الإمام القائد: "لقد
كنت ومنذ سنوات طويلة حيث
كانت تقام هذه الجلسات-
وقد مضى حتّى الآن أكثر
من عشرين سنة- ألتقي فيها
كلّ عامّ بالمنشدين
المحترمين في هذه الجلسة
السنويّة- منذ فترة
رئاستي للجمهوريّة، حيث
كانت تقام الجلسة سنويّاً-
كنت أتحدّث في كلّ عام
بكلمة حول الإنشاد
والمنشدين والذاكرين، فلا
أرغب بتكرار ذلك، ولكنّي
أودّ القول إنّ على
الأخوة المنشدين إدراك
أهميّة هذا العمل, فإذا
اّتضحت الأهميّة-
وبموازاة الأهميّة تكون
المسؤوليّة- يمكنهم عند
ذلك إدراك المسؤوليّة في
هذا العمل, ما معنى
المسؤوليّة؟ أي أنّنا
سنُسأل, نقرأ في دعاء
مكارم الأخلاق: "واستعملني
بما تسألني غداً عنه"1
ومعنى هذه الفقرة من
الدعاء، أنّك يا إلهي,
ستسألني غداً يوم القيامة،
فأعنّي كي أهيّئ الجواب
اليوم, لما تسألني عنه
غداً, فهناك إذاً
مسؤوليّة على عاتقنا,
فإذا كنّا سنُسأل، فلنعمل
ما يكون جواباً عن ذلك
السؤال.
إذا اتّضح هذا الأمر، عند
ذلك نذهب للبحث حول
كيفيّة تحقيق ذلك! إنّ
جميع
ما تكلّمنا به-
الكلام الذي ذكره الأشخاص
المسؤولون، العالمون،
الواعون والذي ذكره
المنشدون وأقاموا لأجله
الجلسات - هو من أجل
الجواب عن هذا السؤال:
ماذا ينبغي أن نفعل؟ هذا
السؤال يحتاج الجواب عنه
إلى كتاب"2.
الإمام القائد: "لقد
تحدّثت معكم مراراً بهذا
الموضوع, وهو أنّ رتبة
الإنشاد ومنبره هما من
أشرف المراتب, تحدّثنا
كثيراً حول هذا الموضوع،
ولا نرغب بتكرار ذلك,
واليوم- بحمد الله- فإنّ
إقبال الناس والشباب على
إنشاد المدّاحين، إقبال
جيّد, أنتم تشاهدون الناس
كيف يستقبلون أو يظهرون
علاقتهم ويقدّرون هذه
المجالس ويحتشدون فيها
ويتحدّثون عنها, ويقدّمون
المال لأجلها، فهذا يدلّ
على مكانة خاصّة وحسّاسة,
وإذا أصبح الموقع حسّاساً
ومهمّاً تصبح المسؤوليّة
أيضاً حسّاسة وخطيرة"3.
الأمر الأوّل - الوظائف
الشخصيّة للمنشدين
1- تهذيب النفس
الإمام القائد: "لمولوي4
تمثيل جميل، يقول فيه: إنّ
الماء الذي يستعمله الخلق،
يعطي بنفسه الطهارة ويضفي
عليهم الطراوة والنظافة,
بل هو يعطي الطهارة
للوجود بشكل عامّ، إلّا
أنّ هذا الماء بنفسه أيضاً
يحتاج إلى التطهير, وأمّا
الذي يعطي الطهارة للماء،
فهو تلك القوّة المودعة
في الخلقة الإلهيّة التي
اقتضت أخذه إلى الأعلى
وتحويله إلى غيوم وأمطار
ومياه صافية وطاهرة
ونقيّة ومن ثمّ يتمّ
إرجاعه إلى الأسفل, هذا
الماء هو بعينه الماء
السابق, إلّا أنّه أصبح
طاهراً, ففيه عمليّة
تصفية وتزكية ببركة
العروج والعلوّ والتبدّل
والاستحالة. ثمّ يضيف
مولوي
بأنّ أهل المعرفة
إذا فقدوا, بعض الأوقات,
هذين الاستحالة والعروج،
فإنّهم سيفقدون هذه
الثروة الثمينة, حتّى ولو
كانوا هم أنفسهم وسيلة
لطهارة ونزاهة وجمال
الآخرين, فينبغي لنا
أوّلاً, أن نسعى دائماً
لتصفية نفوسنا من الداخل
في كلّ حين, وهذا ما
يحتاج إليه الجميع ولا
فرق بينهم, وأنا أحتاج
إلى هذه التصفية
الداخليّة أكثر منكم,
وأنا الذي أحدّثكم بذلك,
ولا يحسبنّ أحد أنّ هذا
الكلام هو للمجاملات بل
الأمر هكذا حقيقةً. فإذا
لم نقم بهذه التصفية فإنّ
هذا الماء الذي كنتم
تغسلون به أيديكم ووجوهكم,
في يوم من الأيّام,
سيتحوّل بعد مدةٍ من
الزمن إلى ماءٍ غير صالحٍ
ولا يرغب الإنسان
بالاقتراب منه أو
استخدامه, لهذا ينبغي أن
نقوم بتصفية أنفسنا من
الداخل"5.
2- زيادة رأسمال المحبّة
لأهل البيت عليهم السلام
من خلال الارتباط العمليّ
بهم
الإمام القائد: "في
حديثنا مسألتان، أمّا
الأولى: فينبغي أن لا
نكتفي بالمحبّة من بعيد
أو الإحساس بالمحبّة، هذا
الإحساس الذي نستعمله
عادة في الحياة, لو لم
توجد المحبّة، لن تكون
هذه الرابطة العمليّة
موجودة, وفي ظلّ تلك
المحبّة يمكن إيجاد هذا
الارتباط العمليّ، وإذا
فُقد هذا الاتصال العمليّ،
أصبح أصل تلك المحبّة محلّ
إشكال, ﴿قُلْ
إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ
اللّهَ فَاتَّبِعُونِي
يُحْبِبْكُمُ اللّهُ﴾6, ويلحق بالمحبّة
الطاعة والاتّباع.
أمّا المسألة الثانية
فتتعلّق بكــم، أنتــــم
المنشديــــن وذاكري
فضائل أهــــل البيـــــت
عليهم السلام، أكثر الناس
قدرةً على وصل حلقة العمل
بحلقة المحبّة فتساهمون
في إيجاد سلسلة واقعيّة.
فما دام الشخص بعيداً عن
أهل المحبّة، فلا يمكنه
دخول هذا الوادي الذي
أنتم فيه, وأمّا الذي
يتمكّن من وضع قدمه فيه،
فلا بدّ أن تكون جذور
المحبّة والاستعداد
والقابليّة موجودة فيه.
إنّ مسؤوليّة كلّ إنسان
هي زيادة
رأسماله في هذا
المجال, فاعملوا على
زيادة رأسمال المحبّة
والمعرفة عندكم. وعلى كلّ
شخص منّا وفي أيّ مرتبة
من المراتب أن يعمل على
الرفع من مستواه وإلّا
فإنّه سيخسر, أيّها
الأخوة! إنّ هذا الرأسمال
المعنويّ هو كالرأسمال
المادّي حيث قد ينتهي
وينفد, فإن لم تضيفوا
إليه، فسيؤول إلى النهاية
والنفاد... إنّ أصل
المسألة هو أنّكم تفجّرون
تلك المحبّة من داخلكم
وتستفيدون من كلمات
الآخرين وأشعار الشعراء
والأناشيد الجميلة،
والبعض منكم يعدّ وينظم
أناشيدكم أيضاً لذا
فاعلموا أنّ دوركم كبير
وكبير جدّاً"7.
3- ضرورة معرفة الدور
الخاصّ في المواجهة
الثقافيّة
الإمام القائد: "اليوم
تقوم كافّة مراكز وأقطاب
القوى الفكريّة
والإعلاميّة في الدنيا
بالتخطيط للقضاء على هذه
الجذور المحكمة في هذه
الأرض, وعلى هذا الإيمان
الإسلاميّ، والالتزام
الإسلاميّ والقرآنيّ,
وهذه القلوب المؤمنة.
أنتم تجلسون هنا،
وتتصوّرون أنّ الحياة
تسير, لا أيّها السادة!
هناك حرب، حرب واقعيّة،
يقف في أحد أطرافها هذا
النظام وهذا المجتمع،
ومفكّروه والفعّالون فيه
في مختلف المجالات ومن
جملتهم أنتم المنشدين،
وفي الطرف المقابل يقف
الذين يرغبون باقتلاع
جذور هذا الإيمان من هذه
الأرض المقدّسة, ومن هذه
القلوب الطاهرة؛ لأنّهم
قد أدركوا أنّ ذلك النظام
وذاك البناء الذي أسّس
على تلك الشاكلة، لا
يتّفقا مع منافعهم
ومصالحهم الظالمة،
وأدركوا أيضاً أنّ ذانك
النظام والبناء لن يسكتا
على التعدّي والسعي إلى
السيطرة اللذين تمارسهما
القوى الاستكباريّة. لذلك
فهم يعملون بمختلف أنواع
الحيل والخداع على إفراغ
قلوب الناس من الفكر
التوحيديّ، والفكر
الولائيّ، ومحبّة أهل
البيت عليهم السلام،
والقرآن، والتمسّك
بالمباني الدينيّة
والغيرة عليها، والالتزام
بمواجهة الظلم وقبح الرضا
به.
إنّ الهدف والغاية اللذين
يعملون لأجلهما هما زعزعة
الأسس الفكريّة الثابتة
والمتجذّرة في قلوب هؤلاء
الناس وعقولهم وأرواحهم،
والتي تهديهم إلى الصراط
المستقيم.
إنّ هذه الأموال التي
يقولون إنّهم يصرفونها
لأجل هذا العمل، فهم لا
يصرفونها لأجل القذائف
والرصاص، بل المقدار
الأكبر من مصاريفهم
يتوجّه إلى هذه الأعمال
الإعلاميّة والثقافيّة
بأشكال متنوّعة. طبعاً
هناك مقاومة واضحة من هذه
الجهة, لا بل هناك هجوم
أيضاً, وعلى هذا الأساس
هناك حرب دائرة. في هذه
الحرب توجد مسؤوليّة
ثقيلة واقعة على عاتق
جماعة من الناس لها علاقة
وارتباط بإيمان الناس
وقلوبهم ومعارفهم. واسم
الأئمّة المبارك وأهل
البيت، في هذه الحرب،
مسؤوليّة ثقيلة, أيّها
الأخوة الأعزّاء، اعرفوا
هذه الوظيفة بشكل صحيح
واستفيدوا منها بشكل صحيح"8.
الأمر الثاني - وظائف
المنشدين بالنسبة إلى
مخاطَبيهم
1- زيادة إيمان المخاطب
الإمام القائد: "لنفكّر
عندما نقرأ الشعر أنّ
إيمان المخاطب يجب أن
يزداد, ولذلك فلا نقرأ كلّ
شعر، ولا نقرأ كيف ما كان,
علينا أن نقرأ بطريقة
يكون فيها أثر لمجموع
اللفظ والمعنى واللحن, في
سبيل أيّ شيء؟ لأجل زيادة
إيمان المخاطب, طبعاً هذا
أمر يسهل قوله ولكن
تنفيذه صعب. نعم أنتم
تملكون القدرة على العمل,
أنتم تمتلكون أصواتاً
جميلة وتتمتّعون بحافظة
حسنة وتتحلّون بقوّة
ونشاط جيّدين، لذلك
يمكنكم القيام بالأمور
التي تحدّثت عنها"9.
2- شكر نعمة ولاية أهل
البيت عليهم السلام
الإمام القائد: "عندما لا
تكون النعمة بيد الشخص،
فلا يسأل عنها لعدم
وجودها, ويُسأل الشخص
عنها إذا وجدت في يده,
ومن أكبر النعم، نعمة ذكر
الحسين بن عليّ عليه
السلام، أي نعمة مجالس
العزاء ونعمة محرّم
وعاشوراء، في مجتمعنا
الشيعيّ. للأسف إنّ بعض
المسلمين غير الشيعة لم
يستفيدوا من وجود هذه
النعمة، إلّا أنّهم
يمكنهم ذلك، مع العلم أنّ
بعض المسلمين غير الشيعة
يقيمون مجالس محرّم
وعاشوراء في أماكن
متفرّقة، وإن كان ذلك
الأمر غير رائج بينهم كما
ينبغي ويُرجى, وبما أنّ
إحياء محرّم وعاشوراء
والإمام الحسين عليه
السلام رائج بيننا، فما
هي الفائدة التي ينبغي أن
نحصل عليها من هذا الذكر
وهذه المجالس؟ وكيف يكون
شكر هذه النعمة؟"10.
الإمام القائد: "نشكر
الله تعالى كثيراً على
نعمة ولاية السيّدة
الزهراء والصدّيقة الكبرى-
وقد أشار بعض الأخوة
المدّاحين في أشعاره إلى
هذا المعنى- ونشكر الله
تعالى على معرفتنا بها،
وتوسّلنا بذيل عنايتها,
ونشكر الله على معرفتنا
بنعمة وجودها، وطلبنا
المعرفة منها، ومحبّتنا
لها. يجب الحفاظ على هذه
النعم الإلهيّة الكبرى"11.
3- ملء الفراغ العلميّ-
الأخلاقيّ والسياسيّ
الإجتماعيّ- عند الشباب
الإمام القائد: "فتّشوا
بين جيل الشباب- سواء
الفتيات أو الفتية-
وانظروا ما هو الفراغ
المعرفيّ الذي يعاني منه
مجتمعكم، وما هي العناصر
الأخلاقيّة البنّاءة التي
يتألّم بسبب فقدانها.
فتّشوا عن ذلك العنصر
الأخلاقيّ في الوجود
الطاهر لفاطمة الزهراء
عليهاالسلام وفي فضائل
أهل البيت عليهم السلام،
واجعلوه بلغة الشعر
وقدّموه للناس, ابحثوا عن
الدرس الذي نحتاج إليه في
حياتنا السياسيّة
والإجتماعيّة،
واستخرجوه
من حياة أولئك العظماء
وبالأخصّ من هذه العظيمة،
ووضّحوه بلغة الشعر. هذه
أمور مهمّة ولازمة"12.
4- عدم الاكتفاء بمحبّة
أهل البيت عليهم السلام
وضرورة استلهام الدروس من
أولئك العظماء
الإمام القائد: "لا
ينبغي أن نراوح مكاننا في
عظمة السيّدة الزهراء,
ومن ثمّ نتساءل: كيف
يمكننا توضيح هذه العظمة؟
وهل نتوسّل الشعر أو
النثر أو الكلام؟ لا
ينبغي ذلك، فنحن نحتاج
إلى تلك العظمة, إنّ تلك
الشمس المضيئة والساطعة
ترسل شعاعها إلى جميع
موجودات العالم, وقد وصل
شيء من شعاعها إلى داخل
منازلنا، ينبغي لنا أن
نفكّر في كيفيّة
الاستفادة منها. إنّ تلك
الشمس عالية جدّاً، ولا
يصحّ أن نجلس ساعات طويلة
نتحدّث في وصف تلك الشمس -
التي لا نعلم ما هي ولا
يصل ذهننا إليها - ونقرأ
الشعر فيها، ثمّ لا نذهب
للجلوس تحتها ليحظى بدننا
بدفئها وينمو جسمنا
وتستمرّ حياتنا,13 لأنّ
شأن أولئك العظماء عالٍ
وعالٍ جدّاً...
لا يكفي مجرّد المديح-
الذي تكون ألفاظه بعض
الأحيان مبهمة، فلا
المستمع يفهم المراد بشكل
صحيح ولا المتكلّم - نحن
ينبغي أن نظهر حبّنا،
وإظهار المحبّة كمالٌ لنا،
"مادح الشمس يمدح نفسه"
مع العلم أنّه لا ينبغي
الاكتفاء بذلك, نحن يجب
أن نتطلّع اليوم إلى
الدرس الذي يمكن أن
نتعلّمه من هؤلاء العظماء.
وفي هذا الإطار يكون
للمبلّغ وظيفة، وللفنّان
وظيفة، وللسينمائيّ وظيفة،
ولمعدّي التلفزيون وظيفة،
وللمنبريّين وظيفة،
وللمنشدين في الاجتماعات
وظيفة. أريد القول إنّ
عليكم البحث عن وظيفتكم
إلى جانب هذه الوظائف
الثقيلة الملقاة على
عاتقنا جميعاً. هذه هي
وصيّتي دائماً للإخوة
الأعزّاء"14.
الإمام القائد: "إنّ
الروايات الموجودة في "الكافي"
الشريف وبعض الكتب الأخرى
في باب علامات الشيعة،
ناظرة إلى هذه المسألة،
أي أنّ على الشيعة أن
يعملوا على هذا النحو,
ينبغي علينا أن نظهر
نهجهم- ولو بشكل ضعيف- من
خلال سلوكنا في الحياة،
فأين نحن وأين أولئك
العظماء؟ من الواضح أنّنا
لا نصل إليهم، إلّا أنّه
ينبغي علينا التشبّه بهم -
فلا يمكن أن نسير في
الطريق المقابل لنهج أهل
البيت عليهم السلام ثمّ
ندّعي أنّنا من الموالين
لهم!15 فهل يعقل ذلك؟
تصوّروا شخصاً يعيش في
زمان إمامنا العظيم،
ويتّبع أعداء هذه الأمّة-
ممّن كان الإمام ينتقدهم
دائماً- فهل يتمكّن هذا
الشخص الإدعاء بأنّه تابع
للإمام؟! وإذا صدر هذا
الكلام عن شخص، ألا
تضحكون منه؟! وهذا نفسه
ينطبق على مسألة أهل
البيت عليهم السلام"16.
الإمام القائد: "إنّ
بناء الحقّ ينبغي أن
يرتفع, ولا تتصوّروا أنّ
زوال الباطل، يجعل الحقّ
يظهر في العالم من تلقاء
نفسه ومن دون جهد، بل إنّ
باطلاً آخر سيأتي ويحلّ
مكان الأوّل إلّا إذا
تمكّن الحقّ من فرض وجوده
كما هو عليه. إنّ الباطل
يتوالى واحداً بعد الآخر,
يزول واحد ويأتي الآخر,
فالزوال هو طبيعة الباطل,
ولكن لا يحسبنّ أحد أنّ
زوال الباطل قد يؤدّي إلى
وجود الإسلام والحقّ في
العالم من دون جهد ومشقّة،
ومن دون توضيح وتبيين,
ومن دون أن نتحمّل
المتاعب والصعاب، إنّ هذه
القضيّة مرتبطة بما
نؤدّيه جميعاً.
بناءً على ما تقدّم،
ينبغي استلهام مثل هذه
الدروس من أهل البيت
عليهم السلام وينبغي
إيصالها أيضاً إلى الناس،
وتربيتهم عليها، ليحلّ
الحقّ الأصيل محلّ الباطل"17.
5- تقوية وتوجيه الجانب
العاطفيّ اتجاه الأئمّة
عليهم السلام
الإمام القائد: "إنّ
عاطفة شعبنا وارتباطهم
بالأئمّة عليهم السلام
ومحبّتهم لهم،
حيث يفرحون
لفرحهم ويحزنون لحزنهم،
هو أمر بالغ الأهميّة,
ويقع على عاتق الأشخاص
الفاعلين في هذا المجال-
ومنهم مجموعة المنشدين
المحترمين- حفظ هذا الأمر
وتقويته وتصفيته وتهذيبه
وتوجيهه وهدايته"18.
6- تقديم المحتوى
المليء بالفائدة في كافّة
المجالس
الإمام القائد: "إنّ
المسؤوليّة والوظيفة
الكبرى لمجموعة المنشدين
هما تقديم مطالب غنيّة
المحتوى والمضمون, وطرحها
بأسلوب صحيح، سواءٌ كانت
في المصيبة والعزاء أو
المديح والأفراح, فينبغي
أن تندرج المطالب بأشكال
وقوالب متنوّعة"19.
الإمام القائد: "ينبغي
على الشخص الذي يقوم بعمل
الإنشاد أن يرى نفسه على
المنبر معلّماً، ويرى
المستمعين أشخاصاً يريدون
تعلّم شيء منه, فعلى
الشخص أن يرتقي المنبر
بهذا القصد وبهذه النيّة.
بعض المنشدين يمتلك صوتاً
جميلاً إلّا أنّ المستمع
لا يتعلّم أيّ شيء منه،
والبعض الآخر, على العكس،
ينشد شعراً فنتعلّم منه,
وأفضل ما نتعلّمه هو ما
نحتاج إليه. في بعض
الأوقات نعمد إلى مدح
الأئمّة بكلمات سريعة
متتالية بحيث لا يتمكّن
المستمع من فهم معناها
ولا فهمها, فإنّها لا
تكسبه أيّة معرفة جديدة.
إنّ العمل بهذا النحو ليس
له قيمة مهمّة, ولكن في
بعض الأوقات ينهض المنشد
ليقرأ، فيعطينا درساً من
سيرة فاطمة الزهراء
عليهاالسلام أو درساً من
سيرة أمير المؤمنين عليه
السلام وسيرة الإمام
الحسين عليه السلام،
والنتيجة وضوح الطريق
أمامنا, وهذا شيء كثير
الأهميّة"20.
أ- تبيين المعارف
الدينيّة
الإمام القائد: "ينبغي
على من يقوم بتهيئة هذه
الأمور (المراثي، المدائح،
النواح، اللطم) وإنشادها
وقراءتها، الدقّة في
كونها مطابقة للمعارف
الإسلاميّة،
ليكون هذا
اللطم وهذه المراثي
والنواح، خطوة في طريق
عروج البشر نحو أوج
الأفكار الإسلاميّة, هذا
ما نحتاج إليه اليوم"21.
الإمام القائد: "إنّ
هذه الحسينيّات والمجالس
الحسينيّة ومواكب اللطم
الدينيّة تُعدّ منبراً
تبليغيّاً مهمّاً ومن
خلاله يمكن تبيين أعلى
المعارف وأمسّها حاجةً
وأكثرها أولويّة"22.
الإمام القائد: "لا
ينبغي الإنشاد لمدّة ساعة
في جلسة يحضرها خمسمائة
أو ألف أو عشرة آلاف شخص،
ثمّ لا يقدّم لهم شيئاً,
فأنتم تتمكّنون, في هذه
الساعة, من تقديم مسائل
متعدّدة بوساطة الشعر
الجيّد"23.
ب- الاهتمام بتبيين
الحاجات المعاصرة
الإمام القائد: "ينبغي
علينا أن نعرف أنّ فاطمة
الزهراء عليهاالسلام لو
حضرت اليوم, بيننا لمدّة
ساعة أو ساعتين, فأيّ شيء
ستطلب منّا؟ إلى أيّ طريق
ستشير إليه وتقول لنا:
اسلكوا هذا الطريق؟ ينبغي
أن نتابع هذا الأمر
ونلاحظ ذلك في البيان
والتعليم والمعرفة التي
نرغب إيصالها إلى الناس,
وبالتالي الإجابة عن
حاجات العصر"24.
الإمام القائد: "أعتقد
أنّه لو حاول شعراؤنا
الأعزّاء - كما هو الحال
اليوم في الإنشاد الجمعيّ
وفي بعض الأشعار التي
قرأها السادة- توضيح
المعارف التي يحتاج إليها
مجتمعنا بوساطة اللفظ
والمعنى, ليحصل التعلّم
من مدرسة فاطمة الزهراء
عليهاالسلام، ثمّ يقوم
المنشد بتقديمها بصوت
جميل ولحن مناسب، فإنّ
هذا سيكون من أفضل أنواع
التبليغ والإعلام، وهذا
يعني أن يتجلّى ويظهر "دعبل"
و"الفرزدق" و"الكميت" في
هذا الوقت, وأمّا من حيث
القيمة نفسها فتحمل معها
أجراً إلهيّاً كبيراً"25.
ج- تخصيص قسم من الأبيات
الشعريّة للوصايا
الأخلاقيّة
الإمام القائد: "لا
ينبغي أن يكون المنبر
الذي تقفون عليه لمدّة
عشر أو عشرين دقيقة خالياً
من المعارف, وقد لاحظت
هذا العام أنّ بعض
المنشدين قد تنبّه إلى
هذه المسألة في شهر محرّم
والأيّام الفاطميّة.
حاوِلوا, في البداية,
تخصيص فصل من إنشادكم
للنصيحة, أو توضيح
المعارف بلغة الشعر
الجذّابة, وقد كانت عادة
الإنشاد القديم تقوم على
هذا الأمر، وقد تضاءل هذه
الأيّام, كان المنشد يقرأ
عشرة أبيات- أو أقلّ أو
أكثر- من قصيدة تتضمّن
فقط نصائح وأموراً
أخلاقيّة، وكانت الألفاظ
المستعملة جذّابة جميلة،
فيفهمها الناس وتؤثّر
فيهم"26.
الإمام القائد: "حافظوا
على الارتباط العاطفيّ
للناس بالأئمّة عليهم
السلام حيث تشكّل المسائل
الأخلاقيّة جزءاً منه. في
إحدى المرّات تحدّثت
إليكم, في هذا المكان, عن
بعض الغزليّات- كغزليّات
صائب- التي تتحدّث عن
قضايا ومسائل معنويّة
وأخلاقيّة, وقد قرأت لكم
أيضاً, في ذلك الوقت,
نماذج منها, وهذا يدلّنا
على أهميّة وقيمة العمل
الذي تزاولونه. فإنّ
الشاعر والمدّاح والمنشد
الذي يقرأ ذلك النوع من
الأشعار سوف يترك أثراً
كبيراً، وإن شاء الله
تعالى سيبذل الأخوة جهدهم
في هذا المجال"27.
د- توضيح المسائل
العمليّة في حياة أهل
البيت عليهم السلام
الإمام القائد: "ينبغي أن
نعرض سيرة أمير المؤمنين
عليه السلام بطريقة
المقايسة بينه وبين
أعدائه في التاريخ وفي
الوقت الحاضر, ليس من
السهل أن يكون
الشخص
حاكماً ويمتلك أزمّة
الأمور بيده- بيت المال
والسيف والسلطة- أمّا
حياته الشخصيّة فتكون على
شاكلة أن يحدّث أصحابه
قائلاً: "ألا وإنّكم لا
تقدرون على ذلك"28, أو أن
يكون طعامه على نحو خاصّ
بحيث يسأل أحدهم قنبراً:
لماذا تقدّم خبز الشعير
اليابس لهذا الرجل؟ فيجيب
قنبر ليس أنا من يريد ذلك
بل هو من أراد, هو الذي
كان يضع خبز الشعير داخل
كيس ثمّ يغلقه, وكان في
بعض الأحيان يختمه ليحتفظ
به لنفسه لئلّا يخلطه
أحدهم بالسكّر أو الزيت
أو غيره، "ألا وإنّ
إمامكم قد اكتفى من دنياه
بطمريه ومن طعامه بقرصيه"29, هكذا كانت حياته عليه
السلام وهكذا ينبغي عرضها
أمام الناس.
وأمّا الأشخاص الذين
يدّعون اليوم الدفاع عن
المظلومين والمستضعفين
والشعوب والحرّيّات وحقوق
الإنسان فكيف هي سيرتهم؟
ألا يوجد فقراء ومحتاجون
في مجتمعاتهم؟ أليس هناك
أناس ينامون وبطونهم
خالية؟ تحدّثوا عن هذه
الأمور وبيّنوها للناس.
اليوم بإمكانكم توضيح هذه
القضايا بشكل جيّد, وكذلك
جهاد أمير المؤمنين, فهو
أمر مهمّ جدّاً, كان
الإمام ومنذ مرحلة
الطفولة- أي منذ سنّ
الحادية عشرة أو الثالثة
عشرة- وحتّى نهاية عمره
الشريف، يحارب أعداء الله
تعالى ويقدّم التضحيات
حتّى استشهد في هذا
الطريق, كم هو جميل أن
يتمكّن الشاعر من توضيح
هذه القضايا, وكم هو جميل
أن يتمكّن المنشد من
إيصالها إلى أذهان الناس
وأعماق قلوبهم"30.
الإمام القائد: "أعزّائي،
أنتم بلابل الروضة
الفاطميّة ومدّاحو أهل
البيتعليهم السلام
والمروّجون لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا
يُرِيدُ اللَّهُ
لِيُذْهِبَ عَنكُمُ
الرِّجْسَ أَهْلَ
الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ
تَطْهِيرًا﴾31، حاولوا وبكلّ ما أوتيتم
من قوّة، الالتفات إلى
هذه الأمور,
واستفيدوا من
أناشيد بعض المنشدين
الماهرين, واليوم واقعاً
فقد أنشدتم أشعاراً جيّدة
ورائعة وكذلك مضامينها
فإنّها ممتازة ولا نقص
فيها, حاولوا أن تقدّموا
للناس الأشعار التي تحمل
مضموناً بنّاءً وهادياً
وموجّهاً، ولا يكفي أن
نقول إنّ هذا النجم ساطع
مضيء، بل ينبغي أن نهتدي
بنور ذلك النجم، وإن كان
كلّ ما عندنا من أنوار,
هو شعاع من ذلك النور
الذي لا يمكن وصفه"32.
هوامش |
1- الصحيفة السجّاديّة،
الدعاء 20.
2- من كلام له بمناسبة
ولادة السيّدة الزهراء
عليها السلام 14/4/86 هـ.
ش.
3- من كلام له بمناسبة
ولادة السيّدة الزهراء
عليها السلام 5/5/84 هـ.
ش.
4- المولوي: محمّد بن
محمّد بن حسين بن بهاء
الدّين البلخيّ, (1207-
1273) المعروف بمولانا
جلال الدّين الروميّ. هو
أديب وفقيه ومنظِّر
وقانوني صوفيّ, عرف
بالروميّ لأنّه قضى معظم
حياته لدى سلاجقة الروم
في تركيا الحاليّة, وهو
مؤلّف ديوان المثنوي.
5- لقاء الإمام القائد مع
مجموعة مدّاحي أهل البيت
عليهم السلام بمناسبة
ولادة السيّدة الزهراء
عليها السلام 10/10/69
هـ. ش.
6- سورة آل عمران الآية
31.
7- لقاء الإمام القائد مع
مجموعة مدّاحي أهل البيت
عليهم السلام بمناسبة
ولادة السيّدة الزهراء
عليها السلام 10/10/69
هـ. ش.
8- من كلام له بمناسبة
ولادة السيّدة الزهراء
عليها السلام 14/4/86 هـ.
ش.
9- المصدر نفسه.
10- من كلام له في لقاء
جمع من علماء محافظة
"كهگيلويه وبوير أحمد"
على أعتاب شهر محرّم
17/3/73 هـ. ش.
11- من كلام له بمناسبة
ولادة السيّدة الزهراء
عليها السلام 14/4/86 هـ.
ش.
12- من كلام له في لقاء
جمع من المدّاحين بمناسبة
ولادة السيّدة الزهراء
عليها السلام 17/5/83 هـ.
ش.
13- "لا تدعوا العمل
الصالح والاجتهاد في
العبادة اتّكالاً على حبّ
آل محمّد صلى الله عليه
وآله وسلم لا تدعوا حبّ
آل محمّد صلى الله عليه
وآله وسلم والتسليم
لأمرهم اتكالاً على
العبادة، فإنّه لا يقبل
أحدهما دون الآخر".
(المجلسي, بحار الأنوار،
ج 75، ص 346).
14- من كلام له في لقاء
جمع من المدّاحين بمناسبة
ولادة السيّدة الزهراء
عليها السلام 17/5/83 هـ.
ش.
15- الجعفيّ عن الباقر
صلوات الله عليه قال: "يا
جابر, بلّغ شيعتي عنّي
السلام, وأعلمهم أنّه لا
قرابة بيننا وبين الله
عزَّ وجلَّ, ولا يتقرّب
إليه إلّا بالطاعة له, يا
جابر, من أطاع الله
وأحبّنا فهو وليّنا ومن
عصى الله لم ينفعه
حبّنا". (المجلسي, بحار
الأنوار، ج 68، ص 179).
16- من كلام له في لقاء
مدّاحي أهل البيت عليهم
السلام بمناسبة ولادة
السيّدة الزهراء عليها
السلام 5/10/70 هـ. ش.
17- المصدر نفسه.
18- من كلام له في لقاء
ذاكري ومدّاحي أهل البيت
عليهم السلام بمناسبة
ولادة السيّدة الزهراء
عليها السلام 28/10/68
هـ. ش.
19- من كلام له في لقاء
مجموعة المدّاحين بمناسبة
ولادة السيّدة الزهراء
عليها السلام 17/5/83 هـ.
ش.
20- من كلام له في لقاء
جمع من مدّاحي أهل البيت
عليهم السلام بمناسبة
ولادة السيّدة الزهراء
عليها السلام 18/6/80 هـ.
ش.
21- من كلام له في لقاء
جمع من العلماء والطلّاب
على أعتاب شهر محرّم
26/3/72 هـ. ش.
22- من كلام له في لقاء
أعضاء مجلس خبراء القيادة
27/12/83 هـ. ش.
23- من كلام له في لقاء
جمع من مدّاحي أهل البيت
عليهم السلام بمناسبة
ولادة السيّدة الزهراء
عليها السلام 18/6/80 هـ.
ش.
24- المصدر نفسه.
25- من كلام له في لقاء
جمع من مدّاحي أهل البيت
عليهم السلام بمناسبة
ولادة السيّدة الزهراء
عليها السلام 18/6/80 هـ.
ش.
26- المصدر نفسه.
27- من كلام له في لقاء
جمع من ذاكري ومدّاحي أهل
البيت عليهم السلام
بمناسبة ولادة السيّدة
الزهراء عليها السلام
28/10/68 هـ. ش.
28- نهج البلاغة، الرسالة
45.
29- المصدر نفسه.
30- من كلام له في لقاء
جمع من ذاكري ومدّاحي أهل
البيت عليهم السلام
بمناسبة ولادة السيّدة
الزهراء عليها السلام
28/10/68 هـ. ش.
31- سورة الأحزاب الآية
33.
32- من كلام له في لقاء
جمع من المدّاحين بمناسبة
ولادة السيّدة الزهراء
عليها السلام 3/9/73 هـ.
ش.
|
|
|
|