الأمر الأوّل - تحقّق
العبوديّة لله
الإمام القائد: "إخوتي
وأخواتي الأعزّاء! ينبغي
أن نسعى أنا وأنتم في
سبيل عبوديّة الله, وهذا
ما ينبغي أن يكون نتيجة
تمجيد فاطمة الزهراء
عليهاالسلام, إنّ ألسنتكم
أيّها الأخوة المدّاحون
وحناجركم لتسطع لمديح بنت
النبيّ صلى الله عليه
وآله وسلم والأئمّة
الهداة بأمواج نورانيّة
معطّرة فتستقرّ في قلوب
مخاطبيكم، وهذا ذو قيمة
عالية"1.
الإمام القائد: "أعزّائي!
إنّ هذا النّجم الزّاهر
لعالم الخلق ليس هو ما
نشاهده فقط، بل هو أعظم
من هذا بكثير، إنّنا نرى
نور شخصيّة الزهراء
عليهاالسلام، لكنّها أعظم
من هذا بكثير, لكن ماذا
نستفيد نحن من ذلك؟ هل
يكفي هذا القدر بأن
نعرفها فقط أنّها الزهراء
عليها السلام؟ لقد طالعت
مرّةً الرواية التي تقول:
"إنّها تزهر لأهل السماء"،
فنحن لا شيء أمام هذا
النور، فالكروبيّون
(الملائكة
المقرّبون)
في الملأ الأعلى تنبهر
عيونهم من نور الزهراء
عليهاالسلام, فيجب علينا
الإهتداء
بها إلى الله وإلى طريق
العبوديّة، وإلى الصراط
المستقيم، فالزهراء
عليهاالسلام قد سلكت هذا
الطريق فأصبحت زهراء"2.
الأمر الثاني - الحديث عن
أهل البيت عليهم السلام
باعتبارهم القدوة
الإمام القائد: "إنّ
في مقام تنزّل الوجود،
عندما تلتقي عظمة الملكوت
بحقائق عالم الأجسام
والملك, تصبح هذه القوالب
البشريّة حاملة لتلك
المعنويّات والأرواح، عند
ذلك تصبح كلّ حركة وكلّ
إشارة تجري على لسانهم
بمثابة القدوة لنا نحن
المتأخّرين, لا يكفي أن
نعلم في أيّ أوج كانت
فاطمة الزهراء
عليهاالسلام وأيّ عظمة
كان من نصيبها في هذا
العالم, وما هي عليه في
عالم المعنى والملكوت.
طبعاً الإطلاع على ذلك
جزء من المعرفة، وإذا حصل
الإنسان على معرفة واضحة،
تبرز عندها القيمة
العالية لها، وهي معرفة
لا تحصل إلّا من خلال
العمل.
المعرفة الخالصة الواضحة
تحكي عن تلك المعنويّات،
وهي لا تحصل للجميع, أمّا
أولياء الله العظام فهم
الذين يدركون ويشاهدون
جوانب منها. وذاك المقدار
الذي ندركه ونفهمه ينبغي
أن يكون قدوة لنا في
الحركة والعمل, ينبغي أن
لا ينسى الشيعة, بل وجميع
المسلمين, هذه المسألة,
فالكلّ شركاء في ذلك,
إلّا أنّ نوعاً كهذا من
المعرفة قليل عند غير
الشيعة. وهذا لا يعني عدم
حصولها بالمطلق, بل إنّ
البعض من غير الشيعة، قد
تقدّموا كثيراً في مقام
معرفة أهل البيت، ولكن
وبشكل عامّ فهذا الأمر
متعلّق بالشيعة, لذلك يجب
أن يكون كلّ حرف وكلمة
وإشارة في حياة هؤلاء
العظماء, أسوة لنا"3.
الإمام القائد: "أولئك
يستفيدون من جميع
الإمكانيّات لتقديم
نماذجهم، بينما الشعوب
خالية الوفاض، لا تمتلك
القدوة والنموذج اللذين
يمكنهما مقابلة
ومواجهة ذلك, أمّا نحن
فعلى العكس، أيدينا مليئة،
نحن عندنا نسوة عظيمات،
إذا أردنا الدخول إلى
عالم المرأة, ففي تاريخ
الإسلام نساء عظيمات بلغن
الأوج، أمّا قمّة هذه
العظمة فقد تجلّت في
فاطمة الزهراء، الصديقة
الكبرى عليهاالسلام. ثمّ
إنّ حياة السيّدة زينب
والسيّدة سكينة مليئة
بالحوادث المهمّة
والمفيدة للمفكّرين
وأصحاب العقول والفكر.
لقد ورد في حقّ الإمامين
الحسن والحسين
عليهماالسلام أنّهما: "سيّدا
شباب أهل الجنّة"4,
مع أنّهما لم يكونا
شابّين طوال حياتهما، بل
وصلا إلى سنّ الكهولة
فكونهما "سيّدي شباب"، هو
بمعنى أنّ شبابهما أسوة
وقدوة دائمة أمام أعين
شباب الدنيا. وهكذا الحال
في شباب رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم
وشباب أمير المؤمنين عليه
السلام. أمّا كلامي معكم
أنتم الأخوة المنشدين
والمدّاحين، فهو أنّ على
عاتقكم مسؤوليّة كبيرة في
هذا الخصوص"5.
الإمام القائد: "تعيش
المرأة اليوم حالة فراغٍ،
فلا تعلم ماذا يجب أن
تفعل, هذا هو الوضع في
العالم, إذا تحدّثتم بهذه
الأمور، وإذا تحدّث
شعراؤنا وخطباؤنا بذلك،
فستشاهدون عندها الثقافة
التي ستنتشر في خصوص
مسائل المرأة. نحن لسنا
بحاجة إلى أيّ شيء فنحن
نمتلك، لحسن الحظّ,
اكتفاءً ذاتيّاً وغنىً في
هذه المجالات, هذه الأمور
ليست مسائل صناعيّة لنمدّ
يدنا للآخرين، نحن نمتلك
النماذج ويمكننا تصديرها
للآخرين. عندما تجدون أنّ
المدّاحين ينهضون
بأشعارهم بمناسبة ولادة
السيّدة الزهراء
عليهاالسلام وبمناسبة يوم
شهادتها، ويقرأون الأشعار
في آلاف الجلسات وبذاك
الأسلوب الفنّي الجميل
الذي يتضمّن تلك الأبعاد
فإنّ هذا سيؤدّي إلى
إيجاد تحوّل مهمّ
وأساسيّ"6.
الأمر الثالث - توضيح
حقائق الدّين للناس
الإمام القائد: "نحن
اليوم, كما في كافّة
مراحل تاريخنا- أتباع
الولاية ومحبّي الأئمّة
عليهم السلام- نحتاج إلى
التوضيح والشرح والبيان
ووضع الحقائق أمام بصر
وبصيرة الإنسان. لو لم
يكن التوضيح مهمّاً، لما
وجدنا الإمام الصادق عليه
السلام يهتمّ بشاعر
كالكميت، ولا الإمام
الثامن عليه السلام يهتمّ
بدعبل، أو الإمام الرابع
عليه السلام بالفرزدق,
الشعراء الذين سمعتم
أسماءهم- الفرزدق، الكميت
وغيرهما- لم يكونوا في
زمانهم, أمثال سلمان، فهم
كانوا متوسّطي الحال إذا
قارنّاهم بأصحاب الأئمّة
العظام, لم يمتلكوا معرفة
"زرارة" و "محمّد بن مسلم"
وأمثالهما، ولم تكن
علاقتهم بالأئمّة عليهم
السلام قويّةً, ومع ذلك
تجدون أنّ الأئمّة عليهم
السلام كانوا يكنّون لهم
الكثير من الاحترام
والتقدير بحيث لا تجد ذلك
في تعامل الأئمّة عليهم
السلام مع الأصحاب
الآخرين، لماذا؟ السبب في
ذلك هو التبيين, لأنّ
هؤلاء تحدّثوا في مكان ما
ووضّحوا للناس، فكانت
كلماتهم كالشمس التي
أشرقت في القلوب فأضاءت
الحقيقة للناس"7.
الإمام القائد: "اعلموا
أنتم المنشدين الأعزّاء
الموجودين هنا- بعضَ
الحاضرين أو المنشدين أو
الذين يمتلكون الشوق
للإنشاد وبعضَ الشباب
الذين قد يصبحون منشدين
جيّدين في المستقبل- أنّ
الإنشاد والثناء على
الأئمّة عليهم السلام هما
في الواقع, مدح وثناء على
الخير والحقيقة والتضحية،
هما الثناء على شمس
الإمامة والولاية، شمس
الحقيقة التي عملوا على
إخفائها. إلّا أنّ هذه
الألسن الناطقة لم تسمح
بذلك, بل كل الأشخاص
الذين عملوا في سبيل
المعرفة الدينيّة وكلّ
القلوب المضيئة بمحبّة
أهل البيت عليهم السلام
لم يسمحوا, خلال القرون
الثلاثة عشر أو الأربعة
عشر الماضية, ببقاء هذه
الشمس محجوبة, فقاموا
بإزالة الغيوم يوماً بعد
يومٍ
من
أمام تلك الشمس حتّى وصلت
إلى ما وصلت إليه اليوم.
ينبغي أن يستمرّ هذا
العمل لتوضيح وإظهار
حقائق أهل البيت عليهم
السلام"8.
الأمر الرابع - قابليّة
إدراك المفاهيم الدينيّة
المتعالية
الإمام القائد: "إنّ مقام
فاطمة الزهراء عليها
السلام يدعو العقول
النيِّرة, لدى العظماء من
البشر، إلى التفكير في
أكثر فروع تفكّرهم أصالة,
وكذلك يدعو أصحاب الألسن
الفصيحة والبليغة من
الخطباء والشعراء
والمنشدين, إلى وضع تلك
الأفكار في قالب كلمات
تفيض بالذوق والطبع
الفيّاض والسيَّال فنّاً
وشاعريّة؛ فكانوا يوضحون
ذلك في صورة الشعر
والكلام المنظوم, ويوضحون
ذلك بأفضل أداء ممكن.
فإذا حصل الأمر على هذا
النحو، فقد تتمكّن أذهان
البشر المتوسّطة, سيّما
البعيدة عن المعارف
الإلهيّة الحقيقيّة, ولا
تمتلك الطاقة على إدراك
هذه الحقائق المتعالية في
الأذهان والقلوب، قد
تتمكّن من فهم وإدراك
جوانب من فضائل ومدائح
ومناقب ومحامد هؤلاء
العظماء"9.
الإمام القائد: "إنّ
لساننا وكلماتنا لا تساعد
في توضيح مقامات الصدّيقة
الطاهرة عليهاالسلام، ولا
يمكن وصفها، لأنّ وصفها
أعلى من حدود هذه القوالب
البيانيّة العاديّة. إلّا
أنّ اللغة الفنيّة يمكنها
تقريب الأذهان إليها
بحدود ما، ولذا عندما
أؤكّد على مسائل المدح
والشعر والأناشيد
الإسلاميّة، فهو لهذا
السبب, إذ يمكن تقريب
الأذهان وإلى حدود معيّنة
بوساطة الفنّ، إلّا أنّه
لا يمكن الوصول إلى
حقائقهم في مقام الوصف.
أمّا الذين يصفّون قلوبهم
وأعمالهم، ويطهّرون
أجسامهم وأرواحهم,
ويجعلون التقوى والطهارة
في رأس اهتماماتهم,
ويربُّون أنفسهم
ويتخلّصون من الملوّثات
الدنيويّة، هؤلاء تشاهد
عينُ البصيرة في قلوبهم,
الأنوارَ
القدسيّة لأهل البيت
والصدّيقة الكبرى
عليهاالسلام من مكان قريب،
ويمكنهم إدراك مقاماتهم
وإن كانوا عاجزين عن
وصفها"10.
الأمر الخامس - تعميق
الإيمان الدينيّ لدى
الناس
الإمام القائد: "ما دام
الإيمان لم يمتزج بالحبّ
والعشق العميق والعاطفة
الجيّاشة، فإنّه لن يفعل
فعله, إنّه الحبّ الفيّاض
وبمستواه الرفيع أيضاً هو
الذي يجعل الإيمان يترجمَ
في نطاق الواقع الخارجيّ.
ونحن لم نكن لنتقدّم في
نهضتنا لولا المحبّة
والعاطفة, إنّ لدينا في
الفكر الإسلاميّ أسمى
آيات الحبّ، وهو حبّ أهل
البيت, ولقد وصل هذا الحبّ
إلى أوجه في قضيّة كربلاء
وعاشوراء, وكذا في الحفاظ
على أغلى آثار التضحية
التي خلّفها الرجال
الإلهيّون للتاريخ والفكر
الشيعيّ في ذلك اليوم"11.
الإمام القائد: "إنه
إنسان عظيم طاهر منوّر,
لا يتطرق إلى شخصيته
الملكوتية أيُّ شائبةٍ أو
تردّد, نهض لتحقيق هدف
أجمع كلّ منصفي العالم
على سموّه وصحّته, وهو
إنقاذ الأمّة من الجور
والظلم والعدوان: "أيّها
الناس إنّ رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم قال:
من رأى منكم سلطاناً
جائراً (وهنا بيت
القصيد، فقد كانت فلسفة
حركة الإمام الحسين عليه
السلام محاربة الظلم)
يعمل في عباد الله بالجور
والطغيان أو بالإثم
والعدوان"...,12
إنّه من أقدس الأهداف
التي لا يمكن لذي إنصاف
إنكارها. مثلُ ذلك
الإنسان العظيم يتحمّل من
أجل تحقيق مثل هذا الهدف
النبيل أصعب أنواع الجهاد
هو الجهاد في الغربة، إذ
ليس من الصعب الموت وسط
ضجيج وأهازيج الأصدقاء
وإشادة عامّة الناس،
فعندما يصطفّ فريقان,
ويقف الرسول الأكرم أو
أمير المؤمنين في مقدّمة
جبهة الحقّ ليدعو إلى
مبارزة الأعداء, ويخرج
غلام
ملبيّاً الدعوة,
فيودّعانه بالدعاء,
ويمسحان على رأسه, ويرفع
المسلمون أيديهم له
بالدّعاء، ويتوجّه الغلام
بعد ذلك إلى ساحة القتال
ليجاهد ويستشهد، فهذا نوع
من الجهاد والإستشهاد،
ولكن ثمّة نوع آخر من
الجهاد، يتجلّى بخروج
الإنسان إلى ساحة المعركة,
والمجتمع, من حوله, ما
بين منكر عليه وغافل عنه
ومعاد له، وحتّى تلك
الفئة القليلة التي ترتاح
له قلوبهم تراها لا
تتجرّأ على إبداء
ارتياحها له ولمسيرته.
ففي عاشوراء الإمام
الحسين عليه السلام لم
يتجرّأ أمثال عبد الله بن
عبّاس وعبد الله بن جعفر
اللذين ينتميان إلى بني
هاشم وإلى تلك الشجرة
الطيّبة، لم يتجرّآ على
الوقوف في مكّة أو
المدينة وإطلاق شعارات
موالية للإمام الحسين
عليه السلام. لهذا وصف
جهاده عليه السلام
بالجهاد في الغربة وهو من
أصعب أنواع الجهاد،
الجميع أعداء له، والجميع
معرض بوجهه عنه حتّى
المقرَّبون منه. الإمام
الحسين عليه السلام يطلب
من أحدهم مساعدته، فيردّ
عليه: هاك جوادي استفد
منه، هل من غربة أكبر من
هذه؟ إنّه الجهاد في
الغربة، وفي هذا النوع من
الجهاد يفقد الإمام أعزّ
أحبّته أمام ناظريه،
أبناءه وأبناء إخوته
وإخوته وأبناء عمومته،
زهور بني هاشم تتساقط
الواحدة تلو الأخرى أمام
ناظريه، حتّى طفله الرضيع
لم يسلم من القتل، أضف
إلى كلّ ذلك أنّ الإمام
كان يعلم أنّه بمجرّد
استشهاده ستُسبى عياله
البريئة الطاهرة، حيث
ستتكالب الذئاب المتعطّشة
على الفتيات اليانعات لبث
الخوف والهلع في نفوسهنّ،
وسلب أموالهنّ وأسرهنّ
وإهانتهنّ، حتّى بنت أمير
المؤمنين زينب الكبرى
بشخصيّتها العظيمة كان
يعلم بأنّها ستتعرّض
للإهانة والتعذيب.
الإمام الحسين عليه
السلام كان يعلم بكلّ ما
سيحصل، إذاً تصوّروا ما
أصعب هذا الجهاد! ولو
أضفنا إلى ما سبق ذكره
عطشه وعطش عياله، الصبية
عطاشى، الصبايا عطاشى،
العجائز عطاشى، الطفل
الرضيع عطشان، هل أدركتم
الآن
مدى صعوبة هذا النوع من
الجهاد؟ مثل هذا الإنسان
العظيم الطاهر الذي
تتسابق ملائكة السماء
لمشاهدة نور وجهه
والتبرّك به، ويأمل
الأنبياء والأولياء أن
يكون لهم مثل مقامه، مثل
هذا الإنسان بكلّ تلك
المكانة والمنزلة,
يُستشهد في هكذا جهاد
وهكذا شدّة ومحنة، إنّها
واقعة لا يمكن لإنسان أن
يتعرّف عليها ويدرك
وقائعها ولا تهتزّ مشاعره
لها؟"13.
الإمام القائد: "كلامي
الثاني موجّه إليكم أنتم
المنشدين الأعزّاء, صحيح
أنّ العقلانيّة والفلسفة
والإستدلال تشكّل قواعد
الدّين، هذا لا شكّ فيه
على الإطلاق، إلّا أنّ
أيّاً من المباني
العقلانيّة والفلسفيّة
والحكميّة لا يمكن لها أن
تنمو أو أن تبقى في
التاريخ بدون أن تروى
بالعاطفة والإيمان القلبيّ.
هذه خصائص الأديان، هذا
ما يميّزها عن المذاهب
والإيديولوجيّات
والفلسفات الأخرى, فهي
تُصنع الإيمان, والإيمان
غير العلم، والإيمان غير
الاستدلال، والإيمان غير
الفلسفة، الإيمان أمر
قلبيّ, الإيمان والعاطفة
مكانهما واحد, الإيمان أي
إيداع القلب, هنا يبرز
دور القلب، لقد حفظت
العواطف مكانتها طوال
تاريخ الأديان على هذا
الشكل, لا يمكن لأيّ
فلسفة في حرب الفلسفات أن
تقاوم أمام فلسفة الأديان
وفلسفة التوحيد، بالأخصّ
أمام فلسفة كالفلسفة
الإسلاميّة المدوّنة.
إلّا أنّ المسألة ليست
على نحو التعلّم فقط, فإنّ
هناك الكثير ممّن يتقن
المبادئ والمفاهيم
الإسلاميّة ويعلمون بعض
الحقائق، إلّا أنّهم لم
يودعوا قلوبهم تلك
الحقيقة, هل تظنّون أنّ
حقّانيّة عليّ بن أبي
طالب لا يعلمها أولئك
الذين سمعوها عن رسول
الله صلى الله عليه وآله
وسلم؟ كانوا يعلمون,
ونقرأ في الروايات أنّهم
سمعوا ذلك يخرج من شفتي
رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم، كانوا يعلمون,
ولكن ما كانوا يفتقدونه،
هو الإيمان بذاك المعلوم،
الإيمان بما كانوا
يعلمونه: أي التسليم
القلبيّ"14.
الأمر السادس - تعميق
محبّة الناس لأهل البيت
عليهم السلام
الإمام القائد: "الناس
يمتلكون حبّاً إلّا أنّه
ينبغي أن يصبح عميقاً،
متجذّراً، جيّاشاً على
أثر ما تقرأون وما تقولون.
التشيّع هو مذهب المحبّة,
وخاصيّة المحبّة ممّا
يمتاز بها التشيّع, قلّما
تجد ديناً ومذهباً وطريقة
ترتبط بالمحبّة كما هو
موجود في مذهب التشيّع,
ولعلّ سبب بقاء هذا الفكر
حتّى اليوم- مع كلّ
المؤامرات التي واجهته-
هو أنّ له جذوراً عميقة
في المحبّة الخالصة, وهو
مذهب التولّي والتبرّي
والحبّ والعاطفة, حيث
اجتمعت كلّ هذه الأمور مع
الفكر, هذه أمور مهمّة
جدّاً، هو أصل ساحر وعجيب.
لو لم تكن المحبّة موجودة
في التشيّع لكان يجب
زواله من خلال العداء
الكبير الذي واجهه, إنّ
محبّتكم- أيّها الناس-
للحسين بن عليّ عليه
السلام، هي التي ضمنت
الحياة والبقاء للإسلام,
وهذا معنى ما قال الإمام:
"لقد حفظت عاشوراء
الإسلام", وهكذا الأمر في
ما يتعلّق بالأيّام
الفاطميّة وولادة ووفاة
الرسول صلى الله عليه
وآله وسلم والأئمّة عليهم
السلام, ينبغي تعميق هذه
المحبّة بين الناس بوساطة
فنّ الإنشاد والمديح,
أمّا الوسائل اللازمة
لهذا العمل، فهو الشعر
الجميل والصحيح"15.
|