الإمام القائد: "المقولة
الأخرى التي يمكن الحديث
عنها, بمناسبة محرّم, هي
أنّ مراسم عزاء الإمام
الحسين عليه السلام وفضل
إحياء ذكرى عاشوراء، من
أهمّ ما يميّز الشيعة من
سائر إخوانهم المسلمين،
فمنذ أن أصبحت ذكرى مصيبة
الإمام الحسين عليه
السلام سُنَّةً يُعمل بها،
تفجّرت الفيوضات
والمعنويّات في قلوب
وأذهان محبّي أهل البيت
عليهم السلام، وما زالت
تتفجّر إلى يومنا هذا,
وستبقى كذلك بفعل ذكرى
عاشوراء"1.
الأمر الأوّل - تربية
الإنسان كما يريده
الإسلام
الإمام الخمينيّ:
"إنّهم لا يدركون أنّ هذه
المجالس وهذا البكاء
يهذّب ويصنع الإنسان
الصالح! إنّ مجالس العزاء
هذه لسيّد الشهداء عليه
السلام إنّما هي إعلام ضدّ
الظلم والطاغوت"2.
الإمام القائد: "ينبغي
أن تشير هذه المجالس إلى
هذه الأمور
(القرآن
والدّين
والمعارف التي ضحّى
الإمام الحسين من أجلها),
قارنوا هذه المسألة بذلك
المجلس الذي يجلس فيه
المستمع لمدّة ساعتين
يستمع لما يقال من
البداية إلى النهاية
ولكنّه لا يحصل على شيء.
إنّ بعض المجالس على هذا
النحو، لذلك لا يكفي شكل
ومظهر المجلس، بل ينبغي
أن تكون روح المجلس تحمل
هذا المعنى أيضاً, كيف
يتحقّق هذا الأمر؟
... ينبغي أن تكون
خطاباتكم ومنابركم بنّاءة،
فإذا حضر شخص إلى مجلسكم
مدّة ثلاث سنوات, مثلاً،
فلا ينبغي أن يخرج في
نهايتها كالعوام. ينبغي
أن يخرج وهو يمتلك فهماً
ووعياً وإدراكاً. ينبغي
أن يكون المنبر وسيلة
لبناء الإنسان وبناء
الفكر... ينبغي أن يتحرّك
الخطيب, من بداية اليوم
الأوّل حتّى يوم العاشر،
أو في الجلسات الأسبوعيّة
التي يشارك فيها، على
أساس خطّ ونهج واضح،
وكأنّه في صفّ تدريسيّ..."3.
الأمر الثاني - إيجاد
روحيّة الجهاد والشهادة
الإمام الخمينيّ:
"إنّ مجالس العزاء
والرثاء هذه لسيّد
المظلومين, الذي ضحّى
بروحه وأولاده وأصحابه,
في سبيل الله ولرضاه،
والحديث عن الظلم الذي
تعرّض له، هي التي خرّجت
هؤلاء الشباب الذين
يتوجّهون إلى الجبهات
ويطلبون الشهادة ويفتخرون
بها، ويحزنون لحرمانهم
منها، وهي التي تصنع تلك
الأمّهات اللّاتي يفقدنَ
أبناءهنَّ ثمّ يُظهرن
الإستعداد لتقديم أبنائهنَّ
الآخرين. إنّ مجالس سيّد
الشهداء ومجالس الدعاء
مثل دعاء كميل وغيره من
الأدعية, هي التي تصنع
هذا الشعب على هذه
الشاكلة. وقد شيّد
الإسلام, منذ البداية,
هذا الأساس بحيث يمضي إلى
الأمام بهذه العقيدة
وبهذا البرنامج, وإذا ما
فهموا حقّاً ما
هي القضيّة، وما هو الهدف
من مراسم العزاء، ولماذا
اكتسب هذا البكاء كلّ هذه
القيمة والأجر عند الله،
فحينئذٍ سوف لا ينعتوننا
بأنّنا أمّة البكاء بل
يعتبروننا شعب الملاحم"4.
الإمام الخمينيّ:
"إنّ شعبنا ضحّى في سبيل
الله بدءاً من الطفل ذي
الستّة الأشهر وانتهاءً
بالشيخ العجوز ابن
الثمانين، وهو بذلك يقتدي
برجل التاريخ العظيم سيّد
الشهداء عليه السلام.
لقد علّمنا سيّد الشهداء
ما ينبغي فعله في مواجهة
الظلم والجور والحكومات
الجائرة. فمنذ البداية
كان-سلام الله عليه- يعلم
طبيعة الطريق الذي اختاره,
وأنّه ينبغي له التضحية
بجميع أهل بيته وأصحابه
من أجل الإسلام. ولكنّه
كان يعلم ثمرة هذه
التضحيات ونتائجها
الطيّبة. ولو لم تكن هذه
النهضة، نهضة الإمام
الحسين عليه السلام,
لتسنّى ليزيد وأتباعه
خداع الناس وتعريفهم
بالإسلام بشكل مقلوب, إذ
إنّهم لم يكونوا يؤمنون
بالإسلام منذ البداية,
وكانوا يضمرون الحقد على
أئمّة المسلمين ويحسدونهم.
إنّ تضحيات سيّد الشهداء
وأهل بيته وأصحابه، هزمت
الحكم الأمويّ، إذ لم يمض
وقت طويل حتّى تنبّه
الناس إلى عظمة الفاجعة
والمصيبة التي ارتكبت بحقّ
آل بيت الرسول صلى الله
عليه وآله وسلم، وقد أدّى
ذلك إلى قلب الأوضاع ضدّ
بني أميّة, إضافة إلى ذلك
فإنّ واقعة كربلاء قد
علّمت الإنسانيّة على مرّ
التاريخ بأنّ طريق العزّ
والكرامة هو هذا ولا شيء
سواه، وعلّمتهم أن لا
يخافوا من قلّة العدد،
لأنّ الأرقام لا طائل
منها, بل المهمّ هو نوع
الأرقام، فإنّ الكمّ قد
يكون كبيراً, ولكن من
ناحية الكيف ناقص, أو هو
لا شيء, وبالعكس قد يكون
العدد قليلاً ولكن
الكيفيّة عالية وعظيمة"5.
الإمام الخمينيّ:
"لقد أوضح لنا سيّد
الشهداء واجبنا: أن لا
نخشى قلّة العدد في ميدان
الحرب، وأن لا نهاب
الشهادة, فكلّما سما عقل
الإنسان وهدفه، زادت
معاناته بالمقدار نفسه...
إنّنا لا نستطيع أن
نستوعب حجم هذا الإنتصار,
غير أنّ العالم سيدرك في
ما بعد حجم الإنتصار الذي
حقّقته أمّتنا، يجب أن
نتوقّع حجم المصائب
والمعاناة التي ستواجهها
الثورة بمقدار عظمة ذلك
الإنتصار الذي حصل,
وبمقدار هذا الجهاد الذي
نقوم به, علينا أن لا
نتوقّع أن تكفّ القوى
الكبرى- التي فقدت
مصالحها في هذا البلد,
وإن شاء الله ستفقدها في
المنطقة- عن إيذائنا,
وخلق المتاعب لنا. علينا
أن لا نتوقع- بعد هذا
الإنتصار العظيم- أن نكون
في مأمن من مؤامرات
الأعداء, ونحن أيضاً, كما
كنّا في السابق, ينبغي أن
نكون اليوم"6.
الإمام الخمينيّ: "لقد
أعلن شعبنا للعالم, ومنذ
انطلاقة ثورته، بأنّه
يتطلّع لإقامة الجمهوريّة
الإسلاميّة، ويسعى إلى
تحقيق استقلاله الكامل في
ضوء مبدأ "اللاشرقيّة
واللاغربيّة", لقد أعلنّا
للعالم أجمع بأنّنا لسنا
تحت وصاية أمريكا ولا
روسيا ولا أيّة قوّة أخرى,
أنّنا نعتمد على أنفسنا
ونستظلّ بظلال إرادة الله
تبارك وتعالى ولواء
التوحيد، الذي هو لواء
الإمام الحسين عليه
السلام.
عندما أعلنتم هذا للعالم
وعملتم على تنفيذه
وتحقيقه بكلّ صدق وإخلاص،
اضطرب العالم وأخذ
يعاديكم, فلا بدّ من
الإلتفات إلى هذا المعنى
منذ البداية, وهو أنّنا
على أهبة الإستعداد
للشهادة, مثلما نهض سيّد
الشهداء في مواجهة كلّ
تلك الحشود والعدّة
والعدد حتّى استشهاده,
وأنتم ترون الآن وفي
الوقت نفسه, الذي حرمونا
فيه من ثلّة من كبار
أئمّة الجمعة في مختلف
أنحاء البلاد, يعلنون بكلّ
صدق بأنّهم سيواصلون
مهامَّهم حتّى الشهادة"7.
الإمام الخمينيّ: "طبعاً
لا بدّ من تصفية بعض
المسائل السيّئة التي
كانت موجودة, وأُدخلت
بوساطة أناسٍ غير مطّلعين
على الإسلام, ولكن
الإحتفال بمراسم العزاء
يجب أن يبقى بنفس الحالة,
وعلى الخطباء, بعد الحديث
عن الأوضاع الجارية, أن
يقرأوا المراثي كما كانوا
يقرأونها سابقاً حتّى
يهيّئوا الناس للتضحية.
إنّ دم سيّد الشهداء هو
الذي حرّك دماء الشعوب
الإسلاميّة, وإنّ مواكب
عاشوراء هذه هي التي تثير
الناس وتعبّئهم لأجل
الإسلام وحفظ الأهداف
الإسلاميّة, يجب ألّا
يحصل الكسل في تلك الأمور"8.
الأمر الثالث - تعبئة
الناس في وجه الظالمين
الإمام الخمينيّ:
"كانت مجالس العزاء تكتسب,
في الدول الإسلاميّة
وطوال التاريخ, تنظيماً
خاصّاً، وفي إيران التي
هي مهد التشيّع والإسلام
والشيعة، كانت مجالس
العزاء تواجه الحكومات
التي توالت على إزالة
أساس الإسلام والعلماء,
وإنّ الشيء الوحيد الذي
كان يخيف أولئك, هو هذه
المجالس والمواكب
الحسينيّة"9.
الإمام الخمينيّ:
"في المرّة الأولى التي
اعتقلوني فيها في قم، كان
بعض رجال الأمن يقول لي
في السيارة، لقد جئنا
لاعتقالك ونحن نخشى من
هذه الخيم المنصوبة, هنا
في قمّ, خوفاً من وصول
الخبر إلى مسامع الناس,
فلا نستطيع القيام
بمهمتنا. وبغضّ النظر عن
هؤلاء، فإنّ القوى الكبرى
تخشى هي أيضاً هذه الخيم,
إنّ القوى الكبرى تخشى
هذا التنظيم بدون أن تكون
هناك يد واحدة تجمع كلّ
هؤلاء الناس، بل إنّ
أبناء الشعب يتلاحمون من
تلقاء أنفسهم في أرجاء
البلاد،
في هذا البلد الواسع في
أيّام عاشوراء وفي شهري
محرّم وصفر وفي الشهر
المبارك. فهذه المجالس هي
التي تجمع أبناء الشعب مع
بعضهم, فإذا أراد شخص أن
يقدّم خدمة للإسلام،
وأراد أن يصرّح بموضوع
فإنّه ينتشر في جميع
أرجاء البلاد بوساطة
هؤلاء الخطباء وأئمّة
الجمعة والجماعة، فيؤدّي
اجتماع الناس تحت هذا
البيرق الإلهيّ والحسينيّ،
إلى تحقيق هذا الإنتظام
الواسع, في حين أنّ القوى
الكبرى, إذا أرادت أن
تقيم تجمّعاً في مناطقها،
فإنّ هذا الإجتماع لا يتمّ
إلّا بعد جهود كبيرة قد
تستغرق عدّة أيّام أو
عدّة أسابيع، فيجتمع عدد
نفترض أنّه مائة ألف شخص،
أو خمسون ألفاً بعد نفقات
كثيرة وجهود كبيرة،
ليستمعوا إلى حديث ذلك
الشخص الذي يريد أن
يتكلّم, ولكنّكم ترون
أنّه بمجرّد أن تحدث
قضيّة في مدينة بل في
جميع أرجاء البلاد، فإنّ
جميع شرائح الشعب
والمشاركين في عزاء سيّد
الشهداء ستجتمع بدون أن
تكون هناك حاجة إلى كلّ
هذه الجهود والإعلام،
وذلك بفضل مجالس العزاء
هذه التي جعلت أبناء
الشعب يتلاحمون، فبكلمة
واحدة تخرج من فم سيّد
الشهداء سلام الله عليه
نرى الجميع يجتمعون"10.
الإمام الخمينيّ: "لعلّ
المتأثّرين بالغرب يقولون
لنا إنّنا "شعب البكاء"،
ولعلّ إخواننا أيضاً لا
يستطيعون أن يتحمّلوا
الثواب العظيم الذي تحمله
قطرة واحدة من الدمع,
والثواب الكبير الذي
يتمخّض عنه مجلس عزاء
واحد, لعلّهم لا يستطيعون
هضم تلك الأمور التي ذكرت
للأدعية والثواب الذي ذكر
لسطرين من الدعاء. إنّهم
لا يستطيعون إدراك ذلك
وهضمه. إنّ الجانب
السياسيّ من هذه الأدعية
وهذا التوجّه إلى الله
وتوجّه جميع الناس إلى
نقطة واحدة, كلّ ذلك هو
ما يعبّئ الشعب للهدف
الإسلاميّ. إنّ مجلس
العزاء ليس هدفه البكاء
لسيّد الشهداء والحصول
على الثواب- علماً أنّ
هذا الهدف مقصودٌ أيضاً
ويستتبع
الأجر الأخرويّ
- بل إنّ المهمّ
هو الجانب السياسيّ الذي
خطّط له أئمّتنا, في صدر
الإسلام, كي يبقى حتّى
النهاية، وهو أن يكون
الإجتماع تحت لواء واحد،
وتحت فكرة واحدة، وليس
بإمكان أيّ شيء أن يترك
تأثيراً في هذا المجال
بمقدار ما يتركه العزاء
لسيّد الشهداء فيه"11.
الإمام الخمينيّ:
"لو أدركوا ما فعلته
الأدعية التي وصلت إلينا
عن الإمام السجّاد عليه
السلام، الذي فقد كلّ ما
يملك في كربلاء, وكان
يعيش في ظلّ حكومة تهيمن
على كلّ شيء, وكيف أنّ من
شأن تلك الأدعية تعبئتنا,
لَمَا استهانوا بها أبداً,
ولو أنّ المثقّفين من
أمّتنا أدركوا ما هي
الجوانب الإجتماعيّة
والسياسيّة لهذه المجالس
وهذه الأدعية وهذه
الأذكار، لما تساءلوا:
لماذا نقوم بهذا العمل؟
لو اجتمع كافّة المثقّفين
وكلّ المتأثّرين بالغرب
وجميع أصحاب السلطة، لما
كان بإمكانهم إيجاد حادثة
أخرى مثل 15 خرداد, إنّ
من يمتلك هذه القوّة هو
من احتشدنا الآن جميعاً
تحت لوائه"12.
الإمام الخمينيّ: "هل
تعرفون شيئاً في العالم
يستطيع أن يوجد الإتحاد
والإنسجام في الأمّة أكثر
من هذه المجالس؟ وهل
تعرفون شعباً يمتلك مثل
هذا العامل الموجد
للإتحاد؟ ومن الذي أوجد
هذا الإتحاد والإنسجام؟
إنّه سيّد الشهداء عليه
السلام سبط الرسول الأعظم
صلى الله عليه وآله وسلم,
إنّ المواكب والمآتم
الحسينيّة، تخرج يوم
تاسوعاء ويوم عاشوراء في
مسيرات عظيمة في جميع
الدول الإسلاميّة، كالهند
وباكستان وأندونيسيا
والعراق وأفغانستان
وغيرها, فمن يستطيع أن
ينسّق لإقامة هذه
التجمّعات في كلّ تلك
البلاد؟ علماً بأنّه يجب
أن تحافظ هذه المواكب على
وجهتها الشرعية, والمهمّ
أن تحافظوا على هذا
التلاحم وهذا الإتحاد"13.
الأمر الرابع - التمهيد
لانطلاقة الثورات
الإسلاميّة
الإمام الخمينيّ: "لا
يعتقدنّ أحد أنّه لو لم
تكن هذه المجالس
الحسينيّة ومواكب اللطم
على الصدور والنواح
والنحيب, كان يمكن وجود
حادثة (15 خرداد), ولا
يوجد في العالم قوّة إلّا
قوّة دماء سيّد الشهداء
عليه السلام تقوم بإيجاد
مثل تلك الحادثة"14.
الإمام القائد: "لقد كانت
انطلاقة الثورة في الخامس
عشر من خرداد أيضاً من
بركات ثورة عاشوراء, فبعد
مضي اثنين وثلاثين عاماً
على واقعة الخامس عشر من
خرداد، عاد شهر خرداد
ليتزامن مع شهر محرّم
الحرام, لقد استطاع
الإمام العظيم في الخامس
عشر من خرداد والمصادف
للثاني عشر من محرّم
الحرام عام 1383 هـ. ق،
من خلال الاستفادة من
واقعة عاشوراء ومحرّم
بأحسن صورة، أن يطلق من
أعماقه نداء الحقّ ليصل
إلى أسماع الناس ويوجد
تحوّلاً فيهم.
في ذلك اليوم كان شهداؤنا
الأوائل في طهران
وورّامين وبعض المناطق
الأخرى هم هؤلاء
الحسينيّين أنفسَهم،
فهؤلاء كانوا أوّل من
استشهد في واقعة الخامس
عشر من خرداد15
حيث تعرّضوا لهجوم أعداء
عاشوراء, ولقد شاهدتم في
عام 1979 كيف استخلص
الإمام العظيم مفهوم "انتصار
الدم على السيف" من بين
مفاهيم محرّم, وكيف لخّصه
وغذّى به أذهان الشعب؟
وهكذا حصل، فإنّ الشعب
الإيرانيّ أخذ الدرس من
عاشوراء, وسار على نهج
الحسين بن عليّ عليه
السلام وكانت الغلبة في
النهاية للدم على السيف،
وهذا الأمر يعدّ من
الكرامات العظيمة لنهضة
الإمام
الحسين عليه السلام"16.
الإمام الخمينيّ: "لقد
بلغنا درجة عالية بحيث إنّ
شعبنا قام بثورته دفعةً
واحدةً، وأحدث انفجاراً
عظيماً لا نجد له نظيراً
في أيّ مكانٍ آخر. لقد
حدث هذا التحوّل الكبير
في شعب كان كلّ شيء فيه
مرتبطاً
(بالأجنبيّ)،
وكان هذا النظام السابق
قد فقد كلّ شيء، وفقد
الكرامة الإنسانيّة لهذا
البلد، فجعل جميع أمورنا
ترزح تحت قيود التبعيّة،
وإذا بانفجار يحدث دفعةً
واحدةً ببركة هذه المجالس
التي كانت تجمع كلّ البلد،
وكلّ أبناء الشعب مع
بعضهم البعض، فكان الجميع
ينظرون إلى نقطة واحدة؛
يجب على السادة الخطباء
وأئمّة الجمعة والجماعة
أن يشرحوا للشعب أهميّة
هذه المجالس أكثر من هذا
المقدار الذي أعرفه, كي
لا يحسبنّ أحد أنّنا شعب
البكاء, بل نحن شعب
استطاع بهذا البكاء أن
يقضي على امبراطوريّة
عمرها 2500 سنة"17.
الإمام القائد: "يجب أن
نقول في ما يتعلّق بقضيّة
محرّم وعاشوراء أنّ روح
ثورتنا ووجهتها الكليّة
والداعم الأساس لانتصارها،
كان هو هذا التوجّه إلى
أبي عبد الله عليه السلام
والمسائل المتعلّقة
بعاشوراء.
قد يصعب, بالنسبة إلى
البعض, إدراك هذه المسألة,
إلّا أنّها الحقيقة, لا
يمكن لأيّ فكر- حتّى لو
كان مترافقاً بإيمان عميق-
أن يحرّك هذه التجمّعات
المليونيّة العظيمة بحيث
يجعلهم يضحّون بكلّ شيء
من دون أيّ تردّد, في
سبيل ما يشعرون أنّه
تكليفهم"18.
الإمام القائد: "لقد ربط
الإمام (رضوان الله تعالى
عليه) في مرحلتين, مسألة
الثورة بمسألة عاشوراء:
المرحلة الأولى في بداية
الثورة- أي أيّام محرّم
عام 42-
حيث كان منبر توضيح مسائل
الثورة، الحسينيّات
ومجالس العزاء وهيئات
اللطم وعزاء القارئين
وذكر المصيبة, والمرحلة
الثانية في أواخر الثورة-
أي محرّم عام 57- حيث
أعلن الإمام (رضوان الله
تعالى عليه) عن ضرورة
إحياء شهر محرّم وطلب من
الناس إقامة المجالس,
وأطلق على هذا الشهر، شهر
انتصار الدم على السيف،
فأوجد هذا الطوفان العظيم
العامّ والشعبيّ من جديد،
أي أنّ أحداث الثورة التي
اكتست روحاً وتوجّهاً
حسينيّاً، قد ارتبطت
بأحداث ذكر المصيبة
الحسينيّة وذكر الإمام
الحسين عليه السلام"19.
الإمام القائد: "لقد
انتصرت ثورتنا ببركة
الإمام الحسين عليه
السلام، فهل الأمر غير
هذا؟ لو لم تكن مجالس
محرّم، ولو لم تكن جلسات
العزاء، ولو لم تكن جلسات
الخطابة, طوال هذه
الأعوام الطويلة، لما
وصلت هذه الثورة إلى
النصر أبداً"20.
الأمر الخامس - إيجاد
القدرة على المقاومة
مقابل الأعداء
الإمام الخمينيّ:
"إنّ مجالس العزاء
الحسينيّة هي الوسيلة
الوحيدة, في العالم, التي
تستطيع إبطال كلّ هذه
المؤامرات التي تحيكها
جميع القوى الكبرى, من
جميع الجوانب, على هذا
الشعب"21.
الإمام القائد: "إنّ
نعمة بهذه العظمة من
شأنها أن تفعم القلوب
بالإيمان الإسلاميّ,
وبفضل هذه النعمة بات
الظلمة الذين شهدهم
التاريخ يخشون عاشوراء
ويخشون ذكرى الإمام
الحسين عليه السلام، وهذا
الخوف الذي بدأ منذ عهد
خلفاء بني أميّة ما زال
مستمرّاً إلى يومنا هذا،
وقد شاهدتم نموذجاً من
ذلك إبّان ثورتنا، فعندما
كان يحلّ محرّم كانت
أجهزة النظام البهلويّ
الرجعيّ الكافر
الفاسد
تشعر بالعجز، وأدركت أنّ
عجزها ناجم عن محرّم. وقد
أشارت بعض التقارير التي
خلّفها النظام البائد,
إلى تخبّط أجهزته
وارتباكها مع حلول شهر
محرّم، وقد عرف إمامنا
العظيم رضوان الله عليه،
ذلك الرجل الحكيم الفذّ
المؤمن، عرف كيف يستفيد
من تلك الواقعة تحقيقاً
لأهداف الإمام الحسين
عليه السلام، وهذا ما
فعله.
إنّ شهر محرّم شهر ينتصر
فيه الدم على السيف،
وانطلاقاً من هذا المنطق
جعل إمامنا الدم ينتصر
على السيف بفضل شهر محرّم
الحرام. إنّه نموذج
عشتموه بأنفسكم, ويجب على
الجميع أن يستفيد من هذه
النعمة, سواءٌ كانوا من
عموم الناس, أو كانوا من
العلماء وطلبة العلوم
الدينيّة"22.
الإمام الخمينيّ:
"عليكم الاهتمام بالتبليغ
أيّها السادة! إنّه شهر
محرّم, احرصوا على بقاء
محرّم حيّاً... إنّ كلّ
ما لدينا هو من محرّم ومن
هذه المآتم. مجالس
تبليغنا هي أيضاً من
بركات محرّم, ومن بركات
دماء سيّد الشهداء عليه
السلام وشهادته. علينا أن
نصل إلى أعماق هذه
الشهادة وتأثيرها، ونبرهن
للعالم بأنّ تأثيرها لا
زال فاعلاً حتّى يومنا
هذا. فلولم تكن مجالس
الوعظ والخطابة والعزاء
والمآتم وهذه التجمّعات،
لما انتصرت بلادنا. لقد
انتفض الجميع تحت لواء
الإمام الحسين عليه
السلام واليوم أيضاً
تشاهدون أنّ الجميع
يبثّون الحماس في جبهات
القتال بوحي من حبّ
الحسين عليه السلام"23.
الأمر السادس - إيجاد
حاكميّة الإسلام وحفظ
النظام الإسلاميّ
الإمام القائد: "إنّ
الذي يظهر من روايات سيرة
الأئمّة عليهم السلام وما
تشير إليه الشواهد
المتعدّدة, أنّ الأئمّة
عليهم السلام كانوا
عازمين, بشكل جدّيّ, على
إيجاد النظام
الإسلاميّ,
وهذا العمل لا يتنافى مع
علم الإمام- كما يُتصوّر-
ومعرفته. فهم أرادوا
حقيقة إقامة النظام
الإلهيّ, فإذا أقيم فذاك
تقدير إلهيّ, ويختلف
التقدير الإلهيّ في العلم
الإلهيّ بوساطة اختلاف
الشروط, ونحن لسنا في صدد
البحث حول هذا الموضوع
الآن. بشكل عامّ, لا شكّ
في أنّ حركتهم عليهم
السلام كانت لأجل هذا
المقصد, واليوم وجد هذا
النظام في مجتمعنا ببركة
تلك الثورة. لو لم تنتشر
في مجتمعنا مسألة عشق
الإمام الحسين عليه
السلام وذكره وذكر مصائبه
وحوادث عاشوراء، فمن غير
المعلوم أن تنتصر الثورة
في هذه المدّة الزمانيّة
القصيرة وبهذه الكيفيّة.
لقد كان هذا الأمر عاملاً
مؤثّراً بشكل كبير في
انتصار الثورة، وقد
استخدم إمامنا هذا العامل
لتحقيق هذا الهدف الذي
قام من أجله الحسين بن
عليّ عليه السلام"24.
الإمام القائد: "إنّ
الذي وجّه ثورتنا وينبغي
أن يوجّهها اليوم، هو ذلك
الشيء الذي لأجله قام
الحسين بن عليّ عليه
السلام. نحن اليوم, نقيم
العزاء لشهدائنا الذين
استشهدوا في جبهات
متعدّدة في سبيل هذا
النظام والحفاظ عليه, إنّ
ذلك الشهيد الشاب الذي
قضى في الحرب المفروضة,
أو في مواجهة الأعداء
والمنافقين والكفّار,
بمختلف أشكالهم, فلا شبهة
لدى أحد من الناس بكونه
شهيداً، فهو شهيد طريق
هذا النظام، وقد استشهد
لأجل الحفاظ على هذا
النظام وهذه الثورة ولأجل
تثبيتهما، مع أنّ وضع
وحال شهداء اليوم يختلف
عن وضع وحال شهداء كربلاء
الذين نهضوا وكانوا في
غربة ووحدة كاملة، ولم
يلقوا على ذلك تشجيعاً من
أحد، بل كان الجميع وحتّى
كبار الوجهاء في الإسلام,
يمنعونهم من ذلك. ومع كلّ
هذا كان وجودهم يفيض
بالإيمان والعشق الذي
دفعهم نحو الشهادة بشكل
مفجع ومأساويّ جدّاً, إنّ
حال شهداء كربلاء يختلف
عن الشهداء الذين كانت
كافّة الأجهزة الإعلاميّة
والإجتماعيّة تشجّعهم على
الذهاب والتضحية,
طبعاً هذا الشهيد هو أيضاً
صاحب مقام عالٍ, ولكنّه
يختلف عن أولئك الشهداء.
لقد أدركنا اليوم, ونحن
نعيش في ظلّ نظام الإسلام
ونشاهد بركاته عن قرب,
عظمة النهضة الحسينيّة
ومغزاها أكثر من أسلافنا,
ويجب أن نكون كذلك؛ فذلك
الإمام العظيم قد تحرّك
من أجل هكذا أمر, إنّ
سيّد الشهداء عليه السلام
قام ونهض للقضاء على
النظام الفاسد والمهلك
للإنسان والدّين والخير
والصلاح في المجتمع، ولكي
يستقرّ النظام الإسلاميّ
والإلهيّ والإنسانيّ
والقائم على الخير
والصلاح في المجتمع. فلو
تحقّق ذلك النظام في
زمانه, أو في زمان
الأئمّة عليهم السلام من
بعده- وهم المعصومون
المتّصلون بالوحي- وجلس
هؤلاء على رأس ذلك النظام,
فمن الطبيعيّ أن يكون
هناك فارق بين حالهم
وحالنا, ومع ذلك فإنّ
جوهر القضيّة وروحها واحد,
فقد كانوا يتحرّكون لأجل
تحقيق نظام نحن نعيشه"25.
الإمام القائد: "نحن في
أجواء محرّم الثورة
ومحرّم الإمام الحسين
عليه السلام الذي كان من
ثماره نظام الجمهوريّة
الإسلاميّة. إنّ محرّم,
في مرحلة الثورة, يختلف
عن أشهر محرّم التي
عشناها قبل الثورة, أو
تلك التي شاهدناها في
جميع مراحل عمرنا وما
قبلها أيضاً. إنّ محرّم
هذا هو محرّم فيه روح
ومعنى, وتوجيه واضح
ومحسوس, نحن نرى آثار
ونتائج محرّم في حياتنا,
ومنها هذه الحكومة
والحاكميّة وإعلاء كلمة
الإسلام, وإيجاد نوع من
الأمل في قلوب مستضعفي
العالم ببركة الإسلام"26.
الأمر السابع - تحقّق وحدة
الكلمة
الإمام الخمينيّ: "يجب
على كافّة الوعّاظ وخطباء
المنبر الحسينيّ الإلتفات
إلى هذه القضيّة, وهي
أنّه لو لم تكن ثورة سيّد
الشهداء عليه السلام، لما
كان باستطاعتنا
اليوم
تحقيق هذا النصر. إنّ
وحدة الكلمة التي تعتبر
سرّ انتصارنا، هي وليدة
مجالس العزاء والمآتم
ومجالس تبليغ الإسلام
ونشره... وإنّ سيّد
المظلومين هيّأ لأبناء
الشعب وسيلة تُحقّق لهم
وحدة الصفّ وتكاتفهم من
دون أدنى أيّ مشقّةٍ أو
عسر"27.
الإمام الخمينيّ:
"ينبغي الحرص على تضمينِ
النياحة والمراثي
والمدائحِ المنظومة في
أئمّة الحقّ عليهم السلام
استعراضَ جرائم الظالمين
في كلّ عصر ومصر... إنّ
علينا جميعاً أن ندرك أنّ
الذي يضمن وحدة المسلمين
هو هذه الشعائر السياسيّة
في المجالس الحسينيّة,
وهي التي تحفظ هويّة
المسلمين, وخصوصاً شيعة
الأئمّة الإثني عشر عليهم
السلام"28.
|