أَبَى بَيْعَةَ
الْبَاغِي وَخَفَّ
لِحَرْبِهِ
وَقَدْ مَنَعُوهُ
الْمَاءَ وَهْوَ
أَسِيرُهُمْ
يَرَى النَّهْرَ
وَالْأَطْفَالَ
يَبْكُونَ
حَوْلَهُ
وَجَفَّتْ
ثَدَايَا
الْمُرْضِعَاتِ
مِنَ الظَّمَا
أَبٌ فِي يَدَيْهِ
طِفْلُهُ جَاءَ
يَسْتَقِي
رَضِيعٌ كَمِثْلِ
الطَّيْرِ
يَخْفُقُ قَلْبُهُ
سَقَوْهُ دَماً
مِنْ طَعْنَةٍ
فِي وَرِيدِهِ
وَهَلْ يُقْتَلُ
الطِّفْلُ
الرَّضِيعُ
بِشَرْعِهِمْ؟
وَآبَ غَرِيقاً
فِي دِمَاءِ
رَضِيعِهِ
فَدَوَّى صُرَاخُ
الْأُمِّ تَلْقَى
وَلِيدَهَا
تُقَبِّلُهُ مِنْ
جُرْحِهِ
وَتَضُمُّهُ
|
بِآلٍ لَهُمْ فِي
النَّصْرِ
آمَالُهُ الْغُرُّ
فَضَاقَتْ بِهِ
الدُّنْيَا
وَضَاقَ بِهِ
الأَسْرُ
عَطَاشَى وَمَا
غَيْرُ السَّرَابِ
لَهُمْ نَهْرُ
وَأَصْبَحْنَ فِي
عُسْرٍ يَضِيقُ
بِهِ الْعُسْرُ
لَهُ الْمَاءَ
إِذْ أَوْدَى
بِمُهْجَتِهِ
الْحَرُّ
فَمَا رَحِمُوا
الطِّفْلَ
الرَّضِيعَ وَمَا بَرُّوا
فَخَرَّ ذَبِيحاً
لَا وَرِيدَ
وَلَا نَحْرُ
فَإِنْ كَانَ
هَذَا شَرْعَهُمْ
فَهُوَ الْكُفْرُ
تَمُجُّ دَماً
مِنْهُ
الْحَشَاشَةُ
وَالثَّغْرُ
ذَبِيحاً قَدِ
احْمَرَّتْ
وَرِيدَاهُ
وَالشَّعْرُ
إِلَى قَلْبِهَا
وَالْقَلْبُ
مُسْتَعِرٌ جَمْرُ |
شعبي:
ما تغمض اجفون
العين ما تنشف
مدامعها
ليلة وترهب من
الخوف ليلة عتب
هالليله
ليلة اوبيها علم
الموت عن باجر
وتفصيله
صاح احسين يزينب
او عينه تهمل
الدمعه
ابصيوانك تشب
النار باجر
واخوتك صرعه
عليك المصطفى
وحيدر يخويه وكسر
ضلع امك
وصدق باچر
يوالينه يهاجم
خصمك اخيمك
من عمرك بعد
ساعات ظلت خويه
حاكيني
وغريبه الدار
محتاره بالطف لا
تخليني |
اتودعك عيلتك
يحسين هليله
واتودعها
صارت ليلة
التوديع بين
احسين والعيله
يحسين الدهر يا
حيف لعيالك
يضيعها
أمر الله نكتب
هذا علينه وواجب
انتبعه
صبري القلب
علشوكات تگله
اصبر ويجزعها
صدق باجر على
الغبره ذبيح
وينهدر دمك
انده ونخوتي من
الناس ما واحد
اليسمعها
دونك يا ضوه
عيوني يريت الموت
يرديني
واشلون العطش
باجر منه الموت
رضّعها |
أبوذيّة:
لولا القدر دون
حسين ما حال
الصب لحسين بس
مكفوف ما حال |
تمنعه القوم دون
الماي ما حال
ابو اليقتل على
صدره ابنيّه |
لعلَّ من أصعب اللحظات
على قلب بنات رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم
كانت لحظة وداع الإمام
الحسين عليه السلام, وذلك
لما في هذه اللحظة من ألم
فراق الإمام من جهة, ولما
حدث فيها أيضاً من جريمة
قتل الطفل الرضيع وذبحه
من الوريد إلى الوريد...
تقدَّم عليه السلام إلى
باب الخيمة, مودّعاً
لحرمه مخدَّرات الرسالة
وعقائل النبوّة, ونادى: "يا
زينب, ويا أمَّ كلثوم,
ويا فاطمة ويا سكينة,
عليكنَّ منّي السلام..."
فأقبلن إليه ودرن حوله...
يخويه مالي حيل
فرگاك
أهي غيبة يخويه
وأگعد بلياك |
دخذنه يحسين
للحرب وياك
وگول غايب ويومين
يرجع |
ودَّع النساء والأطفال,
ولكنّ ابنته سكينة ما
تحمّلت وداعه, رفعت صوتها
بالبكاء والنحيب, ضمَّها
الحسين إلى صدره,
ومسح دموعها بكمّه, هذه
عزيزة الحسين كان يحبُّها
حبّاً شديداً, لذلك جعل
يقول:
سَيَطُولُ
بَعْدِي يَا
سُكَيْنَةُ
فَاعْلَمِي
لَا تَحْرُقِي
قَلْبِي
بِدَمْعِكِ
حَسْرَةً
فَإِذَا قُتِلْتُ
فَأَنْتِ أَوْلَى
بِالَّذِي |
مِنْكِ الْبُكَاءُ
إِذَا الْحِمَامُ
دَهَاِني
مَا دَامَ مِنِّي
الرُّوحُ فِي
جُثْمَانِي
أَوْلَى
بِالَّذِي
تَأَتِينَهُ يَا
خِيْرَةَ
النِّسْوَانِ |
ثمَّ تقدَّم سلام الله
عليه إلى باب الخيمة,
ودعا بولده عبد الله
الرضيع- آتوني بولدي عبد
الله لأودعه, يقولون:
جاءت به زينب وهي باكية -
ساعد الله قلبك يا أمّ
المصائب, فأنت شريكة أخيك
في كلّ المصائب حتّى هذه
المصيبة - أخي خذ طفلك...
أخذه الحسين أجلسه في
حجره, ساعد الله قلبه,
أنظر بعين القلب إلى حالة
الحسين وهو ينظر إلى ولده
الرضيع, وقد تلظّى من
العطش وحرارة الشمس, رقَّ
له, أخذ يقبّله, ويقول:
"بُعداً لهؤلاء القوم إذا
كان جدُّك المصطفى خصمَهم".
وفي بعض المقاتل: أتى به
نحو القوم يطلب له الماء,
ويقول:
"يا قوم قد قتلتم إخوتي,
وأولادي, وأنصاري, وما
بقي غير هذا الطفل, وهو
يتلظّى عطشاً من غير ذنب
أتاه إليكم, فاسقوه شربة
من الماء...".
اختلف العسكر فيما بينهم,
منهم من قال: إذا كان
للكبار ذنب فما ذنب هذا
الطفل؟! ومنهم من قال:
اقتلوه ولا تُبقوا لأهل
هذا البيت باقية!
فلمّا رأى ابن سعد ذلك,
صاح بحرملة: ويلك يا
حرملة اقطع نزاع القوم,
قال: فما أصنع؟ قال: ارمِ
الطفل بسهم, قال حرملة:
فرأيت رقبته تلمع على عضد
أبيه الحسين- عظَّم الله
أجوركم- وضع السهم في كبد
القوس, ورمى الطفل فذبحه
من الوريد إلى الوريد...
قيل له: ويلك أما رقّ
قلبك لهذا الرضيع؟! قال:
بلى, قيل: وكيف؟! قال:
لأنّ الطفل كان مغمى عليه
من شدّة العطش, لمّا أحسّ
بحرارة السهم انتزع يديه
من قماطه واعتنق رقبة
أبيه وصار يرفرف كالطير
المذبوح...
ساعد الله قلب الحسين, أب
ينظر إلى ولده الرضيع,
جاء يطلب له الماء, وإذا
به بين يديه والدماء تسيل
من رقبته, وهو يرفرف
ويضطرب بين يديه من شدّة
الألم, ماذا فعل؟!
وضع كفّه تحت منحره,
ولمّا امتلأت دماً رمى به
نحو السماء, وقال:
"هوَّن ما نزل بي أنّه
بعين الله, اللهمَّ لا
يكن أهون عليك من فصيل -
ناقة صالح - أللهمَّ إن
كنت حبست عنّا النصر
فاجعله لما هو خير منه,
وانتقم لنا من الظالمين,
واجعل ما حلَّ بنا في
العاجل ذخيرة لنا في
الآجل".
فعن الباقر عليه السلام
أنّه قال:
"لم يسقط من ذلك الدم
قطرة إلى الأرض, أي
رفعتها الملائكة إلى
السماء, وضجّت لهذه
المصيبة, وأخذت تسكّن
الحسين وتناديه: دعه يا
حسين فإنّ له مرضعاً في
الجنّة".
تريد أن تعرف عِظَم هذا
المصاب, اسمع إمامك
الحجّة عجّل الله تعالى
فرجه كيف ينعى هذا الطفل
كما في زيارة الناحية:
"السلام على عبد الله بن
الحسين الطفل الرضيع,
المرميّ الصريع, المتشحّط
دماً, المصَّعَّد دمه في
السماء, المذبوح بالسهم
في حجر أبيه..."
فَدَعَا
فِي الْقَوْمِ
يَا للهِ
لِلْخَطْبِ
الْفَظِيعْ
لَاحِظُوهُ
فَعَلَيْهِ شَبَهُ
الْهَادِي
الشَّفِيعْ
عَجِّلُوا
نَحْوِي بِمَاءٍ
أَسْقِهِ هَذَا
الْغُلَامْ
فَاكْتَفَى
الْقَوْمُ عَنِ
الْقَوْلِ
بِتَكْلِيمِ
السِّهَامْ
فَالْتَقَى
مِمَّا هَمَى مِنْ
مَنْحَرِ
الطِّفْلِ دَمَا
وَيُنَادِي: يَا
حَكِيمُ أَنْتَ
خَيْرُ
الْحُكَمَا
|
نَبِّئُونِي
أَأَنَا
الْمُذْنِبُ أَمْ
هَذَا الرَّضِيعْ
لَا يَكُنْ
شَافِعُكُمْ
خَصْماً لَكُمْ
فِي
النَّشْأَتَيْن
فَحَشَاهُ مِنْ
أُوَامٍ فِي
اضْطِرَامٍ
وَكَلَامْ
وَإِذَا
بِالطِّفْلِ قَدْ
خَرَّ صَرِيعاً
لِلْيَدَيْن
وَرَمَاهُ
صَاعِداً يَشْكُو
إِلَى رَبِّ
السَّمَا
فَجَعَ الْقَوْمُ
بِقَتْلِ
الطِّفْلِ قَلْبَ
الْوَالِدَيْن |
الآن انظر إلى هذه
المصيبة كم هي مؤلمة لقلب
الحسين, وكم هي مفجعة
للنساء والأطفال! كيف
يخبر الحسين أخته زينب
وابنته سكينة؟ كيف يخبر
أمّه الرباب؟ لم يكنّ
يتوقَّعن أن يُقتل هذا
الطفل وبهذه الطريقة, كنّ
ينتظرن أن يعود إليهنَّ
الحسين وقد سقى الطفل
بالماء...
يقولون: جاء به إلى
المخيم, فاستقبلته ابنته
سكينة قائلة: أبه يا حسين,
لعلّك سقيت أخي الماء
وجئتنا ببقيّته؟! فقال
الحسين:
"بنيّة, خذي أخاك مذبوحاً
من الوريد إلى الوريد",
عندها صاحت: وا أخاه, وا
عبد الله...
ثمّ جاءت إليه أمّه
الرباب, فرأته والسهم
مشكوك في نحره, فصاحت
واولداه...
ردوك يبني بسهك
مفطوم
بعدك لحرم لذة
النوم
وابكي عليك بقلب
مألوم
يعبد الله يبعد
العقل والروح
ما ظنيت يمه تعود
مذبوح |
يلرحت عن الماي
محروم
واصبغ يعگلي سود
الهدوم
غدت تندب صدرها
عليه وتنوح
ويفطمك حرملة
بسهم المحتم
|
أمّا النساء فلمّا رأينه
مخضَّباً بدمه, مذبوحاً
من الوريد إلى الوريد,
تصارخنَ وأعلنَّ بالبكاء
عليه, ثمّ قامت إليه
عمّته أمّ كلثوم, ضمّته
إلى صدرها, وجعلت نحره
إلى نحرها, وجرت عيناها
ثمّ نادت: وا محمّداه,
واعليّاه, ماذا لقينا
بعدكما من الأعداء, وا
لهفتاه على طفل مخضّب
بدمائه, وا أسفاه على
رضيع فطم بسهم الأعداء...
فَلَا بَلَغَ الفِطَامَ
لَكُمْ رَضِيعٌ
وَطِفْلُ السِّبْطِ
يُفْطَمُ بِالسِّهَامِ
|