يا رَاكِباً
شدقميَّاً في
قَوائِمِهِ |
يطوي أديمَ
الفَيافِي
كُلَّمَا ذَرَعَا1 |
عُجْ بالمدينةِ
واصرَخْ في
شَوارِعِها |
بِصَرخةٍ تَملأُ
الدُنيا بِها
جَزَعا |
نادِ الذينَ إذا
نَادَى الصَريخُ
بِهم |
لَبُّوهُ قَبلَ
صَدىً من صوتِهِ
رَجعا |
قل يا بني شيبةِ
الحمدِ الذينَ
بِهمْ |
قامتْ دعائمُ دينِ
اللهِ وارتَفَعَا |
قُوموا فَقَدْ
عَصَفَتْ بالطَفِّ
عَاصِفَةٌ |
مالَتْ بَأرجاءِ
طَودِ العِزِّ
فانصَدَعا |
إنْ لم تَسدّوا
الفَضا نَقْعاً
فلم تَجدوا |
إلى العُلا لَكُمُ
من مَنهجٍ شَرعَا |
فلتَلْطمِ الخيلُ
خدَّ الأرضِ
عَاديةً |
فإنَّ خدَّ حسينٍ
للثَرَى ضَرَعَا |
ولتُملإِ الأرضُ
نَعياً في
صَوارِمِكُم |
فَإنَّ نَاعي
حسينٍ في السماءِ
نَعَا |
ولتذهلِ اليومَ
مِنكمْ كُلُّ
مُرضِعَةٍ |
فطِفْلُهُ مِن
دِما أوداجِهِ
رَضَعا2 |
يا طارشي عجّل
بمسراك |
وخذلي رسالة عتب
ويّاك |
لبويه الصميده
مدير الافلاك |
أوصيك من توصل
بحيّاك |
وتشوف وادي الغري
بعيناك |
أصفج يمينك فوق
يسراك |
ونادي يمن بالكون
فتّاك |
زينب الكانت قبل
بحماك |
يسيره تراهي
بولية اعداك |
التمهيد
للمصيبة ( گـوريز):
في أمالي الشيخ الصدوق
بسنده المعتبر عن أبي
جعفر الباقر عليه السلام
قال: "كان النبيّ صلى
الله عليه و آله و سلم في
بيت أمّ سلمة، فقال لها:
لا يدخل عليَّ أحد، فجاء
الحسين- وهو طفل- فما
ملكتُ معه شيئاً، حتى دخل
على النبيّ صلى الله عليه
و آله و سلم، فدخلت أمّ
سلمة على أثره، فإذا
الحسين على صدر النبيّ
صلى الله عليه و آله و
سلم، وإذا النبيّ يبكي،
وإذا في يده شيء يقبّله.
فقال النبيّ صلى الله
عليه و آله و سلم: يا أمّ
سلمة، إنّ هذا جبرئيل
يخبرني أنّ هذا مقتول،
وهذه التربة التي يقتل
عليها، فضعيها عندك، فإذا
صارت دماً فقد قتل حبيبي.
فقالت أمّ سلمة: يا رسول
الله، سل الله أن يدفع
ذلك عنه؟ قال: قد فعلت،
فأوحى الله – عزَّ وجلَّ
– إليّ: أنّ له درجة لا
ينالها أحد من المخلوقين،
وأنّ له
شيعة يشفعون فيشّفعون،
وأنّ المهديّ من ولده،
فطوبى لمن كان من أولياء
الحسين، وشيعته هم –
والله – الفائزون يوم
القيامة".
ولمّا عزم الحسين عليه
السلام أن يخرج من
المدينة, جئته وقلت: أي
بُنيّ لا تفجعني بنفسك,
فإنّي سمعت جدّك رسول
الله صلى الله عليه و آله
و سلم يقول: يقتل ولدي
الحسين بأرض العراق,
بمكان يقال له كربلاء, لا
تخرج إلى العراق.
فقال لها الحسين عليه
السلام: يا أمّاه وأنا
أعلم ذلك وأعرف اليوم
الذي أقتل فيه, وأعرف من
يُقتل معي من أهل بيتي,
ولو أردت يا أمّاه أن
أريك حفرتي ومضجعي ومصرعي
لفعلت.
قالت: بلى يا بُني إنّي
أحبّ ذلك, فأومأ الحسين
عليه السلام إلى جهة
كربلاء فانخفضت الأرض,
فنظرت أمّ سلمة فأراها
الإمام عليه السلام مكان
مصرعه ومصارع أصحابه وأهل
بيته عليهم السلام.
فبكت أمّ سلمة وقالت: خارَ
الله لك, ولكن جدّك رسول
الله صلى الله عليه و آله
و سلم دفع إليَّ تربة,
وقصّتها كيت وكيت..
المصيبة:
قال عليه السلام: نعم يا
أمّاه أنا أعلم بتلك
التربة, وهذه تربة أيضاً
من تلك التربة, ضعيها مع
تربة جدّي رسول الله صلى
الله عليه و آله و سلم
وراقبيها, متى رأيتيهما
يفوران دماً عبيطاً
فاعلمي أنّي قد قتلت.
عن عبد الله بن عبّاس،
قال: بينما أنا راقد في
منزلي إذ سمعت صراخاً
عظيماً عالياً من بيت أمّ
سلمة زوج النبيّ صلى الله
عليه و آله و سلم، فخرجت
يتوجّه بي قائدي إلى
منزلها، وأقبل أهل
المدينة إليها الرجال
والنساء، فلمّا انتهيت
إليها قلت: يا أمّ
المؤمنين، ما بالك تصرخين
وتغوثين؟ فلم تجبني،
وأقبلت على النسوة
الهاشميّات وقالت: يا
بنات عبد المطلب اسعدنني
وابكين معي، فقد والله
قتل سيّدكن وسيّد شباب
أهل الجنّة، قد والله قتل
سبط رسول الله وريحانته
الحسين, فقيل يا أمّ
المؤمنين، ومن أين علمت
ذلك؟ قالت: رأيت رسول
الله صلى الله عليه و آله
و سلم في المنام الساعة
شعثاً مذعوراً، فسألته عن
شأنه ذلك، فقال: قتل ابني
الحسين وأهل بيته اليوم
فدفنتهم، والساعة فرغت من
دفنهم..
ويروى أنّ ابن عبّاس قال
لها: يا أمّ سلمة هذه
رؤيا, فهل عندك دليل آخر؟
قالت: فقمت حتى دخلت
البيت وأنا لا أكاد أن
أعقل، فنظرت فإذا بتربة
الحسين التي أتى بها
جبرئيل من كربلا وقد صارت
دماً عبيطاً تفور. قالت:
يا بن عبّاس أوما تنظر
القارورتين تفوران دماً؟
فلطم وجهه..
قال ابن عبّاس: وأخذت أمّ
سلمة من ذلك الدم, فلطّخت
به
وجهها, وجعلت ذلك اليوم
مأتماً ومناحة على الحسين...
ويلي إجاني الخبر
بحسين مذبوح |
ودمه على التربان
مسفوح |
لنوحن وقضِّي
العمر بالنوح |
واعمي عيوني
واتلف الروح |
اشلون الصبر
وحسين مذبوح |
فقال لها ابن عبّاس:
يا أمّ سلمة أكتمي الخبر
حتّى يأتي البريد- يعني
حتى ينتشر النبأ بصورة
عامّة وبصورة رسميّة-
فكتموا الخبر إلى أن صار
اليوم الذي قدم فيه
الإمام زين العابدين عليه
السلام بعمّاته وأخواته,
ودخل بشرُ بن حذلم ينعى
الحسين عليه السلام لأهل
المدينة فصار يصرخ في
أزقّة المدينة وشوراعها:
يا أهلَ يَثرِبَ
لا مُقامَ لَكُم
بِها |
قُتِلَ الحسينُ
فَأدمُعِي
مِدْرَارُ |
الجِسْمُ مِنهُ
بِكربلاءَ
مُضَرَّجٌ |
والرأسُ منه على
القناةِ يُدارُ |
في ذلك اليوم ضجّت
المدينةُ ضجّةً واحدة,
حتّى صارت كيوم مات فيه
رسول الله صلى الله عليه
و آله و سلم.
يقول بشر: بينما أنا أسير
وإذا بإمرأة طويلة القامة،
على كتفها طفلٌ رضيع،
قالت: يا بشر عندك علمٌ
بالحسين عليه السلام؟
قلتُ: نعم على الخبير
سقطتِ, ولكن من أنتِ
تسألين عن الحسين عليه
السلام؟ فقالت: يا بشر
أنا أمّ البنين أُمّ أبي
الفضل العبّاس
عليه السلام، فقلتُ لها:
يا أمّ البنين عظَّم الله
لكِ الأجر بولدكِ جعفر،
قالت: يا بشر أخبرني عن
الحسين عليه السلام,
سألتك عن الحسين عليه
السلام... يا أمّ البنين
عظّم الله لك الأجر بولدكِ
عبد الله، قالت: يا بشر
أخبرني عن الحسين عليه
السلام... يا أمّ البنين
عظّم الله لكِ الأجر
بولدكِ عَون، قالت: يا
بشر أخبرني عن الحسين
عليه السلام. قلتُ: يا أمّ
البنين عظّم الله لك
الأجر بولدكِ قمر العشيرة,
أبي الفضل العبّاس عليه
السلام. لمّا سمعت ذلك
وضعت يدها على خاصرتها،
وقالت يا بشر لقد قطّعت
نياط قلبي، أخبرتني بموت
أربعة من أولادي، ولكن
إعلم أنّ أولادي وجميع من
تحت الخضراء فداءٌ لأبي
عبد الله، أخبرني عن
الحسين عليه السلام.
عند ذلك قلتُ لها يا أمّ
البنين عظَّم الله لكِ
الأجر بالحسين عليه
السلام, فلقد خلَّفناه
بأرض كربلاء جثّةً بلا
رأس, فصاحت أمّ البنين
واولداه وا حُسيّناه.
يصير النوب دهري
بيهم يعود |
ورد اشيل راسي
بيهم ردود |
ترد كفوف أبو
فاضل للزنود |
تتلايم ردود جروح
لأكبر |
بالأمسِ كَانوا
مَعي وَاليومَ
قَدْ رَحَلوا |
وَخَلَّفوا في
سُويدَا القَلبِ
نِيرانا |
نَذرٌ عَليَّ لإنْ
عادوا وإنْ
رَجَعوا |
لأزرعنَّ طَريقَ
الطَفِّ
رَيْحَانَاً |
|