أَجْرَى الأَسَى
دَمْعاً بِعَيْنِ
الْمُسْلِمِ
هُوَ أَوَّلُ
الشُّهَدَاءِ
أَحْرَزَ سَابِقاً
ثِقَةُ
الْحُسَيْنِ
بِفَضْلِهِ قَدْ
أُوْدِعَتْ
أَدَّى
رِسَالَتَهُ
الْبَلِيغَةَ
حَافِظاً
وَافَى لِكُوفَانٍ
فَأَحْكَمَ
بَيْعَةً
قَدْ بَايَعُوهُ
مُقَدَّماً
وَمُؤَخَّراً
وَسَطَوْا
عَلَيْهِ وَبَيْتُ
طَوْعَةَ غَابُهُ
مَا ضَرَّهُ
عَدَمُ النَّصِيرِ
عَلَى الْعِدَى
لَكِنَّمَا
الأَقْدَارُ قَدْ
أَوْدَتْ بِهِ
فَرَمَتْهُ
فَهَوَى عَلَى
وَجْهِ الثَّرَى
بِحَفِيرَةٍ
|
فَأَصَابَ قَلْبَ
الدِّينِ مَقْتَلُ
مُسْلِمِ
فَضْلَ
الشَّهَادَةِ
فَهْوَ خَيْرُ
مُقَدَّمِ
أَكْرِمْ بِهِ
ثِقَةً لَدَيهِ
وَأَعْظِمِ
حَقَّ الأَمَانَةِ
بِاللِّسَانِ
وَبِالدَّمِ
مَوْثُوقَةً
لَوْلَا الْعَمَى
لَمْ تُفْصَمِ
غَدَرُوا بِهِ
وَالْغَدْرُ
طَبْعُ
الْمُجْرِمِ
فَسَطَى
لِجَمْعِهِمْ
بِقَلْبِ
الضَّيْغَمِ
وَنَصِيرُهُ فِي
الْحَرْبِ حَدُّ
الْمِخْذَمِ
مِنْ قَوْسِ
الْقَضَاءِ
بِأَسْهُمِ
مِنْ كَيْدِهِمْ
نُصِبَتْ لِصَيْدِ
الْقَشْعَمِ1 |
شعبي:
واقف على بابي
ودمع العين سايل
شوفتك من الذي
كانوا وسايل
گلها غريب وغربتي
دون الغرايب
وانا بهالديرة
بقيت بلا قرايب
يگللها وعينه
مستديره
أنا مسلم الفاگد
نصيره |
سائل من السؤّال
لو عندك رسايل
كنّك غريب
بهالبلد ولا لك
اصحاب
كم من غريب
بغربته حصّل
حبايب
والبايعوني داسوا
البيعة بالتراب
أنا لا أهل عندي
ولا عشيره
والمثل حيرتي ما
جرت حيره |
أبوذية:
عدوك كيف يا مسلم
تجاره
لمصابك دمع عيني
تجاره |
ابحبل جسمك
يشدونه تجاره
وعليك الروح يا
مسلم شجيه |
"سلام الله العليّ
العظيم, وسلام ملائكته
المقرّبين وأنبيائه
المرسلين وأئمَّته
المنتجبين وعباده
الصالحين, وجميع الشهداء
والصدِّيقين, والزاكيات
الطيِّبات فيما تغتدي
وتروح عليك يا مسلم بن
عقيل بن أبي طالب ورحمة
الله وبركاته".
الشهيد مسلم بن عقيل سفير
الحسين عليه السلام وثقته
من أهل بيته, وأخوه وابن
عمّه, الذي تفانى في
الدفاع عن الحسين وواساه
بكلِّ ما يملك حتّى آخر
رمق من حياته, فحقّاً لنا
أن نبكي عليه, ونذرف
الدموع على مصابه, كما
أنبأ بذلك النبيُّ صلى
الله عليه وآله وسلم فيما
رُوي عنه عندما سأله أمير
المؤمنين عليّ عليه
السلام: "يا رسول الله،
إنّك لتحُّب عقيلاً؟" قال:
"إي والله إنّي لأحبُّه
حبَّين: حبّاً له، وحُبّاً
لحبّ أبي طالب له، وإنَّ
ولده لمقتول في محبَّة
ولدك، فتدمع عليه عيون
المؤمنين، وتصلّي عليه
الملائكة المقرَّبون". ثمّ
بكى رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم حتّى جرت
دموعه على صدره، ثمّ قال:
إلى الله أشكو ما تلقى
عترتي من بعدي.
بَكَتْكَ دَماً
يَا بْنَ عَمِّ
الْحُسَيْنِ
وَلَا بَرِحَتْ
هَاطِلَاتُ
الْعُيوُنِ
لِأَنَّكَ لَمْ
تُرْوَ مِنْ
شَرْبَةٍ
قُتِلْتَ وَلَمْ
تَبْكِكَ
الْبَاكِيَاتُ
|
مَدَامِعُ
شِيعَتِكَ
السَّافِحَه
تُحَيِّيكَ
غَادِيَةً
رَائِحَه
ثَنَايَاكَ
فِيهَا غَدَتْ
طَائِحَه
أَمَا لَكَ فِي
الْمِصْرِ مِنْ
نَائِحَه؟! |
نعم لقد واسى مسلم إمامه
الحسين في العديد من
المصائب والرزايا:
فأوَّل تلك المصائب غربته,
حيث كان غريباً في الكوفة
بعيداً عن داره وأهله
وأولاده وأنصاره...
وثاني تلك الرزايا, أنّه
بقي وحيداً فريداً بلا
ناصر ولا معين...
وثالث تلك الرزايا أنّه
قُتل عطشان...
يقول الرواة: لما بقي
مسلم وحيداً غريباً لا
يجد من يدلّه على الطريق,
ولا يؤيه في منزله, أخذ
يمشي في أزقَّة الكوفة
وشوارعها, لا يدري إلى
أين يذهب, حتّى انتهى إلى
باب تلك المرأة الصالحة
التي يُقال لها طوعة,
فسلّم عليها, وردّت عليه
السلام, طلب منها الماء,
فسقته وجلس على الباب,
فأدخلت الإناء, ثمّ خرجت
تنظر ولدها الذي كان مع
الناس وقد تأخّر عليها,
فرأته جالساً على الباب,
فقالت: يا عبد الله ألم
تشرب؟ قال: بلى, قالت:
فاذهب إلى أهلك, فسكت, ثمّ
أعادت عليه مثل ذلك, فسكت,
فقالت في الثالثة: سبحان
الله, يا عبد الله, قُم
عافاك الله إلى أهلك,
فإنّه لا يصلح لك الجلوس
على باب داري ولا
أُحِلُّه لك. فقام وقال:
أمةَ الله, ما لي في هذا
المِصرِ أهلٌ ولا عشيرة،
فهل لكِ إلى أجر ومعروف،
ولعلّي مكافئك به بعد هذا
اليوم، قالت: يا عبد الله
وما ذاك؟ قال: أنا مسلم
بن عقيل، كذّبني هؤلاء
القوم وغرّوني وأخرجوني
من دياري، ثمّ خذلوني ولم
ينصروني وتركوني وحيداً.
قالت أنت مسلم؟! قال: نعم،
قالت: أُدخل. فأدخلته
بيتاً في دارها. غير
البيت الذي هي فيه، وعرضت
عليه الطعام فلم يأكل.
وما أسرع ما جاء ابنها,
فرآها تُكثر الدخول في
البيت الذي فيه مسلم
والخروج منه, فسألها عن
ذلك فحاولت أن تخفي عنه,
ولمّا لم ينفع الأمر أخذت
عليه الأيمان المغلّظة أن
لا يخبر أحداً فحلف لها,
ولمّا أخبرته بوجود مسلم
في البيت, سكت ونام قرير
العين بجائزة ابن زياد.
ولمّا طلع الصبح أسرع إلى
ابن زياد يخبره بوجود
مسلم في داره, فأرسل ابن
زياد ابن الأشعث ومعه
العساكر إليه, ولمّا سمع
مسلم وقع حوافر الخيل لبس
لامته, وقال لطوعة: رحمك
الله وجزاك خيراً, قد
أديت ما عليك من البِرّ,
وأخذت نصيبك من شفاعة
رسول الله, ولقد رأيت
البارحة عمِّي أمير
المؤمنين في المنام وهو
يقول لي: أنت معي غداً.
وخرج إليهم بسيفه, وهو
يقول:
هُوَ الْمَوْتُ فَاصْنَعْ
وَيْكَ مَا أَنْتَ صَانِعُ
فَأَنْتَ بِكَأْسِ
الْمَوْتِ لَا شَكَّ
جَارِع
وَصَبْراً لِأَمْرِ اللهِ
جَلَّ جَلَالُهُ
فَحُكْمُ قَضَاءِ اللهِ
فِي الْخَلْقِ ذَائِع
وأنفذ ابن الأشعث إلى ابن
زياد يستمدّه بالرجال,
فبعث إليه يلومه: إنّا
أرسلناك إلى رجل واحد
لتأتينا به فثلم في
أصحابك هذه الثلمة, فكيف
إذا أرسلناك إلى غيره؟
يرد الحسين عليه السلام.
فأجابه ابن الأشعث: أتظنُّ
أنَّك بعثتني إلى بقَّال
من بقَّالي الكوفة, أو
جرمقان من جرامقة الحيرة,
أَوَ لم تعلم أنّك بعثتني
إلى أسد ضرغام, وسيف حسام,
في كفِّ بطل هُمام من خير
الأنام؟!
فمدّه بالعسكر...
واشتدّ القتال, فاختلف
مسلم وبكير بن حمران
بضربتين, ضرب بكير فم
مسلم فقطع شفته العليا,
وأسرع السيف إلى السفلى,
وأصابت ثناياه...
ثمّ أشرفوا عليه من فوق
ظهر البيت يرمونه
بالحجارة ويلهبون النّار
بالقصب ويلقونها عليه,
فشدّ عليهم يقاتلهم وهو
يقول:
أَقْسَمْتُ لَا أُقْتَلُ
إِلَّا حُرّاً
وَإِنْ رَأَيْتُ الْمَوْتَ
شَيْئاً نُكْرَا
كُلُّ امْرِىءٍ يَوْماً
مُلَاقٍ شَرّاً
أَخَافُ أَنْ أُكَذَّبَ
أَوْ أُغَرَّا
وأعطوه الأمان, فقال:
أؤسر وبي طاقة؟ لا والله
لا يكون ذلك أبداً...
وأثخنته الجراح وأعياه
نزف الدم, واشتدّ به
العطش, فاستند إلى جانب
دار من تلك الدور,
فتحاملوا عليه يرمونه
بالحجارة والسهام, فقال:
ما لكم ترمونني بالحجارة
كما يُرمى الكفَّار, وأنا
من أهل بيت الأنبياء
الأبرار؟ ألا ترعون رسول
الله في عترته؟
إلى أن طعنه لعين من
القوم من خلفه, فسقط إلى
الأرض صريعاً, وقيل:
إنّهم عملوا له حفيرة
وستروها بالتراب, وبينما
هو يقاتل إذ وقع فيها,
فأخذوه أسيراً...
أُتي ببغلة حمل عليها,
واجتمعوا حوله وانتزعوا
سيفه, ثمّ بكى، فقيل له:
إنّ الذي يطلب مثل الذي
طلبت لا يبكي إذا نزل به
مثل الذي نزل بك. فقال
مسلم: والله ما على نفسي
بكيت, ولا لها من القتل
أرثي, وإن كنت لم أحبّ
لها طرفة عين تلفاً, ولكن
أبكي لأهلي المقبلين
عليكم أبكي للحسين عليه
السلام وآل الحسين عليهم
السلام.
وين الذي يوصل بهالحين
لرض المدينه ويخبر احسين
مسلم وحيد وما له امعين
ودارت عليه القوم صوبين
جاؤوا به إلى باب القصر
وقد أخذ العطش منه مأخذه,
طلب الماء فقالوا له:
والله لا تذوق منه قطرة,
ثمّ جاؤه بقلَّة ماء
مبرَّدة, ولكن أبى إلّا
أن يواسي الحسين عليه
السلام, كلّما أراد أن
يشرب امتلأ القدح دماً,
وفي المرّة الثالثة لمّا
أراد أن يشرب سقطت ثناياه
في القدح, فقال: الحمد
لله, لو كان من الرزق
المقسوم لشربته.
حتّى أدخلوه القصر لابن
زياد، فلم يسلّم عليه،
ودار بينهما كلام انتهى
بأن شتم اللعين ابن زياد
مسلماً وعليّاً وعقيلاً
والحسن والحسين عليهم
السلام، فأجابه مسلم: أنت
وأبوك أحقّ بالشتم من
هؤلاء فاقض ما أنت قاضٍ
يا عدوّ الله، فأمر رجلاً
شاميّاً, وقال له: اصعد
واضرب عنقه، وأتبع رأسهُ
جسدهُ.
صعدوا بمسلم
والدمع يجري من
العين
يحسين أنا مقتول
ردّوا لا تجوني
وللفاجر ابن زياد
كلهم سلموني |
ووجّه ابوجهه
للحجاز ايخاطب
احسين
خانوا أهل كوفه
عقب ما بايعوني
مفرد وانتم يا
هلي عني بعيدين |
يا ليت هالدم
الذي يجري على
الگاع
يا حيف ما احتضيت
ابساعة اوداع
|
مسفوح بين ايديك
يا مكسور الاضلاع
بيني وبينك يا
حبيبي فرق البين |
صعدوا به إلى أعلى القصر
ومسلم يكبّر الله
ويستغفره ويصلّي على
نبيّه، ويقول: اللّهمَّ
احكم بيننا وبين قوم
غرّونا وخذلونا، فلمّا
صار في أعلى القصر وجّه
وجهه إلى ناحية الحسين
عليه السلام وقال: السلام
عليك يا أبا عبد الله،
السلام عليك يا بن رسول
الله, ثمّ ضُربت عنقه،
فأهوى رأسه إلى الأرض
وأتبع رأسه جسده فتكسّرت
عظامه.
رحم الله من نادى:
وامسلماه, وا غريباه,
واشهيداه...
ثمَّ أخرجوا هاني بن عروة
إلى سوق يُباع فيه الغنم,
وضربوا عنقه, وأقبلوا
يسحبون جثَّتيهما بالحبال
من أرجلهما في الأسواق
طيلة النهار, وصلبوا
جثَّتيهما منكوستين...
إِنْ كُنْتِ لَا تَدْرِينَ
مَا الْمَوْتُ فَانْظُرِي
إِلَى هَانِىءٍ فِي
السُّوقِ وَابْنِ عَقِيلِ
إِلَى بَطَلٍ قَدْ هَشَّمَ
السَّيْفُ وَجْهَهُ
وَآخَرَ يَهْوِي مِنْ
طِمَارِ قَتِيلِ
|