آلُ النَبيِّ بنو
الوَحيِ وَمَنبعُ
الشرفِ |
العَليِّ وللعلومِ
مَفاتِحُ |
الجَدُّ خيرُ
المرسلينَ محمَّدُ |
الهادي الأمينُ
أخوُ الخِتامِ
الفاتِحُ |
والأُمُّ فاطمةُ
البتولِةِ بَضعةُ
الهادي |
الرسولِ لَهَا
المُهيّمنُ مانحُ |
والوالدُ الطهرُ
الوصيُّ المرتضى |
عَلَمُ الهدايةِ
والمنارُ الواضِحُ |
مولىً له النبأُ
العظيمُ وحبُّهُ |
النَهجُ القويمُ
به المتاجِرُ
رابِحُ |
يا ناصرَ الإسلامِ
يا بابَ الهُدى |
يا كاسرَ الأصنامِ
فهي طَوامِحُ |
يا ليتَ عينَكَ
والحسينُ بكرَبلا |
بينَ الطغاةِ عنِ
الحريمِ يُكافِحُ |
أفديهِ محزوزَ
الوريدِ مرمَّلاًَ |
مُلقىً عليه
التُرْبُ سَافٍ
سافِحُ |
والطاهراتُ
حواسِرٌ وثَواكِلٌ |
بينَ العِدى
ونَوادِبٌ
ونَوائِحُ |
يا فاطمُ الزهراءُ
قومي وانظُري |
وجهَ الحسينِ لَه
الصَعيدُ
مُصَافِحُ |
أكفانُهُ نَسْجُ
الغُبارِ وغُسلُهُ |
بدمِ الوريدِ
ولمن تَنُحْهُ
نوائِحُ |
وعلى السِنانِ
سِنانُ رافعُ
رأسِه |
ولجسمِهِ خيلُ
العِداةِ
رَوامِحُ1 |
حرت يحسين بعيالك
ولمها |
امصايب شفت ما
يبره ولمها |
درت بالطف بني
هاشم ولمها |
تسل اسيوفها أو
تنغر عليه |
التمهيد للمصيبة (
گـوريز):
أمر يزيد اللعين بإنزال
السبايا في خربة تصهرهم
فيها حرارة الشمس, وقد
ذكر أنّ الإمام زين
العابدين عليه السلام كان
يخرج منها ليروّح عن نفسه,
فرآه المنهال ابن عمرو
يوماً في حالة يُرثى لها
فقال له: سيّدي ما الذي
أخرجك مع ما أرى بك من
الضعف؟ فقال: يا منهال إنّ
الخربة التي نحن فيها لا
تقينا من الحرّ, حتّى لقد
تقشّرت وجوه عمّاتي من
حرارة الشمس, يا
منهال أنا أخرج سويعة
أروّح فيها عن ضعف بدني,
فقال المنهال وبينما أنا
أكلّمه ويكلّمني, وإذا
بامرأة تقوم وتقع تنادي
إلى أين يا حمانا؟ إلى
أين يا رجانا؟ فسألت عنها
فقيل لي: هذه عمّته زينب,
فما رجعت إلى الخربة حتى
أرجعته معها..
وفي تلك الخربة كانت
للحسين عليه السلام بنت
صغيرة يحبّها وتحبّه
كثيراً, تسمّى رقيّة, لها
ثلاث سنين, وكانت مع
الأسراء في الشام, وهي
تبكي لفراق أبيها ليلها
ونهارها, وكانوا يقولون
لها هو في السفر فرأته
ليلة في النوم..
المصيبة:
فلمّا انتبهت جزعت جزعاً
شديداً وقالت: ايتوني
بوالدي قرّة عيني, وكلّما
أراد أهل البيتعليهم
السلام إسكاتها ازدادت
حزناً وبكاءاً ولبكائها
هاج حزن أهل البيت عليهم
السلام فأخذوا في البكاء
ولطموا الخدود وارتفع
الصياح, فسمع يزيد صيحتهم
وبكاءهم فقال: ما الخبر؟
قيل له: إنّ بنت الحسين
الصغيرة رأت أباها بنومها
فانتبهت وهي تطلبه وتبكي
وتصيح. فلمّا سمع يزيد
ذلك قال: ارفعوا إليها
رأس أبيها وحطّوه بين
يديها تتسلّى, فأتوا
بالرأس في طَبَق مغطّى
بمنديل ووضعوه بين يديها
فقالت: ما هذا! إنّي
طلبت أبي ولم أطلب الطعام,
فقالوا: إنّ هنا أباك
فرفعت المنديل ورأت رأساً,
فقالت: ما هذا الرأس؟!
قالوا: رأس أبيك, فرفعت
الرأس وضمّته إلى صدرها,
وهي تقول: يا أبتاه مَن
ذا الذي خضّبك بدمائك؟!
يا أبتاه مَن ذا الذي قطع
وريديك؟! يا أبتاه مَن ذا
الذي أيتمني على صغر سنّي؟!
يا أبتاه مَن لليتيمة حتى
تكبر؟! يا أبتاه مَن
للنساء الحاسرات؟! يا
أبتاه مَن للأرامل
المسبيّات؟! يا أبتاه من
للعيون الباكيات؟! من
بعدك واغربتاه يا أبتاه!!
يا والدي والله
هظيمه |
أنا صير من زغري
يتيمه |
والنوح من بعدك
لجيمه |
أثاري الأبو يا
ناس خيمه |
يفيّي على
ابْناته وحريمه |
ليتني توسّدتُ الترابَ
ولا أرى شيبك مخضّباً
بالدماء!!
ثمّ وضعت فمها على فم
الشهيد المظلوم وبكت حتىَّ
غشى عليها, فلمّا حرّكوها
فإذا هي قد فارقت روحها
الدنيا, فارتفعت أصوات
أهل البيت عليهم السلام
بالبكاء وتجدّد الحزن
والعزاء..
كَمْ رأتْ في
خَرابةِ الشامِ
أحزاناً |
تَسيخُ الجِبالُ
مِن بَلوَاهَا |
رَأتِ الذلَّ
والهوانَ وقيدَ |
الأسرِ فازدادَ
حُزنُها
وَشَجَاها |
وجاءت هند زوجة يزيد
لتتفرّج على السبايا, ولم
تعرف أنهنّ سبايا آل
محمّد صلى الله عليه و
آله و سلم، وهذه هند كانت
قد عاشت في المدينة وتعرف
بيت أمير المؤمنين عليه
السلام..
أقبلت هند ووضع لها
كرسيّها، جلست عليه وأخذت
تطيل النظر إلى العائلة،
بينما هي تنظر وإذا بها
أجهشت بالبكاء, ثمّ
التفتت إلى زينب عليها
السلام وما كانت تعرف أنّ
هذه زينب عليها السلام،
ومن أين تعرفها؟! وما
ظنّت أنّ الزمان يضربها
هذه الضربة! تقدّمت إليها
بعبرة قالت لها: أخيّه
إدني منيّ، أقبلت زينب
ومعها الأطفال يريدون أن
يعرفوا ماذا تريد أن تسأل
زوجة يزيد، قالت لها:
أخيّه أنا جئت لأتفرّج
والآن تغيّر الحال لمّا
رأيتكم، كسرتم خاطري،
وقطّعتم قلبي وبكيت لكم
رحمة بكم، من أيّ السبايا
أنتم؟ قالت لها زينب
عليها السلام: نحن سبايا
من المدينة، قالت:
المدائن كثيرة، من أيّ
مدينة؟ قالت زينب: من
مدينة رسول الله صلى الله
عليه و آله و سلم.
لمّا سمعت هند ذلك قامت
على قدميها وضعت يديها
على رأسها قالت: السلام
عليك يا رسول الله ثمّ
التفتت إلى السيّدة زينب
عليها السلام وقالت لها:
يا صالحة لي بهذه المدينة
أهل ودار أسألك عنهم،
قالت: ومن هم؟ قالت: هي
دار سيّدي ومولاي أمير
المؤمنين
عليه السلام..... إلى أن
قالت: أسألك عن فخر
المخدّرات زينب، أسألك عن
سيّدي أبي عبد الله،
وأسألك عن مولاي أبي
الفضل العبّاس، وأسألك عن
رباب وأمّ كلثوم وعن
سكينة... أخذت تسأل عن
الجميع...فاختنقت زينب
بعبرتها، قالت لها زينب
عليها السلام: يا هند لقد
آذيتينا، يا هند تسألين
عن دار عليّ فقد خلّفناها
تنعى أهلها.
تسألين عن الحسين رأسه
بين يدي يزيد، تسألين عن
قمر العشيرة تركناه على
شاطي العلقميّ بلا كفّيْن،
تسألين عن أمّ كلثوم هذه
الجالسة بجانبك، تسألين
عن رباب هذه رباب، تسألين
عن سكينة تلك سكينة
الجالسة ورأسها بين
ركبتيها، بعد عن من
تسألين؟ تسألين عن زينب؟
آه... أنا زينب.
أنا زينب لِيحكون
عني |
عظيم المصايب
مرْمرَنِّي |
مصايب حسين
الدوهنّني |
نِزْلن على عيوني
وعمنّي |
قالت: ماذا صنع الدهر بكم
يا زينب؟
بينه، والله خان
الدهر يا هند
بينه |
أخونه انذبح
واحنا انسبينه |
لمّا سمعت ذلك هند شقّت
جيبها، وضربت رأسها فخرجت
صارخة: وا إماماه...
واحسيّناه، صاح النّاس:
أجننت يا أميرة؟! قالت:
سوّد الله وجوهكم أهل
الشام، أتفرحون وهذا رأس
الحسين عند يزيد.
ثمّ قامت هند وحسرت رأسها
وشقّت الثياب وهتَكت
الستر, وخرجت حافية إلى
يزيد وهو في مجلس عامّ،
وقالت: يا يزيد أنت أمرت
برأس الحسين عليه السلام
يُشال على الرمح عند باب
الدار؟ رأس ابن فاطمة بنت
رسول الله مصلوب على فناء
داري؟ فلمّا رأى زوجته
على تلك الحالة وثب إليها
فغطّاها وقال: نعم فأعولي
يا هند وابكي على ابن بنت
رسول الله وصريخة قريش
فقد عجّل عليه ابن زياد
فقتله.
أيّ المحاجر لا
تبكي عليك دَمَاً |
أبكيت والله حتّى
مِحْجَرَ الحَجَرِ |
|