباشرة
للثورة ونظام الجمهوريّة
الإسلاميّة, إلّا أنّ
أمّتنا لم ترضخ لتهديدات
الأعداء مطلقاً، ولم
تتأثّر بها لأنّها تعتبر
نفسها تابعةً لإرادة الله
تعالى ومرتبطة به، وأمّا
المصداق السياسيّ
والإجتماعيّ لذلك في
زماننا الحاضر فهو نظام
الجمهوريّة الإسلاميّة
وشعب إيران المسلم, وعلى
هذا الأساس فنحن لا نخشى
تهديدات الأعداء ولا نخاف
أيّ عدوّ وأيّ قوّة أخرى
في العالم.
لقد أثبت أعداؤنا عمليّاً
أنّهم عاجزون عن توجيه
ضربة حقيقة وجدّيّة لنا؛
لأنّهم طيلة السنوات
العشر الماضية عملوا كلّ
ما باستطاعتهم, وبقينا
نحن أقوى من الماضي وأصلب
وأكثر أملاً. المستقبل
اليوم واضح لنا أكثر من
أيّ وقت مضى, نحن لا نخاف
من العدوّ وهو غير قادر
على ضربنا، وكلّ ذلك
مشروط بالحفاظ على يقظتنا
وحضور الشعب في الساحة,
لا ينبغي أن يشعر الناس
بأنّ الأمور قد
انتهت
والحمد لله, وليذهب كلّ
شخص نحو عمله الخاصّ,
كلّا، فلا ينبغي تخلية
الساحة"68.
ثالثاً: ارتباط ثقافة
التعبئة والشهادة
بعاشوراء
الإمام القائد: "لا ينبغي
أن ينسى السادة المبلّغون،
والوعّاظ، والخطباء
والقرّاء والمدّاحون، أنّ
زماننا يمتلك نموذجاً
كاملاً عن حوادث عاشوراء،
هو هؤلاء التعبويّون من
الشباب والناشئة, بعض
منهم قد استشهد، وبعض آخر
ما زال ينتظر وهو حيّ
يرزق, إلّا أنّ عدم حصول
الشهادة لهم لا يعني
هروبهم منها, بل هم قد
توجّهوا إليها، إلّا
أنّها لم تأتِ إليهم. لا
ينبغي أن ننسى العلاقة
والاتصال القويّ بين
حادثة عاشوراء ومحرّم
وبين شهدائنا, ومن تبقّى
من التعبويّين الموجودين
بكثرة- والحمد لله- في
مجتمعنا بدءاً من الشيخ
الكبير إلى الشابّ الصغير"69.
الإمام القائد: "أيّها
العلماء المحترمون
والمبلّغون الأعزّاء،
ينبغي في هذا الشهر
العظيم
(محرّم) توضيح
مختلف أبعاد القضيّة
للناس وإفهامهم بأنّ
الدنيا والآخرة تتحقّقان
في ظلّ الدّين, وأنّ
الإرتباط بالإمام الحسين
عليه السلام وإدراك معنى
ومفهوم الشهادة يساعدان
في الأمور الماديّة
والمعنويّة للإنسان. فلو
أنّ أمّة أدركت معنى
الشهادة، وعرفت كيف
يمكنها التقدّم والتضحية
في سبيل الأهداف، عند ذلك
يمكنها العيش حرّةً
مستقلّةً وبدون اضطراب،
حيث يكون الموت مانعاً
أمام ذلك الإنسان. وإذا
كان الأمر على غير ذلك
النحو، فسيعمل العدوّ على
إخضاع تلك الأمّة
بتهديدها بالموت, فتصبح
كغيرها من الأمم والبلدان
التي تظهر جبناً وضعفاً
أمام الأعداء"70.
الإمام القائد: "إنّ فرصة
التبليغ في شهر محرّم
الحرام هي مناسبة كبيرة
واستثنائيّة ببركة دماء
سيّد الشهداء والأحرار
الإمام أبي عبد الله
الحسين عليه السلام
وأصحابه النجباء. أمّا
آثار تلك الدماء التي
أُريقت ظلماً وعدواناً،
فهي خالدة في التاريخ؛
لأنّ الشهيد الذي قدّم
روحه على طبق الإخلاص
فداءً لأهداف الدّين
العالية, يتحلّى بالصدق
والصفاء, أمّا الإنسان
المخادع والمغرور فحتّى
لو تمكّن من إظهار وقوفه
إلى جانب الحقّ بلسانه
وبيانه، إلّا أنّه عندما
تصل القضيّة إلى روحه
وأرواح أعزّائه، يتراجع
ولا يبقى على استعداد
للتضحية, وأمّا الذي يخطو
ويتقدّم نحو ساحة الفداء
ويقدّم وجوده مخلصاً في
سبيل الله, حقّ على الله
أن يبقيه حيّاً, ﴿وَلاَ
تَقُولُواْ لِمَنْ
يُقْتَلُ فِي سَبيلِ
اللّهِ أَمْوَاتٌ﴾71، ﴿وَلاَ
تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ
قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ
اللّهِ أَمْوَاتًا﴾72, فالذين يُقتلون
في سبيل الله هم أحياء,
وأحد أبعاد حياتهم هو عدم
خفوت آثارهم وموقع ثباتهم
ولوائهم, قد تصبح هذه
العلائم باهتة بعض
الأوقات لوجود القهر
والعنف وتدخّل القوى
الكاذبة والمفترية، إلّا
أنّ الله تعالى هو الذي
جعل فيهم هذه السنّة وهذا
القانون, وسنّة الله
تعالى تقتضي بقاء طريق
الأطهار والصالحين
والمخلصين, إنّ الإخلاص
أمر عظيم، ولذلك بقي
الدّين في العالم ببركة
الحسين بن عليّ عليه
السلام ودمائه التي
أُريقت بغير الحقّ,
وسيبقى الحال هكذا دائماً"73.
رابعاً: التذكير بنعمة
الثورة
الإمام القائد: "من جملة
الأمور التي ينبغي عليكم
التحدّث بها مع الناس-
وبالأخصّ الشباب- هي
النعمة الكبيرة التي
أعطاها الله تعالى لنا
بوساطة القائد العظيم
الشأن والقدر والمنقطع
النظير, وبوساطة حركة شعب
إيران العظيم, إنّ شبابنا
اليوم، لم يطّلعوا على ما
كانت عليه الأمور قبل
الثورة، ولا يعرفون كيف
كانت الأوضاع في هذه
المملكة ولا الذلّ الذي
كان يعانيه شعب إيران!
فخلال الخمسين السنة
الأخيرة كان يحكم إيران
شخصان- الأب والإبن-
وكلاهما جاء بهما الأجنبيّ
إلى السلطة, لقد وجد
الإنجليز رضا خان بين
أفواج "القزّاق"...أعطوه
السلاح وأوصلوه إلى
السلطة ثمّ نفّذوا مآربهم
بوساطته, فوصلوا من خلاله
إلى كلّ ما أرادوا فعله
في إيران. وبوساطته
وجّهوا الضربات إلى
الأماكن التي أرادوها مثل
الدّين والعلماء
والتقاليد القديمة
والقوميّة, لأنّه كان
إنساناً جريئاً ملطّخ
السمعة، كان مفيداً لهم.
لقد كان الإنجليز يفتّشون,
خلال مدّة من الزمن (قبل
زمان المشروطة) على وسيلةٍ
ينفذون منها إلى هذا
البلد, ولكن لم يتمكّنوا
من ذلك. وكان العلماء في
الغالب يمنعون نفوذهم,
أدركوا أنّ هذا الشخص لا
يتوانى عن التعامل بصلافة
مع العلماء, لذلك أوصلوه
إلى السلطة، فنفّذوا كلّ
ما أرادوا من خلاله, ثمّ
عندما وجدوه يميل إلى جهة
أخرى من الناحية
السياسيّة، خلعوه وجاءوا
بابنه مكانه.
لا يوجد عار لشعبٍ
- ولا
لشعب إيران
- أكبر من أن
تقوم دولة بريطانيا
بوساطة سفارتها بتعيين
الحكّام والقادة
والسياسيّين والمدراء في
البلد. أيّ عار أكبر من
هذا للشعوب! اقرأوا
المذكّرات التي كتبها
موظّفو العهد البهلويّ!
بعد أن خلعوا رضا خان عام
1320 كان ابنه محمّد رضا
ولعدّة أيّام لا يدرك إن
كان سيصبح الملك أم لا!
عند ذلك أرسل شخصاً إلى
السفارة البريطانيّة،
التي أعطت الموافقة على
ذلك بشرط أن يتخلّى عن
بعض الأمور, وأن ينفّذ
بعض الأمور الأخرى، ومع
ذلك فقد سُرّ محمّد رضا
بتلك السلطنة, هذه هي
حقائق هذا البلد.
لقد تولّت السلطة في
إيران ولمدّة خمسين عاماً
حكومة ديكتاتوريّة
سلطويّة، طاغوتيّة، فاسدة،
وكلّ ذلك من خلال شخصين
أتى بهما الأجنبيّ, ولم
يكن للناس أيّ دور في ذلك.
وهكذا كانت حكومة القاجار
والسلاطين أيضاً قبل تلك
الحقبة,
اقرأوا سيرة
هؤلاء السلاطين! لم يكن
للناس أيّ دور، لا بل لم
يكن للناس ذكر عندهم على
الإطلاق. كان عمّال
الدولة من الصدر الأعظم
إلى أصغر موظّف عميل لهم,
كانوا يقولون لهم صراحة:
أنتم كذا وكذا بين
عملائنا! هكذا حكومات
كانت تسيطر على هذا البلد!.
هذه هي المرّة الأولى
طوال قرون متمادية تأتي
حكومات ويكون معيار
المسؤولين فيها، العلم
والتقوى والعدالة ومحبّة
الناس وانتخاب الناس,
وهذا ببركة الثورة, هم مع
الناس، لأجل الناس ومن
الناس. ليسوا من الذين
يسيئون استخدام المناصب،
ولا من السارقين ولا
يرتبطون بالعدوّ, هذه
حقائق لم يكن لها سابقة
طوال قرونٍ من تاريخ
إيران, وهذا ما أعطاه
الإسلام والثورة لهذا
الشعب, ينبغي توضيح هذه
الأمور لجيل الشباب،
ليدركوا كيف كانت إيران
وكيف أصبحت! وأين كانت
وإلى أين وصلت! واليوم ما
زالت مخلّفات تلك الأنظمة
الفاسدة والتابعة
والذليلة، تفكر بأولئك
الأرباب الذين كانوا
يفرّقون عليهم الأموال في
ذلك الزمان! واليوم أيضاً
يقدّمون لهم المال
والوسيلة الإعلاميّة،
ويجرون معهم المقابلات،
ويؤسّسون الإذاعات والصحف،
ثمّ يعملون بكلّ هذه
الوسائل على ذكر مشكلةٍ
ما في نقطةٍ من نظام
الجمهوريّة الإسلاميّة
الواسعة الأقطار
والممتدّة طولاً وعرضاً،
ثمّ يعملون على تكبيرها
ثمّ يبثّونها من إذاعاتهم!
ينبغي أن يعرف شبابنا هذه
الأمور! لأنّ هذه الأمور
مهمّة, واليوم ينبغي أن
يتضمّن تبليغ الدّين
وتبيين الحقائق هذه
القضايا أيضاً"74.
و- التوصية بوحدة الكلمة
الإمام القائد: "...
المسألة الأخرى التي
ينبغي الاهتمام بها في
هذه المجالس، مسألة وحدة
كلمة آحاد الشعب... فبعد
أن منّ الله تعالى علينا
بهذه النعمة، يجب
علينا
حفظها. أوّلاً, في
الجلسات التي تقام ينبغي
عدم ذكر الخطباء أي كلام
أو إشارة أو حركة تدلّ
على الإختلاف, لا يوجد أيّ
مسوّغ لذكر شيء في أيّة
جلسة يؤدّي إلى إيجاد
اختلاف بين مجموعتين من
الناس, لا ينبغي أن يصدر
أيّ كلام من علماء الدّين
يؤدّي إلى وجود شرخ في
وحدة الكلمة بين الناس,
وبالأخصّ في المسائل
السياسيّة والدينيّة, وفي
الأمور ذات العلاقة
بالدولة والعلماء
والمرجعيّة والقيادة,
والأمور الأخرى التي
تؤدّي إلى وقوع الإختلاف
بين الناس، بل على العكس
من ذلك، ينبغي أن يسعى
المتحدّثون باسم الدّين
إلى إيجاد فضاء يتّسم
بالمحبّة والتعاون بين
المسؤولين وبين الناس،
ويوحي بوحدة الكلمة"75.
الإمام القائد: "من جملة
الأمور الهامّةالتي ينبغي
توجيه الناس إليها في
الجلسات التبليغيّة،
مسألة الوحدة والإتفاق
واتحاد الشعب. أعزّائي,
عندما ننظر اليوم إلى
الأمواج الإعلاميّة
للأعداء، وما يروّج له
بعض الأشخاص الغافلين أو
المغرضين الفاسدين، سنجد
أنّهم يروّجون لخطّ
الإختلاف، خطّ إيجاد
التشنّج والإشتباك بين
آحاد الناس وتكبير الأمور
الصغيرة, احذروا من عرض
المسائل الخلافيّة أو
تضخيم تلك المسائل من على
المنابر التي ينبغي أن
تكون مكاناً لتبليغ
الدّين والأخلاق. لقد سعى
الأعداء- ليس في أيّامنا
هذه فقط, بل منذ انطلاقة
الثورة- لتعظيم الخلافات
الصغيرة, وهكذا كان الأمر
قبل الحرب وحتّى في مرحلة
الحرب في زمن الإمام
الخمينيّ العظيم, كانوا
يعمدون بوسائلهم
الإعلاميّة والنفسيّة إلى
تكبير الأمور الخلافيّة
الصغيرة ويتّخذون منها
سنداً ودليلاً على وجود
شرخ وشقاق في البلاد،
ممّا يشعر المستمع بأنّ
البلد تسيطر عليه حالة من
الغوغاء والإختناق، مع
العلم أنّ أموراً كهذه لم
تكن موجودة في الواقع,
وهي الآن غير موجودة أيضاً"76.
هوامش |
1-
من كلام له في لقاء
العلماء والمبلّغين على
أعتاب شهر محرّم 26/2/73
هـ. ش.
2-
المصدر نفسه.
3-
(وَلاَ
تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ
بِهِ عِلْمٌ إِنَّ
السَّمْعَ وَالْبَصَرَ
وَالْفُؤَادَ كُلُّ
أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ
مَسْؤُولاً
)(سورة
الإسراء الآية 36).
4-
من كلام له في جمع من
العلماء والطلّاب على
أعتاب شهر محرّم 26/3/72
هـ. ش.
5-
عن أبي عبد الله عليه
السلام: قال: قلت قوله:
(أَتَأْمُرُونَ
النَّاسَ بِالْبِرِّ
وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ
),
قال: فوضع يده على حلقه
قال كالذابح نفسه".
(العياشي, تفسير
العيّاشي، ج 1، ص 43).
6-
صحيفة نور، ج 8، ص 65،
بتاريخ 17/4/58 هـ. ش.
7-
المصدر نفسه.
8-
سورة النحل الآيتان 68-
69.
9-
من كلام له في لقاء
العلماء والوعّاظ على
أعتاب شهر محرّم 3/3/74
هـ. ش.
10-
من كلام له في لقاء
العلماء والطلّاب على
أعتاب شهر محرّم 26/3/72
هـ. ش.
11-
عن الإمام الحسن العسكريّ
عليه السلام:
"اتقوا الله وكونوا زيناً
ولا تكونوا شيناً جرّدوا
إلينا كلّ مودّة وادفعوا
عنّا كلّ قبيح".
(المجلسي, بحار الأنوار،
ج 75، ص 372).
12-
عن الإمام أمير المؤمنين
عليه السلام أنه قال: "من
نصب نفسه للناس إماماً
فليبدأ بتعليم نفسه قبل
تعليم غيره, وليكن تأديبه
بسيرته قبل تأديبه
بلسانه, ومعلم نفسه
ومؤدّبها أحقّ بالإجلال
من معلّم الناس ومؤدّبهم"
(نهج البلاغة، ص 480).
13-
من كلام له في لقاء
العلماء والمبلّغين على
أعتاب شهر محرّم 5/11/84
هـ. ش.
14-
من كلام له في لقاء
مسؤولي هيئات جند الإسلام
في أنحاء البلاد 19/2/80
هـ. ش.
15-
من كلام له في لقاء
العلماء على أعتاب شهر
محرّم 2/2/77 هـ. ش.
16-
عن الإمام أمير المؤمنين
عليه السلام في وصيّته
للحسن عليه السلام:
"إنّما قلب الحدث كالأرض
الخالية ما ألقي فيها من
شيء قبلته فبادرتك بالأدب
قبل أن يقسو قلبك ويشتغل
لبّك". (المجلسي, بحار
الأنوار، ج 1، ص 223).
17-
من كلام له في لقاء
العلماء على أعتاب شهر
محرّم 2/2/77 هـ. ش.
18-
عن أبي عبد الله عليه
السلام قال: "يا مفضّل,
العالم بزمانه لا تهجم
عليه اللوابس". (الكليني,
الكافي، ج 1، ص 26).
19-
من كلام له في لقاء
العلماء والمبلّغين على
أعتاب شهر محرّم 23/1/78
هـ. ش.
20-
من كلام له في لقاء
العلماء على أعتاب شهر
محرّم 2/2/77 هـ. ش.
21-
المصدر نفسه.
22-
من كلام له في جمع من
العلماء والطلّاب على
أعتاب شهر محرّم 26/3/72
هـ. ش.
23-
عن الإمام أمير المؤمنين
عليه السلام: "ليس كلّ
العلم يستطيع صاحب العلم
أن يفسّره لكلّ الناس,
لأنّ منهم القويّ
والضعيف, ولأنّ منه ما
يطاق حمله ومنه ما لا
يطاق حمله, إلّا من يسهّل
الله له حمله وأعانه عليه
من خاصّة أوليائه".
(المجلسي, بحار الأنوار،
ج 6، ص 142).
24-
من كلام له في جمع من
علماء محافظة كهگيلويه
وبوير أحمد على أعتاب شهر
محرّم الحرام 17/ 3/ 73
هـ. ش.
25-
من كلام له في لقاء
العلماء على أعتاب شهر
محرّم 2/2/77 هـ. ش.
26-
من كلام له في لقاء
العلماء على أعتاب شهر
محرّم 2/2/77 هـ. ش.
27-
المصدر نفسه.
28-
المصدر نفسه.
29-
المجلسيّ, بحار الأنوار،
ج 67، ص 372.
30-
من كلام له في لقاء
العلماء على أعتاب شهر
محرّم 2/2/77 هـ. ش.
31-
من كلام له في جمع
الخطباء وعلماء الدّين في
قم وطهران 25/7/61 هـ. ش.
32-
من كلام له في لقاء جمع
من علماء محافظة
"كهگيلويه وبوير أحمد"
على أعتاب شهر محرّم
17/3/73 هـ. ش.
33-
من كلام له في لقاء
العلماء وأئمّة الجمعة
والجماعة ووعّاظ طهران
على أعتاب شهر محرّم
11/5/68 هـ. ش.
34-
الحرّاني ابن شعبة, تحف
العقول، ص 239.
35-
من كلام له في لقاء
العلماء والمبلّغين على
أعتاب شهر محرّم الحرام
23/1/78 هـ. ش.
36-
المجلسيّ, بحار الأنوار،
ج 34، ص 110.
37-
المجلسيّ, بحار الأنوار،
ج 97، ص 79.
38-
المصدر نفسه.
39-
من كلام له في لقاء
العلماء والمبلّغين على
أعتاب شهر محرّم الحرام
23/1/78 هـ. ش.
40-
الحرّاني ابن شعبة, تحف
العقول، ص 239.
41-
من كلام له في لقاء
العلماء والمبلّغين على
أعتاب شهر محرّم الحرام
23/1/78 هـ. ش.
42-
المجلسيّ, بحار الأنوار،ج
44، ص 329.
43-
بحار الأنوار، ج 44، ص
381.
44-
زيارة وارث، من لا يحضره
الفقيه، ج 2، ص 604،
ومفاتيح الجنان، ص 701.
45-
سورة الحديد/ 25.
46-
من كلام له في لقاء
العلماء وأئمّة الجمعة
والجماعة ووعّاظ طهران
على أعتاب شهر محرّم
11/5/68 هـ. ش.
47-
ولد السيّد جمال الدّين
الأسد آبادي الأفغانيّ في
العام 1838, وتوفي في
1897. أحد أبرز علماء
الدّين الذين لمع نجمهم
في النصف الثاني من القرن
التاسع عشر, كان من وجوه
النهضة المصريّة وأحد
دعاة التجديد الإسلاميّ.
48-
محمّد إقبال اللاهوريّ
الشاعر والفيلسوف, ولد في
بلدة سيالكوت بإقليم
البنجاب 1873, يعدّ أوّل
من نادى بضرورة انفصال
المسلمين في الهند عن
الهندوس, وتأسيس دولة
خاصّة بهم, دعا إلى تجديد
الفكر الدينيّ وفتح باب
الإجتهاد, وتقدير الذات
الإنسانيّة ومحاربة
التصوّف السلبيّ
الإتكاليّ, توفي عام
1938.
49-
سورة البقرة الآية 205.
50-
من كلام له في لقاء
العلماء على أعتاب شهر
محرّم 2/2/77 هـ. ش.
51-
من كلام له في لقاء
العلماء والوعّاظ على
أعتاب شهر محرّم 3/3/74
هـ. ش.
52-
من كلام له في لقاء
العلماء وأئمّة الجمعة
والجماعة ووعّاظ طهران
على أعتاب شهر محرّم
11/5/68 هـ. ش.
53-
من كلام له في لقاء طلّاب
وأساتذة جامعات محافظة
كرمان 19/2/84 هـ. ش.
54-
في رسالة لشعب إيران
بمناسبة الذكرى السنويّة
العشرين لانتصار الثورة
الإسلاميّة 21/11/77 هـ.
ش.
55-
من كلام له بمناسبة
الذكرى السنويّة الخامسة
عشرة لرحيل الإمام
الخمينيّ (رضوان الله
عليه) 14/3/83 هـ. ش.
56-
من رسالة له إلى مؤتمر
الحجّ 8/11/82 هـ. ش.
57-
من كلام له في أهالي مدن
كاشان وآران وبيدگل
20/8/80 هـ. ش.
58-
من كلام له في لقاء
العلماء والمبلّغين على
أعتاب شهر محرّم 20/4/70
هـ. ش.
59-
من كلام له في جمع من
خطباء الدّين وعلماء قم
وطهران 25/7/61 هـ. ش.
60-
من كلام له في جمع من
العلماء وأئمّة الجمعة
والجماعة ووعّاظ طهران
على أعتاب شهر محرّم
11/5/68 هـ. ش.
61-
من كلام له في لقاء
العلماء والمبلّغين على
أعتاب شهر محرّم 20/4/70
هـ. ش.
62-
المصدر نفسه.
63-
في كلام له في جمع
العلماء والطلّاب على
أعتاب شهر محرّم 26/3/72
هـ. ش.
64-
من كلام له في لقاء
العلماء والوعّاظ على
أعتاب شهر محرّم 3/3/74
هـ. ش.
65-
من كلام له في لقاء
العلماء والمبلّغين على
أعتاب شهر محرّم 5/11/84
هـ. ش.
66-
سورة البقرة الآية 120.
67-
سورة البقرة الآية 120.
68-
من كلام له في لقاء
العلماء وأئمّة الجمعة
والجماعة ووعّاظ طهران
على أعتاب شهر محرّم
11/5/68 هـ. ش.
69-
من كلام له في لقاء
العلماء والطلّاب على
أعتاب شهر محرّم 26/3/72
هـ. ش.
70-
من كلام له في لقاء
العلماء والمبلّغين على
أعتاب شهر محرّم 26/2/75
هـ. ش.
71-
سورة البقرة الآية 154.
72-
سورة آل عمران الآية 169.
73-
من كلام له في لقاء
العلماء والمبلّغين على
أعتاب شهر محرّم 23/1/78
هـ. ش.
74-
من كلام له في لقاء
العلماء على أعتاب شهر
محرّم 2/2/77 هـ. ش.
75-
من كلام له في لقاء
العلماء وأئمّة الجمعة
والجماعة ووعاظ طهران على
أعتاب شهر محرّم 11/5/68
هـ. ش.
76-
من كلام له في لقاء
العلماء على أعتاب شهر
محرّم 2/2/77 هـ. ش.
|
|
|